مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #81  
قديم 16-05-2006, 03:09 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وصلت للطائف ومنذ دخولي للمنزل ورؤية الوالدة الكريمة والوالد والإخوان
والأخوات نسيت كل ما مر علي من تعب ومشقة وإذلال ..
أول شيء فعلته بعد ذلك أنني اتصلت على الشيخ لأخبره بوصولي..
حيث أمرني هو بذلك ..حتى يطمئن من وصول الأمانة التي في عنقه لأصحابه
اتصلت عليه وسلمت عليه وبلغته بوصولي فتعجب حينما علم أنني لم أصل إل
بعد يومين!!
قلت له : ياشيخنا الحكاية طويلة وخلها على الله تعالى .. الحمد لله أنني وصلت
ثم ناولت الوالد السماعة والوالدة فكلمهما وسلم عليهما وقال للوالدة:
الله يجعله قرة عين لك!!
بقيت في الطائف عدة أيام واستمتعت فيها أيما استمتاع حيث أن الشمل قد
اجتمع بفضل الله ثم بفضل الشيخ..
لم يحدث شيء يستحق الذكر في تلك الأيام ،
استأذنت والدي ونزلت لمكة بعد أيام ..
لكي أقابل شيخنا هناك.. وأكون برفقته ..
في اليوم الموعود أحرمت من بيتنا ومررت بالميقات ومنه لبيت للنسك
ووصلت لمكة قبيل صلاة الظهر تقريبا ..
وكان موعدي مع الشيخ أن ألقاه قريبا من محراب الإمام حيث سيصلي خلفه
لمحت الشيخ وهو بالإحرام يسير متوجها لمقصده ومعه الأخ علي السهلي ..
وحدث موقف طالما تكرر معنا ..
حينما اقترب الشيخ من الصف الأول تقدم له جندي من الجنود ودفع الشيخ
وقال : صل ياحجي هناك!!
ولم يعرف الشيخ طبعا..
فتقبل شيخنا الأمر واستدار وأراد أن يرجع ،فلمحه المشائخ في الصف الأول
فعرفوه ..
فلحق عدد منهم الشيخ وأرجعوه وعنفوا الجندي المسكين ..
شيخنا رجل بسيط ولا يحب التعقيد وكثرة النقاش ..
أذكر مرة أننا كنا نريد الدخول لمواقف السيارات بجوار الحرم ..
فردنا الجندي وأبى كل الإباء أن يسمح لنا بالمرور ..
فرجعنا ولم ندرك الصلاة في الحرم بسببه ..
وكان بالإمكان أن نتصرف معه بوسائل أخرى!!
ذات مرة في طريق المدينة القصيم أوقف الشيخ رجل أمن ومعه أخاه عبد
الرحمن .. فقال له العسكري : هات هويتك ؟؟
فقال الشيخ : هويتي في حقيبتي وهي خلف السيارة!!
فقال العسكري: انزل وجب الهوية من الحقيبة ..!!
فترجل الشيخ وفتح الحقيبة وأخرج هويته للعسكري ..
فنظر لبطاقة أحوال الشيخ فقال : وين صورتك؟؟
وللعلم هوية الشيخ بدون صورة مكتوب مكان الصورة ( معفى) !!
فقال الشيخ : أنا معفى من التصوير!!
فقال الجندي وشك في القصة: ليش ؟؟
أول مرة يمر علي شخص معفى من التصوير!!
فقال الأستاذ عبد الرحمن : هذا الشيخ ابن عثيمين!!
فما عرف الرجل الشيخ وقال مستهزئا: كلكم شيوخ !!
وبالكاد أرجع الهوية وسمح لهم بالمرور !!
__________________









