مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #11  
قديم 23-09-2006, 04:05 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الوصفات الزائفة للحداثة الاقتصادية :

الهجرات .. عامل مجهول في تحليل التنمية

لقد رأينا كيف أن تحسين المستوى الطبي و الغذائي و اللقاحات الرخيصة التي انتشرت في عموم العالم كيف زادت من نسب التكاثر في العالم لدرجة مرعبة لا يجرؤ أحد على الإدعاء بالتنبؤ بما ستؤول إليه من نتائج . ورأينا كيف أن نصيب العالم الثالث قد فاق نصيب العالم المتقدم في مثل تلك الزيادات . ولكن الزيادة في السكان لم تقابلها زيادة في الانتاج الغذائي ، وإن جرى على التطور في إنتاج الغذاء تحسينات ملموسة ، فإن مجاعات ظهرت في آسيا و إفريقيا وأمريكا اللاتينية ، لن يسلم العالم المتقدم من نتائجها في جميع الحالات .

وقد يقول قائل : أن ظهور المجاعات ينبع من سوء التوزيع للمواد الغذائية أو الأموال بين الناس ، وليس نابعا من ندرة تلك المواد أو أثمانها ، وهذا كلام صحيح ، لكن ما طرح من نظريات و عقائد اقتصادية وسياسية للتقدم في حل تلك المعضلة ، لم يرق الى المستوى الذي يدخل الطمأنينة الى النفس البشرية في وجود حلول تقف على طريق الوصول لتلك الحلول ..

ففي حين حصرت الأفكار الماركسية العدو في إعاقة الوصول الى مجتمع متجانس و ينعم بخيرات العالم ، حصرته بالكمبرادورية و القوى الرأسمالية .. فإن الليبرالية قد أغفلت الصراع الطبقي و التناقضات الهائلة في المجتمعات ، لكن كلا الجانبين كانا يتحدثا كرسول مسيحي يتكلم في كلام لا يتعدى مخاطبة الوجدان والروح ، وإن ادعى غير ذلك ، والدليل على هذا القول ، هو ما آلت إليه الأوضاع في المحيطات الإنسانية التي كانت تحيط بالدعاة من الطرفين ، وإن ما نراه من تراجع مخز في العالم وصعود فئات طفيلية فوضوية للتحكم بالعالم هو دليل ماثل عما نقول ..

كيف تمكنت أوروبا من خفض معدلات نمو السكان دون استعمال أدوات تحديد النسل ؟

1ـ إن من يبحث الفورة السكانية الهائلة ، يعتقد أنه أمام ظاهرة حديثة التكوين ، لكن من يعود الى قرنين الى الوراء ، عندما ظهرت نظريات تحديد النسل ، سيرى أن أوروبا قد تخلصت من 55 مليون مهاجر الى الأمريكيتين و أستراليا و أواسط آسيا ، وذلك بين 1821و 1924 ، كما أن هجرات مهمة داخلية حدثت في أوروبا نفسها مثل هجرة الألمان الى روسيا والإيطاليين والأسبان الى فرنسا وبلجيكا والإيرلنديين الى إنجلترا الخ .

إن الأسباب التي كانت وراء الهجرة السابقة ، هي نفسها التي تدفع الناس اليوم للهجرة من دول العالم الثالث الى أماكن أكثر ملائمة ، وتدخل الأسباب تحت عوامل أمنية وغذائية و غيرها .

2 ـ تصفية جيوب البؤس والفقر ، ودفعها الى ما وراء البحار ، حتى لا تسبب أحزمة من البؤساء و المشردين حول المدن .

3ـ توطيد مراكز اجتماعية ، اقتصادية جديدة : مهن حرة وظائف عامة مدنية وعسكرية ، مستخدمون وعمال في الصناعة والمصارف والتجارة .

كل ذلك أدى الى زعزعة نظام العائلة و الميل الى النمط البرجوازي ، لانخفاض أعداد العائلات التي أدت الى خفض النمو السكاني ، وعدم النظر الى الطابع الأسري (العشائري) كضرورة اجتماعية ..

إن الشكل السابق ليس متوفرا في الوقت الحاضر لسكان بلدان العالم الثالث ، فقد تقلصت وندرت الأمكنة التي ترحب بالمهاجرين ، كما أن الهجرات السابقة كانت تدار من دول قوية ترعى المهاجرين منها الى أمكنة ضعيفة ، تجبر على استقبالهم ، في حين أن الهجرة اليوم تكون في الاتجاه المعاكس ، من بلدان ضعيفة الى أمكنة تحت رعاية دول قوية ، لذلك فإنها تأخذ طابع الندرة والسرية وغير مضمونة النتائج ، كما أن الطلب على هذا النوع من الهجرة فاق عشرات بل مئات المرات ما كان عليه في السابق ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #12  
قديم 12-10-2006, 02:42 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

التأثيرات الشاذة لهجرات العالم الثالث في المسار الإنمائي :

أخذت الهجرة الحديثة خلال قرن من الزمان أو يزيد ، أشكالا اختلفت عما كانت عليه في حالة هجرة الأوروبيين التي سبقتها و سبق أن تحدثنا عنها :

الشكل الأول : هجرة الأدمغة ، العلماء والأطباء و المهندسين والحقوقيين والتقنيين وغيرهم من خيرة أبناء العالم الثالث .. وعلينا تصور كم هي المبالغ التي صرفتها دولهم ( كحكومات ) أو ذويهم ( كأهالي لتلك الدول النامية) ، حتى وصلوا لتلك الدرجة من المعرفة العلمية .. تلك الهجرة كان يرافقها اليأس والقنوط من عودة المهاجرين فيها .. وقد انتبهت اليونسكو لهذا النوع من الهجرة وما تسببه من إطالة عمر التخلف في الدول النامية ..

