مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #141  
قديم 02-06-2006, 03:15 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

كان شيخنا يعرف ابن العمة أحمد ويرى منه الجد والاجتهاد..
وكذلك الأخ سعود الحربي ذو الأخلاق العالية والسماحة..
فكنت أذكره أنهما سيكونان رفيقاي خارج السكن ..
وأنني برفقتهما وحرصهما على العلم سنكون خير فريق وسنتعاون فيما
بيننا على التحصيل..
اتصل علي الشيخ يوما وقال : اذهب وقابل فلان في شارع السلسلة بجوار
منزلي القديم..
وصلت فوجدت الرجل المذكور فسلم علي ..
وبادر ..
وأدخلني عمارة متهالكة وقديمة تصدر من جنباتها روائح العزاب !!
صعدت معه للطابق الثاني في درج مكسر ووقف أمام باب شقة متهالك
ثم فتحة بعد معاناة وما إن رأيت المكان حتى أصابتني قشعريرة من
اتساخه والروائح الهائلة والغبار ...
كل ذلك وأنا لا ادري عن الحاصل !!
قلت للأخ : طيب !!
قال : أظن هذي بتكون شقتك !!
تلبد وجهي وقلت له : ومن يقوله ؟؟
قال : الشيخ هو اللي كلفني بالبحث لك عن سكن!!
بقيت انظر في وجهه وأنا صامت ..
وبقي ينظر إلي محتارا لا يدري ما يقول!!
تذكرت غرفتي في السكن في نفسي فحمدت الله على العافية ..
شكرت الرجل وقلت له جزاك الله خير وما قصرت ..
ناولني المفتاح!!
وقال : هذا مفتاحك استودعك الله !!
وغادر!!
تجولت في شقتي الجديدة !!
غرفة صغيرة عن يمين الداخل ثم حمام أجلكم الله .. تنبعث منه روائح .. ظن شرا ولا تسأل عن الخبر!!
ثم بجوارها غرفة أخرى واسعة قليلا قد نبتت في جنباتها خيوط العناكب
فحولتها إلى غرفة أشباح ..
في زاويتها نافذة متهالكة حاولت فتحها فغمرني منها غبار لم أرى قط
مثله في حياتي ..
انتثر على ثيابي وشماغي ورأيت أثر ذلك حينما خرجت في وجوه الناس
وهي تضحك من منظري!!
هذا كل شيء ..
ولا يوجد مطبخ !!
جدرانها صفراء ..
أما الجيران فهم مجموعة من العمالة العربية والآسيوية ..
تفوح في جنبات العمارة روائح البهارات والطبخ منذ أن تمر بجوارها..
قابلت شيخنا ظهرا ..
وبادرني قائلا : هه!!
كيف رأيت السكن الجديد!!
قلت له : والله يا شيخ ودي تشوفه أنت أيش رأيك ؟
__________________









