مخطوطات البحر الميت وتاريخ اليهود

[ابن الأمل]

كتب ?. ?. محمود عبد القادر محمد فى مجلة الإسلام وطن عدد213 جمادى الأولى 1425هجرية مقالا بهذا العنوان جاء فيه ( وكانت النصوص الأولى المكتشفة لتلك المخطوطات تحتوى على وصف لثلاث طوائف يهودية هى الروحانيون والصدوقيون والمراؤون )

وملخص كلامه عنهم

الروحانيون / كان عددهم قليلا وكانوا أكثر زهدا وعبادة وكانوا ينتشرون فى كل مدينة يهودية على هيئة مجتمعات متقاربة متماسكة ومن يرغب فى الإلتحاق بهم يخضع لمدة اختبار لا تقل عن ثلاث سنوات يثبت خلالها ولاءه وكانوا يخضعون لنظام الإنتخاب الديموقراطى وكانوا يعيشون على الزراعة ويرفضون التجارة خاصة فى الأسلحة ولا يمتلكون عبيدا ويتلاشون القسم أو اليمين ويؤمنون بأن الرب يسيطر تماما على الشئون الدنيوية ويؤمنون بخلود الروح والحساب بعد الموت ويعتقدون أن الجسم يمثل السجن الذى يقيد الروح حتى الموت

الصدوقيون / المنتسبون إلى صادوق رئيس الكهنة أيام داود وسليمان عليهما السلام وعرفوا بالإنكار للبعث والحياة الأخرى والحشر والملائكة والقضاء والقدر والمسيح ويقولون عزير بن الله ومعظمهم من الطبقة الأرستقراطية من اليهود ويمثلون حزب المحافظين فى الشعب اليهودى

الفريسيون / كانوا يؤمنون بالمسيح الذى سيجئ ليعيد ملكوت الله وأن دولة اليهود لابد أن تستعيد مكانتها وكانوا يؤمنون إلى جانب التوراة بالتلمود وكانوا عند نشأتهم من أنبل الناس خلقا وكانوا يعيشون فى زهد ولا يهتمون بالأمور السياسية حتى دخل حزبهم من كان دون ذلك ففسد مذهبهم واشتهروا بالرياء والعجب

إن كل ما يعنينى فى هذا الموضوع هو الروحانيون وإنما أتيت بكل هذا لأثبت أنهم تاريخيا موجودون وهناك مخطوطات تتحدث عنهم وأنا لا اقصد بالروحانيين ما هو مذكور هنا حرفيا وإنما من قال الله عز وجل فيهم (( وأنهم لا يستكبرون () وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين () وما لنا لا نؤمن بالله وما جائنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين )) وهذه الآيات وإن كانت واردة فى المسيحيين فذلك لأن الروحانيون فيهم كثير وهم فى اليهود قليل وإنما هم مجودون فى كل ديانة سماوية وكان منهم عدد مع كل نبى ورسول وإنما فقط أعدادهم تختلف

وأنا أحببت أن أستخلص حقيقة واضحة هى أن هؤلاء الروحانيون اليهود أو المسيحيون قد اختفوا فى زمننا هذا أو كادوا فالروحانيون هم الذين فرغوا أنفسهم لعبادة الله عز وجل فلم يهتموا بغيره ولا حتى بأنفسهم لذا لا يمكن أن تطلق كلمة روحانى على حاخام يهدد بسحب الثقة عن حكومة شارون إذا أوقف الحرب على الفلسطينيين كما لا يمكن أن تطلق كلمة روحانى على قسيس يقيم الخطط الإستعمارية لقمع المسلمين فهذا – على سبيل المثال – القس ( زويمر ) يقوم فى مؤتمر المبشرين بالقدس – عقد فى سبعينات القرن الماضى – فيقول ( إنكم أعددتم نشئا فى ديار المسلمين نشئا فى ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه فى المسيحية وبالتالى جاء النشئ الإسلامى مطابقا لما أراده له الإستعمار لا يهتم العظائم ويحب الراحة والكسل ولا يصرف همه فى دنياه إلا فى الشهوات فإذا تعلم فللشهوات وإذا جمع المال فللشهوات وإذا تبوأ أسمى المراكز ففى سبيل الشهوات ) هؤلاء قساوسة يدمرون شعبا من الأطفال ( نشئا ) دينيا ونفسيا ليسهل استعمارهم واستعبادهم فأى روحانية فى هذا