الشكل الثاني : هجرة رافقت التغييرات العنيفة للأوضاع السياسية في دول العالم الثالث من خلال الانقلابات و الثورات والفتن ، وعدم استتباب الأمن .. حيث يهاجر المقاولون ورجال الأعمال والصناعيين وأموالهم .. وبعد تحسن ظروف بلادهم التي تركوها ، يصبحوا رأس حربة لرجال أعمال والشركات الكبرى في الدول التي هاجروا إليها .. وسيكونون بالتأكيد أقرب لتمثيل مواطنهم الجديدة وليس بلادهم الأصلية ، وتلك مصيبة جديدة ..

الشكل الثالث : هجرة المعدمين والعاطلين عن العمل ، الذين يذهبون لكي يوفروا بعض أسباب الحياة لمن تركوا في بلادهم من أهالي معدمين ، عن طريق تحويل الأموال التي يحصلوا عليها الى أهاليهم .. وقد قدرت تلك الأموال بنهاية الثمانينات في العالم بما يقارب المائة مليار دولار ، وهو رقم مشكوك فيه ، لأن كثيرا من الأموال تحول دون معرفة البنوك و دوائر الإحصاء ..

إن هذا النمط من الهجرة هو ذو صبغة اجتماعية بحتة ، فقد نرى أناسا يتعففوا أو يستنكفوا من ممارسة عمل حقير في بلادهم ، ولكنهم لا يستنكفون من عمله في بلاد الهجرة ، وهذا يلاحظ في الهجرة بين الدول العربية فيما بينها ، كما يلاحظ في دول شرق جنوب آسيا .. فالمهاجرون يقومون بأعمال يترفع أبناء الدول التي هاجروا إليها من عملها كتنظيف الشوارع والخدمة في البيوت والمزارع و أعمال البناء اليدوية .. وهذا النوع من الهجرة أربك دول العالم الثالث التي تستقبل هذا الصنف من المهاجرين الذين يقبلوا بأجور تقل عن نصف ما يطلبه أبناء البلد المضيف ، مما فاقم من البطالة وخلق أجواء غير سوية .

تبسيط وصفات التنمية أو أسباب تلاقي الليبراليين والماركسيين في شأن العالم الثالث :

انحصر اهتمام الدول المتقدمة بدول العالم الثالث بنقطة محورية ، هي تخفيض نسبة التزايد السكاني في تلك الدول .. وقد خذلت أجهزة الإحصاء في دول العالم الثالث رؤى الدول المتقدمة ، لعجزها التقني في عمليات الإحصاء، من جهة ولعدم جديتها في تحقيق رغبة الدول المتقدمة ..

كما اتسمت الوصفات الغربية كما هي الماركسية في تحويل الحديث عن دول العالم الثالث الى مواضيع إنشاء . ففي حين تتعاون أجهزة التبشير بالدين المسيحي التي كانت تربط التقدم باعتناق النصرانية ، وهنا ستصطدم بأكثر من عائق ، وأجهزة ليبرالية كان همها ربط تلك الدول بالسياسة الاقتصادية الغربية ونهب موادها الخام وجعل مواطنيها على مسافة كبيرة من التقدم الحقيقي ، لكي يبقوا مستهلكين لما يضخ عليهم المجتمع الرأسمالي من بضائع ..

وقد كتب مجموعة من منظري الاقتصاد الليبرالي توصيات مشروحة بإسهاب عن رؤاهم في تطوير دول العالم الثالث من أمثال (W.W.ROSTOW) صاحب كتاب مراحل النمو في دول العالم الثالث المثير للسخرية .. وألبرت هيرشمان صاحب نظرية دفعة للأمام التي تدعو للقيام باستثمارات ضخمة في دول العالم الثالث لتكون بمثابة الرافعة لاقتصادها !

كما أن الماركسية التي دعت الى تأميم المصانع و القضاء على الإقطاع ، خلقت للدول التي طبقتها مشاكل لم تكن تعهدها قبل ذلك ، ففي حين هرب أصحاب رأس المال أموالهم الى الخارج ، وفككت مصانع خوفا من تأميمها ، وحاربت القوى البرجوازية فكرة الاشتراكية خوفا على مصالحها ، واصطفت الى جانب الإمبريالية العالمية ، وسهلت مهامها .. كما أن الفلاحين الذين كانوا يعملوا تحت نظام إقطاع قديم ، كرهوا فكرة العمل الزراعي لما يرتبط بها بذاكرتهم من بؤس .. فانهار النظام الزراعي مؤقتا .. لتبدأ الأراضي بالتردي .

كما أن الفساد الإداري الذي اقترن بالتغييرات العامة في دول العالم الثالث ، منع من تقدم الوصفات الموصوفة من قبل خبراء الليبراليين والاشتراكيين ، وذلك للسكوت الخارجي على هذا الفساد .. هذا بالإضافة لما تحملته دول العالم الثالث من مديونية كبيرة ، وهذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #13  
قديم 09-11-2006, 05:29 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تخمة التسليفات من أجل التنمية وأزمة المديونية :

ساد هذا الشعار الإجمالي والتبسيطي للتنمية على المسرح الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى أن جاءت أزمة ديون العالم الثالث، في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، مبينة حدود هذه السياسة وعواقبها الكارثية، خصوصا في أميركا اللاتينية، ودول في الشرق الأوسط وعمليا في الاتحاد السوفييتي السابق و دول المجموعة الشرقية، ولم ينجو منها بأعجوبة سوى الصين والهند ومجموعة دول جنوب شرق آسيا التي سيناقش وضعها بشيء من التفصيل ..

إذن لم يكن هناك مجابهات أيديولوجية اقتصادية أو حتى سياسية في تلك الظاهرة على امتداد السنوات التي سبقت العقد التاسع من القرن العشرين. فالبنك الدولي وكذلك كبريات الدول المصنعة ثم كبريات المصارف العالمية، كانت تمول في جميع أنحاء العالم وتزعم وسم تمويلها بالتنمية، فكانت تمول الطرق والمستشفيات و الجامعات والمجمعات السكنية ..وكان كل هذا النشاط قد أسس له روزفلت بعد الحرب العالمية الثانية ومشروع (مارشال) المعروف ..