الرد مع إقتباس
  #142  
قديم 02-06-2006, 03:17 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وصلنا بجوار العمارة وكانت على طريق منزل الشيخ ..
ثم استأذن من الناس ودخل معي ..
كان الشيخ وهو يصعد الدرج يقول : ما شاء الله .. ما شاء الله!!
فكنت أقول في نفسي : اصبر وسترى العجب!!
فتحت الباب ..وكنت أراقب تقاسيم وجه الشيخ !!
فرأيته معجبا مما يرى !!
تجول فيها ونظر هنا وهناك .. وتجول في غرفها ..
قال : أبد استعن بالله وانزل فيها !!
قلت له : هل أعجبتك يا شيخنا ؟؟
قال : ممتازة !!
شكرت شيخنا وقلت له : جزاك الله عني خير الجزاء ..
ونزلنا وشيعته حتى بيته ..
عدت للسكن وأنا حائر ..
أفكر كيف سأنتقل لهذه المرحلة الجديدة ..
دخلت غرفة سكني ..
تذكرت مراحل وصولي لعنيزة ..
آه كيف سيكون حالي في السكن الجديد..؟؟
لا شك أن الإنسان يرغب أن يكون الجو المحيط به مثاليا ..
أنا اعتدت على حياة كما هم أبناء بلدي ..
صحيح أنني عانيت حتى وصلت على ما وصلت إليه ..
ولكن العيش في مثل ذلك المكان شيء صعب للغاية لم أجربه من قبل..
هل تريدون أكمل مالذي حصل ؟؟
كانت نفقتي ليست بالكبيرة ..
وقلت للشيخ رحمه الله ..
المكان يحتاج لتنظيف وشراء أثاث ووو..
فقال لي : صاحب العمارة سوف يفعل لها صيانة!!
كان خبرا سعيدا ..
وقلت متى سينتهي !!
قال :خلال أيام ..
مررت على السكن بعد أيام لكي أرى الصيانة الجديدة ..
فلما وصلت باب الشقة شممت رائحة الطلاء من الخارج..
فاستأنست وأملت شيئا كبيرا ..
فتحت الباب فوجدتها قد طليت ولكن أي طلاء!!
ترقيع !!
هنا وهناك وغالبها بالمعجون وليس بالطلاء..
هذا كل ما فعل!!
اتصلت على صاحب العمارة وقلت له : هل انتهيتم؟؟
قال : خلاص انتهينا ويمكنك النزول الآن!!
استحييت أن ابلغ الشيخ بالحاصل ..
واعتبرت الموضوع انتهى..
سأفتقد جو العمارة والمكتبة والبحوث والطلبة الأفاضل لأنزل في مكان
مختلف الله اعلم كيف سيكون الحال فيه ..
أرجو أن لا أكون أثقلت على إخوتي بمثل هذه التفاصيل ولكنني أريد أن
اشعر إخوتي القراء بالجو الذي يعيشه طلبة العلم ..
أنا اعلم أن هناك من طلبة الشيخ ممن اعرفهم أو لا أعرفهم ..
وقد يكون بعضهم يقرأ كلامي هذا ..
قد وجدوا من العنت والظنك والمعاناة شيئا تعجز عن تصديقه ..
أعرف من ينام طاويا كل ليلة ..
اعرف من نام أسابيع في الجامع ولا يجد مأوى يأوي إليه ..
رأيت احدهم لا يجد مقصا يقص به أظافره ..
منعهم الحياء والعفاف عن سؤال الناس ..
يحضرون الدرس ويخرجون لا يعلم عنهم احد إلا الله سبحانه ..
ولكنهم يحملون في نفوسهم همة ورغبة في العلم تفوق الجبال ..
أولئك حصلوا خيرا عظيما وأعرف عددا منهم الآن في بلدانهم
