قصيدة بعنوان : أنا و الزّمن....

[محمد-الصالح-الغريسي]

..................................أنا و الزّمن


قـــد خنت لمّا صفا الخــــلاّن واعجــبي
............................مهــلا، كفى النّفس ما عانت من التّعب.
قــــــل لي الحقيقة …قـل لي أيّها الزّمــن
............................قد ضقت ذرعا من البهتــــــــان و الكذب.
ماذا فعلت »بكسرى « ،إذ ذوى فهــوى؟
...........................هل مسّه الشّوق، فاستلقى من الطّرب؟
و مـــــا فعلـت بـــــ »هولاكو «و »بالتّــــتر « ؟
.............................هل هم تواروا وراء الشمــس بالحجب؟
أين العتاة الألى ماتــــــــــوا و ما نطقـوا؟
.........................هل أسلموا الرّوح أم ماتوا من النّصـــــــب؟
هل كان » أوديب « مجنونا زها صلــــــــفا؟
............................أم أنـــــّك انت الّذي خفت من الغلـــب؟
قــــل لي الحقيقة…قـــــل لي أيّهاالزمن ...
..........................قد ضاع رشدي و زادت من أسى كربي.
كم من حقير غـــدا في الـــعزّ مرتعــه؟
..........................وكم عظيما هــــــــوى في سوء منقلب ؟
و كم فقـــيرا ربت أموالــــه شططا؟
.............................و كم غنيّا غـــــــــدا همّا بلا نشـــب؟
هل تذكـر العهد إذ صفت مــــودّتنا
.........................يوم انتشينا بلا خمـــــــــر و لا عنـــــــب،
و الطّير في أيكها قد هـزّها شجـــن،
.................................غنّت لنا قاصرات الطّرف من طرب
قد قلت إذذاك من بشـــــــر و من فرح:
..........................نحن الصّديقان في الخير و في الكـــرب.
لا تخش شيئا فمثلي من به تثـــــــق،
............................أحميـــك من غــدر خلّ حاســـد وقب،
ومن عدوّ خسيـــس النّفس مستــتر
............................و من شــــــــرور خبيث غير مــــرتقب.
قـــل لي الحقيقة …قل لي أيّها الزّمــن :
......................من أنبت الشّيب في رأسي وفي هدبي ؟
من أوهن الأوصال في جسمي وفي بدني ،
.........................حتّى إذا صرت أمشي مشي مضطرب،
أعرضت عنّي و جال الضّعف في بصري
........................فصرت جسما بلا اســــــــم و لا لقــــب؟
من أنت قل لي ألا يا أيّها الزّمن
.............................حتّى قلبت الدّنى رأسا على عقب؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيتان الثّالث عشر و الرّابع عشر، هما تضمين لبيتين اشتهر بهما بشّار بن برد؛و وردا بتصرّف لضرورة القافية.و الأصل كالتّالي:
إنّ العيون الّتي في طرفها حـــور****قتلننا ثمّ لم يحيــين قتـــــــلانا
يصرعن ذا اللّبّ حتّى لا حراك به*****و هنّ أضعف خلق اللّه إيمـانا

[الصمصام]

أخي صالح
هذه ثالث قصيدة أقرأها لك وكل قصيدة أجمل من الأخرى
فبارك الله بك وبقلمك

وإن سمحت لي أن أبدي ملاحظتين :
أولا في قولك..
..قتلنــني ثمّ لم يحيــــين مــا بي
ألا تشعر أخي الكريم بأن القافية خرجت عن اللحن العام للقصيدة
أقول ذلك وأنا لست بذاك المتمكن في الشعر وعلومه لكنني متذوق
ليس إلا وذوقي يشعرني بذلك ولا تعتب علي فما قلته مجرد إحساس
وربما أكون مخطئا

ثانيا
الأبيات التي نسبتها لبشار فعلى حد علمي هي لجرير وهي من قصيدته المشهورة
بان الخليط ولو طوعت مابانا

لك مني كل تحية وتقدير

[محمد-الصالح-الغريسي]

أخي الصّمصام ، تحيّة طيبة و بعد ، فقد قرأت تعليقك على القصيدة ، و أنت محقّ في كلّ ما أبديته من ملاحظات في ما يخصّ قافية البيت الأول من التّضمين المتصرّف فيه..
أمّا في ما يتعلّق بأنّ البيتين هما لجرير أو لبشّار ، فهذا ما لست متأكّدا منه بالضّبط ...و على كلّ اعتبر ذلك تصحيحا منك ، ما دمت متأكّدا أنّهما لجرير.عموما أشكرك على دقّة ملاحظتك ممّا يدعمّ اعتقادي بأنّ الشّعراء صنفان. شاعر يكتب ما يحسّ ، و شاعر يحسّ ما يقرأ.و بهذا ينضمّ القارئ الجيّد إلى صنف الشّعراء.و لهذا بادرت إلى حذف البيتين كي أحافظ على سلامة القصيدة.
...............................................مع جزيل الشّكر.