لقد أدت الفوائد الهائلة على القروض الى تخمة الدول الغنية والتي قادت الى كوارث ولا زالت، ولكن البرازيل والمكسيك اللتان أعربتا عن عدم قدرتهما على مواصلة تسديد القروض والتي كانت صرخاتهما بمثابة إنذار خطير كان له وقع الصاعقة على الدول والمصارف المقرضة، ثم ما لبث أن تبعت تلك الدولتين حوالي خمسين دولة لتؤسس لحالة من تأزيم الفوضى الاقتصادية العالمية.

شعارات المذهب (النقداني) الجديدة
ل (تكييف) اقتصاديات العالم الثالث


انسجاما مع صعود نجم الليبرالية الجديدة المحافظة جدا، كان (ميلتون فريدمان) قد أعطاها النبرة الفكرية (بنظرية النقدانية التي تحصر دور الدولة فقط في وضع الضوابط أمام توسع الكتلة النقدية)، وكان رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، قد أعطياها نبرة سياسية. حيث انحنت الدول الاشتراكية التي كانت تحتاج للقروض، كما كانت دول العالم الثالث قابلة للطاعة من الأساس في قبول قوائم المطالبة بالإصلاح والخصخصة وغيرها، حتى انهارت المجموعة الاشتراكية كاملة، وتم تسميم اقتصاديات العالم الثالث بالميكروب الليبرالي والذي جعلها مرهونة في إراداتها السياسية والاقتصادية للعقلية الإمبريالية تماما.


بروز مظاهر الرفض :

لقد أغرقت الشروح الفارغة و الأدبيات الكثيرة الخطاب الليبرالي، كما ازداد غرق الدول بمديونيتها ولم يلمس لا الشعب ولا الحكومات ولا النخب الاقتصادية أي أثر جلي لتلك الوصفات الغربية. فظهرت حركات معارضة مثل (الطريق المضيء Sentier Lumineux في (البيرو) أو الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط التي كانت تعبيرا معقدا لسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية معا.

ثم ظهر فكر ديني متعصب في أمريكا وأوروبا، للتهيؤ للوقوف في وجه الحركات الإسلامية الرافضة للشكل الجديد للاستعمار، وقد شجع هذا كله، سرعة اختفاء الفكر الشيوعي وانخراط الدول التي كانت تتبنى خطه باللعبة الليبرالية متوسلة قبولها، وقد رافق تلك التطورات تعديل أو ظهور أنماط من النشاط الفكري المساند لتلك التطورات، سواء بالخطاب الاجتماعي أو التاريخي أو الأنثربولوجي ..

يتبع
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #14  
قديم 23-11-2006, 04:58 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مرتكزات الاقتصاد السياسي للفساد:

بالرغم من الأعطال التي حلت بالاقتصاد العالمي، فإن التحليل الاقتصادي لا زال يعتمد الأسس والأدبيات التي وضعت في القرن التاسع عشر كما أسلفنا.

من المستحيل أن تصنف نشاطات صغار الحرفيين والريفيين وصغار التجار في دول الجنوب، على أنها من ضمن مظاهر الاقتصاد الفاسد. لكن الأمر يختلف بالنسبة الى النشاطات الخفية الواسعة النطاق التي يجري تعاطيها في الشمال و الجنوب وكذلك في بلدان المعسكر الاشتراكي (السابق). وإن تكن تلك النشاطات غير غارقة في شبهات لا شرعية بشكل واضح، إنما تجري على نحو يجعلها بمنأى عن مراقبة الضرائب و الانخراط في الاقتصاد العريض الذي يحقق نموا واسعا في عموم الاقتصادات الوطنية, مما يجعلها تنحاز الى مسببات ومظاهر الفساد ..

وتعود أسباب الانحراف العديدة في آليات الاقتصاد الحديث الكامنة وراء الإثراء غير المشروع الى سلسلتين من الظواهر:

• الاستهتار بهيبة الدولة. والذي يقود الى ما يسمى ب (الفساد الكبير) الذي يسمح لأفراد ومؤسسات بالثراء الفاحش والمفاجئ وبلا مجهود إنتاجي خاص.
• تفاقم ظواهر اللاتكافؤ الاقتصادي، والتي تؤدي الى انخفاض خطير في مستوى حياة فئات واسعة من السكان. وهذا النموذج والذي يسمى ب (الفساد الصغير العام)، ينتج عن النموذج الأول الذي تكون فيه هيبة الدولة منحطة.

الفساد: شذوذ أخلاقي أم صفة اقتصادية؟

لو ابتعدنا قليلا عن المفاهيم الأخلاقية، لنستطيع تحليل ظاهرة الفساد من زاوية اقتصادية.. فإن (الفساد) سيكون صفقة بين طرفين المفسِد(بكسر السين) الذي يملك أو يقدر له أنه سيملك (بعد الصفقة) وسائل مالية، والمفسَد (بفتح السين) الذي يملك بحكم وظيفته أو قربه من قمة هرم بنيان الدولة، القدرة على التأثير بصناعة القرار.. وتكون صيغة (الصفقة) أن يتعهد الطرف الأول للطرف الثاني أموالا أو حصصا مالية يتم التفاهم عليها، نظير تحمل الطرف الثاني مخاطر التلاعب بالقواعد المعهودة والتي تقرب (حظوظ) الطرف الأول بالانفراد بتلك الغنائم.. وهذا النموذج منتشر في دول العالم الثالث والبلدان النفطية أكثر مما هو عليه في البلدان الغنية (الصناعية).

تكرار ظاهرة الفساد من قرن الى آخر

لم يكن الفساد وليد هذه الأيام فقط، فقد كان قديما، وفي القرن التاسع عشر أسس للفساد الحديث عندما كانت الشركات الكبرى تتنافس على امتيازات ذات طابع استعماري خارج بلدانها، لتدفع لرجال الدولة في البلد الذي يراد الاستثمار فيه (كما حدث في روسيا القيصرية) وتتم الاستثمارات بأموال المودعين في المصارف(حتى صغار المودعين) .. ثم تؤول تلك الأموال الى التأميم أو عدم السداد لها .. لتعاود الشركات المالية الكبرى اللعب بمضاربات الأسهم لامتصاص الأموال أو قيمتها من جديد، ولكنها ستؤول هذه المرة الى جيوب غير التي دفعتها، لتمعن في تشظية الاقتصاد العالمي ..