هم شامة قد أحيا الله على يديهم قلوب الآلاف ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #143  
قديم 03-06-2006, 04:06 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

اتصلت على سعود واحمد ودعوتهما لرؤية السكن الجديد..
اتفقنا جميعا على أن المكان يحتاج لإعداد وتجهيز !!
جمعنا ما لدينا من مال يسير ..
وأخذنا في تنظيفها وترقيعها كيفما تيسر .. اخترت أنا الغرفة الأولى على الباب مباشرة ..
وسيكون الأخ سعود واحمد سويا في الغرفة الكبيرة ..
وهذا ما تم بيننا ..
نقلت مكتبتي..
ونقل سعود واحمد ما لديهم من كتب وكانت قليلة فيما اذكر..
اظننا وضعناها في مكان واحد لا أذكر والله..
كانت مشكلة الطعام ..!!
ولا أظن واحدا منا يطبخ !!
وأين سنطبخ؟؟
قال شيخنا : تأكلون في السكن مع الطلاب!!
وهذا ما حصل ..
كان التأقلم مع الحياة الجديدة صعبا للغاية ..
تعودنا على أذان الجامع ..
وعلى الجو العلمي المحيط بنا
كانت النقلة هائلة على النفس والله ..
وأظن الأخوان شعرا بما شعرت به..
أما أنا فقد صرت يوميا انزل لباب العمارة ..
وانتظر قدوم الشيخ فأرافقه للمسجد ..
وهذه ميزة جديدة حصلت عليها ..!!
ولم أكن اشغله عن حزبه حيث يقرأ القرءان في الطريق..
ولكنني كنت أرافقه على كل حال ..
يتبع إن شاء الله
الحلقة الثامنة والستون
كان لي في تلك البناية ذكريات لا تنسى ..
خاصة برفقة الأخوين الكريمين أحمد وسعود..
مرت علينا فيها ساعات ألذ من الشهد..
ومرت علينا فيها مواقف عصيبة كما هي الحياة.. دوما
لكن ذكرياتها العطرة أكثر وعبيرها في النفس أبقى
إن التأقلم مع الحياة الجديدة وفي جو جديد يحتاج لصبر ومثابرة..
حاولنا جميعا أن نتناسى ما مضى ونبدأ حياتنا الجديدة وبهمة ونشاط
أذكر أن أول شيء عانينا منه هو الاستيقاظ لصلاة الفجر!!
هذا هو الواقع!!
حينما كان يؤذن الريس وهو لقب مؤذن الجامع الكبير..
كانت سماعات المسجد ترن في آذاننا فيقوم الطلاب جميعا..
حيث أوصلت لمنائر السكن سماعات أمر شيخنا بوضعها ..
فلا يبقى لأحد حجة على فوات الصبح..
بل كان الشيخ رحمه الله إن رأى وهو في طريقة للمسجد .. نافذة مضاءة وظن أن أحدا غرفته ولم ينزل للصلاة
يصعد إليه فيضرب عليه الباب ليوقظه للصلاة ..
وكم مرة فوجئت بقرع الباب فأجد الشيخ أمامي!!
فلا تهاون عند الشيخ في ذلك..
أما هنا فالوضع مختلف!!
يؤذن مؤذننا بارك الله فيه بصوت لا تكاد تسمعه..
وكان رجلا مسنا ..
ونحن غالبا نسهر للمذاكرة كعادة الطلبة..
ومن المعيب أمام الله ثم عباده أن يظهر طلبة العلم أمام الناس
بأنهم أكسل الناس عن صلاة الفجر ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #144  
قديم 03-06-2006, 04:10 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

