مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-12-2004, 05:39 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم لـ ( بن تيمية ) ..!!

تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم

شيخ الإسلام ابن تيمية

فصل

إذا تقرر هذا الأصل في مشابهة الكفار فنقول :
موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين :

الطريق الأول العام :

هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما ، ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل ، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل وأن هذا محرم كله بخلاف مالم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #2  
قديم 23-12-2004, 05:44 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي


وأما الطريق الثاني الخاص :

في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار :

أما الكتاب:

فمما تأوله غير واحد من التابعين وغيرهم في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) فروى أبو بكر الخلال في الجامع بإسناده عن محمد بن سيرين في قوله تعالى (والذين يشهدون الزور) قال : هو الشعانين ، وكذلك ذكر عن مجاهد قال : هو أعياد المشركين، وكذلك عن الربيع بن أنس قال: هو أعياد المشركين ، وفي معنى هذا ما روي عن عكرمة قال: لعب كان لهم في الجاهلية، وقال القاضي أبو يعلى :" مسألة في النهي عن حضور أعياد المشركين وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده في شروط أهل الذمة عن الضحاك في قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين ، وبإسناده عن أبي سنان عن الضحاك ( والذين لا يشهدون الزور) كلام الشرك ، وبإسناده عن جويبر عن الضحاك (والذين لا يشهدون الزور) قال: أعياد المشركين، وروى بإسناده عن عمرو بن مرة ( لا يشهدون الزور) لا يمالئون أهل الشرك على شركهم ولا يخالطونهم ، وبإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم ، وقول هؤلاء التابعين إنه أعياد الكفار ليس مخالفا لقول بعضهم إنه الشرك أو صنم كان في الجاهلية ولقول بعضهم إنه مجالس الخنا وقول بعضهم إنه الغناء لأن عادة السلف في تفسيرهم هكذا يذكر الرجل نوعا من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه أو لينبه به على الجنس كما لو قال العجمي ما الخبز فيعطى رغيفا ويقال له هذا بالإشارة إلى جنس لا إلى عين الرغيف، لكن قد قال قوم إن المراد شهادة الزور التي هي الكذب، وهذا فيه نظر فإنه قال ( لا يشهدون الزور) ولم يقل لا يشهدون بالزور والعرب تقول شهدت كذا إذا حضرته كقول ابن عباس( شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )،وقول عمر( الغنيمة لمن شهد الوقعة )وهذا كثير في كلامهم وأما شهدت بكذا فمعناه أخبرت به ، ووجه تفسير التابعين المذكورين أن الزور هو المحسن المموه حتى يظهر بخلاف ما هو عليه في الحقيقة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ( المتشبع بمالم يعط كلابس ثوبي زور) لما كان يظهر ما يعظم به مما ليس عنده،والشاهد بالزور مظهر كلاما يخالف الباطن ولهذا فسره السلف تارة بما يظهر حسنه لشبهة أو لشهوة وهو قبيح في الباطن فالشرك ونحوه يظهر حسنه للشهوة والغناء نحوه يظهر حسنه للشهوة ، وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل ولا منفعة فيها في الدين وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم فصارت زورا وحضورها شهودها ، وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده ، ثم مجرد هذه الآية فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم ذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم وغيرها من الزور ويقتضي الندب إلى ترك حضورها وقد يفيد كراهية حضورها لتسمية الله لها زورا فأما تحريم شهودها من هذه الآية ففيه نظر، ودلالتها على تحريم فعلها أوجه لأن الله سماها زورا وقد ذم من يقول الزور وإن لم يضر غيره بقوله في المتظاهرين فقال ( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا) وقال تعالى ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان و اجتنبوا قول الزور) ففاعل الزور كذلك، وقد يقال قول الزور أبلغ من فعله لأنه إذا مدحهم على مجرد تركهم شهوده دل على أن فعله مذموم عنده معيب إذ لو كان فعله جائزا والأفضل تركه لم يكن في مجرد شهوده أو ترك شهوده كبير مدح إذ شهود المباحات لا منفعة فيها وعدم شهودها قليل التأثير، وقد يقال هذا مبالغة في مدحهم إذ كانوا لا يحضرون مجالس البطالة وإن كانوا لا يفعلون هم الباطل والله تعالى قال (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض) هونا فجعل هؤلاء المنعوتين هم عباد الرحمن وعبودية الرحمن واجبة فتكون هذه الصفات واجبة وفيه نظر إذ قد يقال في هذه الصفات ما لا يجب ولأن المنعوتين وهم المستحقون لهذا الوصف على وجه الحقيقة والكمال قال الله تعالى( إنما المؤمنون الذين إذ ذكر الله وجلت قلوبهم) وقال تعالى( إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان الحديث) وقال (ما تدعون المفلس) ( ما تدعون الرقوب) ونظائره كثيرة ، فسواء كانت الآية دالة على تحريم ذلك أو كراهته أو استحباب تركه حصل أصل المقصود إذا المقصود بيان استحباب ترك موافقتهم أيضا فإن بعض الناس قد يظن استحباب فعل ما فيه موافقة لهم لما فيه من التوسيع على العيال أو من إقرار الناس على اكتسابهم ومصالح دنياهم فإذا علم استحباب ترك ذلك كان هو المقصود .

وأما السنة :

فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ( ما هذان اليومان ) قالوا ( كنا نلعب فيهما في الجاهلية ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود بهذا اللفظ حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس ورواه أحمد والنسائي وهذا إسناد على شرط مسلم ،

فوجه الدلالة:

أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة بل قال ( إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين )والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه ولهذا لا تستعمل هذه العبارة إلا فيما ترك اجتماعهما كقوله تعالى ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) وقوله تعالى (وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل) وقوله تعالى (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) وقوله تعالى ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب) ومنه الحديث في المقبور (فيقال له أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به خيرا منه مقعدا في الجنة ويقال للآخر انظر إلى مقعدك من الجنة أبدلك الله به مقعدا من النار)، وقول عمر رضي الله عنه للبيد (ما فعل شعرك) قال (أبدلني الله به البقرة وآل عمران) وهذا كثير في الكلام ، فقوله صلى الله عليه وسلم(قد أبدلكم الله بهما) خيرا يقتضي ترك الجمع بينهما لا سيما قوله خيرا منهما يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية، وايضا فقوله لهم (إن الله قد أبدلكم )لما سألهم عن اليومين فأجابوه إنهما يومان كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية دليل على أنه نهاهم عنهما اعتياضا بيومي الإسلام إذ لو لم يقصد النهي لم يكن ذكر هذا الإبدال مناسبا إذ أصل شرع اليومين الواجبين الإسلاميين كانوا يعملونه ولم يكونوا ليتركوه لأجل يومي الجاهلية ، وفي قول أنس( ولهم يومان يلعبون فيهما) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيرا منهما) دليل على أن أنسا رضي الله عنه فهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم أبدلكم بهما تعويضا باليومين المبدلين وأيضا فإن ذينك اليومين الجاهليين قد ماتا في الإسلام فلم يبق لهما أثر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه ولو لم يكن قد نهى الناس عن اللعب فيهما ونحوه مما كانوا يفعلونه لكانوا قد بقوا على العادة إذ العادات لا تغير إلا بمغير يزيلها لا سيما وطباع النساء والصبيان وكثير من الناس متشوقة إلى اليوم الذي يتخذونه عيدا للبطالة واللعب ولهذا قد يعجز كثير من الملوك والرؤساء عن نقل الناس عن عاداتهم في أعيادهم لقوة مقتضيها من نفوسهم وتوفر همم الجماهير على اتخاذها فلولا قوة المانع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانت باقية ولو على وجه ضعيف فعلم أن المانع القوي منه كان ثابتا وكل ما منع منه الرسول منعا قويا كان محرما إذ لا يعني بالمحرم إلا هذا وهذا أمر بين لا شبهة فيه فإن مثل ذينك العيدين لو عاد الناس إليهما بنوع ما مما كان يفعل فيهما إن رخص فيه كان مراغمة بينه وبين ما نهى عنه فهو المطلوب والمحذور في أعياد أهل الكتابين التي نقرهم عليها أشد من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها فإن الأمة قد حذروا مشابهة اليهود والنصارى وأخبروا أن سيفعل قوم منهم هذا المحذور بخلاف دين الجاهلية فإنه لا يعود إلا في آخر الدهر عند اخترام أنفس المؤمنين عموما ولو لم يكن أشد منه فإنه مثله على ما لا يخفى إذ الشر الذي له فاعل موجود يخالف على الناس منه أكثر من شر لا مقتضى له قوي ،