نحو تشكل جديد لنظام شراء الوظائف وتوارثها :

قبل عصر الاقتصاد الصناعي، كانت الأموال تتأتى بسهولة لخزينة مال الدولة من الضرائب و غنائم الحرب، وإقطاع الممتلكات (كون الأراضي والدولة للحاكم!) وتخفيف وزن قطع (النقد)..والرشاوى وغيرها من الطرق المعروفة.

فكانت وظائف مثل القضاء و الجباية والإدارات المحلية للمدن والقرى والولايات، تشترى و يدفع ثمنها عاليا لما لها من مردود كبير، وقد كانت حتى مواقع الترتيب الكنسي (أو الديني) لها مثل هذا التقليد. وكانت تلك الأنماط منتشرة في كل أنحاء العالم وليست مقتصرة على أوروبا، بل حتى في العالم الإسلامي و غيره .

وبعد عصر الأنوار والحداثة التي زامنت الثورة الصناعية، ظهر في الأدبيات الاقتصادية والسياسية استنكارا كبيرا (أخلاقيا) لتلك الصور.. حتى بدا وكأنها زالت أو في طريقها للزوال ..

لكنها في الحقيقة، لم تختف نهائيا، بل إنها منتشرة وفي كل أنحاء العالم، فمن يتستر و(يعاون) على ديمومة الفساد هو من سيقتطع الحاكم أو هيئة الحكم له وظيفة ذات شأن ليكون جزءا من ماكنة الفساد (المستتر).
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #15  
قديم 23-11-2006, 06:04 AM
العنود النبطيه العنود النبطيه غير متصل
سجينة في معتقل الذكريات
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,996
إفتراضي



اخي ابن حوران

بارك الله لك وفيك
ما رايك بمصطلح

" الفوضى الخلاّقة "

والذي نسمعه كثيرا هذه الايام ؟؟؟
__________________



ودي امــــــــوت اليوم واعيش باكـر
واشوف منهو بعــد موتــــي فقدنــي
ومنهـــو حملني لين ذيـــك المقابـــر
واشكــر كــل من كرمنـــي ودفــنــــي
شخـــص تعنالـي مــع انـــه مسـافـــر
شخصـن قريب للأٍســـــــــف ماذكرني
ومنهـــو يرتــب غرفتــــي والدفاتـــر
وان شاف صورة لي صاح وحضني

http://nabateah.blogspot.com/
الرد مع إقتباس
  #16  
قديم 17-12-2006, 04:29 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الفاضلة العنود

أشكركم أختنا على مروركم ومواظبة ترك طيب كلامكم على صفحات ما نكتب، أولا

وثانيا، بالنسبة لموضوع الفوضى الخلاقة التي ابتدعتها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس
تعني فيما تعنيها كسر حالة الرتابة في المنطقة العربية، وتحويل هذا السكون الأزلي المقيت في
أنماط الحكم الى فوضى عارمة تتحكم الإدارة الأمريكية في دعم من هم في صفها ليحتلوا أو يعيدوا
ترتيب المنطقة وفق رؤية أمريكية ( أي تخليق أطقم جديدة ممن يتوقوا للحكم والقريبة من النهج
الأمريكي) ..

احترامي وتقديري
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #17  
قديم 17-12-2006, 04:30 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الدولة المُنمِية ضد التنمية :

صحيح أن بلدان العالم الثالث لم تكن ذات تراث صناعي كبير، لكنها لم تكن خالية من إمكانيات الانطلاق واللحاق بالأمم المتقدمة، فروح المبادرة والانضباط والجلد في الأداء كان منتشرا بين طبقات الفلاحين، وكان التجار البسطاء وحتى الكبار يملكون مهارات تجعلهم قادرين على إنجاز أعمالهم بشكل حسن ..

لكن الاستعمار الحديث زرع ثقافة غريبة في المناطق التي استعمرها، قوامها (كل شيء للدولة). فقد عطلت الدولة في العالم الثالث نفسها منذ ولادتها حين أخذت تراقب كل مستويات آليات تشكُل الثروة وتسييرها، وحين نصبت نفسها مقام رجل الأعمال، دون أن تترك للفئات الاجتماعية فرصة للمشاركة في التنافس الاقتصادي. فشلَت الدولة النامية دورها الطبيعي كأداة رئيسة لحداثة اقتصادية يقع على كاهلها تنسيقها وتأطيرها، فعادت الدولة بذلك مجددا الى الدولة الوراثية المانحة للوظائف العامة مقابل دفع الأموال من قبل الرعايا.

من هنا حدث تشتيت وتشويه للحالة الاقتصادية التي سبقت الدولة النامية الحديثة، فتمزق القطاع الفلاحي وتناثرت أشلاء القطاع الحرفي، واستنفرت التضامنات الإثنية والدينية والقبلية والإقليمية استنفارا مكتوما أو معلنا للقيام بالهجوم على الحصن الوحيد للسلطة الحديثة، الدولة، هذا الجهاز الذي من خلاله يمكن التسلط على كل شيء .

وقد تكونت علاقة بين الدول النامية والدول المتطورة، كانت فيها الدولة النامية تحصل على تقنيات وقروض معينة، تذهب لمؤسسات الدولة ضمن شروط تضمن بها الدول المتطورة حقوقها ومكاسبها المستقبلية، في حين لن يستطيع الأفراد أو الشركات في الدول النامية الحصول على أي قرض دون ضمانات من دولتهم أو بنوكها الرسمية ..

ورافق هذا الواقع المشوَه فرض رسوم وضرائب بشكل مرتبك في دول العالم الثالث، فبين إعفاء تام لاستيراد مواد وأجهزة يعاد استغلال تلك الميزة من قِبل مَن يحيط بالدولة، أو من رجال الدولة بشكل يحتال على تلك الصيغة. وأحيانا تفرض جمارك على بعض السلع بشكل كبير جدا، وقد وجد أن بعض الدول النامية تضع ضعف ثمن أو كلفة السيارة اليابانية أو الأوروبية ليدفعها صنف من المواطنين في حين يُعفى منها من يحيط بالحكم تحت مسميات مختلفة.