اسمحوا لي أن اروي لكم إحدى معاناتي مع المنبهات..
اشتريت لسكني الجديد منبها فكسرته مرارا وأنا نائم لا أشعر!!
كانت تصيبني كآبة حينما استيقظ بعد خروج الناس من المسجد..
وتزيد كآبتي حينما أرى شيخنا في الظهر فيقول لم أرك فجر اليوم!!
فأرخي رأسي حياء وأخبره أنني نمت عن الصلاة!!
فيعرض الشيخ عني معاتبا لتكرر ذلك مني!!
كان الأخ سعود في أول الأمر أخفنا نوما ولكنه رجل حيي يطرق الباب
بأدب ثم ينصرف.
فلا يغني ذلك عني شيئا..
وليته خلع الباب وأيقظني فلا ألومه..
حينما تكررت الحال ..
ذهبت لمحل الساعات فقلت للعامل..
أعطني منبها قويا يصدر صوتا مزعجا !!
كان رجلا لبيبا فيما يظهر..
قال : أكيد عندك مشكلة في النوم !!
عندي لك ساعة ممتازة تصدر صوت مزعج وإغلاق المنبه يحتاج لشخص
مستيقظ!!
يعني ماذا ؟؟
قال : جرب وسترى!!
نقدته 120 ريالا!!
وأخذت ذلك المنبه السحري..
حينما رن فجرا قبل الأذان أصدر صوتا مهولا يذكرك بجرس المدارس ..
قفزت من فراشي وبحثت عن مكان الإغلاق في المنبه فلم أجده !!
بقي المنبه يصم أذني وظننت أن الجدار سيسقط من صوته حتى هممت أن
أرطمها به لتلحق صاحباتها!!
ولكنني استيقظت وهذا هو القصد!!
ذهبت للعامل ضحى وقلت له : كيف أغلق هذه الساعة يا رجل؟؟
ضحك وقال: هنا وأشار لموضع الإغلاق حيث صنعت الشركة موضعا
تحتاج لمعاناة ومشقة بضغط عدة أزرار وعلى كل فقد انتشرت ويعرفها
من يعاني مثل معاناتي حينها!!
يقولون إذا كثر المساس قل الإحساس ..
بعد مدة اعتدت على صوت جرس تلك الساعة بحيث أنني لم أعد استيقظ
على صوتها المروع !!
فمن أين لي بساعة أخرى!!
جلست مع سعود وأحمد وقلت لهما أنا عجزت في أمري رجاء ابحثوا لي
عن حل ..؟؟
فاشتكيا أنهما صارا يعانيان مثل معاناتي وبأنهما بسبب السهر والبرد
تفوت عليهما الصلاة مرارا ..
قررنا في تلك الليلة أن نربط الساعة بحبل فوق مروحة الغرفة!!
ونجرب ذلك فمن يستيقظ أولا يوقظ الآخرين !!
في اليوم التالي سمعت جلبة في الغرفة المجاورة
فدخلت على جيراني
فرأيت سعود وأحمد يقفزان كالمجانين كل يريد الوصول لتلك الساعة
الرهيبة ليغلق صوتها الذي يصم الآذآن!!
لا أنسى أبدا منظرهما المضحك وهما يصرخان ويولولان ..
حتى انزلاها ..
وقالا لي :خذ ساعتك هذه لا نريد أن نراها مرة أخرى ..!!
سامحوني إخوتي فقصة الساعة والاستيقاظ تلك وجدتها ملقاة بالذاكرة أحببت
ذكرها ليقرأها أبنائي ومن قد يهتم ..!!
أذكر مرة أنني في الطائف قبل أن انتقل للقصيم أنني طلبت من إحدى
أخواتي أن تربط يدي بالطاولة حتى لا أغلق المنبه الذي بجواري ..
ظنتني جننت ولكنها أذعنت لطلبي..
فنجحت تلك الفكرة لأيام قبل أن اكسر الطاولة!!
وهذه حيلتي تلك الأيام والله المستعان على زمن الطاعة والتعبد!!
__________________