الرد مع إقتباس
  #82  
قديم 16-05-2006, 03:11 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وهذه قصة قريبة حدثت لمجموعة من طلبة العلم من الأردن ..
وعددهم ثلاثة..
حيث ذهبوا لأداء العمرة وحضروا دروس شيخنا رحمه الله في مكة
وفي طريق عودتهم للأردن حدث لهم حادث مروري في المدينة واصطدمو
بإشارة مرور بسيارتهم العتيقة فأتلفوا الإشارة ولم تعد صالحة للاستعمال ..
فتحفظت عليهم إدارة المرور وأمر الضابط بحبسهم حتى يستوفى منهم قيمة
الإشارة كما هو النظام..
فمكثوا في الحبس عدة أيام دون نتيجة أو عفو وحاولوا وتلمسوا أن يسمح لهم
الضابط بالسفر للأردن وسوف يجمعون له مبلغ الإشارة التالفة ويحولونه له
بعد التعهد بذلك..
فرفض الضابط وقال لهم : يجب أن تدفعوا القيمة أو سوف أحيلكم للمحكمة !!
عندها قال أحدهم : لما لا نتصل على أحد المشائخ ونطلب منه العون فنحن
عابروا سبيل ولعل الله ييسر لنا فكاكا من الكرب الذي نحن فيه..
فوقع اختيارهم على الشيخ محمد لقرب العهد به ولعلمهم أن الشيخ لن يقصر
معهم إن شاء الله ..
ولكن المشكلة كيف سيصلون للشيخ؟؟
نادوا على الضابط واجتمعوا به في مكتبه وقالوا جميعا : نريد نتصل على الشيخ
ابن عثيمين !!
فقال : هل عندكم رقم هاتفه قالوا : لا !!
فقال : أعطوني اسمه كاملا !!
فقالوا : اسمه محمد بن صالح العثيمين .. فاتصل على آمر السنترال
فأعطاهم الرقم ..
وبعد معاناة ومحاولات مضنية لانشغال الخط رد الشيخ على الهاتف ..
فتكلم أحد الشباب من المجموعة .. وشرح للشيخ الموقف وأنهم طلبة علم
قد حبسوا بسبب الحادث ..الخ القصة..
فقال الشيخ : هات الضابط أتحدث معاه !!
فتحدث الشيخ مع الضابط واستوثق منه ، فأكد على ما قالوه ..
فقال له الشيخ : أطلق سراح هؤلاء الشباب وسوف أضمن لك كل المبلغ !!
فقال الرجل : والله لا استطيع إطلاقهم حتى يصلني المبلغ ..!!
فقال الشيخ : أنا ضامن لك أن يصلك المبلغ غدا إن شاء الله دع هؤلاء يذهبون
لأولادهم وذويهم ..
فأبى الرجل وأصر على ذلك ..
فقال الشيخ : ما اسمك لو تكرمت ..؟؟
فأعطاه اسمه وحدد له طبيعة عمله .. ثم أغلق الشيخ السماعة..
بعد مرور فترة من الوقت رن جرس ذلك الضابط ..
بعد أن ارجع الفتية للحبس..
فكان المتحدث من الطرف الثاني مدير عام مرور المدينة ..
فقال : هل اتصل عليك ابن عثيمين قبل قليل وطلب منك أن تطلق السجناء
فأبيت؟؟
قال : نعم ..
فقال : اتصل علي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز بنفسه ويقول لك
أطلق هؤلاء الشباب فورا .. وقال : هذا ابن عثيمين لو يأمر على كل شيء
لأطعناه!!
فأطلقوا سراحهم ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #83  
قديم 16-05-2006, 03:13 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة السابعة والأربعون
حينما صلينا الظهر ذلك اليوم اقتربت من شيخنا وكان حوله حشد من الناس
فلما أبصرني نظر إلي نظرة أنكرتها !!
فسلمت عليه فقال لي هامسا في أذني: هل أخذت شيئا من شعر لحيتك؟؟
فقلت : أبدا والله !! لماذا؟؟
فقال : كأني ألاحظ أنك خففت منها!! ثم أكمل كلامه وقال:
ولتعلم أني قربتك مني لعلمي أنك صاحب دين ،وتتعلم لتعمل بعلمك!!
كانت تلك كما يقولون ضربة معلم ، وتوجيها لا أنساه أبدا ،ولا يفوتني القصد والغاية منه !!
والمعروف أن شيخنا يفتي بتحريم اخذ شيء من اللحية كما هو قول جمع من الفقهاء..
ابتدأنا في أداء المناسك من الطواف وكان الزحام شديدا والجو خانقا، مع أننا في موسم الشتاء!!
انتهينا من أداء العمرة ثم توجهنا لمكان استراحتنا وهي شقة تابعة لأحد الإخوة واسمه محمد الغامدي .. وهو كابتن متقاعد ورجل فاضل من سكان جده..
كنت أنا والأخ علي السهلي مكلفين بتنظيم برنامج الشيخ وتسجيله على أوراق
طوال فترة بقاءه في مكة ..
والبرنامج اليومي تقريبا سار بوتيرة واحدة ولا يختلف طوال بقاءنا إلا ما ندر
وبالجملة هو كالتالي : الصلاة فجرا في الحرم قريبا من كرسي الدرس في الطابق الثاني من الحرم ، ثم إلقاء الدرس والإجابة على الفتاوى المقرؤة حتى شروق الشمس ، ثم التوجه للسكن للنوم حتى قريبا من الظهر ..
ثم نتوجه للحرم لصلاة الظهر ...
ثم يعود الشيخ لغرفته في الحرم ليستقبل الفتاوى من الهاتف لساعة وبعدها
يقيل حتى قريبا من أذان العصر .. بعد العصر تفتح بوابة الغرفة للزوار
والطلاب والمحتاجين وذلك حتى أذان المغرب .. ويفطر الشيخ مع الناس على
تمرات وقهوة وماء زمزم ، وشيئا من العصيرات إن أمكن إدخالها !!
ثم بعد الصلاة يتوجه الشيخ لمن حدد في البرنامج ويشترط فيهم شرطان:
أن لا يكون بعيدا عن الحرم .. وثانيا أن يوافق عليه شيخنا
وغالب من يدعو الشيخ هم من المشائخ والعلماء وكذلك عدد من الأمراء وأصحاب
الشيخ وأقاربه ..
ثم يتوجه الشيخ للحرم لصلاة العشاء والتراويح .. وذلك في الطابق العلوي
( السطوح ) قريبا من كرسي الدرس ..
ثم بعد الصلاة يتوجه الشيخ لكرسي الدرس ويلقي الدروس ويجيب على
الفتاوى حتى ينادى على صلاة القيام ..
فيصلي مع المسلمين حتى يختم بالقنوت ..
ثم يتوجه لطعام السحور وذلك حسب البرنامج المحدد والمكتوب ..
وهكذا طوال أيام العشر الأواخر .. حتى عودته للقصيم ..
الإنسان حينما يروي ويحدث الناس عن ذكرياته ومواقف حياته مثله مثل
الراكب على قطار سريع يسير في درب محدد ولوجهة مقصوده ..
والراوي يتلفت يمنة ويسرة ثم يحكي للناس ما استطاع بصره أن يعيه ويتلقفه !!
ولا يظنن ظان انه سيقدر على الإحاطة بكل ما رآه ويشاهد فهذا مما تفنى
الأعمار القصيرة ولا يفنى .. والله ييسر ويعين على ما تبقى..
في ذاكرتي عن تلك الأيام صور شتى مبعثرة وغير مرتبة أنزعها من أطراف
الذاكرة وأطارد تلك ، فأمسكها وألقيها في دفتري بعد نظمه ،وتفوتني أخرى
فلا يمكنني اللحاق بها فهي طريدة صعبة المراس !!
ويحتاج الوصول إليها لجهد لعل الله مع الأيام يمكننا منها!!
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في مقدمة ذكرياته ( فهذه ذكرياتي .
حملتها طول حياتي ، وكنت أعدها أغلى مقتنياتي لأجد فيها يوما نفسي ،
وأسترجع أمسي ، كما يحمل قربة الماء سالك المفازة لترد عنه الموت عطشا ولكن
طال الطريق ، وانثقبت القربة . فكلما خطوت خطوة قطرت منها قطرة
حتى إذا قارب ماؤها النفاد وثقل علي الحمل وكل مني الساعد جاء من يرتق
خرقها ويحمل عني ثقلها .. الخ كلامه النفيس رحمه الله..
__________________