إن هذا الواقع المختل والذي اقترن بفساد كبير جعل الناس لا يؤمنون بدورهم الضريبي ولا يؤدون ما عليهم من استحقاقات ضريبية، وهم يرون أبناء المحيطين بالدولة يتمتعون في بعثات دراسية وإعفاءات من كل شيء، ويرون الطرق والكهرباء والماء تصل الى بعض المحسوبين على نظم الحكم بيسر ولمسافات طويلة، وهم يُحرمون من تلك الخصائص، فلماذا يلتزمون بما عليهم من ضرائب ؟

ظهور الفساد وتوسع الأسواق السوداء خارج أوروبا:

عند وصول معلومات عن أشخاص لهم مهارات في الوساطة الدولية، بين قطاعات صناعية وتجارية عالمية، لرجال الحكم وخصوصا من هم في أضيق دائرة تعتلي مواقع الحكم، فإن رجال الحكم سيقربون هؤلاء منهم ويعتمدونهم كخبراء في تمرير الصفقات وأخذ العمولات، وإحالة العطاءات الوهمية أو الحقيقية بأسعار خرافية ومبالغ بها، فإن ثراء سيكون فاحشا لرجال الحكم ووسطائهم الذين تتجنبهم أجهزة الدولة من المساءلة. ولكن سيجعل هذا الجو الفاسد الفرص مفتوحة أمام أجهزة الدولة من مدير عام الجمارك الى أصغر فرد على نقاط الحدود في أخذ ما يستطيع أخذه على حساب أموال خزينة الدولة، طالما أن رأس البلاد هو من سن تلك السنة.. وتستشري تلك الظاهرة في كل دوائر الدولة التي تخمن في النهاية ما يجب قبضه من المواطن أو من له معاملة فتجد تلك الظاهرة بدوائر العقارات والأراضي و المرور وترخيص الأبنية، الى كل مفصل هام أو متدني من مفاصل الدولة.

الفساد في معاكسة قوانين السوق

كما هو ملاحظ فإن الفساد ليس انحرافا اقتصاديا غير منطقي فحسب، فهو خلافا لذلك في دول العالم الثالث، ردٌ اقتصادي عقلاني على محيط اجتماعي ـ اقتصادي مجردٌ من منطق ومن قواعد اقتصادية واضحة.. إذ أنه في أجواء كهذه تنمو نزعة الاستهلاك لكل ما هو حديث وعصري ومتميز، وهذا يحتاج الى نقد ومال لإشباع تلك النزعة المتصاعدة بنموها المنحرف، وطالما موجود الإذن بالانحراف سواء بالتصريح الواضح أو بالاقتداء بمن هم في أعلى المواقع، فسيكون هناك تنافس من أجل احتلال مواقع في سلم الفساد.. وستظهر عبارات تعطي مسحة مبرَرة لمثل ذلك السلوك ف ( فلان دبَر حاله) و (فلان شاطر).

إن هذا بالتأكيد سيقود الى اختلال في أسعار الصرف للعملة المحلية، عندما تحصر الدولة عملية تبادل العملات وتبقي على سعر الصرف لعملتها عاليا، ولا تأذن بحرية تبادل العملات، فسيظهر تجار وسوق سوداء للعملة في البلاد وتدخل البلاد في أعراض جديدة لمرض آخر.

الاتجار بالنفوذ على الصعيد العالمي :

تكونت هذه الالتواءات من صعود نجم الشركات الصناعية والمصرفية الكبرى للتحكم في إدارة شؤون الدول الكبرى، فوضعت لوائح وقوانين لحماية انفرادها في السيطرة على أسواق العالم من حيث السلع والخدمات الاستشارية، والقروض وما يتعلق بها. ثم أنشأت أذرعا لحماية تلك القوانين وضعت مقدمات لتلك القوانين صيغا أدبية وأخلاقية مزيفة، كتلوث البيئة و ثقب الأوزون وحماية المستهلك، لكي تجعل ممن يتقدمون لتلك العطاءات غير قادرين على استكمال شروط تلك اللوائح ووضعت قانون التجارة العالمية و(أيزو) وغيرها .. وسهل علينا أن نكتشف مدى كذب وزيف تلك الإدعاءات .. فمن الذي يلوث العالم ومن الذي يرحل النفايات الضارة من تلك البلدان لغيرها من دول العالم الثالث ومن الذي يستخدم أسلحة قذرة تترك إشعاعاتها في العالم لفترات طويلة؟

ومع ذلك لم تنتبه دول العالم الثالث لتلك الصورة القاتمة، أو لعلها انتبهت ولكن لا حيلة لها في رفض ذلك، بل بالعكس ستجد نفسها فرحة تلك الدولة التي تقبل في حشرها في مثل تلك الاتفاقيات كمن يحضر مأدبة أقيمت ليس على شرفه!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #18  
قديم 21-01-2007, 04:46 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مَقطَعة * أنماط تسيير التقنية الصناعية :

الأسرار الدفينة لتكاليف تشغيل الاقتصاد الحديث :

كما هو الحال بالنسبة لأي ثورة، أصيبت الثورة الصناعية بالتصلب والجمود مع مرور الزمن، بعدما أطلقت إبداعاتها وطاقاتها المرموقة .. فتم إفراغ مبادئ الثورة الصناعية من كل معانيها .. فلم يعد هناك علماء ينزوون في مختبراتهم لبحث مسائل فيزيائية أو كيميائية أو نباتية، لتصب وفق روح الثورة الصناعية لتفيد البشرية بما يتفق مع روحية التفاعل مع الإنسانية ..

