لا جهاد .. و الحياة دعوة !
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله .. و بعد :
فقد فرض الله عز وجل الجهاد ( القتال ) في سبيله في نصوص عدة ، سواء من الكتاب أو من السنة النبوية ..
قوله تعالى [ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يُقتلون .. ] و البيع يلزم الوفاء به !
قوله تعالى [ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين ] .
قوله عز وجل [ كتب عليكم القتال و هو كره لكم و عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم .. الآية ] .
قوله تعالى [ انفروا خفافاً و ثقالاً و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون ] .
وامتدح الله المجاهدين ، و فضلهم على القاعدين ، فقال عز وجل [ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و انفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة .. الآية ] .
بل إن الأصل في المسلم هو الجهاد ( القتال ) لا القعود ، فقال عز وجل [ و ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين .. الآية ] .
و من نصوص السنة قوله صلى الله عليه و سلم [ الجهاد ماض إلى يوم القيامة ] .
قوله صلى الله عليه و سلم [ لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة تقاتل في سبيل الله لا يضرها من خذلها و لا من عاداها .. الحديث ] .
بل إن النبي صلى الله عليه و سلم قد بعث البعوث و السرايا الجهادية بعد أن وصل للمدينة .. و لم يوقف الجهاد صلى الله عليه و سلم لأي عذر أو حجة !
و الله عز وجل عندما يفرض على عباده عبادة ما فإنه قد فرضها لما يترتب عليها من مصالح دينية و دنيويه لعباده عند امتثالهم لها .
و على هذا جميع ما فرضه الله عز وجل من عبادات وجب على العباد القيام بها .
و من تلك العبادات المفروضة ، و التي بالامتثال بها تقوم مصالح عدة لعباد الله ؛ فريضة [ الجهاد ] في سبيل الله عز وجل .
ففريضة الجهاد ( القتال ) في سبيل الله ، فريضةٌ قد فرضها الله عز وجل لما يترتب عليها من المصالح العظيمة للمسلمين ، دينية و دنيوية !
فمن تلك المصالح العظيمة :
ما يسببه الجهاد من [ الإرهاب ] في قلوب أعداء الله ، قال الله عز وجل [ و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم ] .
و ما يسببه من إرهاب لآخرين لم يقاتلوا المؤمنين [ و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ] !
فبالجهاد نرهب أعداء الله عز وجل ، و نصدهم عن التفكير بمجرد المساس بحرمة الإسلام .
وفيه عزة للمسلمين
، فعند قيامهم بالجهاد تقوى شوكتهم ، و يملكون زمام الأمور لما حولهم ، و لهذا فإن ترك الجهاد ذلة للإسلام ، و المسلمين ؛ قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح بمجموع طرقه [ إذا تبايعتم بالعينة ، و مسكتم أذناب البقر ، و اشتغلتم بالزرع ، و ( تركتم الجهاد ) سلّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه إلى يوم القيامة حتى تتوبوا إلى الله ، و تراجعوا دينكم ] .
و من تلك المصالح أيضاً :
النمو الاقتصادي لدولة الإسلام ، و هذا مصداق لحديث النبي صلى الله عليه و سلم [ جُعل رزقي تحت ظل رمحي ] ، و لذلك كان هارون الرشيد يقول للسماء [ أمطري حيث شئتِ فإن خراجكِ آتيني ] و كل ذلك ما كان ليكون لولا قيامه بأمر الله عز وجل بتسيير جيوش الإسلام للفتوحات.
قال القرطبي : وأشرف المكاسب ما اختاره الله لرسوله : [ وجعل رزقي تحت ظل رمحي ] .
و من المصالح أيضاً :
التوسع الجغرافي لإخضاع الأرض كلها لحكم الله عز وجل ، و وأد الفتنة و هي [ الكفر ] ، و إخمادها ؛ قال الله عز وجل [ قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله ] .
و من المصالح :
اختبار المؤمنين و تمحيصهم و تصفية المنافقين ، و كشفهم ؛ قال الله عز وجل [ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم و يعلم الصابرين ] و كثير ما يدخل في الإسلام من المنافقين الذين يتصنعون لكي يؤمنوا أنفسهم ، و ينعموا بما ينعم به أهل الإسلام ، ففي فريضة الجهاد التي هي ( كره ) يتميز أولئك ، و يميز الله الخبيث من الطيب ، و هذه هي سنة الله عز وجل في تمييز المؤمنين [ و ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب .. الآية ] ، و قد ذكر الله عز وجل أن بالقتال و فرضه على المؤمنين يتميز أهل النفاق فقال عز و جل [ فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي من الموت .. الآية ] .
ولو تأمَّلت سورة التوبة التي هي [ الفاضحة ] ، لوجدت أكثر – إن لم يكن جميع - ما فُضح به المنافقون في هذه السورة .. الجهاد ، وأحكامه .
و من المصالح أيضاً :
حماية الدعوة ، و الحفاظ عليها ، و رد المعتدين الكائدين عنها !
لما كان النبي صلى الله عليه و سلم في مكة و كان حينها لم يؤمر بالقتال ، كان كفار قريش جريئين على أهل الإسلام ، يؤذونهم ، و يسومونهم سوء العذاب ، فلما أُمر النبي صلى الله عليه و سلم بالهجرة و القتال ، حميت الدعوة ، و خشي الأعداء من المساس بها .