ومما جاء فى بروتوكولات حكماء صهيون ( يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق فى كل مكان فتسهل سيطرتنا إن فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية فى ضوء الشمس لكى لا يبقى فى نظر الشباب شئ مقدس ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه ) بالله عليكم أى روحانية فى هذا

إن المسألة تتعقد ولم نجد بعد الإجابة على هذا السؤال ( أين هؤلاء الروحانيون الآن ) بكل بساطة هؤلاء الروحانيون هم الذين لم يستطيعوا أن يحاربوا الله عز وجل فدخلوا فى الإسلام بمجرد أن سمعوه

هم ( أبى بن كعب ) اليهودى ثم الصحابى الجليل وهم ( كعب الأحبار ) اليهودى ثم التابعى الجليل

هم ( عداس ) الغلام النصرانى الذى قدم اللقيمات للمتعب المكذب من أهل الطائف ثم أكب على يديه ورجليه يقبلهما وهم ( النجاشى ) الحبشى الذى ما إن جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على الأرض ليقرأه احتراما له ثم احتضنه وقبله وقال لو كنت عنده لغسلت عن قدميه أشهد أن لا إلاه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله

الإجابة واضحة الروحانيون هم الذين قال الله تعالى فيهم (( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين () وما لنا لا نؤمن بالله وما جائنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين )) وهم الذين يدخلون فى دين الله أفواجا فى أيامنا هذه اقتناعا ومعرفة وفهما وهذا يقودنا بالضرورة إلى الكلام عن علاقتنا بالمسيحيين واليهود المسالمين لنا الذين يعيشون معنا فى بلادنا ويقتربون من عاداتنا وتقاليدنا

إن ما يحكم علاقتنا بهم ركنان أساسيان

الأول / أنهم يقولون بنسب الرسول إلى المرسل بنسب الإبن إلى الأب وينكرون محمدا صلى الله عليه وسلم وهم فى هذا يعادون الله ورسوله لذا يجب أن نمتنع عن مودتهم (( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ))

الثانى / هم لم يعادوننا فى ديننا بالقول أو الفعل ولم يؤذوننا بأى صورة من صور الإيذاء كما أنهم من المحتمل أن يدخلوا يوما فى دين الله الحنيف وكل هذا يوجب علينا أن نبرهم (( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين ))

هنا تواجهنا مشكلة كيف نجمع بين أن لا نودهم وأن نبرهم

الجواب بسيط إذا فهمنا معنى الكلمتين

أما المودة فهى أن نتجه إليهم بعاطفة المحبة القلبية وهى منهى عنها لأنها توجب الإتحاد فى الأفكار أو التقارب بينها إذ قد ينشأ عنها اقتناعا بأفكار الطرف الآخر عنه قال الشاعر

وعين الحب عن كل عيب كليلة وعين البغض تبدى المساويا

أما البر فهو كل ما يصدر من الإنسان المسلم بطبيعته الخيرة التى تترك خيرا فى كل مكان تمر به وإن تمثل هذا الخير فى صورة ابتسامة عذبة أو كلمة طيبة فهذا مما يترك أثرا فى نفس المشاهد حيث يصعب عليه أن يعتقد أن يكون هذا الإنسان المتوازن ذو الطبيعة السوية والنفس المطمئنة كاذبا أو منافقا أو مرائيا أو حتى مخدوعا مما يدفعه إلى إعادة التفكير فى أمور حياته بحيادية سليمة لا تفضى فى النهاية إلا إلى النتيجة الوحيدة للتفكير السليم ( الإسلام )

لنحرص على أن لا تكون علاقتنا بهم اتباعية ولنحاول قدر استطاعتنا أن لا تكون منفرة ونسأل الله أن يجعلنا هاديين حتى بنظراتنا

أن نكون منابرا للإسلام تمشى على قدمين