في تفسير سورة الطارق..
يقسم الله تبارك و تعالى بالسماء و ما جعل فيها من كواكب نيرة و لذلك قال تعالى"و السماء و الطارق "ثم قال: "و ما ادراك ما الطارق" ثم فسره بقوله النجم الثاقب,قال قتاده و غيره: انما سمي طارقا لانه انما يرى بالليل و يختفي بالنهار , و قوله تعالى "الثاقب" قال ابن عباس : المضيء , و قال السدي : يثقب الشياطين اذا ارسل عليها , و قال عكرمه : هو مضيء و محرق للشياطين
و قوله تعالى: " ان كل نفس لما عليها حافظ" اي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات كما قال تعالى: "له معقبات بين يديه و من خلفه يحفظونه من امر الله" و قوله تعالى : "فلينظر الانسان مم خلق" تنبيه للانسان على ضعف اصله الذي خلق منه و ارشاد له الى الاعتراف بالمعاد لان من قدر على البداءة فهو قادر على الاعادة بطريق الاولى كما قال تعالى"و هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده و هو اهون عليه"
و قوله تعالى"خلق من ماء دافق"يعني المني يخرج دفقا من الرجل و المرأة فيتولد منهما الولد باذن الله و لهذا قال"يخرج من بين الصلب و الترائب"يعني صلب الرجل و ترائب المرة و هو(صدرها) و قال ابن عباس :صلب الرجل و ترائب المرأة اصفر رقيق لا يكون الولد الا منهما و عنه قال: هذه الترائب ووضع يده على صدره و عن مجاهد : الترائب ما بين المنكبين الى الصدر و عنه ايضا: الترائب اسفل من التراقي و قال الثوري:فوق الثديين و قال قتاده"يخرج من بين الصلب و الترائب"من بين صلبه و نحره
و قوله تعالى "انه على رجعه لقادر فيه قولان(احدهما): على رجع هذا الماء الدافق الى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلكقاله مجاهد و عكرمه و غيرهما ( الثاني) انه على رجع هذا الانسان المخلوق من ماء دافق اي اعادته و بعثه الى الدار الاخره لقادر قال الضحاك و اختاره ابن جرير و لهذا قال الله تعالى"يوم تبلى السرائر" اي يوم القيامة تبلى فيه السرائر اي تظهر و تبدو و يبقى السر علانيه و المكنون مشهورا و قوله تعالى"فماله" اي الانسان يوم القيامه"من قوة"اي في نفسه" و لا ناصر " اي من خارج منه اي لا يقدر ان ينقذ نفسه من عذاب الله و لا يستطيع له احد ذلك
و قوله تعالى "و السماء ذات الرجع" قال ابن عباس الرجع المطر و عنه: هو السحاب فيه المطر و قال قتاده ترجع رزق العباد كل عام و لولا ذلك لهلكوا و هلكت مواشيهم "و الارض ذات الصدع" قال ابن عباس : هو انصداعها عن النبات و قوله تعالى " انه لقول فصل" قال ابن عباس :حق و قال غيره عدل "و ما هو بالهزل" اي بل هو جد حق ثم اخبر المنافقين بانهم يكذبون به و يصدون عن سبيله فقال"انهم يكيدون كيدا"اي يمكرون بالناس في دعوتهم الى خلاف القران ثم قال تعالى"فمهل الكافرين" اي انظرهم و لا تستعجل لهم "امهلهم رويدا" اي قليلا و سترى ماذا احل لهم من العذاب و النكال و العقوبه و الهلاك كما قال الله تعالى "نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ"
منقول من كتاب"مختصر تفسير ابن كثير"
اختصار و تحقيق محمد علي الصابوني
__________________
كن في الدنيا عابر سبيل
|