الرد مع إقتباس
  #84  
قديم 16-05-2006, 03:14 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

ومع أنني والحمد لله ما زلت في عز شبابي ولم ابلغ ما بلغه الشيخ علي رحمه
الله في سنه إلا أنه وللأسف لم يبق في ذاكرتي مما يفيد وينفع الناس سوى
القليل النادر ..
كما سبق وذكرت كان البرنامج طوال الأيام العشر يسير بنمط واحد ..
وحيث أن الأخ علي قد سبق له أن رافق الشيخ فقد تولى تسجيل من
يدعونا، في دفتر أو ورقة يحملها معه فكان الشيخ يقول له ..
سجل عندك غدا السبت عند الشيخ عبد الرحمن السد يس .. والسحور عند
الشيخ عبد العزيز الحميدي وغدا عند فلان وهكذا ..
مما أذكره في تلك الأيام عدد من المواقف ..
كما لا حظتم لا ينام شيخنا طوال الليل إلا أن يغفو قريبا من النصف ساعة إن
وجد لها متسعا من الوقت قبل السحور..
ذات يوم لم أتمكن أنا و شيخنا من النوم نهارا بسبب شغل ما ، فأثقل ذلك
علينا جدا فكنت أذهب للمسجد للصلاة أو لقراءة القرءان أو لاستماع الدروس
فتغلبني عيني فأنام ولا استطيع القراءة أو الإصغاء ..
غير أن المشقة الأكبر هي على شيخنا رحمه الله فهو لا يجد فرصة ليستريح
لكثرة الناس والمحتاجين ..
فتحنا الأبواب للناس كما هو العادة في عصر ذلك اليوم وجلس الشيخ للناس
والمحتاجين وللفتاوى عبر الهاتف ..
ولا تسل عن حال شيخنا المسكين فقد كان يرفع سماعة الهاتف ويستمع لسؤال
السائل فينام وتسقط سماعة الهاتف من يده فيرفعها ويقول : أعد سؤالك فينام
ويكاد يسقط على وجهه دون أن يشعر..
وكان السائل يجلس بين يدي الشيخ فيكلمه والشيخ ينصت له ولكن النوم يغلبه
فينام ويبقى السائل حائرا ولا يدري ما يفعل حتى أغمز شيخنا فيستيقظ فيقول
: أين كنا؟؟
واستمر شيخنا في برنامجه حتى اليوم التالي وصمد للناس حتى بلغ به الإعياء
حدا لا يوصف..
وكانت القاصمة فجر اليوم التالي .. حيث أن الشيخ رحمه الله نام وهو يستمع
لقراءة الأسئلة وحوله الجمع الهائل من المستمعين والمقدر بالآلاف وكل يشهد
هذا الموقف وقد يذكره بعضكم !!
.. ولقد كان يتوقف أحيانا في الدرس فيغفو لثوان معدودة ثم يكمل حديثه في
موضوع مختلف .. حتى ظن بعض الجهال أن الشيخ خرف!!
أما أنا فاستمعت لبعض درسه فلم اقدر على التحمل فبحثت
عن زاوية في الحرم وتوسدت كتابي ونمت نوما عميقا ..
وظننت أني سأستيقظ قبل فراغ الشيخ من درسه ..
وهذا مالم يحصل ..
الذي حدث أن شيخنا حينما وصل للسيارة التي تنتظره عند الحرم ويقودها الأخ
علي التفت الشيخ حوله فلم يراني ..
وكان بإمكانه أن يذهب وسوف ألحقه فالدرب ليس ببعيد غير أن شيخنا لم
يفعل ذلك وليته فعل !!
قال لعلي : وين صاحبنا ؟؟
قال : والله ما رأيته ..
فرجع الشيخ من فوره لمكان درسه وهو بعيد عن موقف السيارة ،رجع
ليبحث عني والناس حوله ولا يعلمون مالذي يفعله الشيخ ..
بقي الشيخ يبحث عني لساعة من الزمن ..
حين ذلك استيقظت من نومي فتلفت حولي فوجدت المسجد شبه فارغ ..
فقمت وسرت في الأسياب على غير هدى كأنني مخمور من شدة التعب..
فالتقيت بالشيخ في منتصف الطريق وحوله عدد من الطلبة .. فقال لي:
أين كنت ؟؟ أنا ابحث عنك من ساعة !!
فخجلت والله خجلا لا يعلمه إلا الله .. ولم استطع أن أجيبه من الحياء
لكن شيخنا بسماحة نفسه ..
تجاهل الموضوع لعلمه بسبب ذلك وقال لي: النوم سلطان جائر!!
أنا شاب في قوتي نشاطي ومقتبل عمري وشيخنا رجل سبعيني ومع ذلك
يتحمل شيخنا مالم أطقه أنا أو غيري من الشباب ..
__________________