بل أصبحت الشركات العملاقة التي تحتكر أسرار صناعية وزراعية تبتلع شركات ومصالح أصغر و تنظر للعالم على أنه سوق لها، تمول دراسات خاصة بها، حتى لو تمت بجامعات ومختبرات جامعية، في حين تمنع تلك التقنيات من الوصول الى الآخرين، حتى لو دفعت دولا لشن الحروب لمنع انتشار التقنية، وهذا النموذج واضح بالصناعات الدوائية والصناعات الغذائية .. وما الإشاعات والتهويل الذي يتم بين فترة وفترة لانتشار أمراض معينة كجنون البقر وانفلونزا الطيور إلا نموذجا ساذجا لتلك النزعة التسلطية. فالذين يموتون بسبب الغش في (الفودكا) مثلا ويوميا يفوق ما ماتوا من جنون البقر وانفلونزا الطيور منذ أن اقتحمت أخبار هذين المرضين الساحة الإعلامية الموجهة أصلا من تلك الإمبراطوريات الصناعية التي تملك وكالات الأنباء مع شبكات المحررين والمعلقين الدوليين ..

لقد تم تملك الشركات العملاقة التي تتواجد عبر العالم لفروع كثيرة من الصناعات والسلع الخدمية فتجد شركة تملك صناعة الطائرات وشبكة فنادق ثم تملك معها مصانع لملابس الأطفال أو غيرها، وتجد أن هناك أرباحا فاحشة في بعض المنتجات وتجد مطالبة قوية في تعويض الخسارة في منتجات أخرى، من منتجات نفس الإمبراطورية!

لقد تمزق دور العلماء والحرفيين المبدعين، لتنضوي كل النشاطات تحت تصرف تلك الشركات، وتكثر المؤتمرات المستنجدة في رفع مستويات الشعوب وتكثر الكتابات حول ذلك الموضوع دون جدوى.

تمكتب* الشركات الصناعية وحسابات الربحية:

صارت تلك الشركات ذاتها بيروقراطيات ثقيلة، فحجم الاستثمارات المالية التي قامت بها وجرَت الدول إليها، لتحسن وتزيد من أرباحها، ولا توقف إنتاج سلعة أو خدمة إلا بعد أن تستنزف كل إمكانيات الربح لآخر خطوة. كما أن تلك الشركات والتي تملك المال وتملك القدرة على إيصال من تريد ليحكم الدول التي تنتمي إليها، تفاضل بين مصالحها هي في المشاريع الدولية (الأممية) فهي تفضل مد أنابيب النفط والغاز، ولا تفكر بمد أنابيب الماء الى الدول العطشى، وهي تشجع أبحاث صناعة الطائرات (لربحيته) ولا تشجع تمويل النقل البحري (بالسفن) .. وتشجع مد الطرقات وما يرافقها من ويلات، من أجل بيع السيارات ولا تشجع مد سكك الحديد. وتماطل بل وترفض تمويل بناء السدود في الدول التي تعتبر أسواق جيدة لمنتجاتها الغذائية ..

لقد كان تقوقع أفكار تلك الشركات مكتبيا، ودراسة ما يمكنها من تحقيق أرباح هو ما فضح حقيقتها القبيحة ..


مساجلة منسية: هل يمكن تكييف التكنولوجيا في إطار سياقات تاريخية مختلفة؟

دارت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي مساجلة مهمة بين اقتصاديين من مختلف المدارس (الاشتراكية والرأسمالية).. حول نقل التكنولوجيا الى بلدان العالم الثالث، فكان الاشتراكيون يرون أن الرأسمالية تتآمر على دول العالم الثالث ببيعها تقنيات عفا عليها الزمن وبأثمان فاحشة. وطالب الاشتراكيون بمشاركة بعض الخبراء الاقتصاديين بنقل التكنولوجيا المناسبة لتلك الدول، والتي تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والعلمية. لكن الاشتراكيون كما هم الرأسماليون لم يضعوا حلا ناجعا لنقل تلك التكنولوجيا، وفاتهم أن تلك التكنولوجيا والمعرفة العلمية في البلاد المتقدمة كانت ثمرة جهد قرنين من الزمن تراكمت الخبرة والمعرفة بها من خلال نمو طبيعي استنبت في بيئة تختلف عن بيئة دول العالم الثالث..

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث

كثر الحديث في نهاية القرن الماضي عن أسباب تخلف الدول النامية وعدم قدرتها على مواكبة التقدم التقني، فذكرت لذلك أسباب أيديولوجية وأسباب إدارية وأسباب تتعلق بالمال والفساد والجهل وانعدام القاعدة العلمية القابلة لنقل التقانة من مصادرها ..

ولكن السبب الأهم هو أن الشركات الكبرى العملاقة والتي بدأت بالتآمر على الإنسانية ـ حتى في بلادها هي ـ فإنها وجدت بالدول النامية وخصوصا النفطية منها أو التي بها مواد خام، شهدت طفرة في أسعارها، ليرافق تلك الطفرة هيجان وشهوة لنقل التقانة بشكل مسخ، كالتصنيع بعلامة تجارية لتلك الشركات العملاقة لكن بأرض الدول النفطية والنامية، فتجد فجأة بالصحراء قيام بنايات عملاقة ومطارات ومسابح و مطاعم الخ ، لتستثمر تلك الشركات ما يتم تمويله بتلك البقع لإقامة مشاريع عملاقة لا صلة لها بالمجتمع المحلي وإمكانياته العلمية والإدارية، بل يفرح القائمون على تلك المشاريع الشبيهة (بالمشاريع الحقيقية) لكنها في الواقع وإن كان أصحابها يجنون أرباحا طائلة، لكنها في النهاية لن تصب في مصلحة نمو الاقتصاد الوطني للدولة المقام فوقها تلك المشاريع، بل وتبقى تلك المشاريع رهينة لإرادة المالكين للعلامة التجارية.


• مقطعة : مصطلح منحوت ومولَد ..
• تمكتب : مصطلح منحوت ومولَد ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #19  
قديم 16-03-2007, 06:01 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث
لأسباب مختلفة التقت مختلف الأطراف التي كان بينها خلاف أيديولوجي، على مسألة عدم متابعة الدراسات التي وضعها الاقتصاديون في منتصف القرن العشرين لتطوير الأداء التقني في بلدان العالم الثالث، بل وأسهمت تلك الأطراف في طمس معالم تلك الدراسات.

