أضعف الإيمان

[مصرية مسلمة]

شاهدت لك..برنامجاً كاملاً لمدة ساعتين تقريبا فى قناة المحور وهى قناة مصرية خاصة جديدة لم تكمل عامها الأول بعد..
البرنامج بعنوان محاور..وكان يناقش قضية أو مشروع المقاطعة؟؟هل هو مُجْدٍ أم لا؟؟؟
المشكلة الرئيسية فى البرنامج أن الموضوع نوقش على الصعيدين المحلى والعربى..أعنى أن السؤال الذى تدور حوله الحلقة كان: (هل ستنجح المقاطعة المصرية للمنتجات الأمريكية فى أن تكون سلاحا للضغط على أمريكا للتقليل من مساندتها لإسرائيل؟؟وهل حجم التجارة المصرية الأمريكية كبير إلى الحد الذى يهدد اقتصاد أمريكا؟؟ولو تكلمنا على المستوى العربى..هل بالمثل حجم التجارة العربية الأمريكية يمثل أهمية كبيرة بالمقارنة بحجم التجارة الخارجية لأمريكا بحيث تفلح المقاطعة العربية أيضا فى هدفها فى ثنى أمريكا عن عزمها كحامية لإسرائيل وماتفعله..؟؟)..كان ضيف البرنامج- على ما أعتقد -هو المسئول عن التجارة المصرية الأمريكية فى مصر..وطبعا دار الحوار على محور أن التجارة المصرية الأمريكية خاصة والعربية الأمريكية عامة تمثل النزر اليسير من حجم التجارة الأمريكية الكلى مع العالم أجمع وأن المقاطعة لن تجدى شيئا ولن تحرك شعرة فى بدن الغول الأمريكى..بالإضافة إلى أن هذا قد يضر بالمصالح المصرية أو العربية الأمريكية..لاعتباره بادرة سوء نية ممن تعتبرهم أمريكا حماة السلام فى الوطن العربى والأطراف المعتدلة الوسطية على حد زعمها..
وبغض النظر عن الأحجام والمقارنات والاقتصاد.. ذلك البحر الذى يغرق فيه علماؤه_ فمابالكم بمن ليس له خبرة أو مجرد الإلمام بأولوياته وبديهياته…؟؟_لفت نظرى فى الحوار عدة نقاط لم يلق المحاوِر ولا المحاوَر إليها بالا ألا وهى..:
1-أولا ان المقاطعة ليست مصرية ولا عربية إنما هى إسلامية أو هكذا يجب أن تكون..وإذا عرفنا كم عدد المسلمين فى العالم ..وكم يستوردون من أمريكا وغيرها أدركنا أن الموضوع ليس هينا ولا بسيطا لكنه بالفعل (والله أعلم)يهدد الاقتصاد الأمريكى..
2-أن المتحكمين والقابضين على اقتصاد أمريكا ليسوا سوى يهود.. وبسيطرتهم على الاقتصاد الأمريكى أصبحت لهم اليد الطولى فى تحريك عجلة السياسة وفق ماترى عيونهم وتهوى أنفسهم..واليهود ليسوا بالقوم الذين ينظرون للأحجام والمقارنات ولكنهم ينظرون للولاءات..والمقاطعة تضرب الولاء لهم فى مقتل وتجعلهم فى شك من تنفيذ مخططاتهم فى السيطرة على العالم وإحكام قبضتهم على الأمميين المتمثلين فى كل من لا ينتمى لليهودية..
3-أن قضية المقاطعة ليست فقط للإضرار باقتصاد أمريكا لكنها أيضا(بروفا)أو تدريب على تجميع الكلمة الإسلامية لأول مرة منذ قرون…تماما مثلما حدث مع جيش طالوت عندما مر بنهر وكان الجيش قد وصل إلى درجة من الإعياء والعطش لا تطاق..فقال لهم طالوت..(فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين)البقرة 249..وكلنا على علم أن نجاح تجميع الكلمة هذا هو المارد الحقيقى الذى يخيف ويرهب أعداء الإسلام وليس الأرقام والإحصائيات..
4-ربما نعلم أن مقاطعتنا للبضائع الأمريكية لن يضر باقتصاد أمريكا ..وربما كان –كما أسلفنا من قبل –حجم التعاملات بيننا وبينها لا يهددها ..لكن..ما المقاطعة إلا تعبير عما يختلج فى النفس العربية المسلمة من ألم لما يحدث من مجازر لإخواننا وأبنائنا فى فلسطين وفى العالم بأسره دون أن تحرك سيدة العالم ساكنا بل وتصفق كثيراً لمن يغتال أمننا وسلامنا بدعوى الحرب على الإرهاب..فكيف بالله عليكم نتعامل مجرد التعامل مع هذه الدولة الإرهابية التى كانت ولازالت سببا غيرمباشر حينا ومباشرا أحيانا فى إراقة دم المسلمين العزل فى كل مكان على وجه الأرض؟؟ ..كيف نمد لها يدا ونقول لها مرحى سيدة العالم؟؟؟…إن هذه المقاطعة ربما هى تغيير لمنكر..بل لمنكرات تفعلها هذه الماجنة المتسلطة المتشدقة بالحرية وحقوق الإنسان..ولكنه تغيير بالقلب وهذا إن لم يضرها فهو…أضعف الإيمان…

5-أن القرش أو الفلس أو الهللا التى ندفعها لتسليح أو لرفع عدونا وتمكينه من الفتك بنا هو خصمنا وذابحنا يوم القيامة..وهذا هو القصد..إن الموضوع ليس موضوعا وقتيا ولا مؤقتا ولا دنيويا..بل هو ماذا سنقول لرب العزة إن سألنا يوم القيامة من أين جاء سلاح أعدائكم؟؟هل سنقول له لا ندرى؟؟هل سنقول له لقد قالوا لنا أن اقتصاد أمريكا لم يكن ليتأثر بهذه المليمات؟؟أم هل سنقول له لقد قلنا للفلسطينيين والمسلمين فى كل مكان اذهبوا انتم وربكم فقاتلوا إنا ها هنا قاعدون؟؟…
لا أدرى ربما سيطرت علينا الدنيا..ربما أعمتنا العلمانية التى تربينا عليها رغما من خلال وسائل الإعلام والمناهج الدراسية..ربما ..ربما…
كلمة أخيرة ..ليتنا نترك كل هذه المهاترات جانبا..ونحاول مجرد محاولة أن نقاطع كل ما نستطيع مقاطعته من بضائع أمريكية..وإسرائيلية …ولنعتبره جهادا أصغر مادمنا لا نستطيع الجهاد الأكبر..





د/حنان فاروق