الرد مع إقتباس
  #85  
قديم 16-05-2006, 03:17 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

أذكر مرة في حج إحدى السنوات أن شيخنا لم يكن ينام خلال
أربع وعشرين ساعة سوى أربع ساعات تقريبا ..
ولقد كان يبلغ منه الجهد فينعس وينام وسماعة الهاتف في يده ..
فأقوم أنا أو أحد مرافقيه بغلق السماعة وفصل خط التلفون وترك الشيخ وحيدا ليستريح ، فيستيقظ ويقول أين الهاتف ؟؟
فنقول له : أجهدت نفسك ياشيخي نم قليلا..
فيقول : الناس محتاجة لمن يفتيها وأنا أنام؟؟
هات التلفون .. فيرغمنا على إحضاره ونحن نشفق عليه من التعب ..
من المواقف التي حصلت لنا تلك الأيام ..
من عادة شيخنا أن يتصدق على فقراء الحرم من الأفارقة وغيرهم ..
وهذا ما يفعله كل عام .. وعرف الناس عنه ذلك ..
فطلب مني أنا والأخ علي أن نستقبل الطلبات وندون الأسماء ونجردها ..
وحينما جاء يوم التوزيع وهو قبل العيد بيوم تقريبا ..
تجمهر عدد هائل من الأفارقة وغالبهم من المفتولين وأصحاب الأجسام الضخمة
وقوية البنية .. وكان لهم جلبة وضجيج فكنا ننادي على الأسماء فيدخل
الشخص لداخل الغرفة ويستلم ما ييسره الله له ..
غير أن الأمر خرج عن السيطرة ولم نقدر على ترتيبهم وتنظيمهم ..
وتدافع الناس واختلط الحابل بالنابل وخفنا على الشيخ وهو لوحده في الغرفة
ولم يشعر بما يحصل في الخارج ..
فجهدنا أنا وعلي أن ندخل الغرفة وبالكاد دخلنا ..
وأردنا أن نغلق الباب حتى يقل عدد الناس ويسهل تنظيمهم ..
ولكن المشاغبين لم يرقهم هذا التصرف فدفعوا على الباب حتى كادوا أن يخلعوه
حينها جاء شيخنا ورأى بنفسه الحال ..
فقال: خلاص أوقفوا التوزيع !!
لا يمكن أن نعطي الناس بهذا الشكل..
ولكن كيف سنغلق الباب .. فنحن اثنين نقف أمام مئات ..
فحاولنا جاهد ين أن نغلق الأبواب فلم نقدر .. بل تدافع الناس ودخل عدد منهم في داخل الغرفة ..
حينها استشط شيخنا غضبا .. وتقدم بنفسه ووقف أمام رجل أفريقي ضخم الجثة عظيم الرأس مفتول العضلات .. فوقف شيخنا أمامه ولا يكاد يصل بطوله لنصف جسده !!
وهو النحيل ضعيف البنية فأمره بالخروج !!
فكأن الإفريقي لم يفهم ولا يتكلم اللغة العربية ..
فقال له الشيخ : أخرج يارجل ..
فما تحرك من مكانه وصار يرطن بكلام لا نعيه ..
فحاول الشيخ دفعه وفحص في الأرض بقدميه والرجل ثابت كالجبل الراسي
فأشفقت على شيخنا منه .. فتقدمت إليه ولاطفته بالعبارة ومسحت على ظهره حتى خرج وكفانا الله شره ...
__________________









