فصل من..رسالة التوحيد
.... هذا فصل من رساله التوحيد ...للامام المجاهد عبدالعزيز بن
محمد ال سعود رحمه الله _ 1218
واما دعاء الله عز وجل للغير, فقد مضت السنه أن الحي يطلب منه سائر مايقدر عليه.
ودعوه المسلمين بعضهم لبعض مستحبة , قد وردت بها الاثار الصحيحه
في مسلم وغيره,فْان كانت للميت فهى أكد . وكان النبي عليه الصلاه والسلام يقف على القبر بعد الدفن فيقول : (استغفروا لأخيكم
واسألوا له التثبيت فانه الآن يسأل).
فالميت أحوج بعد الدفن الى الدعاء , فاذا قام المسلمون على جنازته دعوا الله له , وشفعوا له بالصلاة عليه دون أن يدعوه.
فبدل أهل الشرك والبدع الدعاء له بدعائه , والاستغاثة به والهتف بأسمه عند حلول الشدة , وتركوا من بيده ملكوت كل شيْء
وهو يجير ولا يجار عليه .
كما بدلوا الزياره التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم احسانا
الى الميت, وتذكيرا بالآخرة , بسؤال الميت نفسه وتخصيص تلك
البقعه بالدعاء الذي هو مخ العبادة, وحضور القلب وخشوعه عندها,
أعضم منه في الصلاة والمساجد , واذا كان الدعاء مشروعا لسائر
المؤمنين , فانبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بأن يصلى ويسلم
عليه ويدعى له بالوسيله.
كما في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أذا سمعتم
المؤذن فقولوا مثل مايقول ثم صلوا علي فانه من صلى علي مره
صلى الله عليه بها عشراُ ثم سلوا الله لي الوسيله فانها درجه في الجنه لاينبغي أن تكون الا لعبد من عباد الله , وأرجو أن أكون ذلك
العبد فمن سأل الله لي الوسيله حلت له شفاعتي يوم القيامه)
واستشفاع العبد في الدنيا انما هو فعل للسبب لحصول شفاعته له
يوم القيامه طبق ماجاء به قولا واعتقاداً.
وانما سئلت له الوسيله مع تحققها تنويها بقدره , ورفعا لذكره
ويعود ثواب ذلك الينا . فهذا هو الدعاء المأثور وهو فارق بين
الدعاء الذي أحبه والذي نهى عنه .
ولم يذكر أحد من الأئمه الأربعه ولا غيرهم من أئمه السلف فيما
نعلمه أن النبي صلي الله عليه وسلم يسئل(بضم الياء) بعد الموت
الاستغفار ولاغيره.
قال الامام مالك رحمه الله فيما ذكره اسماعيل بن اسحف في المبسوط عنه, والقاضي عياض في الشفاْء والمشارق , وغيرهما من أصحاب
مالك عنه : لاأرى أن يقف في عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم
يدعو ولكن يسلم ويمضي , وقال أيضاء في المبسوط عن مالك: لابأس
لمن قدم من السفر أوخرج اليه يقف عند قبر النبي(صلى الله عليه
وسلم) ويصلي ويسلم عليه ويدعو له , ولأبى بكر وعمر , فقيل له
ان ناسا من أهل المدينه لايقدمون من سفر ولايريدونه وهم يفعلون
ذلك في اليوم مره أو أكثر يأتون عند القبر فيسلمون عليه ويدعون
ساعه فقال : لم يبلغني هذا الحد عن أحد من أهل الفقه في بلدنا
لا من الصحابه ولاغيرهم , ولا يصلح آخر هذه الأمة الا ماصلح أولها
ولم يبلغني عن أول هذه الأمه وصدرها . أنهم كانوا يفعلون ذلك :
يكررون المجيْء الى القبر , بل كانوا يكرهونه الا لمن جاء من سفر
وأراده .......... انتهى.
|