مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 23-09-2002, 03:01 AM
rahma rahma غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 24
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى rahma
إفتراضي الـــــــورم..

- أمسك به الرجلان – ذاك الغلام الذي لم يبلغ السابعة بعد –
- كلا القصة لم تبدأ بهذه الحادثة ..بل بدأت قبل ذلك بقليل .. والشمس من ناحية الشرق تطل .. لم يكن الجو حارا ولا كان باردا .. كلا .. ليس هكذا تماما .. بل لم يكن للجو اصطلاح .. لم يكن له وصف بالمرة .. أجل .. أجل ..
- وأنا أصر .. القصة بدأت عندما أمسك به الرجـلان .. أما الجو فليس هناك مبرر لذكره ..
- بل الجو هو كل القصة .. هو الذي حدد مسارها ..
- دعني أكمل .. ثم أذكر القصة كما تراها
- حسنا ..
- القصة .. بدأت إذن عندما أمسك به الرجلان .. كانا يرتديان ثيابا بيضاء .. وبشرتهما بيضاء .. انبهر الغلام لمرآهما .. لم يستطع فعل أي شيء ؛ كأنما هناك قوة خفية تسيطر عليه ؛ لم يستطع حتى الصراخ أو البكاء .. أمسكا به .. اقتاداه إلى مكان غير بعيد .. ثم بقي أحدهما ممسك به بيد وباليد الأخرى فتح له فمه .. بينما قابله الرجل الثاني وأخذ في يده قنينة صغيرة في حجم كف اليد .. وقطر له في فمه ثلاث قطرات من محلول كان بداخلها .. بعد ذلك أطلقاه وقال له صاحب القنينة : لن نخاف عليك بعد اليوم يا رجـل .. أنت من اليوم فصاعدا في حماية تامة ..
- وتمر السنوات ..
- كلا .. أنت الآن تهذر .. لم تمر سنوات بل مباشرة بعد حادثة التلقيح هذه .. كانت هناك واقعة أخرى أثرت في حياة الغلام ..
- أي حادثة تقصد ..
وهو في سنته الثامنة .. كان يدرس في الصف الثاني ابتدائي .. فجأة ودون سابق علم ولا إنذار تم تجميع كل التلاميذ في ساحة المدرسة .. وكان الغلام وقتها داخل الفصل وكان المعلم يشرح : حكم .. يحكم .. فهو حاكم .. خلد .. يخلد .. فهو خالد .. سأله الغلام عن العلاقة بين الحاكم والخلود .. لم يكمل سؤاله .. دخل الناظر مسرعا رافعا صوته : هيا .. هيا يا أولادي بسرعة .. لم يبق في الوقت فسحة ..
حتى أن المعلم لم يدر شيئا .. بدت الأمور وكأن زلزالا في الجوار أو حربا انطلقت .. وراح الغلام وسط مئات التلاميذ .. وتكدست الأجساد داخل الحافلات .. كانت الحافلات عند مدخل المدرسة .. والمراقبون وحتى بعض المعلمين يزجون بالأطفال داخلها .. حتى أن الحافلة الواحدة ذات حمولة ستين شخصا يكدسون داخلها أكثر من مائة تلميذ .. بدا الأمر وكأنه يوم الحشر .. فيهرول التلاميذ في كل اتجاه .. لا يعرفون مقصدا لسيرهم .. مثل خراف يهيئونها باتجاه المذبحة .. ولما سأل الغلام معلما له رآه فجأة داخل الزحام عن المقصد .. لم يتفوه معلمه بشيء ولا حتى بإشارة ؛ حتى المعلم لا يعرف في هذه البلاد شيئا .. هكذا تساءل الولد .. من الذي يعرف إذن ؟ ..
بعد مسيرة بضعة فراسخ توقفت الحافلات عند طريق معبدة وكانت عليها علامات الزينة وأعلام البلاد .. والجدارات التي كانت تبدو للمار مهدمة وآيلة للسقوط تم طلاؤها على عجل بطريقة بدائية والأشجار كذلك تم طلاؤها مع الجدران وتم رش الطرق بالماء .. لم يحدث هذا أبدا .. لم تحدث أبدا مظاهر الزينة هذه .. وأخذ الأطفال يتساءلون وهم وقوف تحت الشمس المحرقة دون ساتر .. وقد وجد الغلام آلاف التلاميذ غير تلاميذ مدرستهم متجمعين مثلهم .. وكان أن أذاع من أذاع عير مكبر للصوت قائلا :
- استعدوا يا أطفال .. الحاكم سيمر خلال دقائق من جمعكم هذا .. عليكم أن تصفقوا له دون توقف .. عليكم أن ترددوا كل ما تعرفونه وما لا تعرفونه من عبارات التحية والإطراء ..
- وهل مر الحاكم؟..
- تعلم ألا تقاطع .. ليس هذا بيت القصيد .. فالحاكم مر في سرعة كسرعة البرق دون أن يميزه أحد من التلاميذ الذين لفحتهم شمس هذه الصحراء .. بل القضية ما حدث بعد ذلك ..
أجل .. ذكر الأطباء لوالد الغلام أن ابنه يحمل ورما خبيثا في الدماغ ولا بد من عملية جراحية لإستئصاله .. لم يصدق الوالد .. زار عدة أطباء .. لم يكن ميسور الحال غير أن منظر ابنه وهو ينتهي لا يمكن السكوت أمامه .. وباع قطعة أرض كان يفلحها ثم باع بعض الذهب الذي كانت تدخره ليوم الشدة .. قالت الأم هذا هو يوم الشدة الذي ادخرنا له ذهبنا .. لا تقل شيئا يا زوجي العزيز .. خذ الذهب وبعه بأي ثمن دون أن تجادل .. علينا أن ننقذ ولدنا الوحيد .. قالت الأم أن ولدها "سامح" هو كل أملها في هذه الدنيا..