الرد مع إقتباس
  #86  
قديم 16-05-2006, 03:18 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة الثامنة والأربعون
من المشاكل التي كانت تواجهنا في الوصول للحرم هو إيجاد موقف لسيارتنا
وذلك أن سيارة شيخنا ليست فارهة..
وفرها لنا الشيخ صالح الزامل جزاه الله خيرا ..
وذلك بناء على رغبة الشيخ أن تكون من السيارات العادية البسيطة..
كما قلت إن الناس تغريها المظاهر وتلهبها الزخارف
فقلما نحصل من البوابين البسطاء على التقدير..
ولذلك نعجز أحيانا في التعامل معهم ..
ذات مرة مررنا بجوار بواب فقلنا له نريد أن نوقف سيارتنا بالمواقف ..
فقال : هل معكم تصريح ؟؟
فقلنا : لا ..
وحدثناه سرا وهمسنا في أذنه ..
اسمح لنا فمعنا رجل ذو قدر وعلم ..!!
فالتفت ورأى شيخنا و سيارته فقدر وفكر في المسألة بناء على ما رآه ..!!
أما إن مررت أنا أو علي بالسيارة بدون الشيخ فلو دقت أعناقنا فلن نحصل على
الأذن بذلك !!
بمناسبة ذكر السيارات ..
حين وصولي لعنيزة ..
كان لدى الشيخ سيارتان ..
الأولى سيارة مازدا بوكسي موديل ثمانين ..
وهي سيارة الشيخ ويحبها ويهتم بها ..
حتى أن قراطيس المقاعد حينها مازالت عليها في تلك السنوات..
أما ضرتها الأخرى من السيارات فهي وانيت داتسن باب واحد
ويقودها أبناء الشيخ ولقد رأيت الشيخ مرارا يركبها في تنقله في عنيزة
روى لي أحد الثقات ..
يقول منذ زمن بعيد حيث لم يكن شيخنا يملك سيارة ..
اتصل عليه الأمير سلطان بن عبد العزيز ودعى الشيخ ليزوره في مزرعته
المعروفة في القصيم..
فلبى شيخنا الدعوة .. واستأجر سائقا أعرابيا ويقود سيارة تاكسي توصله
لمزرعة الأمير..
فكان البروتوكول التابع للأمير قد رتب أن يستقبل الأمير سلطان
شيخنا من باب السيارة ..
فتوسطت تلك السيارة العتيقة سيارات الأمير وحشمه وضيوفه
فأصابها الخجل والحياء أمام أخواتها الفارهات الحسن ..
غير أن شيخنا لم يتأثر من ذلك..
فهو زاهد بالمظاهر ولا تحرك في مشاعره شيئا ..
فلما رأى الأمير الشيخ ورأى أنه قدم مع سيارة تاكسي ..
تغير وجهه وأشفق على شيخنا ..
وقال : ياشيخ محمد ،لا بد أن نشتري لك سيارة ..
فقال الشيخ : تعبرنا وتقضي حاجتنا ..
أنا مرتاح والله يغنيك ويجزاك خير..
ولقد روى لي شخص قصة وسألت عنها شيخنا فأكد لي ما حدث..
حيث أن أحد الأمراء بعث لشيخنا سيارة فارهة جدا هدية منه ..
إكراما للشيخ وحبا فيه ..
فرد شيخنا ذلك وشكر المهدي وقال : اعتبر هديتك وصلت وأعفني من
قبولها!!
شيخنا حينما يرد تلك الهدايا لا يقصد احتقار ما يهدى أو من يقدم
الهدية..
أبدا والله ..
غير انه رحمه الله رجل بسيط ويحب البساطة ولا يريد التكلف في
اللباس والمظهر أو المركوب .. عاش على ذلك ومات عليه ..
كما هو شأن سلفنا الصالح..
فرسولنا عليه الصلاة والسلام قبل هدايا الملوك والأمراء كما هو ثابت عنه..
وكان ابن عمر رضي الله عنه يقبل هدايا الملوك.. كما صح ذلك عنه..
وهو من هو في زهده وإتباعه لآثار النبي عليه السلام وسننه..
وللعلماء في ذلك تفصيلات وتقسيمات معروفة ..
يرجع لها من يريد الاستقصاء والبحث..
__________________









الرد مع إقتباس
  #87  
قديم 16-05-2006, 03:18 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

