هذا مقال مميز نشرته دير شيبجل يبين الجهود الاسطورية التي يبذلها اعداء الدين في سبيل تحديد اماكن قيادات القاعدة ، اترككم معه ، ثم لي تعقيب:
توظف الحكومة الأمريكية جيشا كاملا من أفضل الباحثين لتعقب آثار أسامة بن لادن, وهم يقومون بجهود مضنية في تحليل الطبيعة النباتية والحيوانية وكذا الأصوات التي تظهر في أشرطة التسجيل المسموعة والمرئية للتوصل إلى قرائن تكشف عن مكان وجود أمير الإرهاب.
فنِّيو الصوت يبحثون في مختبر حديث التقنية عن الأصوات المصاحبة لتسجيلاته: ضوضاء شارع, رنين هاتف,صراخ أطفال في الفناء الخلفي.
وكما يحدث في الإجتماعات العلمية يجلس علماء الجغرافيا ساعات طويلة أمام صور التشكيلات الصخرية التي يخطو ابن لادن عليها,بينما يدقق متخصصو الأحياء النباتية في الأعشاب الشحيحة تحت صندله,وإذا غرّد عصفور,جاء دور علماء الطيور.
ويطلق بعض المتندرين اسم "علماء البنلادنية"على أولئك العلماء الذين يُلقى على عاتقهم الوصول إلى القرينة الحاسمة حول المكان الذي يختبئ فيه أولئك الهاربون( يقصد الشيخ ابن لادن والظواهري).
لقد أقر الرئيس الباكستاني برفيز مشرف مؤخرا " باختفاء كل أثر لهم", بل حتى العرض الذي قدمته حكومة بوش منذ اسابيع والذي يبثّه التلفزيون
( الباكستاني) كل مساء وهو بعنوان ( أنت تجلب – نحن ندفع) لم يأتي بأي مؤشر ( على مكان وجودهم).
الجيش الأمريكي الذي ظل يدندن حتى العام الماضي بقرب القبض على بن لادن, يصمت الآن محتارا,لذا فقد آن أوان تدخل الاكاديميين لتتمكن فرق البحث (العسكرية) من مواصلة التقدم.
تثور حول كل شريط معمعمة ذات طابع غريب مما يجعل خبير الإرهاب روجر كريسي يقارنها بمهمة فلكيي الكريمل إبان الحرب الباردة : "بدلا من العمل على كشف ماهية الشخص الذي يقف بجانب ليونيد بريجينيف وماذا يعني ذلك بالنسبة لموقعه في السلطة, نطيل الآن التفكير فيما تحويه الأشرطة", يقول كريسي الذي عمل مستشارا لاثنين من الرؤساء الأمريكيين.
ميخائيل شويَر, الرئيس السابق لفرقة البحث عن ابن لادن , لم يجد سوى الإستهزاء بهذه العملية(أي عملية التحليل الدقيق للأشرطة بواسطة الأكاديميين) فيقول: " لقد كنت اقوم بقذف كل من كان يأتيني حاملا حجارة وطيورا إلى خارج مكتبي, ابن لادن ليس بهذه الحماقة حتى يكشف لنا عن مكان وجوده"( يقصد أنه كان يطرد الأكاديمين الذين كانوا يأتونه ليتحدثوا معه عن استتاجاتهم مما رأوه وسمعوه في الأشرطة).
حتى الآن يبدو هذا المتشائم على حق , فلم تتوصل تلك المساندة الأكاديمية إلى نتائج هامة.فقد تبين أن كامل منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية تتميز بمثل ذلك الجرف الصخري الذي كان ابن لادن والظواهري يقطعانه حاملين الكلاشنكوف على كتفيهما, وملاحظة الطبيعة النباتية والحيوانية في تلك المنطقة لم تكن أكثر مردودا:كل شجيرة وكل شجرة تم التعرف عليها ثبت أنها تنبت في كل مكان في الهندكوش.