ليس كما يقول البعض – و الله المستعان – أن القيام بالجهاد في هذا الزمان يسبب [ خسارة ] فادحة لمكاسب الدعوة – بزعمهم - ! و أن الواجب ترك الجهاد ، للحفاظ على ما كسبته الدعوة من منجزات دعوية ! و الحق أننا نرى الخسارة الفادحة بترك الجهاد ، و الانبطاح و الخنوع للأعداء !
و غير ذلك من المصالح العظيمة ..
و مع أن أدلة القرآن ، و السنة النبوية ، و المصالح الشرعية المرعية ، أكثر بكثير مما ذكرناه ، و اقتصرنا عليه ..
إلا أن الأمة قد بُليت بفئة [ نشاز ] قد ختم الله على قلوبهم ، فقالوا – بلسان الحال أو المقال – مقولة خبيثة ضالة ، تصادم نصوص الوحيين ، و الفطر السليمة ، إذ قالوا(لا جهاد .. و الحياة دعوة ] !!
عطلوا هذه الفريضة بترهات ، و عقليات ، لا تقف أمام العقل السليم !
تعاموا عن الأدلة الشرعية !
و حرفوا معانيها الشرعية ، لتوافق أهوائهم في إلغاء [ الجهاد ] من قاموسهم العقلاني !
حرفوا مصطلح الجهاد ، فأصبح لدينا جهاد ( القلم ) !
و جهاد ( الدعوة ) و جهاد ( الحوار ) !و هو حق لو وُضع في موضعه الصحيح ..
لكن .. كل ذلك ليلغوا [ القتال ] !
ليس لهم حجة قائمة ! فمذهبهم مرذول ، يصادم [ صريح ] المنقول ، و سليم الفطر و العقول !
و هناك فئة أخرى [ عجيبة ] !!تنظّر للجهاد و هي [ قاعدة ] !
و تصنف الجهاد ، و المجاهدين و هم في [ أحضان ] زوجاتهم !
يقولون [ لا جهاد ] الآن ! فالأمة ضعيفة !
و الأمة حالها كـ[ الفترة المكية ] يجب فيها [ كف اليد ] و الاكتفاء بالصبر و الدعوة !
و أنه بالجهاد [ نخسر ] ما كسبناه في سنوات طويلة !!!!!
و أن المصلحة – زعموا – تقتضي [ تأجيل الجهاد ] !
و كل حديثهم قائم على [ سفسطات عقلية ] ! لا تصمد أمام صريح النص ، و الفطر السليمة !
فالنبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا بأن هناك طائفة من أمته ، منصورة ، تقاتل في سبيل الله !
أخبرنا أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة !
و أخبرنا أن ما نحن فيه من [ ضعف ] و [ ذلة ] ما هي إلا بسبب [ ترك الجهاد ] ، و [ حب الدنيا ] ، و [ كراهية الموت ] !!
فكيف نرجو العزة ، و القوة بـ[ ترك الجهاد ] ؟!!
و هذه الفترة المكية ، التي صموا بها آذاننا ، هل تنطبق على كل الأمة ؟
أليس النبي صلى الله عليه و سلم يقول هناك طائفة تقاتل ، و منصورة ؟!!
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
[ لا تزال طائفة من أمتي ( يقاتلون ) على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ]
فتأمل في قوله ( يقاتلون ) !
و عن يزيد بن الأصم قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثاً رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم لم أسمعه ، روى عن النبي صلى الله عليه و سلم على منبره حديثاً غيره قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
[ من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، و لا تزال عصابة من المسلمين ( يقاتلون ) على الحق ظاهرين ( على من ناوأهم ) إلى يوم القيامة ] .
و روى عقبة بن عامر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
[ لا تزال عصابة من أمتي ( يقاتلون ) على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من ( خالفهم ) حتى تأتيهم الساعة و هم على ذلك ] .
فتأمل – يا رعاك الله – النص على [ القتال ] ، بل زاد عليها أنه لا يضر أولئك المقاتلين من ( خالفهم ) في قتالهم !!!
و هذه الأحاديث .. رواها ( مسلم ) في صحيحه !
أفلا يحق لمن [ قاتل ] أن يعد نفسه خارجًا عن حكم تلك الفترة داخلاً في حكم تلك العصابة المنصورة ؟!!!
ثم لماذا يؤخذ بحكم تلك الفترة من [ كف اليد ] و لا يؤخذ باقي أحكامها من [ ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ] و من [ الصلاة ركعتين ] و من [ ترك الزكاة ] و من [ ترك الصوم ] و غيرها مما كان معروفاً من أحكام في تلك الفترة !!
ولم لا يؤخذ بأحكامها من [ تعطيل الحدود ] ، و [ إباحة الخمر ] ، وغيرها؟!
فإن كانت الشريعة كاملة عند هؤلاء .. فلماذا يخرج الجهاد من هذا الكمال !!
كان النبي - صلى الله عليه و سلم - يرد على أصحابه بأنه ( لم يؤمر ) ، ثم أُمر فمن الذي يتجرأ على [ تعطيل أمر الله ] ؟!!
كان النبي صلى الله عليه و سلم في الفترة المكية ينتظر أمر الله له بالقتال ؟
فمن يأمرنا في هذا الزمان بالقتال ؟!! متى نقاتل ؟!!