الرد مع إقتباس
  #145  
قديم 05-06-2006, 08:52 AM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وضعنا لنا سعود وأحمد وأنا
برنامجا صارما في الدراسة ..
كل بحسب رغبته وتوجهه وطريقته في التعلم ..
أخونا احمد كان يجلس وقتا طويلا بمسجد الجعيفيري المجاور..
يراجع محفوظاته وهو محب للعزلة من طبعه..
وحصل محفوظات جيده ..
وسعود انشغل بدراسته وكتبه وجامعته حيث كان طالبا بجامعة الإمام..
وأنا أكملت برامجي التي اعتدت عليها وبحوثي
كان اللقاء بيننا تقريبا على الطعام وجلسات بسيطة غير منظمة..
لكن نبتت بيننا لحمة ومودة كبيرة نمت مع الأيام..
ولا تخلوا أبدا من الخلاف والنزاع والهجر أحيانا !!
وقد كنا جميعا في مقتبل العمر والحياة تجارب ولكن يعلم الله أنني أكن
للأخوين سعود واحمد من المحبة والمودة مالا يمحوه الدهر ..
وأحن لتلك الساعات والأيام كما تحن الأم على ولدها ..
فسقى الله تلك الليالي والأيام..
ومصدر الخلاف إن وجد فهو تافه ولا يذكر بوزن الآن..
كانت تدور بيننا نقاشات علمية ومحاورات قد تتطور حتى تصل حد
الخصومة..!!
وهكذا هو جو طلبة العلم المستجدين حوار ونقاشات ..
فيعود أحدنا لمراجعه وينقب عما يؤيد رأيه وفي اليوم التالي يلقي كل بما
عنده فلا نصل لنتيجة ..
فيبقى الواحد مخاصما لصاحبه لماذا لم يتبع رأيي!!
كنا أغرارا وقليلو الخبرة وهكذا الحياة لا تتعلم منها سوى بعد فوات
الأوان!!
أذكر مرة أنه زار الأخ سعود أحد طلبة العلم في شقتنا
ولم أكن اعرف الرجل من قبل
وفي تلك الأيام انتشر في الأسواق كتاب للشيخ الألباني أثار ضجة هائلة
بين طلبة العلم ..
حول حكم تارك الصلاة..
و كنت قد دونت بحثا أتعصب فيه لرأي شيخنا المشهور في المسألة وهو
الحق الذي لا شك فيه عندي
وتتبعت فيه أدلة الشيخ الألباني رحمه الله..
ودونت تعليقات عليها وملاحظات ..
فكنت مستوعبا للمسألة ومدركا لكثيرا من تفصيلاتها ..
وكأني لمحت من الطالب ذلك انه يميل لرأي الألباني..
وكان سعود محتفيا به فهو ضيفه ويعرف حدتي فلا يريد أن يفتح بابا
للنقاش والذي يعرف حق المعرفة خاتمته..
ولكنني اندفعت عليه وأخذت أسرد عليه من النصوص والشواهد والحجج
ما جعله بتلجلج ويخرج من المجلس مغضبا ..
فأخذ سعود في نفسه علي وقال لي: يا أخي ليس هذا وقته!!
ومع ذلك فلم تكن تلك المواقف البسيطة والتافهة لتؤثر في حياتنا فلدينا
من الذكريات والجلسات المفيدة والمواقف الحميدة ما لا يكاد يحصر
لم يكن الأخ سعود وأحمد معتادان على الخلطة بالشيخ ..
ولقد كنت خير سبيل لهما في ذلك ..
كان شيخنا رحمه الله يدخل شقتنا في الشهر مرارا..
وكان يدعونا دوما لبيته إن جاءه ضيف ..
وكم عادنا إن مرض أحدنا وبعث لنا من طعامه وهداياه وصلاته التي لم
تنقطع فقد عدنا جيرانه من وجهين ..
جيرانه في بيته القديم والذي عاش فيه اغلب عمره ..
وجيرانه في بيته الحديث والواقع في نهاية الشارع ..
في إحدى زيارت الشيخ للشقة قلت له :ارغب يا شيخ في شراء وسائد
لكي نتكيء عليها من برد الجدران وإن جاءنا ضيف تجملنا معه!!
فقال : ليس هذا بضرورة !!
ويكفيك أن تضع قماشا أو شيئا خلف ظهرك وبذلك تتكيء عليه!!
رحمه الله ما أبسطه وأزهده بزخارف الحياة..
ولكنه في النهاية سمح لي بشرائها !!
ولم تمر شهور بعد ذلك حتى بدلنا المكان فصار يأتينا الزوار ويقولون
لنا..
كأنكم لستم بعزاب !!
يتبع إن شاء الله
__________________