.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #3  
قديم 23-12-2004, 05:47 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الحديث الثاني:

ما رواه أبو داود حدثنا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة حدثني ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟) قالوا (لا) قال (فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟) قالوا (لا) قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم)

أصل هذا الحديث في الصحيحين وهذا الإسناد على شرط الصحيحين وإسناده كلهم ثقات مشاهير وهو متصل بلا عنعنة ، وبوانة بضم الباء الموحدة موضع قريب من مكة وفيه يقول وضاح اليمن:

أيا نخلتي وادي بوانة حبذا *** إذا نام حراس النخيل جناكما

وسيأتي وجه الدلالة منه،

وقال أبو داود في سننه حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هرون أنبأنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف حدثتني سارة بنت مقسم أنها سمعت ميمونة بنت كردم قالت (خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت الناس يقولون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أبده بصري فدنا إليه أبي وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب فسمت الأعراب والناس يقولون الطبطبية الطبطبية فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه قالت فأقر له ووقف واستمع منه فقال (يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ولد ذمر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم) قال( لا أعلم إلا أنها قالت خمسين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل بها من هذه الأوثان شيء؟) قال (لا) قال (فأوف بما نذرت به لله) قال( فجمعها فجعل يذبحها فانفلتت منه شاة فطلبها وهو يقول اللهم أوف بنذري فظفر بها فذبحها ).

قال أبو داود حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد ابن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ميمونة بنت كردم عن سفيان عن أبيها نحوه مختصرا شيء منه قال (هل بها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية؟) قال (لا) قال قلت (إن أمي هذه عليها نذر مشي فأقضيه عنها) وربما قال ابن بشار (أنقضيه عنها) قال (نعم ).

وقال حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عبيد الله بن الاخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف) قال (أوفي بنذرك) قالت (إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية) قال (لصنم) قالت (لا) قال (لوثن) قالت( لا) قال (أوفي بنذرك)

فوجه الدلالة:

أن هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعما إما إبلا وإما غنما وإما كانت قضيتين بمكان سماه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ( هل كان بها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟) قال (لا) قال (فهل كان بها عيد من أعيادهم؟) قال (لا) فقال (أوف بنذرك ثم قال لا وفاء لنذر في معصية الله) وهذا يدل على أن الذبح بمكان عيدهم ومحل أوثانهم معصية لله من وجوه:

أحدها : أن قوله (فأوف بنذرك) تعقيب للوصف بالحكم بحرف الفاء وذلك يدل على أن الوصف هو سبب الحكم فيكون سبب الأمر بالوفاء وجود النذر خاليا من هذين الوصفين فيكون وجود الوصفين مانعا من الوفاء ولو لم يكن معصية لجاز الوفاء به.

والثاني : أنه عقب ذلك بقوله ( لا وفاء لنذر في معصية الله) ولولا اندراج الصورة المسئول عنها في هذا اللفظ العام وإلا لم يكن في الكلام ارتباط والمنذور في نفسه وإن لم يكن معصية لكن لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن الصورتين قال له (فأوف بنذرك) يعني حيث ليس هناك ما يوجب تحريم الذبح هناك فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه أمرا بالوفاء عند الخلو من هذا ونهى عنه عند وجود هذا وأصل الوفاء بالنذر معلوم فبين مالا وفاء فيه واللفظ العام إذا ورد على سبب فلا بد أن يكون السبب مندرجا فيه.

والثالث : أنه لو كان الذبح في موضع العيد جائزا لسوغ صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء به كما سوغ لمن نذرت الضرب بالدف أن تضرب به بل لأوجب الوفاء به إذ كان الذبح بالمكان المنذور واجبا فإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيا عنه فكيف الموافقة في نفس العيد بفعل بعض الأعمال التي تعمل بسبب عيدهم،

يوضح ذلك أن العيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورا منها يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة ومنها اجتماع فيه ومنها أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات وقد يختص العيد بمكان بعينه وقد يكون مطلقا وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة (إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيدا) والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس (شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا قبري عيدا) وقد يكون لفظ العيد اسما لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب كقول النبي صلى الله عليه وسلم (دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا)، فقول النبي صلى الله عليه وسلم (هل بها عيد من أعيادهم؟) يريد اجتماعا معتادا من اجتماعاتهم التي كانت عندهم عيدا فلما قال لا قال له (أوف بنذرك)، وهذا يقتضي أن كون البقعة مكانا لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك وإلا لما انتظم الكلام ولا حسن الاستفصال، ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها أو لمشاركتهم في التعييد فيها أو لإحياء شعار عيدهم فيها ونحو ذلك إذ ليس إلا مكان الفعل أو نفس الفعل أو زمانه، فإن كان من أجل تخصيص البقعة وهو الظاهر فإنما نهى عن تخصيص البقعة لأجل كونها موضع عيدهم ولهذا لما خلت عن ذلك أذن في الذبح فيها وقصد التخصيص باق فعلم أن المحذور تخصيص بقعة عيدهم وإذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورا فكيف بنفس عيدهم هذا كما أنه لما كرهها لكونها موضع شركهم بعبادة الأوثان كان ذلك أدل على النهي عن الشرك وعبادة الأوثان، وإن كان النهي لأن في الذبح هناك موافقة لهم في عمل عيدهم فهو عين مسألتنا إذ مجرد الذبح هناك لم يكره على هذا التقدير إلا بموافقتهم في العيد إذ ليس فيه محذور آخر وإنما كان الاحتمال الأول أظهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلا عن كونها مكان عيدهم ولم يسأله هل يذبح فيها وقت عيدهم ولأنه قال (هل كان بها عيد من أعيادهم؟) فعلم أنه وقت السؤال لم يكن العيد موجودا وهذا ظاهر فإن في الحديث الأخير أن القصة كانت في حجة الوداع وحينئذ لم يكن قد بقي عيد للمشركين ، فإذا كان صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يذبح بمكان كان الكفار يعملون فيه عيدا وإن كان أولئك الكفار قد أسلموا وتركوا ذلك العيد والسائل لا يتخذ المكان عيدا بل يذبح فيه فقط فقد ظهر أن ذلك سد للذريعة إلى بقاء شيء من أعيادهم خشية أن يكون الذبح هناك سببا لإحياء أمر تلك البقعة وذريعة إلى اتخاذها عيدا مع أن ذلك العيد إنما كان يكون والله أعلم سوقا يتبايعون فيها ويلعبون كما قالت له الأنصار يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية لم تكن أعياد الجاهلية عبادة لهم ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين كونها مكان وثن وكونها مكان عيد ، وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان وأعياد الكفار من الكتابيين والأميين في دين الإسلام من جنس واحد كما أن كفر الطائفتين سواء في التحريم وإن كان بعضه أشد تحريما من بعض ولا يختلف حكمهما في حق المسلم لكن أهل الكتابين أقروا على دينهم مع ما فيه من أعيادهم بشرط أن لا يظهروهاولا شيئا من دينهم وأولئك لم يقروا بل أعياد الكتابيين التي تتخذ دينا وعبادة أعظم تحريما من عيد يتخذ لهوا ولعبا لأن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات بما حرمه ولهذا كان الشرك أعظم إثما من الزنا ولهذا كان جهاد أهل الكتاب أفضل من جهاد الوثنيين وكان من قتلوه من المسلمين له أجر شهيدين، وإذا كان الشارع قد حسم مادة أعياد أهل الأوثان خشية أن يتدنس المسلم بشيء من أمر الكفار الذين قد آيس الشيطان أن يقيم أمرهم في جزيرة العرب فالخشية من تدنسه بأوصاف الكتابيين الباقين أشد والنهي عنه أوكد كيف وقد تقدم الخبر الصادق بسلوك طائفة من هذه الأمة سبيلهم .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #4  
قديم 23-12-2004, 05:49 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