بالمقابل فإن الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، والتي رأت أن الاستثمار في نقل التقنيات لدول العالم الثالث، يعتبر مضيعة للأموال و سيحبط قدراتها التسويقية فيما بعد، فاكتشفت أسلوبا مارسته في نقل سلعها بأشكال تتقبلها إدارات و نخب المال في دول العالم الثالث، دونما أن تؤثر سلبا على مسألة بقاء فرص الطلب على السلع الأجنبية، وكانت تلك الشركات العملاقة تخدع تلك الدول بقبولها رساميلها الوطنية سواء من الحكومات أو من بيوت المال الوطنية، من أجل مشاركتها في نسبة أرباح متواضعة، في حين تحتفظ بأسرار التصنيع.

بالمقابل فإن دول العالم الثالث ومن خلال خطط التنمية التبسيطية في الخمسينات والستينات ولتوافر تسهيلات ائتمانية ضخمة وللتطور الضخم في مجال المواصلات والمآثر التقنية للشركات الدولية. في هذه الأجواء تغطت صحاري بلاد كثيرة بالطرقات و المطارات و الفنادق الضخمة والجامعات، كانت تلك العوامل لا تقاوم من إدارة حكومات بلدان العالم الثالث.

وقد كانت تلك المظاهر تنتقد في منابر الأمم المتحدة، لما فيها من شكل احتكاري لتوريد وتنفيذ تلك المشاريع الضخمة التي حملت الدول مديونيات عالية إضافة لما يرافق هذا الابتهاج الكاذب من مظاهر فساد في عقد تلك الصفقات الضخمة، ولما ترهن دول العالم الثالث مواقفها الوطنية والسياسية للدول والجهات الدائنة ..

وبعد فورة ارتفاع أسعار النفط، كانت تلك الأموال تعود قافلة الى محافظ وجيوب الشركات العملاقة و التي وجدت في دول النفط أسواقا خيالية لبيعها سلعها التي يوفرها هامش كاذب لا يوظف في صناعة تنمية حقيقية ..

هذا الوضع جعل النخب الحاكمة التي أسكتت أصوات الرافضين ـ إن وجدوا أصلا ـ بحالة من الدعة والهنأة الوقتية، فغدت الدول النامية ونخبها تميل للكسل التكنولوجي، وتصنع بنفس الوقت طبقة من الأغنياء لا تثق باقتصاد أوطانها فغدت توظف أموالها خارج بلدانها .. ففرغت البلاد من مشاريع نهضة حقيقية، اللهم إلا مظاهر البناء والطرق و المطارات ذات العمر المحدود والتي ليس لها سمة إنتاجية هامة بحالة هبوط تدفق الأموال الناتجة من الشكل الريعي (النفط وما يتعلق به) ..

ولم تتعظ الدول النامية من تجارب دول نهضت في نهاية القرن التاسع عشر كاليابان، أو في أواسط القرن العشرين كالصين وكوريا الجنوبية والهند..

وستواجه الدول النامية التي تعطلت بها النهضة الحقيقية مستقبلا، مشكلة الزيادة بالسكان، وعدم قدرتها على التكيف مع هذه الزيادة وعدم القدرة على المحافظة على مستوى المعيشة في ذروة رخائها الكاذب .. وستضطر الى فرض ضرائب وإدخال أشكال من الجباية من المواطنين، مما يربك استمرار حالة الهدوء التي عاشتها في سنين رخائها..

انتشار المعرقلات لمسارات الإنماء في الشمال والجنوب

في الثمانينات، مع أزمة مديونية العالم الثالث وعودة النمو الاقتصادي في البلدان المصنعة ومع النتائج السيئة لكثير من بلدان العالم الثالث التي طبقت الاقتصاد المركزي، سينقطع الكلام نهائيا عن التكنولوجيا المتكيفة، وتلاشت المجادلة حول ممارسة الشركات الصناعية من قبل اقتصاديي التنمية والأجهزة المتخصصة في الأمم المتحدة. لكن الأسئلة عن العقبات الحقيقية التي تعترض التنمية في دول العالم الثالث ظلت قائمة.

ففي حين ظهرت في دول العالم الصناعي مشاكل تلوث البيئة وتهديد كوكبنا نتيجة سوء استخدام الموارد وما يطرح من نفايات في حالاتها الثلاث (الصلبة والسائلة والغازية) . فإن دول العالم الثالث امتلأ فضائها بالشكوك حول وجود نخب تحكم فيها هي من أقل السكان كفاءة وأكثرهم فسادا .. مما دفع لظهور حركات أشبه بالباطنية دفعها احتقانها لتتوجه لحلول لم تكن تستخدمها من قبل، وهي العنف و التشدد، مما خلق إشكاليات جديدة تتعلق بالإرهاب ونسيان حالة الفساد التي أصبح من يضمن المفسدين فيه من كبار القوى العالمية بحجة التحالف ضد الإرهاب .. وهذا سيقود كوارث اجتماعية جديدة..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #20  
قديم 08-05-2007, 03:24 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الالتباس الفكري والرؤى الأيديولوجية للتنمية :


نستطيع القول أن نهاية القرن العشرين شهدت حيرة وقلقا كبيرين في اعتراف قوى كثيرة بعدم قدرتها على تصنيف ما حصل منذ بداية الثورة الصناعية، فلا الليبراليون ولا الاشتراكيون ولا علماء الاقتصاد المهنيون، يستطيعون تحديد دور الكثير من الفئات والعوامل التي أوصلت العالم لما وصل إليه .. فالحرفيون أسهموا بمساهمات جليلة، وكذلك الجمعيات المتعددة التي كانت تعني بالتطور الاقتصادي والاجتماعي، فلم تدرج جهود هؤلاء (على سبيل المثال لا الحصر) في خطط التنمية ومسار التصاعد في الأداء الاقتصادي العالمي .. ولم تكن تلك الفئات أو الجماعات أو الأفراد تستقي إرشاداتها من المنظرين السياسيين والعقائديين والأكاديميين .. فكانت الوصفات الأدبية التي عجت بها كتب الجامعات و الأحزاب، وصفات بسيطة، نادرا ما يطلع عليها الفاعلون الحقيقيون في الحياة الاقتصادية .. ولذلك رأينا في نهاية القرن العشرين ترنحا في كبيرا في سير المنظرين وإفلاسهم في تفسير ما يحدث، وكان لا بد أن تتساقط مدارس التنظير، فإن بدأت بسقوط المدارس الشيوعية، فلا يعني أن المدرسة الرأسمالية أو الليبرالية أفضل حالا، وإن كانت قد استفادت من سقوط الفكرة الماركسية، لتلتقط أنفاسها، لا بل لتقدم نفسها، على أساس أن منهجها هو الأكثر قبولا، مما عجل في ظهور تلك الفوضى التي يعيشها العالم ..

