الباب السادس : كيف تسبح بين أسماك القرش دون أن تأكلك حيا ؟
انها عبارة استخلصتها من رواية ( العقب الحديدية ) للكاتب ( جاك لندن ) .. حيث يبالغ كثير من الناس بتصوير من حولهم ، على أنهم ذئاب ، فيطلقون عبارات ، يعتقدون أنها ( حكم ) .. كعبارة ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب ..
وعلى فرض أنهم في منطق ( القوة ) يكونوا كأسماك القرش ، فكيفية السباحة بين أسماك القرش دون أن تأكل من يسبح بينها ( حيا) هو الأهم في هذا الموضوع .. حيث أنه لا يمكن أن نغلق على أنفسنا الأبواب ، بحجة أن من حولنا كلهم أسماك قرش أو ذئاب ..
ففي المدرسة والكلية و مكان العمل و الأسواق و قطاع النقل ، ومراجعة دوائر حكومية ، و أهلية ، و في التجاور ببناية ، لا بد لنا سواء كنا ذكورا أو إناثا من الاختلاط بكل هؤلاء .. ولن نستطيع فرض نمط معين يمنع الاختلاط على الآخرين ، لأن حاجات الناس تقتضي تعاملهم مع بعض ..
ولنتذكر قوله تعالى باستمرار .. ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها و تقواها* قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها ) .. فكل إنسان عدا الأنبياء والرسل ، من عصمهم الله .. معرضين للانزلاق في الفجور ، كما أنهم قابلين لأن يكونوا أتقياء ..
ولنشبه ذلك الاستعداد بالبذرة .. و قد عرضنا ذلك في باب ( لا تربي الشيطان) وكنا نخاطب النفس ( لدى المخاطب ) .. و لكننا الآن سنخاطب نفس المخاطب لتمنع تربية الشيطان عند من تتعامل معهم .. وهذا سيحتاج لتفصيل ، فلنبدأ بالجار :
1 ـ اعلم يا بني أن الجار ، سواء كان جار من الأقارب ، أو جار غريب ، هو بمثابة الأخ .. أو أكثر .. فهو العمق الأمني و الإقتصادي والاجتماعي ، وهو أول من يفرح معك و أول من ينقذك إذا استصرخته .. وهو من يكون مسؤولا عن ستر عيوبك .. وهو من يقف معك في محنك و آلامك .
2 ـ درب أفراد أسرتك على الصبر على ما يبدر من جيرانهم من أخطاء .. ولا تقم بردة فعل قاسية ، تجاه أخطاء بسيطة من أطفالهم ..
3 ـ لبي بقدر الإمكان ما يحتاجون .. حتى لو كانوا كثيري الطلبات ، فقد أصبحوا جزءا من إحداثيات حياتك ..
4 ـ حذار من الاستماع لمن يمسهم بسوء بالكلام .. فان استمعت ، فانك ستبدأ بالتدرب على كرههم ، وزرع الكراهية فيما بينكم ..
5ـ لا تقم بطبخ أشياء تبعث بروائحها الشهية اليهم دون أن ترسل لهم مما أعددت من طعام ..
6 ـ امنع زوجتك من التفاخر بما لديكم .. وان كنت أقل شأنا من جارك .. فامنعها من السؤال المستمر عن ما لديهم .. فهذا يجعل من وضعك دونيا تجاههم ..
7 ـ راعي أوضاعهم ، فان كان لديهم من يدرس ، فلا تصدر أصوات ضجيج من آلات بناء ، أو صوت مسجلة ، أو تسخين السيارة في الشتاء الخ . وان كان لديهم ما يكدرهم ، فلا تظهر لهم ما يفرحك من شيء .. فأجل احتفالك حتى تزول غمتهم ..
8 ـ تلمس حوائجهم ان كنت مقتدرا .. قبل أن يطلبوا منك ذلك .. فتلك مكارم أخلاق أجدادنا .. و لا تذكر ذلك للأب أمام أبنائك أو أبناءه ، فهذا يكسر نفسه ، ويحبط أعمالك .. كما لا تذكر ذلك أمام آخرين .. فيجعل جارك يتأذى من تلك الوقفة فيرفضها مستقبلا ..
9 ـ ان سئلت عنهم و كانوا جيرانا جيدين ، فلا تبخل بالإشادة بهم و بحسن جوارهم .. وان لم يكونوا كذلك ، امتنع عن الخوض بالحديث ، عل من يسألك يتجه لغيرك أو أن يفهم مغزى امتناعك .. ولا تقم بتحذير من يسأل ، فهي عدم أمانة تجاه جارك .. ولا تمدحهم بما ليس فيهم لمن يسأل عنهم ، فتلك أشبه بشهادة الزور .
10 ـ عندما تود نصح جارك .. لا تعلن ذلك أمام أهله ، فهذا يجعل النصح من باب المفاخرة من جهتك و يترك أثرا سلبيا .. بل خذه على جنب ، وبود شديد ، حاول نصحه ، بعد تمهيد يكرهه بما هو فيه .. كأن تتكلم عن شخص ( تخترعه) أنت بخيالك ، تتطابق صفاته مع صفات جارك .. فاذا فعلت تلك المقتربات , فقم بنصحه على دفعة واحدة .. حتى تكمل ما تريد قوله .
__________________
ابن حوران
|