والوجه الثالث من السنة:

أن هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها ومعلوم أنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محا الله ذلك عنه فلم يبق شيء من ذلك ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد خصوصا أعياد الباطل من اللعب واللذات ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد فإن العادة طبيعة ثانية وإذا كان المقتضى قائما قويا فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعا قويا عن أعياد الكفار ويسعى في دروسها وطموسها بكل سبيل وليس في إقرار أهل الكتاب على دينهم إبقاء لشيء من أعيادهم في حق أمته كما أنه ليس في ذلك إبقاء في حق أمته لما هم عليه في سائر أعمالهم من سائر كفرهم ومعاصيهم بل قد بالغ صلى الله عليه وسلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وصفات الطاعات لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم ولتكون المخالفة في ذلك حاجزا ومانعا من سائر أمورهم فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم كان أبعد لك عن أعمال أهل الجحيم، فليس بعد حرصه على أمته ونصحه لهم بأبي هو وأمي غاية وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون والوجه الرابع من السنة:

ما خرجاه في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت (دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث) قالت (وليستا بمغنيتين) فقال أبو بكر (أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) وذلك يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) وفي رواية (يا ابا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم)

وفي الصحيحين أيضا أنه قال (دعهما يا ابا بكر فإنها أيام عيد) وتلك الأيام أيام منى فالدلالة من وجوه :

أحدها : قوله (إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) فإن هذا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم كما أنه سبحانه لما قال (ولكل وجهة هو موليها) وقال (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم وذلك أن اللام تورث الاختصاص فإذا كان لليهود عيد وللنصارى عيد كانوا مختصين به فلا نشركهم فيه كما لا نشركهم في قبلتهم وشرعتهم وكذلك أيضا على هذا لا ندعهم يشركوننا في عيدنا.

الوجه الثاني : قوله (وهذا عيدنا) فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه وكذلك قوله (وإن عيدنا هذا اليوم) فإن التعريف باللام والإضافة يقتضي الاستغراق فيقتضي أن يكون جنس عيدنا منحصرا في جنس ذلك اليوم كما في قوله في الصلاة (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)،وليس غرضه صلى الله عليه وسلم الحصر في عين ذلك العيد أو عين ذلك اليوم بل الإشارة إلى جنس المشروع كما يقول الفقهاء باب صلاة العيد وصلاة العيد كذا وكذا ويندرج فيها صلاة العيدين وكما يقال لا يجوز صوم يوم العيد،وكذا قوله (وإن هذا اليوم) أي جنس هذا اليوم كما يقول القائل لما يعانيه من الصلاة هذه صلاة المسلمين ويقال لمخرج المسلمين إلى الصحراء وما يفعلونه من التكبير والصلاة ونحو ذلك هذا عيد المسلمين ونحو ذلك، ومن هذا الباب حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب)رواه أبو دواد والنسائي والترمذي وقال حديث حسن صحيح ،فإنه دليل على مفارقتنا لغيرنا في العيد والتخصيص بهذه الأيام الخمسة لأنه يجتمع فيها العيدان المكاني والزماني ويطول زمنه وبهذا يسمى العيد الكبير فلما كملت صفة التعييد حصر الحكم فيه لكماله أو لأنه هو عيد الأيام وليس لنا عيد هو ايام إلا هذه الخمسة.

الوجه الثالث: أنه رخص في لعب الجواري بالدف وتغنيهن معللا بأن لكل قوم عيدا وأن هذا عيدنا، وذلك يقتضي أن الرخصة معللة بكونه عيد المسلمين وأنها لا تتعدى إلى أعياد الكفار ولأنه لا يرخص في اللعب في أعياد الكفار كما يرخص فيه في أعياد المسلمين إذ لو كان ما يفعل في عيدنا من ذلك اللعب يسوغ مثله في أعياد الكفار أيضا لما قال( فإن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) لأن تعقيب الحكم بالوصف بحرف الفاء دليل على أنه علة فيكون علة الرخصة أن كل أمة مختصة بعيد وهذا عيدنا وهذه العلة مختصة بالمسلمين فلو كانت الرخصة معلقة باسم عيد لكان الأعم مستقلا بالحكم فيكون الأخص عديم التأثير، فلما علل بالأخص علم أن الحكم لا يثبت بالوصف الأعم وهو مسمى عيد فلا يجوز لنا أن نفعل في كل عيد للناس من اللعب ما نفعل في عيد المسلمين وهذا هو المطلوب، وهذا فيه دلالة على النهي عن التشبه بهم في اللعب ونحوه


والوجه الرابع من السنة:

أن أرض العرب ما زال فيها يهود ونصارى حتى أجلاهم عمر رضي الله عنه في خلافته وكان اليهود بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد هادنهم حتى نقضوا العهد طائفة بعد طائفة وما زال بالمدينة يهود وإن لم يكونوا كثيرا فانه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي وكان في اليمن يهود كثير والنصارى بنجران وغيرها والفرس بالبحرين ومن المعلوم أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها ومن المعلوم أيضا أن المقتضي لما يفعل في العيد من الأكل والشرب واللباس والزينة واللعب والراحة ونحو ذلك قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع خصوصا نفوس الصبيان والنساء وأكثر الفارغين من الناس ثم من كان له خبرة بالسير علم يقينا أن المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم ولا يغيرون لهم عادة في أعيادالكافرين بل ذلك اليوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يختصونه بشيء أصلا إلا ما قد اختلف فيه من مخالفتهم فيه كصومه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، فلولا أن المسلمين كان من دينهم الذي تلقوه عن نبيهم المنع من ذلك والكف عنه لوجب أو يوجد من بعضهم فعل بعض ذلك لأن المقتضى لذلك قائم كما يدل عليه الطبيعة والعادة فلولا المانع الشرعي لوجد مقتضاه، ثم على هذا جرى عمل المسلمين على عهد الخلفاء الراشدين غاية ما كان يوجد من بعض الناس ذهاب إليهم يوم العيد للتنزه بالنظر إلى عيدهم ونحو ذلك فنهى عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة عن ذلك كما سنذكره فكيف لو كان بعض الناس يفعل بعض ما يفعلونه أو ما هو سبب عيدهم ، بل لما ظهر من بعض المسلمين اختصاص يوم عيدهم بصوم مخالفة لهم نهى الفقهاء أو كثير منهم عن ذلك لأجل ما فيه من تعظيم ما لعيدهم أفلا يستدل بهذا على أن المسلمين تلقوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم المنع عن مشاركتهم في أعيادهم وهذا بعد التأمل بين جدا

الوجه الخامس من السنة:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهو غدا والنصارى بعد غد) متفق عليه وفي لفظ صحيح (بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له)

وعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وللنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضى لهم) وفي رواية (بينهم قبل الخلائق) رواه مسلم

وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة عيدا في غير موضع ونهى عن إفراده بالصوم لما فيه من معنى العيد ثم إن في هذا الحديث ذكر أن الجمعة لنا كما أن السبت لليهود والأحد للنصارى واللام تقتضي الاختصاص ثم هذا الكلام يقتضي الاقتسام إذا قيل هذه ثلاثة أثواب أو ثلاثة غلمان هذا لي وهذا لزيد وهذا لعمرو أوجب ذلك أن يكون كل واحد مختصا بما جعل له لا يشركه فيه غيره فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت أو عيد يوم الأحد خالفنا هذا الحديث وإذا كان هذا في العيد الأسبوعي فكذلك في العيد الحولي إذ لا فرق بل إذا كان هذا في عيد يعرف بالحساب العربي فكيف بأعياد الكافرين العجمية التي لا تعرف إلا بالحساب الرومي القبطي أو الفارسي أو العبري ونحو ذلك، وقوله صلى الله عليه وسلم (بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله) أي من أجل كما يروى أنه قال (أنا افصح العرب بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد ابن بكر) ،والمعنى والله أعلم أي نحن الآخرون في الخلق السابقون في الحساب والدخول إلى الجنة كما قد جاء في الصحيح (إن هذه الأمة أول من يدخل الجنة من الأمم وإن محمدا صلى الله عليه وسلم أول من يفتح له باب الجنة) وذلك لأنا أوتينا الكتاب من بعدهم فهدينا لما اختلفوا فيه من العيد السابق للعيدين الآخرين وصار عملنا الصالح قبل عملهم فلما سبقناهم إلى الهدى والعمل الصالح جعلنا سابقين لهم في ثواب العمل الصالح ومن قال بيد ههنا بمعنى غير فقد أبعد

الوجه السادس من السنة:

ما روى كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما قال (أرسلني ابن عباس وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة رضي الله عنها أسألها أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها صياما قالت (كان يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما كان يصوم من الأيام ويقول إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم)) رواه أحمد والنسائي وابن أبي عاصم وهو محفوظ من حديث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن محمد ابن عمر بن علي عن أبيه عن كريب وصححه بعض الحفاظ

وهذا نص في شرع مخالفتهم في عيدهم وإن كان على طريق الاستحباب وسنذكر حديث نهيه عن صوم يوم السبت وتعليل ذلك أيضا بمخالفتهم ونذكر حكم صومه مفردا عند العلماء وأنهم متفقون على شرع مخالفتهم في عيدهم وإنما اختلفوا هل مخالفتهم يوم عيدهم بالصوم لمخالفة فعلهم أو بالإهمال حتى لا يقصد بصوم ولا بفطر أو يفرق بين العيد العربي وبين العيد العجمي على ما سنذكره إن شاء الله تعالى .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #5  
قديم 23-12-2004, 05:51 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وأما الإجماع والآثار:

فمن وجوه:

أحدها : ما قدمت التنبيه عليه من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس ثم لم يكن على عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهيا من ذلك وإلا لوقع ذلك كثيرا إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم ما فيه واقع لا محالة والمقتضى واقع فعلم وجود المانع والمانع هنا هو الدين فعلم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة وهو المطلوب

الثاني : أنه قد تقدم في شروط عمر رضي الله عنه التي اتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام وسموا الشعانين والباعوث فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين فعلها أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهرا لها، وذلك أنا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد إما لأنها معصية أو شعار المعصية وعلى التقديرين فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعائر المعصية ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها لقوة قلبه بالمسلم فكيف بالمسلم إذا فعلها فكيف وفيها من الشر ما سنبنيه على بعضه إن شاء الله تعالى الثالث : ما تقدم من رواية أبي الشيخ الأصبهاني عن عطاء بن يسار هكذا رأيته ولعله عطاء بن دينار: قال:

قال عمر (إياكم ورطانة الأعاجم وإن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم) وروى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهة الدخول على أهل الذمة في كنائسهم والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال:

قال (عمر لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلو على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) وبالإسناد عن الثوري عن عوف عن الوليد أو أبي الوليد عن :

عبد الله ابن عمرو قال (من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) وروى بإسناده عن البخاري صاحب الصحيح قال قال لي ابن أبي مريم أنبأنا نافع بن يزيد سمع سليمان بن أبي زينب وعمرو بن الحارث سمع سعيد ابن سلمة سمع أباه سمع:

عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) وروى بإسناد صحيح عن أبي أسامة حدثنا عون عن أبي المغيرة

عن عبد الله ابن عمرو قال (من بنى ببلاد الأعاجم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة) وقال هكذا رواه يحيى بن سعيد وابن أبي عدي وغندر وعبد الوهاب عن عوف بن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو من قوله، وبالإسناد إلى أبي أسامة عن حماد بن زيد عن هشام بن محمد بن سيرين قال:

أتى علي رضي الله عنه بمثل النيروز فقال ما هذا قالوا( يا أمير المؤمنين هذا يوم النيروز ) قال (فاصنعوا كل يوم فيروزا) قال أسامة (كره رضي الله عنه أن يقول النيروز)

قال البيهقي وفي هذا كراهة لتخصيص يوم بذلك لم يجعله الشرع مخصوصا به وهذا عمر رضي الله عنه نهى عن لسانهم وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم فكيف بفعل بعض أفعالهم أو بفعل ما هو من مقتضيات دينهم أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة أو ليس بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد يعرض لعقوبة ذلك ثم قوله (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) أليس نهيا عن لقائهم والاجتماع بهم فيه فكيف بمن عمل عيدهم، وأما عبد الله بن عمرو فصرح أنه من بنى ببلادهم وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم ، وهذا يقتضي أنه جعله كافرا بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار وإن كان الأول ظاهر لفظه فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية لأنه لو لم يكن مؤثرا في استحقاق العقوبة لم يجز جعله جزاء من المقتضى إذ المباح لا يعاقب عليه وليس الذم على بعض ذلك مشروطا ببعض لأن أبعاض ما ذكره يقتضي الذم مفردا وإنما ذكر والله أعلم من بنى ببلادهم لأنهم على عهد عبد الله بن عمرو وغيره من الصحابة كانوا ممنوعين من إظهار عيدهم بدار الإسلام وما كان أحد من المسلمين يتشبه بهم في عيدهم وإنما كان يتمكن من ذلك بكونه في أرضهم، وأما علي رضي الله عنه فكره موافقتهم في اسم يوم العيد الذي ينفردون به فكيف بموافقتهم في العمل ، وقد نص أحمد على معنى ما جاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما في ذلك وذكر أصحابه مسأله العيد، وقد تقدم قول القاضي أبي يعلى مسألة في المنع من حضور أعيادهم ، وقال الإمام أبو الحسن الآمدي المعروف بابن البغدادي في كتابه (عمدة الحاضر وكفاية المسافر )

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #6  
قديم 23-12-2004, 05:55 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

فصل

لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود نص عليه أحمد في رواية مهنا واحتج بقوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) قال الشعانين وأعيادهم فأما ما يبيعون في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره نص عليه أحمد في رواية مهنا وقال إنما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم فأما ما يباع في الاسواق من المأكل فلا وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم .

وقال الخلال في (جامعه)

( باب في كراهة خروج المسلمين في أعياد المشركين وذكر عن مهنا قال سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يابور ودير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون ويشهدون الأسواق ويجلبون الغنم فيه والبقر والرقيق والبر والشعير وغير ذلك إلا أنهم إنما يدخلون في الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم قال إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس) وإنما رخص أحمد رحمه الله في شهود السوق بشرط أن لا يدخلوا عليهم بيعهم فعلم منعه من دخول بيعهم وكذلك أخذ الخلال من ذلك المنع من خروج المسلمين في أعيادهم فقد نص أحمد على مثل ما جاء عن عمر رضي الله عنه من المنع من دخول كنائسهم في أعيادهم وهو كما ذكرنا من باب التنبيه عن المنع من أن يفعل كفعلهم ،


وأما الاعتبار في مسألة العيد :

فمن وجوه :

أحدها:
أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به بين الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة وشروطه ، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو واهله فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه وإن شئت أن تنظم هذا قياسا تمثيليا قلت العيد شريعة من شرائع الكفر أو شعيرة من شعائره فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه وإن كان هذا أبين من القياس الجزئي ثم كل ما يختص به ذلك من عبادة وعادة فإنما سببه هو كونه يوما مخصوصا وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء وتخصيصه ليس من دين الإسلام في شيء بل هو كفر به

الوجه الثاني من الاعتبار:
أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله لأنه إما محدث مبتدع وإما منسوخ وأحسن أحواله ولا حسن فيه أن يكون بمنزلة صلاة المسلم إلى بيت المقدس هذا إذا كان المفعول مما يتدين به وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس واللعب والراحة فهو تابع لذلك العيد الديني كما أن ذلك تابع له في دين الإسلام فيكون بمنزلة أن يتخذ بعض المسلمين عيدا مبتدعا يخرجون فيه إلى الصحراء ويفعلون فيه من العبادات والعادات من جنس المشروع في يومي الفطر والنحر أو مثل أن ينصب بنية يطاف بها ويحج إليها ويصنع لمن يفعل ذلك طعاما ونحو ذلك فلو كره المسلم ذلك لكره غير عادته ذلك اليوم كما يغير أهل البدع عاداتهم في الأمور العادية أو في بعضها بصنعهم طعاما أو زينة لباس أو توسيع في نفقة ونحو ذلك من غير أن يتعبدوا بتلك العادة المحدثة كان هذا من أقبل المنكرات فكذلك موافقة هؤلاء المغضوب عليهم والضالين وأشد، نعم هؤلاء يقرون على دينهم المبتدع والمنسوخ بشرط أن يكونوا مستسرين به والمسلم لا يقر على دين مبتدع ولا منسوخ لا سرا ولا علانية وأما مشابهة الكفار فكمشابهة أهل البدع وأشد

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #7  
قديم 23-12-2004, 05:57 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الوجه الثالث من الاعتبار :
يدل أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس بل عيدا حتى يضاهى بعيد الله بل قد يزيد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر كما قد سوله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام فيما يفعلونه في آخر صوم النصارى من الهدايا والأفراح والنفقات وكسوة الأولاد وغير ذلك مما يصير به مثل عيد المسلمين بل البلاد المصاقبة للنصارى التي قل علم أهلها وإيمانهم قد صار ذلك أغلب عندهم وأبهى في نفوسهم من عيد الله ورسوله على ما حدثني به الثقات ويؤكد صحة ذلك ما رأيته بدمشق وما حولها من أرض الشام مع أنها أقرب إلى العلم والإيمان، فهذا الخميس الذي يكون في آخر صوم النصارى يدور بدوران صومهم الذي هو سبعة أسابيع وصومهم وإن كان في أوائل الفصل الذي تسميه العرب الصيف وتسميه العامة الربيع فإنه يتقدم ويتأخر ليس له حد واحد من السنة الشمسية كالخميس الذي هو في أول نيسان بل يدور في نحو ثلاثة وثلاثين يوما لا يتقدم أوله عن ثاني شباط ولا يتأخر أوله عن ثاني آذار بل يبتدئون من الاثنين الذي هو اقرب إلى اجتماع الشمس والقمر في هذه المدة ليراعوا التوقيت الشمسي والهلالي وكل ذلك بدع أحدثوها باتفاق منهم خالفوا بها الشريعة التي جاءت بها الأنبياء فإن الأنبياء ما وقتوا العبادات إلا بالهلال وإنما اليهود والنصارى حرفوا الشرائع تحريفا ليس هذا موضع ذكره ويلي هذا الخميس يوم الجمعة الذي جعلوه بإزاء يوم الجمعة التي صلب فيها المسيح على زعمهم الكاذب يسمونها جمعة الصلبوت ويليه ليلة السبت التي يزعمون أن المسيح كان فيها في القبر وأظنهم يسمونها ليلة النور وسبت النور ويصنعون مخرقة يروجونها على عامتهم لغلبة الضلال عليها ويخيلون إليهم أن النور ينزل من السماء في كنيسة القيامة التي ببيت المقدس حتى يحملوا ما يوقد من ذلك الضوء إلى بلادهم متبركين به وقد علم كل ذي عقل أنه مصنوع مفتعل ، ثم يوم السبت يطلبون اليهود ويوم الأحد يكون العيد الكبير عندهم الذي يزعمون أن المسيح قام فيه ، ثم الأحد الذي يلي هذا يسمونه الأحد الحديث يلبسون فيه الجديد من ثيابهم ويفعلون فيه أشياء وكل هذه الأيام عندهم أيام العيد كما أن يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام وهم يصومون عن الدسم وما فيه الروح ثم في مقدمة فطرهم يفطرون أو بعضهم على ما يخرج من الحيوان من لبن وبيض ولحم وربما كان أول فطرهم على البيض ويفعلون في أعيادهم وغيرها من أمور دينهم أقوالا وأعمالا لا تنضبط ولهذا تجد نقل العلماء لمقالاتهم وشرائعهم تختلف وعامته صحيح ، وذلك أن القوم يزعمون أن ما وضعه رؤساء دينهم من الأحبار والرهبان من الدين فقد لزمهم حكمه وصار شرعا شرعه المسيح في السماء فهم في كل مدة ينسخون أشياء ويشرعون غيرها أشياء من الإيجابات والتحريمات وتأليف الاعتقادات وغير ذلك مخالفا لما كانوا عليه قبل ذلك زعما منهم أن هذا بمنزلة نسخ الله شريعة بشريعة أخرى فهم واليهود في هذا الباب وغيره على طرفي نقيض اليهود تمنع أن ينسخ الله الشرائع أو يبعث رسولا بشريعة تخالف ما قبلها كما أخبر الله عنهم بقوله (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) والنصارى تجيز لأحبارهم ورهبانهم شرع الشرائع ونسخها فلذلك لا ينضبط للنصارى شريعة محكمة مستمرة على الأزمان ، وغرضنا لا يتوقف على معرفة تفاصيل باطلهم ولكن يكفينا أن نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمعروف والمستحب والواجب حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه كما نعرف سائر المحرمات إذ الفرض علينا تركها ومن لم يعرف المنكر لا جملة ولا تفصيلا لم يتمكن من قصد اجتنابه والمعرفة الجميلة كافية بخلاف الواجبات فإن الفرض لما كان فعلها والفعل لا يتأتى إلا مفصلا وجبت معرفتها على سبيل التفصيل وإنما عددت أشياء من منكرات دينهم لما رأيت طوائف من المسلمين قد ابتلوا ببعضها وجهل كثير منهم أنها من دين النصارى الملعون هو وأهله ، وقد بلغني أيضا أنهم يخرجون يوم الخميس الذي قبل ذلك أو يوم السبت أو غير ذلك إلى القبور ويبخرونها وكذلك يبخرون بيوتهم في هذه الأوقات وهم يعتقدون أن في البخور بركة ودفع أذى لا لكونه طيبا ويعدونه من القرابين مثل الذبائح ويرقونه بنحاس يضربونه كأنه ناقوس صغير وبكلام مصنف ويصلبون على أبواب بيوتهم إلى غير ذلك من الأمور المنكرة ولست أعلم جميع ما يفعلونه وإنما ذكرت ما ذكرته لما رأيت كثيرا من المسلمين يفعلونه وأصله مأخوذ عنهم حتى إنه كان في مدة الخميس تبقى الأسواق مملوءة من أصوات هذه النواقيس الصغار وكلام الرقايين من المنجمين وغيرهم بكلام أكثره باطل وفيه ما هو محرم أو كفر وقد ألقي إلى الجماهير العامة أو جميعهم إلا من شاء الله وأعني بالعامة هنا كل من لم يعلم حقيقة الإسلام فإن كثيرا ممن ينتسب إلى فقه أو دين قد شارك في ذلك ألقي إليهم أن البخور المرقي ينفع ببركته من العين والسحر والأدواء والهوام ويصورون في أوراق صور الحيات والعقارب ويلصقونها في بيوتهم زعما منهم أن تلك الصور الملعون فاعلها التي لا تدخل الملائكة بيتا هي فيه تمنع الهوام وهو ضرب من طلاسم الصابئة ثم كثير منهم على ما بلغني يصلب على باب البيت ويخرج خلق عظيم في الخميس المتقدم على هذا الخميس يبخرون المقابر ويسمون هذا المتأخر الخميس الكبير وهو عند الله الخميس المهين الحقير هو وأهله ومن يعظمه فإن كل ما عظم بالباطل من زمان أو مكان أو حجر أو شجر او بنية يجب قصد إهانته كما تهان الأوثان المعبودة وإن كانت لولا عبادتها لكانت كسائر الأحجار ومما يفعله الناس من المنكرات أنهم يوظفون على الأماكن وظائف أكثرها كرها من الغنم والدجاج واللبن والبيض فيجتمع فيها تحريمان أكل مال المسلم أو المعاهد بغير حق وإقامة شعار النصارى ويجعلونه ميقاتا لاخراج الوكلاء على المزارع ويطحنون فيه ويصبغون فيه البيض وينفقون فيه النفقات الواسعة ويزينون أولادهم إلى غير ذلك من الأمور التي يقشعر منها قلب المؤمن الذي لم يمت قلبه بل يعرف المعروف وينكر المنكر وخلق كثير منهم يضعون ثيابهم تحت السماء رجاء البركة من مريم تنزل عليها فهل يستريب من في قلبه أدنى حياة من الايمان أن شريعة جاءت بما قدمنا بعضه من مخالفة اليهود والنصارى لا يرضى من شرعها ببعض هذه القبائح ويفعلون ما هو أعظم من ذلك يطلون أبواب بيوتهم ودوابهم بالخلوق والمغراء وغير ذلك من أعظم المنكرات عند الله فالله تعالى يكفينا شر المبتدعة وبالله التوفيق واصل ذلك كله إنما هو اختصاص أعياد الكفار بأمر جديد أو مشابهتهم في بعض أمورهم يوضح ذلك ان الأسبوع الذي يقع في آخر صومهم يعظمونه جدا بتسميته الخميس الكبير وجمعته الجمعة الكبيرة ويجتهدون في التعبد فيه مالا يجتهدون في غيره بمنزلة العشر الأواخر من رمضان في دين الله ورسوله والأحد الذي هو أول الأسبوع يصنعون فيه عيدا يسمونه الشعانين هكذا نقل بعضهم عنهم أن الشعانين هو أول أحد في صومهم يخرجون فيه بورق الزيتون ونحوه يزعمون أن ذلك مشابهة لما جرى للمسيح عليه السلام حين دخل إلى بيت المقدس راكبا أتانا مع جحشها فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فثار عليه غوغاء الناس وكان اليهود قد وكلوا قوما معهم عصى يضربونه بها فأورقت تلك العصي وسجد أولئك الغوغاء للمسيح فعيد الشعانين مشابهة لذلك الأمر وهو الذي سمي في شروط عمر وكتب الفقه أن لا يظهروه في دار الإسلام ويسمون هذا العيد وكل مخرج يخرجونه إلى الصحراء باعوثا فالباعوث اسم جنس لما يظهر به الدين كعيد الفطر والنحر عند المسلمين فما يحكونه عن المسيح عليه الصلاة والسلام من المعجزات في حيز الإمكان لا نكذبهم فيه لإمكانه ولا نصدقهم لجهلهم وفسقهم وأما موافقتهم في التعييد فإحياء دين أحدثوه أو دين نسخه الله ثم الخميس الذي يسمونه الخميس الكبير يزعمون أن في مثله نزلت المائدة التي ذكرها الله في القرآن حيث قال (قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا الآيات) فيوم الخميس هو يوم عيد المائدة ويوم الأحد يسمونه عيد الفصح وعيد النور والعيد الكبير ولما كان عيدا صاروا يصنعون فيه لأولادهم البيض المصبوغ ونحوه لأنهم فيه يأكلون ما يخرج من الحيوان من لحم ولبن أو بيض إذ صومهم هو عن الحيوان وما يخرج منه وإنما يأكلون في صومهم الحب وما يصنع منه من خبز وزبيب وشيرج ونحو ذلك، وعامة هذه الأعمال المحكية عن النصارى وغيرها مما لم يحك قد زينها الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام وجعل لها في قلوبهم مكانة وحسن ظن وزادوا في بعض ذلك ونقصوا وقدموا وأخروا إما لأن بعض ما يفعلونه قد كان يفعله بعض النصارى أو غيروه هم من عند انفسهم كما كانوا يغيرون بعض أمر الدين الحق لكن لما اختصت به هذه الأيام ونحوها من الأيام التي ليس لها خصوصية في دين الله وإنما خصوصها في الدين الباطل بل إنما أصل تخصيصها من دين الكافرين وتخصيصها بذلك فيه مشابهة لهم وليس لجاهل أن يعتقد أن بهذا تحصل المخالفة لهم كما في صوم يوم عاشوراء لأن ذلك فيما كان أصله مشروعا لنا وهم يفعلونه فإنا نخالفهم في وصفه ...

