مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 07-11-2000, 06:59 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post إسرائيل: من الأسطورة.. وإلى الأسطورة تعود

المقال التالي للكاتب (تركي الحمد) وصلني عبر البريد الالكتروني، ورأيته جامعاً ومحللاً لتاريخ قيام دولة العدوان الإسرائيلية، وأحببت أن أشارككم إياها.
========
يمكن القول ان انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول في مدينة بازل السويسرية عام 1897، كان شهادة الميلاد الفعلية لدولة اسرائيل الحالية. فقبل ذلك التاريخ، كانت الصهيونية، التي هي روح الدولة اليهودية المعاصرة، مجرد شعور جمعي وجداني، ذي طبيعة تاريخية ودينية رومانسية تقوم على اسطورة توراتية قابعة في الضمير الجمعي اليهودي، او مجموعة من الافراد والجماعات والحركات السياسية الصغيرة المتناثرة في روسيا وشرق اوروبا، غير المؤثرة في افضل الاحوال. فهذا المؤتمر، وما تلاه من مؤتمرات تدور في اطار برنامجه (برنامج بازل)، هو الذي حول الصهيونية إلى حركة سياسية فاعلة، ووضع الخريطة الاساسية والتفصيلية لكيفية انشاء الدولة اليهودية على ارض فلسطين التاريخية. بمعنى اخر، كان هذا المؤتمر تحديدا هو الذي نقل الفكرة الصهيونية من الحلم إلى الواقع، ومن الرومانسية الاسطورية إلى الواقعية السياسية. واذا كان الحلم الصهيوني قد لخصت معالمه العامة في كتيب ثيودور هرتزل «الدولة اليهودية»، فإن مؤتمر بازل، الذي اصبح هرتزل بمقتضاه زعيما للحركة الصهيونية، هو في النهاية الذي ترجم ما بين دفتي الكتيب إلى واقع ملموس. لذلك، فإنه من غير الغريب ولا الكثير ان تحتل صورة هرتزل كل مكان في الدولة الاسرائيلية الحالية.

اما ما تلى المؤتمر الصهيوني الاول من احداث وتطورات، فيمكن القول انها لم تكن إلا تأكيدا على الوجود الملموس لذاك المولود المنبثق من ذلك المؤتمر (ولنسمه الفتى ديفيد)، بعد ان تحرر من هيمنة الاسطورة، وان بقيت الاسطورة هي الحافز الروحي للحركة في اوساط المجموعات اليهودية المختلفة، خاصة في روسيا وشرق اوروبا، لكنها لم تعد المحدد الاوحد لطبيعة الحركة الصهيونية. فلم يكن وعد بلفور عام 1917 مثلا، إلا اعترافا بشرعية شهادة ميلاد 1897، من قبل القوة العظمى آنذاك (بريطانيا العظمى)، والدولة المهيمنة على المنطقة والاقليم الذي يراد للمولود ان ينشأ ويترعرع فيه. اما قرار التقسيم عام 1947، فلم يكن بدوره إلا اعترافا دوليا، ومن قبل قطبي القوة في العالم آنذاك (الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي) بصفة خاصة، بأحقية ذلك المولود في النشأة والترعرع في المكان الذي اختارته الام (الحركة الصهيونية) لذلك الغرض. اما اعلان الدولة اليهودية عام 1948، فلم يكن بدوره إلا القول ان المولود قد استقر في ارض الميعاد، وهو يعلن انه قد شب عن الطوق، وهو يطالب بالتالي بحقوق البالغين. كل هذه الاحداث والتطورات لم تتحقق نتيجة مجرد الايمان بالاسطورة المؤسسة، بقدر ما تحققت نتيجة النشاط السياسي المحموم، القائم بصفة خاصة على التقاء المصالح بين الحركة والمجال الدولي الذي كانت تتحرك فيه، بل ان هرتزل نفسه، واكثر القادة التاريخيين للحركة الصهيونية، لم يكونوا من المؤمنين بالاساطير التوراتية المؤسسة للحركة حقيقة، بقدر ما كانوا يستغلون هذه الاساطير من اجل التعبئة الجماهيرية، وبعث الروح في جسد كان يبدو ألا روح فيه.

خمسون عاما من تاريخ الصهيونية السياسية الحديثة انتهت باعلان الدولة اليهودية، وبذلك تحققت المرحلة الاولى من اهداف تلك الحركة منذ ان تبلورت سياسيا في مؤتمر بازل الاول. وفي المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين، الذي عقد في القدس عام 1951، اعلن عن التحقق الكامل لاهداف المؤتمر الاول، وحل «برنامج القدس» محل «برنامج بازل»، كاستراتيجية طويلة المدى لمرحلة ما بعد قيام الدولة اليهودية، من حيث تحديد العلاقة بين المنظمة الصهيونية والدولة اليهودية القائمة.