روى لي جمع من الناس ومنهم شيخنا بنفسه ..
أنه في عام 1407 للهجرة حينما زار الملك فهد رحمه الله وعفا عنه
منطقة القصيم ..
اتصل الملك على شيخنا وقال له : نريد أن نزورك في منزلك..
فرحب به الشيخ وقال على الرحب والسعة إن شاء الله..
فشقت المواكب الهائلة الطرق إلى بيت شيخنا وغصت بالجنود والعسكر
الطرقات في عنيزة .. ودوت صفارات الشرط..
وظن الناس أن المزور هو إحدى قصور عنيزة الفسيحة ..
فتجمعت الحشود لذلك الضيف الكريم..
وقال الناس: هنيئا لمن سينزل هذا الكريم في داره..
وما علم الناس أن شيخنا هو المقصود..
وأن بيته المتواضع هو قبلة الملك والأمراء ...
فلما ترجل الملك من سيارته ..
ونزلت الحاشية من المواكب..
تفاجأ الملك وحشده الكبير ..
أن الشيخ محمد يعيش في بيت من طين!!
فصعقوا من ذلك .. وتعجبوا واستغربوا ..
ولعلهم بلغهم الأمر فظنوه مبالغة..
فدخل الملك البيت .. وتجول بنظره فيه وفي جدرانه البالية ..
وسقوفه المتواضعة..
فما رأى شيئا يرد النظر ويملأ العين..
ولعل الذاكرة حينها عادت به لسنوات بعيدة جدا في صغره ..
حيث البيوت المشابهة في الرياض القديمة والدرعية ..
فشق ذلك على الملك وأبت عليه نفسه إلا المبادرة ..
فعزم على الأمر وعقد النية ..
وحينما دخل للمجلس ..
وجلس على الأرض مع الشيخ الكريم..
الذي هلل ورحب بالملك وضيوفه ..
بادره الملك قائلا:
يا أبا عبد الله لا بد أن تقبل مني هدية بسيطة..
ولم ينتظر جواب الشيخ .. وقال:
أريد ابني لك بيتا ..
فابتسم شيخنا ..
وقال : جزاك الله خيرا
ولكنني مرتاح في هذا البيت وخيركم وصل يا أبا فيصل وهديتكم مقبولة ..
ولكن أعفني من ذلك ..
فألح عليه الملك وأصر ..
ولكن شيخنا أبى..
وقال له: وجودك في منزلي هو أبلغ إكرام ..
فقبل الملك منه ذلك وعرف أنه رجل زاهد ومهما حاول معه فسوف يعجزه
ولقد زار شيخنا في هذا المنزل البسيط الملك سعود والملك خالد والملك فهد رحمهم
الله جميعا..
قال لي الشيخ مرة : والله لقد مر علي زمان لا أملك الريال الواحد في جيبي!!
وبعد سنين ابتنى شيخنا بيتا آخر بعد أن وسع الله عليه ..
ونزله منذ عام 1409 للهجرة وبقي فيه حتى وفاته.. رحمه الله ورزقه القصور
في الفردوس الأعلى..
__________________










آخر تعديل بواسطة كونزيت ، 16-05-2006 الساعة 03:26 PM.
الرد مع إقتباس
  #88  
قديم 16-05-2006, 03:20 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

نرجع لقصتنا!!
في تلك الدعوات التي يتلقاها شيخنا من المشائخ والعلماء وغيرهم..
تدور نقاشات وحوارات مع المشائخ فيخرج المستمعون والحاضرون بدرر ونفائس
لا تجدها في المجالس المعتادة ..
فوجود هؤلاء الصفوة يضفي على المكان ذوقا وطعما خاصا ..
ما رأيك بمجلس يجتمع فيه أسماء لامعة لخيرين ومصلحين ..
نحو .. الشيخ عبد العزيز بن باز ..
والشيخ ابن جبرين .. أو الشيخ عبد الله البسام أو الشيخ ابن منيع
أو مشائخ وأئمة الحرم كالسد يس والسبيل والشريم وابن حميد وغيرهم
أو الشيخ عائض القرني وسعيد بن مسفر وعبد العزيز الحميدي..
هذا الأخير وهو الشيخ عبد العزيز الحميدي
هو من أحب الناس وأقربهم لشيخنا..
و طالما استضاف شيخنا في بيته العامر بكرمه هو وأبناءه الأبرار
وعندي من الذكريات الجميلة في بيتهم العامر في العزيزية ما أجد لذته
حتى هذه اللحظات وبعد تلك السنوات المديدة ..
الشيخ عبد العزيز عالم جليل وهو أحد تلاميذ الشيخ القدماء جدا والذين
تتلمذوا على شيخنا في عنيزة قبل أن يعرف ويشتهر..
للشيخ عبد العزيز الحميدي مؤلفات جميلة ومفيدة ومنها كتابه الرائع
(التاريخ الإسلامي دروس وعبر ) وهو من أنفس ما قرأت في بابه..
وله درس معروف في إذاعة القرءان الكريم..
من يستمع للشيخ عبد العزيز ويصغي لنبرات صوته الهادئة وهو يقرأ تلك
الرياحين العطرة.. والنسائم العذبة ..
تجعلك تعيش وتنغمس في تلك المشاهد الجميلة والقصص الفذة الرائعة
عن سلف الأمة .. رضوان الله عليهم ..
كنا نمكث في بيتهم في أيام الحج وغيرها فلا نشعر بالغربة أو التكلف..
كنا كأننا في بيوتنا بل أحلى !!
من البساطة والسماحة وصفاء الروح وطهارة الباطن قبل المظهر..
هم كما قال حاتم الطائي...
أضاحك ضيفي عند إنزال رحله ويخصب عندي والمكان جديب..
وما الخصب للأضياف أن تكثر القرى ..ولكنما وجه الكريم خصيب
إن من أكثر اللحظات التي أرى شيخنا فيها مسرورا وسعيدا
هي تلك الساعات والليالي التي يقضيها في منزل الشيخ عبد العزيز وبين أولاده
__________________