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #8  
قديم 23-12-2004, 06:00 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

تابع الوجه الثالث :
فأما مالم يكن في ديننا بحال بل هو في دينهم المبتدع والمنسوخ فليس لنا أن نشابههم لا في أصله ولا في وصفه كما قدمنا قاعدة ذلك فيما مضى فإحداث أمر ما في هذه الأيام التي يتعلق تخصيصها بهم لابنا هو مشابهة لهم في أصل تخصيص هذه الأيام بشيء فيه تعظيم وهذا بين على قول من يكره صوم يوم النيروز والمهرجان لا سيما إذا كانوا يعظمون ذلك اليوم الذي أحدث فيه ذلك العمل، ويزيد ذلك وضوحا أن الأمر قد آل إلى أن كثيرا من الناس صاروا في مثل هذا الخميس الذي هو عند الكفار عيد المائدة آخر خميس في صوم النصارى الذي يسمونه الخميس الكبير وهو الخميس الحقير يجتمعون في أماكن اجتماعات عظيمة ويصبغون البيض ويطبخون اللبن وينكتون بالحمرة دوابهم ويصطنعون الأطعمة التي لا تكاد تفعل في عيد الله ورسوله ويتهادون الهدايا التي تكون في مثل مواسم الحج وعامتهم قد نسوا أصل ذلك وعلته وبقي عادة مطردة كاعتيادهم بعيد الفطر والنحر وأشد واستعان الشيطان على إغوائهم في ذلك بأن الزمان زمان ربيع وهو مبدأ العام الشمسي فيكون قد كثر فيه اللحم واللبن والبيض ونحو ذلك مع أن عيد النصارى ليس هو يوما محدودا من السنة الشمسية وإنما يتقدم فيها ويتأخر في نحو ثلاثة وثلاثين يوما كما قدمناه ، وهذا كله تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم) والسنن مشابهة الكفار في القليل من أمر عيدهم وعدم النهي عن ذلك ، وإذا كانت المشابهة في القليل ذريعة ووسيلة إلى بعض هذه القبائح كانت محرمة فكيف إذا أفضت إلى ما هو كفر بالله من التبرك بالصليب والتعميد في المعمودية أو قول القائل المعبود واحد وإن كانت الطرق مختلفة ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تتضمن إما كون الشريعة النصرانية واليهودية المبدلتين المنسوختين موصلة إلى الله وإما استحسان بعض ما فيها مما يخالف دين الله أو التدين بذلك أو غير ذلك مما هو كفر بالله وبرسوله وبالقرآن وبالإسلام بلا خلاف بين الأمة الوسط في ذلك وأصل ذلك المشابهة والمشاركة ، وبهذا يتبين لك كمال موقع الشريعة الحنيفية وبعض حكمة ما شرعه الله لرسوله من مباينة الكفار ومخالفتهم في عامة أمورهم لتكون المخالفة أحسم لمادة الشر وأبعد عن الوقوع فيما وقع فيه الناس ، واعلم أنا لو لم نر موافقتهم قد أفضت إلى هذه القبائح لكان علمنا بما فطرت الطبائع عليه واستدلالنا بأصول الشريعة يوجب النهي عن هذه الذريعة فكيف وقد رأينا من المنكرات التي أفضت إليها المشابهة ما قد يوجب الخروج من الإسلام بالكلية وسر هذا الوجه أن المشابهة تفضي إلى كفر أو معصية غالبا أو تفضي إليهما في الجملة وليس في هذا المفضى مصلحة وما أفضى إلى ذلك كان محرما فالمشابهة محرمة والمقدمة الثانية لا ريب فيها فإن استقراء الشريعة في مواردها ومصادرها دل على أن ما أفضى إلى الكفر غالبا حرام وما أفضى إليه على وجه خفي حرام وما أفضى إليه في الجملة ولا حاجة تدعو إليه حرام كما قد تكلمنا على قاعدة الذرائع في غير هذا الكتاب، والمقدمة الأولى قد شهد بها الواقع شهادة لا تخفى على بصير ولا أعمى مع أن الإفضاء أمر طبيعي قد اعتبره الشارع في عامة الذرائع التي سدها كما قد ذكرنا من الشواهد على ذلك نحوا من ثلاثين أصلا منصوصة أو مجمعا عليها في كتاب (إقامة الدليل على بطلان التحليل)