وبذلك يمكن القول ان المؤتمر الصهيوني الثالث والعشرين، هو شهادة البلوغ او النضج بالنسبة للدولة الاسرائيلية (بلوغ الفتى ديفيد)، بمثل ما كان المؤتمر الاول هو شهادة الميلاد الفعلية، قبل الشهادة الرسمية بنصف قرن من الزمان.

اما «حرب الايام الستة» عام 1967، فيمكن القول انها اعلان عن بلوغ «ديفيد»، او الفتى الاسرائىلي الخارق قمة الشباب والعنفوان. ففي هذا العام، استطاع «ديفيد» الفتى الاسرائيلي الصغير، ان يصرع «غوليات»، او المارد العربي الكبير، بالضربة القاضية وبشكل كامل ونهائي، اذا كان لنا ان نستعين بالاساطير التوراتية اليهودية. ومنذ ذلك التاريخ، اصبح «ديفيد» ملكا فعليا على كل المنطقة، واصبح الملكوت اليهودي على الارض قريب المنال، ان لم يكن قد صار في المنال. ومنذ عام 1967، صال فتى اسرائيل وجال، وهو يحمل سيف «مارس» الروماني، وترس الملك داود السداسي الاطراف، واصبحت اسرائيل سيدة الشرق الاوسط بلا منازع. وفي عام 1991، وبعد مؤتمر مدريد واتفاقيات اوسلو، جاء الاعتراف بهذه السيادة بشكل رسمي من خلفاء غوليات انفسهم، او العالم العربي، بمثل ما جاء ملوك المنطقة إلى يشوع خاضعين من قبل. العالم العربي الذي كان لا يعترف بشرعية ديفيد جملة وتفصيلا قبل ذلك التاريخ، فإذا به اليوم يمنحه شهادة رسمية بحق الوجود، بعد ان منحه ذات الشهادة فعليا في اعقاب حرب حزيران.

ولكن، اذا كان عام 1991 قد شهد بلوغ الفتى الاسرائيلي اشده، ووصول اسرائيل إلى قمة القوة والعنفوان والعلو في الارض، فإنه يمكن القول كذلك ان عام ألفين يعني بداية ظهور مؤشرات الانحدار ايضا، وبداية كهولة ديفيد، منظورا إلى المسألة من زاوية اخرى. فمنذ هذا التاريخ تتصرف اسرائيل على انها هي الوجود الاوحد في المنطقة، بعد ان كانت تستجدي، رغم قوتها الفعلية، مجرد شرعية الوجود من جيرانها. فمهما كانت قيمة الاعتراف الدولي بها، ومهما كانت مساندة القوى الكبرى في هذا العالم لها، إلا انها كانت قبل ذلك اول العارفين بأن ذلك لا يجدي فتيلا في نهاية المطاف طالما ان جوارها لا يقبلها، وانها لم تستطع ان تتعمق بجذورها في ارض لا تقبلها كنبتة غريبة، برغم كل الاساطير. من هنا، فان الرغبة الاسرائيلية في السلام كانت رغبة استراتيجية حقيقية بالفعل، من حيث الرغبة في الالتصاق النهائي بمحيطها العربي والشرق اوسطي. نعم كان للظروف الفلسطينية (الانتفاضة)، والاقليمية (حرب الخليج الثانية)، والدولية (سقوط الكتلة الشرقية)، في بداية عقد التسعينات من القرن العشرين دور في ظهور وسيادة مفهوم التسوية، وجنوح العرب عموما إلى السلم مع اسرائيل، لكن اسرائيل ذاتها كانت تعلم باهمية هذا السلام لأمنها في المدى الطويل.

وليس ادل على ذلك من ان اسحاق رابين، احد ابطال «حرب التحرير»، و«حرب الايام الستة»، ومحطم اذرعة اطفال الانتفاضة الاولى، جنح للسلم واسرائيل في قمة عنفوانها، بعد ان غابت ايران وغاب العراق عن ساحة القوى الاقليمية العربية، واصبحت الولايات المتحدة هي القوة الاوحد في عالم ما بعد الحرب الباردة. لم يكن رابين مجبرا على عقد الاتفاقيات مع جيرانه العرب الذين اصبحوا في الحضيض، لولا قناعته ان القوة الاسرائيلية لن تكون ذات جدوى في المدى الطويل، طالما هناك شعب اخر ينازع الاسرائيليين على شرعية حيازة ارض فلسطين التاريخية، وطالما كان هناك محيط عربي يعادي وجود الدولة الاسرائيلية جملة وتفصيلا، فقد تستطيع القوة المجردة الحفاظ على امن ووجود اسرائيل لبعض الوقت، لكنها لا تستطيع ذلك كل الوقت. من هنا كانت قناعة رابين ورفيقه بيريس في ضرورة الوصول إلى حل نهائي للقضية، من اجل امن اسرائيل ذاتها في النهاية، لا حبا في العرب، وليس من اجل السلام بذاته. فمع اتفاقيات مدريد واوسلو، استطاعت اسرائيل ان تحصل على ما لم تستطع الحصول عليه طوال نصف قرن من الزمان، رغم القوة المجردة، وبذلك نعني الاعتراف العربي بشرعية الوجود الاسرائيلي على اكثر من سبعين في المائة من ارض فلسطين التاريخية. ولم يعد هناك شيء اسمه فلسطين، وباعتراف العرب انفسهم، إلا ما يقارب الثلاثين في المائة من فلسطين التاريخية، اما الباقي فهو «ارض اسرائيل»، وباعتراف العرب انفسهم.

