مختصر شديد عن الدولة العباسية
مختصر شديد عن الدولة العباسية
قال أبو هاشم مولى مسلمة : لم يزل لبني هاشم بيعة سر ، ودعوة باطنة منذ قتل الحسين بن علي .. ولم نزل نسمع بخروج الرايات السود من خراسان وزوال ملك بني أمية حتى صار ذلك ..
وقيل لبعض بني أمية : ما كان سبب زوال ملككم ؟ قال : اختلاف فيما بيننا واجتماع المختلفين علينا ..
قال الهيثم بن عدي : حدثني غير واحد ممن أدركت من المشايخ ، أن عليا بن أبي طالب أصار الأمر الى الحسن ، فأصاره الحسن الى معاوية ، وكره ذلك الحسين ومحمد بن الحنفية ..
فلما قتل الحسين بن علي صار أمر الشيعة الى محمد بن الحنفية ، وقال بعضهم الى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم الى محمد بن علي بن الحسين ثم الى جعفر بن محمد ..
والذي عليه الأكثر ، أن محمد بن الحنفية أوصى الى أبي هاشم ابنه عبد الله بن محمد بن الحنفية ، ولم يزل قائما بأمر الشيعة يأتونه و يقوم بأمرهم ويؤدون اليه الخراج ، حتى استخلف سليمان بن عبد الملك ..
فأتاه عبد الله وافدا و معه عدد من الشيعة ، فلما كلمه سليمان ، قال : والله ما كلمت قرشيا قط يشبه هذا . فأجازه سليمان و قضى حوائجه و حوائج من معه .
ثم شخص (عبد الله) وهو يريد فلسطين . فلما كان بأرض الأردن ، ضرب الأمويون له أبنية في الطريق ومعهم اللبن المسموم . فكلما مر بقوم قالوا له: هل لكم في الشراب ، قالوا جزيتم خيرا ، ولم يشربوا .
ثم مروا بآخرين فعرضوا عليه الشراب ، قال : هاتوا . فلما شرب واستقر في جوفه ، قال لأصحابه ، وكان قد نهاهم عن الشراب : إني ميت فانظروا من القوم! . فنظروا فاذا هم قد قوضوا بيوتهم وذهبوا .
فقال : ميلوا بي الى ابن عمي وما أحسبني أدركه ، فأسرعوا حتى أتوا الحميمة من أرض الشراة جنوب الأردن ، وبها ( محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ) . فنزل بها .
فقال يا بن عمي : إني ميت وقد صرت اليك ، و أنت صاحب هذا الأمر . وولدك القائم به ثم أخوه من بعده ، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الرايات السود من قعر خراسان ، ثم ليغلبن على ما بين حضرموت و أقصى إفريقيا ، وما بين الهند و أقصى فرغانة .
فعليك بهؤلاء الشيعة ، واستوص بهم خيرا ، فهم دعاتك و أنصارك ، ولتكن دعوتك خراسان لا تعدوها ، لا سيما مرو . فاذا مضت (سنة الحمار) سيولد لك ولدان تسمي كل منهما عبد الله ، فوجه رسلك الى خراسان ، منهم من يقتل ومنهم من ينجو حتى يظهر الله دعوتكم .
قال محمد بن علي : يا أبا هاشم وما ( سنة الحمار ) ؟
قال : انه لم تمض مئة سنة من نبوءة قط ، الا انتقض أمرها ، لقوله عز وجل (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ، ثم بعثه . قال كم لبثت ، قال لبثت يوما أو بعض يوم ، قال بل لبثت مائة عام ، فانظر الى طعامك وشرابك لم يتسنه ، وانظر الى حمارك ولنجعلك آية للناس )
ولم يكن لمحمد بن علي بن عبد الله بن العباس في ذلك الوقت ولد يسمى عبد الله ، فولد له من الحارثية ولدان سمى كل منهما عبد الله ، وكني الأكبر أبا العباس و الأصغر أبا جعفر ، فوليا كليهما الخلافة .
يتبع
__________________
ابن حوران
|