الوجه الرابع من الاعتبار:
أن الأعياد والمواسم في الجملة لها منفعة عظيمة في دين الخلق ودنياهم كانتفاعهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج ولهذا جاءت بها كل شريعة كما قال تعالى (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) وقال (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) ثم إن الله شرع على لسان خاتم النبيين من الأعمال ما فيه صلاح الخلق على أتم الوجوه وهو الكمال المذكور في قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) ولهذا أنزل الله هذه الآية في أعظم أعياد الأمة الحنيفية فإنه لاعيد في النوع أعظم من العيد الذي يجتمع فيه المكان والزمان وهو عيد النحر ولا عين من أعيان هذا النوع أعظم من يوم كان قد أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامة المسلمين وقد نفى الله تعالى الكفر وأهله والشرائع هي غذاء القلوب وقوتها كما قال ابن مسعود رضي الله عنه ويروى مرفوعا (إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن) ومن شأن الجسد إذا كان جائعا فأخذ من طعام حاجته استغنى عن طعام آخر حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة وتجشم وربما ضره أكله أو لم ينتفع به ولم يكن هو المغذي الذي يقيم بدنه فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته قلت رغبته في المشروع وانتفاعه به بقدر ما اعتاض من غيره بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع فإنه تعظم محبته له ومنفعته به ويتم دينه به ويكمل إسلامه ، ولهذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن حتى ربما يكرهه ومن أكثر من السفر إلى زيارة المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت المحرم في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع ومن أدمن على قصص الملوك وسيرهم لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام ونظائر هذه كثيرة ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله عنهم من السنة مثلها )رواه الإمام أحمد ، وهذا أمر يجده من نفسه من نظر في حاله من العلماء والعباد والأمراء والعامة وغيرهم ، ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع وحذرت منها لأن البدع لو خرج الرجل منها كفافا لا عليه ولا له لكان الأمر خفيفا بل لا بد أن توجب له فسادا في قلبه ودينه ينشأ من نقص منفعة الشريعة في حقه إذا القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في العيدين الجاهليين (إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيرا منهما) فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعا من الاغتذاء أو من كمال الاغتذاء بتلك الأعمال النافعة الشرعية فيفسد عليه حاله من حيث لا يعلم كما يفسد جسد المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر، وبهذا يتبين لك بعض ضرر البدع إذا تبين هذا فلا يخفى ما جعل الله في القلوب من التشوق إلى العيد والسرور به والاهتمام بأمره إنفاقا واجتماعا وراحة ولذة وسرورا وكل ذلك يوجب تعظيمه لتعلق الأغراض به فلهذا جاءت الشريعة في العيد بإعلان ذكر الله فيه حتى جعل فيه من التكبير في صلاته وخطبته وغير ذلك مما ليس في سائر الصلوات فأقامت فيه من تعظيم الله وتنزيل الرحمة خصوصا العيد الأكبر ما فيه صلاح الخلق كما دل على ذلك قوله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) فصار ما وسع على النفوس فيه من العادات الطبيعية عونا على انتفاعها بما خص به من العبادات الشرعية فإذا أعطيت النفوس في غير ذلك اليوم حظها أو بعض الذي يكون في عيد الله فترت عن الرغبة في عيد الله وزال ما كان له عندها من المحبة والتعظيم فنقص بسبب ذلك تأثير العمل الصالح فيه فخسرت خسرانا مبينا ، وأقل الدرجات أنك لو فرضت رجلين أحدهما قد اجتمع اهتمامه بأمر العيد على المشروع والآخر مهتم بهذا وبهذا فإنك بالضرورة تجد المتجرد للمشروع أعظم اهتماما به من المشرك بينه وبين غيره ومن لم يدرك هذا فلغفلته أو إعراضه وهذا أمر يعلمه من يعرف بعض أسرار الشرائع، وأما الإحساس بفتور الرغبة فيجده كل أحد فإنا نجد الرجل إذا كسا أولاده أو وسع عليهم في بعض الأعياد المسخوطة فلا بد أن تنقص حرمة العيد المرضي من قلوبهم حتى لو قيل بل في القلوب ما يسع هذين قيل لو تجردت لأحدهما لكان أكمل

الوجه الخامس من الاعتبار :
أن مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل خصوصا إذا كانوا مقهورين تحت ذل الجزية والصغار فانهم يرون المسلمين قد صاروا فرعا لهم في خصائص دينهم فإن ذلك يوجب قوة قلوبهم وانشراح صدورهم وربما أطعمهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء وهذا أيضا أمر محسوس لا يستريب فيه عاقل فكيف يجتمع ما يقتضي إكرامهم بلا موجب مع شرع الصغار في حقهم

الوجه السادس من الاعتبار :
أن مما يفعلونه في عيدهم منه ما هو كفر ومنه ما هو حرام ومنه ما هو مباح لو تجرد عن مفسدة المشابهة ثم التمييز بين هذا وهذا يظهر غالبا وقد يخفى على كثير من العامة فالمشابهة فيما لم يظهر تحريمه للعالم يوقع العامي في أن يشابههم فيما هو حرام وهذا هو الواقع، والفرق بين هذا الوجه ووجه الذريعة أنا هناك قلنا الموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في الكثير وهنا جنس الموافقة تلبس على العامة دينهم حتى لا يميزوا بين المعروف والمنكر، فذاك بيان الاقتضاء من جهة تقاضي الطباع بإدارتها وهذا من جهة جهل القلوب باعتقاداتها

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #9  
قديم 23-12-2004, 06:02 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الوجه السابع من الاعتبار :
ما قررته في وجه أصل المشابهة وذلك أن الله تعالى جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في الأخلاق والصفات أتم حتى يؤول الأمر إلى أن لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالعين فقط ولما كان بين الإنسان مشاركة في الجنس الخاص كان التفاعل فيه أشد ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط فلا بد من نوع تفاعل بقدره ثم بينه وبين النبات مشاركة في الجنس البعيد مثلا فلا بد من نوع ما من المفاعلة ولأجل هذا الأصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم واكتساب بعضهم أخلاق بعض بالمشاركة والمعاشرة وكذلك الآدمي إذا عاشر نوعا من الحيوان اكتسب من بعض أخلاقه ولهذا صارت الخيلاء والفخر في أهل الإبل وصارت السكينة في أهل الغنم وصار الجمالون والبغالون فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق الجمال والبغال وكذلك الكلابون وصار الحيوان الإنسي فيه بعض أخلاق الإنس من المعاشرة والمؤالفة وقلة النفرة، فالمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرا من غيرهم كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيمانا من غيرهم ممن جرد الإسلام ، والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضا مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان والزمان فهذا أيضا أمر محسوس فمشابهتهم في أعيادهم ولو بالقليل هو سبب لنوع ما من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة وما كان مظنة لفساد خفي غير منضبط علق الحكم به ودار التحريم عليه فنقول مشابهتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في عين الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط ونفس الفساد الحاصل من المشابهة قد لا يظهر ولا ينضبط وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوله لو تفطن له وكل ما كان سببا إلى مثل هذا الفساد فإن الشارع يحرمه كما دلت عليه الأصول المقررة