[عمر مطر]

قصيدة جميلة أخي الغريسي واسمح لي ببعض التعقيبات.

البيتان هما لجرير كما أشار أخي الصمصام، من القصيدة التي مطلعها:

بان الخليط ولو طوعت ما بانا
..................... وقطعوا من حبال الوصل أقرانا

ولي ملاحظتان بسيطتان في العروض إن سمحت لي.

هل كان » أوديب « مجنونا زها صلــــــــفا؟
............................أم أنـــــّك انت الّذي خفت من الغلـــب؟

كأن في الشطر الثاني كلمة ساقطة أو خلل بسيط، فهي كما أراها على الوزن التالي (ونقطعها بتسهيل همزة أنت حيث أنك لم تظهرها إملاء وهذا اصطلاح في التسهيل):

مستفعلن فاعلن فاعلن فعلن

ولعل (قد) سقطت فكان البيت قبل أن تسقط:
هل كان » أوديب « مجنونا زها صلــــــــفا؟
............................أم أنـــــّك انت الّذي قد خفت من غلـــب؟


لا تخش شيئا فمثلي من به تثـــــــق،
............................أحميــــك من غـــــــدر حاســـد وقب،

الشطر الثاني يبدو لي على الوزن التالي:
مستفعلن فاعلن فاع فعلن

ولأ أدري بالضبط ما الذي سقط، ولكن البيت يستقيم إذا قلنا:

لا تخش شيئا فمثلي من به تثـــــــق،
............................أحميــــك يا زمني من حاســـد وقب

أو ما شابه.

أشكرك مسبقا على سعة صدرك.

عمر مطر

[محمد-الصالح-الغريسي]

أخي العزيز عمر مطر
لقد سعدت بدخولك صفحتي ، و الرّدّ على قصيدتي ، و قد أسعني أكثر ما أبديته لي من ملاحظات ، وهذا أهمّ ما في الكتابة بجميع أجناسها ، ألا و هو النّقد ....
- فيما يتعلّق بالبيتين اللّذين ذكرت أنّهما لجرير ، هما بالفعل لجريلا ، و قد نبّهني إلى ذلك الأخ الصّمصام مشكورا ، و المعذرة على اللبس الّذي وقعت فيه .
أمّا فيما يتعلّق بالبيت التّالي:
هل كان » أوديب « مجنونا زها صلــــــــفا؟
............................أم أنـــــّك انت الّذي خفت من الغلـــب؟
في الشّطر الثّاني من هذا البيت:لقد اعتبرت الهمزة في) أنت ( كأنها همزة وصل ، و ليست بهمزة قطع، و قد جوّزت لنفسي ذلك حفظا على الوزن....و هذا الشّطر لم يسقط منه شيء.و يمكنك تقطيعه كالتّالي:
أ م أ نــنـــكــــنـــ ــتــــلــــلذي خفـتـــمــــنــــلــ غلبـــــي
مستفـعــــلــــن فــــا علـن مستــــعـــلـــــن فعلـــــن
و كما ترى ، فإنّه يوجد زحاففي التّفعيلة الثّانية بحذف الحرف الرّابع السّاكن ، فأصبحت التّفعيلة مستعلن ، بعد أن كانت ..مستفعلن.
أمّا البيت التّالي: فقد سقطت منه فهلا كلمة ، و هي - خلّ-

لا تخش شيئا فمثلي من به تثـــــــق،
............................أحميــــك من غــدر حاســـد وقب،
و الصّحيح هو:


لا تخش شيئا فمثلي من به تثـــــــق،
............................أحميــــك من غـــــــدر خلّ حاســـد وقب.

أخي العزيز ، في النّهاية ، لا يسعني إلاّ أن أشكرك على دقّة ما أبديته من ملاحظات ، و إلى اللّقاء.
........................................أخوك محمد الصالح الغريسي

[سلاف]

أخي الغريسي

مبدع كعادتك

ألا ترى أن مستعلن فعلن في آخر العجز ثقيلة على الأذن رغم صحتها ؟

[عمر مطر]

أخي الغريسي،

شكرا لك على التوضيح. كلامك في مكانه.
والقصيدة جميلة جدا.

وأشارك السلاف رأيه في الثقل.