الرد مع إقتباس
  #146  
قديم 05-06-2006, 08:58 AM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة التاسعة والستون
المواقف كثيرة فدعونا نحكي ما يعجل بالحكاية ويوصلنا لنهايتها على لا
يدخل الملل على القراء الكرام..
وقد يكون بعضكم يرغب أن أفصل أكثر وأن أجعلها كأنها مذكرات يومية
ولكن هيهات..
دون ذلك تنقطع الأعناق فوالله ما أدونه هنا يسقط من رأسي دون أن
ارجع لشيء مكتوب ..
فلا يلومني لائم في تقدم بعض الأمور وتأخر البعض فهذه حيلتي والله
المستعان..
اتسعت مكتبتنا يوما بعد يوم وهذا ما سهل علينا معاناة التنقل
للمكتبة والبحث في المراجع..
كنا نجتمع والإخوة الأفاضل سعود وأحمد في المكتبة فنراجع ويقرأ كل
كتابه أو يراجع حفظه أو يدون بحثه ..
ما أحلى تلك اللحظات الدافئة حينما نستيقظ في الصباح الباكر وخاصة في
الإجازات فنشغل المدافيء في برد عنيزة القارص وينكب احدنا على كتابه
فيغرق فيه فلا يرفع رأسه حتى أذان الظهر!!
ونحن والله لا نشعر بالملل ..
وليس ذلك بالدائم على كل حال !!
فمراحل الفتور والضعف لا بد منها ..
لا أنسى تلك الوجبات الدافئة من طعام الحنيني !!
وهو من الوجبات الشعبية في القصيم والتي كنا نشتريها من المحلات
وهي مغلفة وجاهزة..
فنطبخها على موقد كهربائي متواضع فلنتهم تلك العجينة المخلوطة بالتمر
والزبد والقشط فتعطيك الطاقة وتذهب الجوع وتشعرك بالدفئ ..
فتبقى شبعان نشطا طوال نهارك!!
أما عن أوقات الفراغ وما اقلها فكنا نقظيها سويا في زيارة المزارع
المحيطة بعنيزة وما أكثرها فكنا نتنزه ونسير بين النخيل الباسقة والظلال
الوارفة ..
ذهبنا مرارا لمزرعة الشيخ عبد الله الجلالي والتي هي مفتوحة لكل من
يريد دخولها..
فنسبح في بركتها الكبيرة ..
خرجنا في رحلات بسيطة واستأجرنا سيارة جيب سوزوكي!!
أو كنا نستعير من أحد الإخوة سيارته فنخرج لصحراء عنيزة فنطعس
فيها فلا تسل عن تطعيس أهل الحجاز في نجد!!
لم تكن حياتنا تسير على رتابة واحدة فنحن بشر ..
نعيش في جد وهو غالب شاننا والحمد لله ..
ونخلطه بالهزل والاسترواح أحيانا ..
كنت قرأت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله انه كان يقول عن نفسه
كنت أقرأ في تفسير الآية مائة تفسير فربما عسر علي من فهما فأخرج
وأسير في المزارع أو قال في الطرقات وادخل المساجد المهجورة أو
القديمة وأتمرغ في ترابها وابكي وأقول: يا معلم آدم علمني ويا مفهم
سليمان فهمني..
ولقد فعلتها مرارا كما كان يفعل الشيخ حيث كانت تضيق علي بعض
المسائل ..
فيفتح الله علي بذلك فتحا عظيما والحمد لله ..
ولقد سألت شيخنا رحمه الله عن معنى قول الشيخ : مائة تفسير ..
فقال : يقصد شيخ الإسلام مائة تفسير بمعنى مائة قول ..
فمن المستبعد أن يقصد الشيخ مائة كتاب في الآية الواحدة فهذا ما
يستحيل تخيله .. وهذا نظير قول العلماء عن حفظ الإمام أحمد انه حفظ
ألف ألف حديث !!!
فالمقصود هو الروايات والأسانيد لا عدد النصوص المروية ..
والله اعلم ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #147  
قديم 06-06-2006, 07:54 AM
على رسلك على رسلك غير متصل
سـحـابة ظــــل
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 6,053
إفتراضي