الوجه الثامن من الاعتبار:
أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة حتى إن الرجلين إذا كانا من بلد واحد ثم اجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والموالاة والائتلاف أمر عظيم وإن كانا في مصر هما لم يكونا متعارفين أو كانا متهاجرين وذلك لأن الاشتراك في البلد نوع وصف اختصا به عن بلد الغربة بل لو اجتمع رجلان في سفر أو بلد غريب وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما وكذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضا مالا يألفون غيرهم حتى إن ذلك يكون مع المعاداة والمحاربة إما على الملك وإما على الدين وكذلك تجد الملوك ونحوهم من الرؤساء وإن تباعدت ديارهم وممالكهم بينهم مناسبة تورث مشابهة ورعاية من بعضهم لبعض وهذا كله بموجب الطباع ومقتضاها إلا أن يمنع عن ذلك دين أو غرض خاص فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والموالاة فكيف بالمشابهة في أمور دينية فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين) وقال تعالى فيما يذم به أهل الكتاب (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون) فبين سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه مستلزم لعدم ولايتهم فثبوت ولايتهم يوجب عدم الإيمان لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم، وقال سبحانه وتعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافرا فمن واد الكفار فليس بمؤمن فالمشابهة الظاهرة مظنة المودة فتكون محرمة كما تقدم تقرير مثل ذلك واعلم أن وجوه الفساد في مشابهتهم كثيرة فلنقتصر على ما نبهنا عليه والله أعلم

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
  #10  
قديم 23-12-2004, 06:04 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

فصل

أعياد الكفار كثيرة مختلفة وليس على المسلم أن يبحث عنها ولا يعرفها بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال أو يوم أو مكان أن سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان والزمان من جهتهم ولو لم يعرف أن سببه من جهتهم فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام فإنه إذا لم يكن له أصل فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه أو يكون مأخوذا عنهم فأقل أحواله أن يكون من البدع ونحن ننبه على ما رأينا كثيرا من الناس قد وقعوا فيه :

فمن ذلك الخميس الحقير الذي في آخر صومهم فإنه يوم عيد المائدة فيما يزعمون ويسمونه عيد العشاء وهو الأسبوع الذي يكون فيه من الأحد إلى الأحد عيدهم الأكبر فجميع ما يحدثه الإنسان فيه من المنكرات فمنه خروج النساء وتبخير القبور ووضع الثياب على السطح وكتابة الأوراق وإلصاقها بالأبواب واتخاذ هذه الأيام موسما لبيع البخور وشرائه وكذلك شراء البخور في ذلك الوقت إذا اتخذ وقتا للبيع ورقي البخور مطلقا في ذلك الوقت أو غيره أو قصد شراء البخور المرقي فإن رقيا البخور واتخاذه قربانا هو دين النصارى والصابئين وإنما البخور طيب يتطيب بدخانه كما يتطيب بسائر الطيب من المسك وغيره مما له أجزاء بخارية وإن لطفت أو له رائحة محضة وإنما يستحب التبخر حيث يستحب التطيب وكذلك اختصاصه بطبخ أرز بلبن أو بسمن أو بعدس أو صبغ بيض ونحو ذلك وأما القمار بالبيض أو بيع البيض لمن يقامر به أو شراؤه من المقامرين فحكمه ظاهر ومن ذلك ما يفعله الأكارون من نقط البقر بالنقط الحمر أو نكت الشجر أيضا او جمع أنواع الثياب والتبرك بها والاغتسال بمائها ومن ذلك ما قد يفعله النساء من أخذ ورق الزيتون أو الاغتسال بمائه أو قصد الاغتسال بشيء من ذلك فإن أصل ذلك ماء المعمودية ومن ذلك ترك الوظائف الراتبة من الصنائع أو التجارات أو حلق العلم أو غير ذلك واتخاذه يوم راحة وفرح واللعب فيه بالخيل أو غيرها على وجه يخالف ما قبله وما بعده من الأيام والضابط أنه لا يحدث فيه أمر أصلا بل يجعل يوما كسائر الايام فإنا قد قدمنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهاهم عن اليومين اللذين كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح بالمكان إذا كان المشركون يعيدون فيه

ومن ذلك ما يفعله كثير من الناس في أثناء الشتاء في أثناء كانون الأول لأربع وعشرين خلت منه ويزعمون أنه ميلاد عيسى عليه السلام فجميع ما يحدث فيه هو من المنكرات مثل إيقاد النيران وإحداث طعام واصطناع شمع وغير ذلك فإن اتخاذ هذا الميلاد عيدا هو دين النصارى وليس لذلك أصل في دين الإسلام ولم يكن لهذا الميلاد ذكر أصلا على عهد السلف الماضين بل أصله مأخوذ عن النصارى وانضم إليه سبب طبيعي وهو كونه في الشتاء المناسب لإيقاد النيران ولأنواع مخصوصة من الأطعمة ثم إن النصارى تزعم أنه بعد الميلاد بأيام أظنها أحد عشر يوما عمد يحيى عيسى عليهما السلام في ماء المعمودية فهم يتعمدون في هذا الوقت ويسمونه عيد الغطاس وقد صار كثير من جهال النساء يدخلن أولادهن إلى الحمام في هذا الوقت ويزعمن أن هذا ينفع الولد وهذا من دين النصارى وهو من أقبح المنكرات المحرمة

وكذلك أعياد الفرس مثل النيروز والمهرجان وأعياد اليهود أو غيرهم من أنواع الكفار أوالأعاجم والأعراب حكمها كلها على ما ذكرناه من قبل ، وكما لا يتشبه بهم في الأعياد فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب إجابة دعوته ، ومن أهدى للمسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديته خصوصا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم في مثل إهداء الشمع ونحوه في الميلاد أو إهداء البيض واللبن والغنم في الخميس الصغير الذي في آخر صومهم وكذلك أيضا لا يهدى لأحد من المسلمين في هذه الأعياد هدية لأجل العيد لا سيما إذا كان مما يستعان بها على التشبه بهم كما ذكرناه ، ولا يبيع المسلم ما يستعين المسلمون به على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك لأن في ذلك إعانة على المنكرات، فأما مبايعتهم ما يستعينون هم به على عيدهم أو شهود أعيادهم للشراء فيها فقد قدمنا أنه قيل للإمام أحمد هذه الأعياد التي تكون عندنا بالشام مثل طور يابور أو دير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الغنم والبقر والدقيق والبر وغير ذلك إلا أنه يكون في الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم قال إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس، وقال أبو الحسن الآمدي (فأما ما يبيعون في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره نص عليه أحمد في رواية مهنا) وقال (إنما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم وأما ما يباع في الأسواق من المأكل فلا وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم ) فهذا الكلام محتمل لأن يكون أجاز شهود السوق مطلقا بائعا أو مشتريا لأنه قال إذا لم يدخلوا عليهم كنائسهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس هذا يعم البائع والمشتري لا سيما إن كان الضمير في قوله يجلبون عائدا إلى المسلمين فيكون قد نص على جواز كونهم جالبين إلى الأسواق ....

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م