وسارت الامور على ما يرام، سواء وفق تصورات الجانب العربي، والفلسطيني تحديدا، او الجانب الاسرائيلي، حتى جاءت حادثة اغتيال اسحاق رابين عام 1995، وفوز نتانياهو عام 1996 في انتخابات رئاسة الحكومة الاسرائيلية، لتعطي مؤشرا قويا على تلك التغيرات التي حدثت للفتى الاسرائيلي منذ ان بلغ اشده، سواء في بنية الفتى ذاته (المجتمع الاسرائيلي)، او في سلوكيات هذا الفتى (سياسته مع دول الجوار العربي). فمنذ مدريد، والتفاوض المباشر والعلني مع الجيران العرب، بدأت اصوات معينة ترتفع في اسرائيل بأن «ديفيد» لم يعد بحاجة إلى السلام، او اي نوع من التسوية مع دول الجوار العربي، طالما ان القوة الذاتية لاسرائيل قادرة على شكم لجام خلفاء غوليات، بل وقادرة في اي لحظة على تحقيق ذلك الحلم التوراتي الاسطوري بأرض ميعاد تمتد في النهاية من النيل إلى الفرات، ان لم يكن جغرافيا فليكن اقتصاديا، وتتحقق مملكة داود وسليمان، ويعود الهيكل من جديد إلى «جبل الهيكل». السلام يكمن في القوة الذاتية المحضة للفتى الاسرائيلي، ولا اعتبار لأي اعتبارات اخرى مهما كثرت. اما اصحاب «الواقعية السياسية»، فلم تعد هناك حاجة إليهم، ومن هنا يمكن فهم ابعاد اغتيال رابين، وهيمنة اليمين، وخاصة اليمين الديني، على مجريات الامور في الدولة الاسرائيلية التي بناها الواقعيون وبدأ يهيمن عليها الاسطوريون.

فتصريحات عنصرية لحاخام مثل عفوديا يوسيف، او زيارة حمقى لرجل مثل ارييل شارون إلى المسجد الاقصى، وتلك الصلافة التي كان نتانياهو يتعامل بها مع الآخرين، كلها مؤشرات لابتعاد اسرائيل عن الواقعية السياسية، والجنوح شبه الكامل إلى الاسطورية التوراتية، التي تحمل في طياتها كل عنف وكل رفض لما هو غير يهودي، ولا ترى العالم إلا من خلال توجيهات «جاشوا» (يشوع) التوراتي لقواده من ارباب الحرب والدمار، وهم على ابواب اريحا. ومن هنا، يمكن ان نفهم السياسة الاسرائيلية الحالية في التعامل مع انتفاضة الشعب الفلسطيني، وفي الموقف من مفاوضات السلام وما يجب او لا يجب التفاوض حوله، بالرغم من كل حقائق الارض. فالشعب الفلسطيني جزء من عمق عربي واسلامي جغرافي وديموغرافي وتاريخي، وبالتالي فإنه لا يمكن قمعه على المدى الطويل، وان كان ذلك ممكنا في المدى القصير. والمسجد الاقصى جزء من تاريخ وواقع اسلامي ملموس، وليس هيكلا اسطوريا لا يعرف له تاريخ ملموس. كل هذه الامور عبارة عن حقائق تفرض نفسها على كل من يمارس السياسة في مثل هذه المنطقة من العالم، لكنها تصبح خفيّة او لا وجود لها، وما ان يضع احدهم على عينيه نظارة الاسطورة، مستندا إلى قوة مجردة ليس من الضروري ان تدوم إلى اخر الدهر. لذلك فأنني اعتقد ان اسرائيل قد بدأت في انحدار من قمة القوة التي اعتلتها حين كانت تمارس الواقعية السياسية، لتعود من جديد إلى الاسطورة التي قد تمنح الاحساس المخدر بالقوة، لكنها تنتزع القوة الحقيقية اذا ما استحوذت على الذهن والسلوك بالكامل. فالواقعية السياسية هي التي جعلت رجلا مثل بن غوريون يقبل بقرار التقسيم، المناقض للاسطورة التوراتية. وهي التي جعلت رجلا مثل رابين يفاوض العرب والفلسطينيين، مناقضا بذلك اصحاب العهد والقائلين بارض الميعاد. فحقائق التاريخ والجغرافيا، ومتغيرات السياسة والاجتماع، تفرض نفسها في النهاية، مهما كانت قوة الاساطير المؤسسة، ومهما كانت القوة المجردة التي تدعم مثل هذه الاساطير، والايام حبلى على اي حال.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م