المثل المُتجاهل لمسارات تصنيع اليابان :

إن ما يعيق التنمية والتطور في أي بلد، هو الانقطاع المتكرر في مسيرتها، نتيجة حرب أو انقلاب أو غيره، وهي قاعدة قد تصلح لكثير من الدول، ولكن النموذج الياباني كسر تلك القاعدة، عندما انقطع أكثر من مرة عن التواصل في النمو، ثم أجبر على إتباع النموذج الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه لم ينخرط بها الى الحد الذي أُجبر عليه .. فقد ابتكر اليابانيون طرقا تجعل من ثبات خصوصيتهم القومية والسعي من أجل اكتساب الحداثة الصناعية، وتفجير طاقات الأرياف واستنفار الإقطاعية العسكرية، لتسهم في رفد النهوض بالخطة الى الأمام، وتعبئة الحرفيين والعمال والمهندسين للانخراط بهذه الخطة بحماس منقطع النظير ..

كان اليابانيون يفككون أي مستورد، ويدرسونه قطعة قطعة، وكان كل (تروست) أو احتكار صناعي واسع يقوم بتصنيع تلك القطعة الجزئية ويجري اختباراته عليها، لا لتحاكي المستوردة فحسب، بل للتفوق عليها في كثير من الأحيان من حيث الكلفة والسعر المطروح لها عالميا.. لقد وضع اليابانيون في بالهم أن المستهلكين في العالم سينظرون الى السلعة اليابانية على أنها تقليد هابط المستوى للصناعات الغربية، ولم يكن اليابانيون يتوقعون أن العالم سيضع منتوجاتهم بهذه السرعة في مصاف المنتجات الأوروبية والأمريكية. لتعود اليابان لتتزعم كتلة اقتصادية مستترة، أصبح المستهلكون بالعالم ينظرون الى سلعها على أنها تقليد للصناعة اليابانية ( كوريا، الصين، ودول أخرى) .

لم يكن النموذج الياباني يحتل إلا مساحة ضيقة من الأدبيات الاقتصادية في التراث العالمي الحديث .. لقد غازل الغرب النموذج الياباني وحاولوا (وقد نجحوا لحد ما) في كسبه الى جانبهم ككتلة اقتصادية وسياسية عالمية، وذلك من خلال تخويف اليابانيين من الخطر الشيوعي السوفييتي ..

لقد استطاعت بعض الشعوب الفقيرة جدا، أن تتشبث بعربة لقطار الغرب وأن تخرج من فقرها باتباع النموذج الياباني كدول تايوان وكوريا الجنوبية وبعض دول جنوب شرق آسيا ..

الشركات المتعددة الجنسية والأوهام الصناعوية في العالم الثالث:

بعد تليين العلاقات بين المعسكرين الغربي والشرقي، في نهاية الستينات من القرن الماضي، وبعد أن كانت الدول الغربية تكتفي ببيع السلع كمنتَج نهائي، أصبح بإمكان الدول الغربية، أن تبيع المعامل و المشاريع المتكاملة، لدول المجموعة الاشتراكية في البداية، ثم للكثير من دول العالم الثالث، وبالذات تلك الدول التي تملك من المواد الخام التي تدر عليها المزيد من العوائد، خصوصا عندما ترتفع الأسعار (حالة النفط) .. فارتأت الإدارات الغربية أن تستعيد شفط الأموال المتحصلة من زيادة الأسعار، وعلى شكل تزويد المشاريع بالمستلزمات والمدراء وغيرها.

كانت الغايات المبررة لهذا الشكل من التعاون الغربي مع دول العالم الثالث، هي التنمية وتوفير فرص العمل و نقل التقانة*1.. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث على الصعيد الفعلي، فلا بطالة تم حلها في مناطق العالم الثالث، ولا تقانة تم نقلها، فتجد مثلا صناعة العصائر وبعض الصناعات الغذائية في بعض الدول العربية، توظف الأموال العربية، لشراء مركزات عصائر من جنوب إفريقيا أو بعض دول أمريكا الجنوبية، ومصانع تلك المركزات تعود لشركاء العرب الغربيين، ففي حين يقبل العربي بمنصب مدير (شكلي) وبراتب مغر، يأخذه من ماله هو، فيقوم بتسويق بضاعة الشركاء الغربيين، لسوق المنطقة العربية، مقابل ملاليم يربحها بالنهاية، ولا تسهم في تكوين قاعدة اقتصادية حقيقية ..

ولن يحدث تذمر حقيقي من دول العالم الثالث، نتيجة للعوائد السخيفة والأهداف الإستراتيجية غير المتحققة فعلا.. لماذا؟ لأنه ببساطة أن الشركاء المحليين، مستفيدين كأشخاص فاسدين أو فئات فاسدة، في حين يكون مطلوب منهم أن يعترضوا على تلك المشاريع!

هامش:
ــــــــ
أنظر أيضا (حيازة القدرة التكنولوجية ـ دراسة عن المؤسسات الاستشارية ومؤسسات المقاولات العربية) أنطوان زحلان / مركز دراسات الوحدة العربية/ بيروت 1990.. كما يمكن مراجعة ندوة موثقة تحت عنوان : إستراتيجية تطوير العلوم والتقانة في الوطن العربي لنفس المركز عام 1989.
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م