أختي الغاليه كونزيت ما زلنا نتابع هذه الرحله الطيبه

ولك كل الشكر على مجهودك الطيب ...
__________________
الرد مع إقتباس
  #148  
قديم 06-06-2006, 01:27 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

كم يسعدني أنك من المتابعين أخيتي الحبيبه على رسلك

.................................................. ............................

تكملة القصة


زارنا في تلك الشقة المتواضعة إخوة كرام بقيت ذكراهم العطرة في الذاكرة
حتى يومي هذا ..
منهم الشيخ الفاضل مصطفى العدوي بارك الله فيه ولي مع هذا الرجل
مواقف جميلة سأذكرها في حينها إن شاء الله ..
ممن كان يعودنا دوما جارنا إمام المسجد الأخ عبد العزيز السليم
وكم سمعته مرارا يقول للأخ سعود وأحمد : هل تأتي امرأة للمنزل فتنظفه
لكم؟؟
لما يراه من ترتيب وتنظيم فيها لم يعهده من العزاب!!
هذه شهادة ..
كنت مدمنا للبحث العلمي وقد شجعني شيخنا على ذلك بل كان يكلفني تقريبا كل
يوم بكتابة بحث بسيط عن مسألة ثم يقرأ بحثي وقد يعلق عليه ويشرح..
وخصوصا تخريج الأحاديث ..
سمعته مرارا وقد قالها علنا في دروسه ..
أنه ندم على عدم اشتغاله بعلم الحديث حيث لم يكن في نجد في تلك الفترة
أي اهتمام يذكر بهذا العلم العظيم ..
كنت اجلس في تخريج الحديث الواحد وجمع رواياته وأسانيده والحكم على
كل سند ورجل وطبقة فأبقى اليوم واليومين حتى اسلم البحث للشيخ
فيقرأه ثم يعلق عليه بالكتابة أو شفهيا فيقول : لا ،زده بحثا أو هذا يكفي
أو نحو ذلك ..
وكم كنت أغتبط حينما يعلق بالقبول على ما قلته ويؤكد ما توصلت إليه
والحمد لله ..
خير من استعنت به من طلبة الشيخ في هذا المجال هو الأخ زياد النشيري
وهو شاب جمع الله مكتبة حديثية لا يوجد على ما أظن مثيلا لها في عنيزة بين طلبة العلم..
كنت أعوده في غرفته الباردة دائما في السكن!!
أو في عزبته الجديدة فيفتح لي مكتبته بارك الله فيه فأقلب مراجعها
واستعين به إن فرغ فأجد بغيتي عنده ..
كان الأخ زياد يتعجب مني أحيانا حينما يراني أكاد اقفز من الفرح حينما
احصل بغيتي بعد عناء ومشقة !!
شعرت مرارا أنا والأخ سعود وأحمد بضعفنا الكبير في جمع فقه الإمام احمد..
حيث أننا نرغب في معرفة المذهب على الخصوص ..
كنا ندرس لدى شيخنا رحمه الله فقه الإمام أحمد في الزاد ولكن يختلط
علينا أحيانا مذهبه بالمذاهب الأخرى ..
فحاولنا أن نجد طريقة لدراسته على انفراد على احد مشائخ عنيزة
المعتبرين..
قام الأخوين الكريمين بزيارات ومحاولات مع احد شيوخ عنيزة
وهو الشيخ محمد بن عثمان القاضي ..
وهو من تلاميذ الشيخ ابن سعدي ومن تلاميذ شيخنا أيضا .. ولكنه اعتذر ورفض!!
وقال : لا أستطيع..
وكم زرناه وتوددنا له ولكنه أصر بالرفض..
ولعله ظننا غير جادين في المسألة ..
كانت قضية ضبط المذهب لوحده أمنية لي لم تتحقق حتى هذه اللحظات
والله المستعان ..
رغم ما حصلته من علم شيخنا من شرح الزاد فهو خير والحمد لله ..
في تلك السنة أو التي تليها ..
حدث حفل السنة ..
حيث أعلن في بريدة عن قرب تخريج عدد من طلبة العلم الذين حفظوا
الكتب الستة !!
حينما سمعت من طلبة العلم ممن يذهب لبريدة عن ذلك البرنامج ظننته
مبالغة ..!!
قلت في نفسي : البلوغ أو العمدة أما الكتب الستة فمن سيحفظه في هذا الزمن!!
سوى ما سمعته عن الشيخ عبد الله الدويش رحمه الله .. فهو فريد
زمانه.. هذا ما اعتقدته..
أعلن عن حفل السنة قبل أسبوع ..
وتسامع الناس بذلك ..
وأذكر أن الحفل كان يوم ثلاثاء..
قبل الحفل بيوم أو يومين قيل لشيخنا في الدرس : يوم الثلاثاء ليس هناك
درس أليس كذلك ؟؟
قال : ولم ؟
قيل : حفل السنة!!
قال الشيخ : لم ادع له!!
وجم الطلاب وشعرت بخيبة في نفسي والله من هذا التصرف الغريب..
فقد سمعنا من الاستعدادات لهذا الحفل والدعوات التي وجهت للعلماء
الكبار في أقطار العالم وعلى رأسهم سماحة الشيخ ابن باز وغيره من جلة
العلماء ثم نفا جيء أن الشيخ ابن عثمين لم يدع !!
على كل الموضع له قصة سأحكيها بتفصيلها في الحلقة القادمة
يتبع إن شاء الله..
__________________









الرد مع إقتباس
  #149  
قديم 06-06-2006, 01:35 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

بهذه الحلقة وهي الحلقة التاسعة والستون أُسْدِل الستارُ على رحلة أخينا الشيخ الفاضل مازن بن أحمد المنسي الغامدي الملقِّبِ نفسَه بمالكٍ الرحبي، حيث وافته المنية في اليوم الثالثَ عشرَ من شهر ذي الحِجة من عام ستة وعشرين وأربعمئة وألف من هجرة خاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، الموافق للثالثَ عشرَ من شهر يناير من عام ستة وألفين من الميلاد، وكان بين وفاته ووفاة شيخه خمسُ سنوات وشهر وثمانية وعشرون يومًا. رحمهما الله وأسكنهما الجنة وفسح لهما في قبريهما، وخلفهما في عقبهما. آمين.
__________________









الرد مع إقتباس
  #150  
قديم 06-06-2006, 01:42 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

كان هذا أصعب وأثقل جزء نقلته لكم ...لا لشيء إلا أني كرهت أن أسوءكم

وقد نقلت القصه كما وصلتني بدون تغيير

فرحم الله مازن الغامدي .....لم نعرفه إلا بعد موته وها نحن نبكيه وندعو له ولا يضره عدم معرفتنا به.

كم تألمت لكثرة المواقف في القصة والتي قال فيها أن هناك قصة سيحكيها لاحقاً..!!!

ولعل بعضاً من إخوانه وأصحابه وأبنائه ينقلون لنا يوماً شيئاً عنه....


ألقاكم بخير
__________________









الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م