ومن يوم لآخر .. حتى جاء موعد العملية .. فتحوا دماغ الولد .. فلم يجدوا ورما .. هكذا بكل بساطة لم يجدوا ورما .. واحتار الفريق الطبي الذي يعالج .. تأملوا بعضهم .. ما معنى الشهادات التي يرفعونها في أعين الناس .. بعضهم برتبة بروفيسور ويعجزون عن تشخيص حالة ولد .. إنها مسخرة .. لم يستطع أيا منهم التصريح لأهل سامح بالحقيقة .. وقرر الأطباء دون اتفاق منهم وكأن الغريزة هي التي كانت تقرر .. راحوا يقتطعون جزءا من دماغ الولد .. فصا من الفصوص .. فقط فصا من الفصوص .. رأوا أنه لا يقدم ولا يؤخر في حياة الدماغ .. ثم خرجوا ؛ كان رئيسهم في المقدمة ؛ التف حولهم الوالدان .. انصرف باقي الأطباء وبقي كبيرهم .. تفوه ببعض كلمات كان من عادته ترديدها عند خروجه من أي عملية مهما كانت خطورتها أو سهولتها .. قال لهما : إذا مرت الأربعة والعشرون ساعة القادمة يمكن القول أن الطفل قد نجا .. لقد قمنا بما علينا والباقي على الله ..
- ومرت الأربعة والعشرون ساعة .. وأفاق الولد من الغيبوبة .. ثم مرت أسابيع .. خرج بعدها الولد من المشفى .. لكنه خرج غير الطفل الذي دخل أولا ..
- أصبح يذكر للناس أن الرجلين اللذين أمسكا به ذات يوم هما من لطخ حياته وأفسدها .. بينما يرد عليه الوالدان .. يا سامح لا تقل مثل هذا الكلام .. إن الطبيبان اللذين أمسكا بك قد أنقذاك ولولا المصل الذي زرعاه في جسدك لما كنت بيننـا ..
- إن القصة لم تنته عند هذا الحد ..
- أنت هكذا دائما .. ومن قال أن القصة انتهت .. كل ما في الأمر أن سنوات أخرى مرت .. ومرت هذه المرة في لمح البصر ..
- وأنـا أذكر لك النهايـة .. ألم يفعلها الولد ؟..
- ماذا فعل ؟..
- كان الجو لحظتها دون تمييز .. لم يكن حارا ولا كان باردا .. كان بلا وجه ..
- عدت إلى الجو مرة أخرى ..
- أجل ولو لا هذا الجو لما فعل فعلته .. فعندما انتزع الأطباء بعضا من دماغه ..لم يعد في وسع أحد وزن تصرفاته كان في الأول ولدا نجيبا وكان تلميذا لا ككل التلاميذ على الأقل ليس مثل بعضهم .. وكان ينتظر الأبوان شبابه بفارغ صبر .. أما اليوم فلم يعد أحد يتوقع تصرفاته ؛ حتى أبواه فقدا السيطرة عليه وحتى مشيته تغيرت صار يمشي مرة وسط الطريق ومرات كثيرة يمشي إلى الوراء يقول أن السير إلى الوراء أكثر متعة .. وكل يوم هو في أمر جديد ..
- والنهاية ؟..
- أجل قلت النهاية ..
- نعم .. النهاية أنه فعلها .. هكذا أيضا ودون توقع لأحد أو انتظار .. فعلها ..
- هل قتل الحاكم ؟.. لقد توعده كما توعد الكثيرين ..
- ليس بالضبط .. إنما اعترض طريق الحاكم بعد عشرين سنة – كان حاكما جديدا وكان يمر بنفس الطريق – ولم يكن بين المدعوين .. وكان التلاميذ يملئون الشوارع منذ الصباح الباكر والصياح يعم المكان .. وعندما اقترب موكب الحاكم بسياراته الفاخرة الفارهة .. خرج فجأة سامح واعترض ملوحا بيديه ..
- هل وصل إلى الحاكم؟ ..
- الغريب في الأمر أنه رغم كثرة الحاضرين وربما هم أهل كل المنطقة .. لم يستطع أحد تبين الأمر .. بعضهم ذكر أن الحرس أطلقوا عليه النار فأردوه قتيلا في لحظته وأخفوا جثته في لمح البصر حتى لا يعكروا مزاج الحاكم وآخرون أكدوا أن سيارة الحاكم قد داسته بعجلاتها العريضة ولم يحس بذلك أحد من الراكبين .. وبعض تلاميذ المدارس رددوا أنهم كانوا على مقربة شديدة من سامح وهو يخرج إلى الطريق فجأة .. قالوا أنه لم يحاول قتل الحاكم ولم يقترب حتى من سيارته بل كل ما في الأمر أنه لوح بيده محييا .. وهو يردد لم أحيك من عشرين سنة ولكنني اليوم أحيي .. أكد تلاميذ المـدارس عدم وجود مصلحة في اختلاق قصة خيالية ..
 ملحوظة : كاتب هذه القصة كان تلميذا في الصف الرابع ابتدائي .. كتبها وهو يرويها لأحد زملائه في الفصل ممن لم يشهدوا الواقعة .. ثم اكتشفها ضمن أوراقه المهترئة القديمة وهو يبلغ من العمر أربعين ..

11 جانفي 2001
__________________
رقراق السراب
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م