آخر تعديل بواسطة كونزيت ، 16-05-2006 الساعة 03:29 PM.
الرد مع إقتباس
  #89  
قديم 18-05-2006, 03:58 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

روى ليش الشيخ عبد العزيز يقول:
تتلمذت في شبابي عند الشيخ محمد في عنيزة وذلك قبل انتقالي للعيش في مكة
فكنا نجد من الشيخ محمد مالا نجده لدى المشائخ الآخرين من قوة الحجة
ونصاعة البيان والاهتمام بالدليل ونصرة أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه
ابن القيم رحمهما الله ..
فلما انتقلت للرياض لإكمال دراستي النظامية ..
افتقدنا الشيخ محمد وأسلوبه الفذ ..
ولم نجد في الرياض ما كنا نجده في علم الشيخ ..
فعلماء الرياض حينها ساروا على الأسلوب القديم في التعليم
وهو أن يقرأ على الشيخ فيعلق تعليقات بسيطة دون استرسال وبسط في المسألة
فيمر عليها مرورا سريعا دون بحث متعمق وهو ما كنا نجده عند الشيخ محمد
فأثر ذلك على نفسي وأصابني بإحباط وكسل ..
وذلك كردة فعل على فقدان الشيخ وعلمه وأسلوبه..
فتوجهت لقراءة كتب الأدب والتاريخ .. الخ كلامه عن شيخنا
الحلقة التاسعة والأربعون
ذات يوم من أيام العشر الأخيرة من رمضان
و بعد صلاة الظهر ونحن جلوس في غرفة الحرم
سمعنا صراخا وعويلا تردد صداه في الحرم !!
فأفزعنا ذلك جدا ..
وكان الشيخ محمد أولنا في التوجه لمصدر الصوت ..
وحينما لحقناه وجدنا أن سبب الصراخ أن مجموعة من النساء المعتمرات
من ذوات البشرة السمراء وممن آتاهن الله تعالى سعة في الأجسام..
وقوة في البنية ..
ويسرن في صف مستقيم كأنهن جنود كتيبة في جيش..
لا يردعهن رادع ولا يمنعهن حائل..!!
لم يجدن طريقا للوصول للكعبة المشرفة بسبب الزحام ..
ومنع الناس من الوصول للكعبة من الاكتضاض ..
فهداهن فكرهن المبتور وعزمن على شق طريق لهن مهما كانت النتائج..!!
فوجدن أيسر طريق وأسهل سبيل هو أن يمشين من فوق النساء المفترشات
لأرضية المسجد..!!
وهذا والله ما حدث!!
وفي النساء المسكينات النائمات على البلاط ، الكبيرة والمريضة والضعيفة..
فوطأن تلك النسوة القاسيات على الأجساد النحيلة..
ولم يرحمن ضعفهن .. ولا استغاثتهن !!
عندها حدثت الجلبة وصرخن صراخ المكلومات
توجعا من الدهس والرفس!!
ولكن دون استجابة أو رحمة..
فحاولنا نحن جاهدين أن ندرك الموقف
ونقلل الخسائر بقدر المستطاع..!!
ولكن كتيبة الموت تلك مرت وما عبأت بندائنا وترجينا لهن ..!!
حتى وصلن للجهة الأخرى ومخرن عباب الزحام بكل جدارة واقتدار!!
عجيب أمر بعض الحجيج والمعتمرين!!
كنت مرة أطوف مع الشيخ حول الكعبة ..
فسمعنا رجلا يحمل سبحة في يده..
وكانت من طولها وعدد حجارتها تزحف في الأرض!!
وجسمه ضخم كالبعير وبشرته سمراء.. وشعره أجعد وهو كفيف البصر
سمعناه يصرخ ويدعو: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي!!
ومرة لحق الشيخ رجلا نصف رأسه محلوق والنصف الآخر غير محلوق..
ومنظره مقزز ..
فقال له الشيخ : لم نصف رأسك محلوق وتركت الآخر؟؟
فقال : أنا سأعتمر عمرتين أحدها لي والأخرى عن أمي
فهذه الحلاقة للعمرة الأولى!!!
__________________









الرد مع إقتباس
  #90  
قديم 18-05-2006, 04:00 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