وكالة الاستخبارات الالمانية شخّصت صفيرا إيقاعيا على انه صوت لعصفور الدوري.وكذلك كان من المفيد استدعاء مجموعة من موظفي السي آي إيه المتقاعدين ممن يعرفون تلك المنطقة,وبعد فحصهم لصور مكبرة لذلك المكان المقفر ( يقصد تلك التضاريس الصخرية المشار لها سابقا), أوضحوا أنها قد توجد في اي مكان!
( ملاحظة : يظهر هنا من كلام الكاتب أن المخابرات الألمانية وموظفين سابقين في السي آي إيه يشاركون الفرقة الاكاديمية في مساعدة السي آي إيه على تحليل الأشرطة).
البحث في الصوت ( المُسجل) كان اقل مردودا , حيث يتم تتبّع "الوقائع الصوتية"(الجانبية) التي لا تستطيع الأذن سماعها,فمن شريط لأيمن الظواهري استطاع الفنيّون في مايو 2003 التقاط أصوات لأطفال يلعبون في فناء خلفي أو في بيت السُلّم , مع عدم وجود ضجيج سيارات فكان الاستنتاج أنه يتحدث من منطقة سكنية في مكان ريفي ما.
ويزداد الأمر صعوبة مع ابن لادن , الذي يدأب على تحريك الأوراق محدثة حفيفا.وفي إحدى المرات بدا وكأن هناك تلفونا أو جهاز اتصال منزلي بالقرب منه.
وكذلك فلم يصل مكتب مكافحة الجريمة الإتحادي( الألماني) إلى نجاح حاسم , حينما اكتشف في أكتوبر 2003 صوت صرير غريب في إحدى الأشرطة , وقد قرر خبراء الصوت أنه صوت مفصل باب لم تتم صيانته بشكل جيد.
يبدو أن ابن لادن قد زاد من تسلحه بالتكنولوجيا, فتسجيلاته الجديدة تعطي الإنطباع بأنه يعتمد على تقنية التصوير الرقمي ويستخدم غرفة عازلة للصوت ,لذا فإن هناك شحّا كبيرا في المعلومات.
خبراء وحدة التحليل الطبية-النفسية للسي آي إيه هم وحدهم الذين سعدوا حتى الآن بالنتائج, وهي وحدة كانت تقضي ليال طويلة في مراقبة عادات الشرب( شرب الخمر) عند يلتسين , والوضع الصحي لكاسترو, عبر شاشة التلفاز.
تدعي هذه الوِحدة أنها توصلت إلى أن أسامة بن لادن كان قد أصيب بالفعل في كتفه خلال معارك تورا بورا في خريف 2001, وذلك في تقييمها لقطة فيديو تُظهر السعودي متكئا على عكاز, بينما تتدلى ذراعه اليسرى بتراخٍ. هذا الاستنتاج يعود إلى سبتمبر 2003. ومن المرجح أنه قد تعافى في هذه الأثناء.
منقول ، الترجمة و ما بين القوسين للأخ بربروسا عفا الله عنه.
و بعد..فإن من يرى كل هذه الجهود الغريبة الى درجة مضحكة في سبيل تحديد مكان.. مجرد مكان القيادات الفاعلة في التنظيم يدرك مدى غيظ العدو و كم هو مشبوب بهذه المسألة الى درجة الهوس
من جهة اخرى يتبين من إستقراء المقال ان المجاهدين يدركون جيداً اساليب العدو و يعملون بذكاء و بإمكانيات بسيطة تفاديها ، و بشكل تراكمي يبين التعلم من الاخطاء السابقة
من ذلك ما نراه في خلفية الاشرطة المرئية من قطعة قماش على الجدار لا تنبيء عن طبيعة المكان إذا كان منزلاً او كهفاً او اي مأوى ، و ذلك بعد الشريط الذي اعقب غزوة منهاتن و تلته معركة تورا بورا
و بالنسبة للشرائط الصوتية فإن المستمع لبيانات الامير الزرقاوي يلاحظ الهدوء الهائل الذي يحيط به ، فلا تسمع خطوات او حتى نأمة او خربشة
مما يدل على ان المجاهدين يتقنون اللعبة هم ايضاً ، و يقظون مضاجع العدو بذكاء مبهر.
الله هو الحافظ
تحياتي