**** حبيبتي الصغيرة *****
وجدتها حائرة أمام مجموعة من الأوراق الملونة وكراسة بيضاء والمقص بيديها الصغيرتين تمسكه تارة وتلقيه تارة أخرى . تنظر بإعجاب إلى تلك الأوراق الملونة تعيد ترتيبها على الطاولة مرة ومرات. تستغرق في التفكير بعض الوقت ثم تعود تمسك بالمقص ولكن ما تلبث إلا قليلا ثم تلقيه وتعود تنظر إلى مجموعة أوراقها الملونة.
اقتربت منها وسألتها ماذا يشغلك يا صغيرتي وهل أتستطيع مســاعدتك؟
قالت: نعم.. نعم ...أرجوك فأنا في حيرة وأريد من يساعدني.
قلت : كيف أساعدك؟
قالت: لقد طلبت منا المعلمة أن نستخدم هذه الأوراق الملونة في صنع شيء جميل على الكراسة البيضاء.
قلت: وما المشكلة في ذلك؟ هذه الأوراق الملونة والكراسة البيضاء أمامك والمقص معك فاصنعي ما شئت من الأشكال واختاري ما يروق لك من الألوان.
قالت: هذه هي المشكلة فلن أستطيع عمل شيء أجمل من هذه الورقة البيضاء الناصعة البياض وتلك الأوراق الملونة الجميلة. لماذا تريدني المعلمة أن اشوه جمالها؟
قلت: إذا دعيها كما هي واشرحي للمعلمة رأيك.
قالت: ولكن لن تصدقني .. وستظن أنني أتهرب من عمل الواجب وربما عاقبتني.
قلت: لا بد لك إذا من المحاولة وعمل أي شيء.
قالت: ولكنني أعلم أنني لن أقبله ولن يكون بأفضل من ماهو موجود وان عملي سيكون لمجرد إرضاء المعلمة ونفسي عنه غير راضية.
قلت: لا أملك لك حلا ولكن يا صغيرتي ستتكرر حيرتك تلك مرارا كلما تقدمت بك السن وكلما مرت عليك من تجارب الحياة وأصناف البشر وأنت وحدك من يختار فاختاري ما بدا لك.
استوقفتني كلمات تلك الصغيرة كثيرا. فقلت في نفسي أنها محقة فيما تقول .... لماذا نشوه جمال الأشياء بإضافة مالا يناسبها ضنا منا إننا بفعلنا ذلك نزيدها جمالا.
لماذا نحاول ونتفنن في إزالة جمال أنفسنا على سجيتها كما أرادها الله لنا ونشوهها بما نعتقد انه يضفي عليها بهرج وإثارة.
البعض يجيد هذا الفن إجادة تامة فتجده يملك لوحات متنوعة تناسب كل الأذواق وكل المناسبات تجده كل يوم بقناع جديد يبهر به من يحب الزيف ولا يرضى بالواقع.
البعض الآخر يعلم يقينا أن ذلك لا يناسبه ولكنه مجبر على لبس قناعا ولو زاده ذلك قبحا.
أما من وقف صامدا بدون أقنعة ولا زيف غير آبه بما يقول الآخرين فهو في نظر الكثيرين مسـكين لا يعرف كيف تســير الحياة ولن يصدقه أحد فيما يقول وحتما سيلقى العقاب تماما كما لقيت حبيبتي الصغيرة العقاب.
مســــــــير......
|