وروى لنا الشيخ صالح الزامل حفظه الله أنه سمع معتمرا يطوف بالكعبة المشرفة
ويسبح بسبحته ويقول في تسبيحه : ياحسين ابن علي ،ياحسين ابن علي!!
وكنا مرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد شيخنا بعد أداء
الصلاة أن يسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام وصاحبيه ..
وكان الزحام هائلا حول القبر..
وغالب الزوار من الجنسيات الآسيوية من الباكستان وغيرها ..
وحينما رأى العسكر ورجال الحسبة الواقفين حول القبر الشيخ..
طلبوا منا أن نمر من فوق الدرابزين المحيط بالقبر..
فهو أسهل علينا وحتى نسلم من الزحام..
فتقدم شيخنا وكنت بجواره وسلم على رسول الله قائلا:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يارسول الله ..
نشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت للأمة وجاهدت في الله حق
جهاده حتى أتاك اليقين ..
ثم مر من أمام قبري صاحبيه وسلم عليهما رضي الله عنهما ..
فأردنا الانصراف والنزول ..
ولكن الحشود التي حول القبر كان لها رأي آخر..!!
فوجه شيخنا المضيء .. وشكله المميز واهتمام الحرس به ..
لفت نظرهم فكأنهم قالوا : هذا ولي من الأولياء !!
فتقاذفوا للسلام على شيخنا والتبرك به!! ..
فكانوا يمدون أيديهم لمصافحته ..
وبعفوية وطيب نفس مد شيخنا يده للسلام عليهم ومصافحتهم وليته لم يفعل!!
فقد تدافعت الجموع وعلا بعضهم فوق بعض!!
ولم يكتف بعضهم بالسلام..
بل صاروا يتمسحون بيد الشيخ على الوجه والجبهة..
وسحب شيخنا وسط الجموع وسقطت غترته وعباءته عن ظهره ..!!
ولقد رأيت أحدهم يمسك يد شيخنا فمسح بها من رأسه وحتى قدميه !!
وشيخنا الضعيف النحيل لم يقدر على الفكاك منهم ..
وكان يعلو ويخفق وكادت ذراعه أن تخلع ..
فتزاحم العسكر ودفعوا الناس والجهالة ..
وفك شيخنا وبالكاد !!
ولا أظنه عاد لها من بعد أبدا!!
روى لنا الشيخ محمد السبيل إمام الحرم في إحدى الجلسات في بيته بحضور
شيخنا رحمه الله ..
أنه في إحدى سفراته لدولة الباكستان .. بصفته إماما للحرم الشريف..
احتفي به احتفاء كبيرا وأكرم من الحكومة والشعب غاية الإكرام..
وطلب منه التنقل بين الولايات الباكستانية لزيارة الناس والإطلاع على أحوال
المسلمين .. فوافق الشيخ وكانت وسيلة التنقل هي القطار!!
وبينما هم يسيرون ويمتعون نظرهم بين الوديان الجميلة والمناظر الخلابة
البهيجة ..
إذ فجأة توقف القطار!!
فظنوا أن هناك عطلا ما !!
وقريبا سيستأنفون المسير..
ولكن التوقف طال و استمر لساعات !!
ولم يكن الشيخ السبيل ورفقاؤه يعرفون السبب ..
وبعد مرور وقت طويل من الانتظار وشعور الشيخ ومرافقيه بالملل..
جاء ه عدد من المسئولين الباكستانيين ممن يشرف على تنظيم تنقل الشيخ
ومعهم الترجمان ..وعلى وجوههم العبوس والضيق !!
فقال الشيخ : ما القصة؟؟
فتكلم قائدهم وكان مطأطأ الرأس من الخجل وقال :ياشيخ محمد هناك مجموعة
من القرويين ممن ويعيش في القرى حول طريق القطار
قد ربطت نفسها بالحبال على سكة الحديد !!
وأقسمت أنها لن تتحرك حتى تموت !!
أو تنزل أنت للسلام عليهم ..
ولقد باءت كل محاولتنا لثنيهم بالفشل وأكدنا لهم بالأيمان المغلظة
أن برنامجكم محدد ولديكم..
مشوار طويل واحتفالات في المدن وهم في الانتظار..
والوقت غير مناسب .. ولعل ذلك يكون في زيارات أخرى
فرفضوا ولم يقتنعوا..
وقالوا : أين نجد شرفا كهذا الشرف ؟؟
كالسلام على إمام الحرم الشريف..!!
فتعجب الشيخ السبيل من إصرارهم وحتى لو على موتهم وتقطيع أجسادهم!!
وقال : إذا لا بأس سأنزل للسلام عليهم..
فقالوا : ياشيخ محمد نحن نخاف عليك .. ونخشى عليك الغوائل!!
فهؤلاء فيهم الهمج والرعاع وقد يفعلون أمورا ويتصرفون تصرفات
غير حميدة و غير متوقعة !!
ولو سمع الناس بفعلتهم لأوقفتنا القرى طوال الطريق..
ولكن الرأي أن تبقى أنت في القطار ونفتح لك النافذة
ويحضرون هم للسلام عليك..
فقال الشيخ : لا بأس فليحضروا..
فجاء الناس وكان عددهم هائلا..
وتوافدوا من الوديان والشعاب ..
فتجمعوا للسلام على إمام الحرم ..
فلا تسل عمن صافح و وعمن قبل وعانق وبكى من الفرح ..
حتى كاد الشيخ أن يختنق من كثرتهم وتجمهرهم عليه !!
وهو ذو البنية الضعيفة والسن الكبير والجسم القصير حفظه الله ورعاه..
ولقد ذكر الشيخ السد يس تعليقا على كلام الشيخ السبيل أنه في إحدى زياراته
فقد عباءته حيث نزعت منه بالقوة !!
ومزقت ووزعت خيوطها بين القبائل وبيعت بأعلى الأثمان!!
__________________









الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م