مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 12-10-2001, 06:44 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post التذوق والفهم

التذوق والفهم-

الموسيقى التي أبدعتها الشعوب المختلفة لا تخلو من نقاط تشابه، و نقاط التشابه هذه لا تلفت انتباهنا لأنها ليست علامات مميزة (بكسر الياء المشددة) إذ أنت لا تعرف الناس مما يشتركون فيه مع غيرهم و إنما تعرفهم مما يميزهم من سواهم. و لا بد من تدقيق في هذه النقطة:
خلافا لأفلاطون لا يوجد "مثل" للإنسان نقيس عليه أفراد هذا النوع العيانيين، فلا يوجد غير هؤلاء الأفراد المتعينون، و مع ذلك فمن التجربة نتعود على المشترك و على تمييز الخصال المتفردة ضمن هذا العموم فالأوروبي متعود على رؤية لون محدد للجلد و حجم معين للإنسان إلى آخره، و باختصار: ما يمكن أن يكون عليه "الإنسان"، و تبدأ الدهشة حين يصطدم ابن مجتمع معين، هذا المجتمع مثلا بخواص غريبة لم يرها من قبل: الجلد الأسود مثلا في بداية عهد الاستعمار أو قبله.
و الموسيقى تخضع لهذه الخواص العامة للإدراك فثمة خواص عامة للموسيقى العربية تحدد لك مثلا "ما يمكن أن تكون عليه الموسيقى العربية" و حين تظهر خاصية لم توجد من قبل يكتشف ابن المجتمع ذلك. قلت: "الموسيقى العربية" مصطلح استخدمته لتسهيل الشرح و إلا توجب المزيد من التدقيق إذ أن الموسيقى الأندلسية التي هي عربية و الموسيقى السودانية التي هي عربية أيضا تختلفان كل الاختلاف عن الموسيقى المشرقية (مصر و بلاد الشام، بعض بلاد المغرب العربي، الخليج و العراق، التي غالبا ما نعنيها حين نقول "الموسيقى العربية" هل إدراك التميز و عدم التميز شعوري أم غير شعوري؟
عد إلى مفهومك ل: "الحصان" مثلا و قل لي: هل تذكر متى تعلمت أن تميز الحصان من غيره؟ أكثر من ذلك: هل تستطيع أن تعد لي الآن: ما الذي يميز الحصان. جرب و سترى أن الأمر ليس بهذه السهولة فهو: حيوان (ليس تمييزا كافيا) ذو أذنين قصيرتين (ليس كافيا أيضا) و حجم معين و أكمل السلسلة لتستنتج أن جواب التلميذ في النكتة: ألم ترى في حياتك قطة يا أستاذ؟ هو الجواب الذي يخطر على البال.
نحن نميز إذن استنادا إلى ذاكرة بصرية خرساء لا يسهل تحويلها إلى كلام، هذا في الحصان أما في الموسيقى فنميز استنادا إلى ذاكرة سمعية لا نستطيع التعبير عنها بسهولة، و يتولى علم الموسيقى تحديد مكونات الموسيقى و تسميتها و وصف بنيتها. غير أننا لا نحتاج إلى الموسيقى النظرية لمعرفة أن هذه الموسيقى سودانية و ليست من بلاد الشام كما لا نحتاج إلى كتاب علم الحيوان لتمييز الخروف عن العنزة.
و نتابع فنقول إن المرء لا يحتاج إلى معرفة قواعد الموسيقى ليتذوقها، غير أنك تحتاج إلى معرفة هذه القواعد لتصف بناءها و لتستطيع تحويلها إلى رموز بحيث يعزفها حتى الذي لم يسمعها سابقا. و بالاستناد إلى هذه الرموز تستطيع أن تبرهن لشخص لا يتذوق الموسيقى مثلا أن هذه سودانية و ليست شامية (و إلا كيف ستبرهن له! فكر في هذا السؤال!).
وظيفة الترميز إذن هي وصف الأشياء و إعادة بناءها عند اللزوم و البرهان على هذا البناء عند التشكيك فيه. تأمل فيما فعل الخليل رحمه الله في العروض.
فالشاعر قبل الخليل كان ينظم شعرا موزونا و لكنه لم يكن يستطيع أن يبرهن على أن شعره موزون إن قال له أي واحد: هذا الشعر ليس على الوزن (مثل أي واحد الآن بعد الخليل لم يتعلم العروض) حتى لو أن ذوقه قال له: هذا موزون.
عود إلى موضوع "التذوق و الفهم":
التذوق قد يعني الاستمتاع و قد يعني مجرد إدراك منظومة من الموجودات (البصرية أو السمعية إلى آخره) باستمتاع أو بغير استمتاع. لنسم هذه المنظومة "منظومة الموجودات المحسوسة". و الفهم يخص بحصر المعنى تعامل الإنسان مع اللغة أي استخراج المدلولات من الألفاظ. و قد يعني معرفة الأسباب للنتائج الموجودة.
هل سمعت مرة الموسيقى الصينية؟ لقد سمعتها أنا فقلت: أنا غير قادر على تذوق هذه الموسيقى. و بالاستعانة بمعلوماتي في علم الموسيقى (التي هي ليست كثيرة و لكنها مفيدة لأنها معرفة بألف باء الموسيقى) "فهمت" أن السبب هو بناء هذه الموسيقى على منظومة "غير ممكنة" من الارتباطات بين الأبعاد الموسيقية. غير ممكنة في الموسيقى العربية. كأنك ترى إنسانا شعره أخضر و طوله عشرون سنتيمترا أو ثلاثة أمتار.
لا بد لك لكي تفهم نصا لغويا فهما جيدا من خبرة معقدة جدا بألفاظ اللغة و معانيها الممكنة و ارتباطات هذه الألفاظ الممكنة و معانيها الأصلية و المجازية إلى آخره.
و لا بد لك لكي تتذوق الموسيقى بمعنيي التذوق المذكورين آنفا من خبرة معقدة أيضا مع هذه الموسيقى بإيقاعاتها الممكنة و ارتباطات أبعاد الأنغام المكونة الممكنة (المقامات).الجمل الموسيقية الممكنة.
معنى التذوق الأول الذي هو الاستمتاع غير ممكن لأن شرط الاستمتاع في رأيي هو رؤية نظام معين لما أسميته منظومة الموجودات المحسوسة و لا يمكن رؤية النظام الممكن بدون خبرة طويلة بأشكال توزع العناصر في هذه المنظومة و بالعنصر نفسها ( أنت تعرف مثلا أن حرف القاف لا يوجد في اللغة الألمانية فأنت تنكر وجود أي كلمة ألمانية مزعومة تحتوي على هذا الحرف لأن عندك خبرة بالعناصر و توزعاتها، و ثمة كلمات غير ممكنة تستبعدها لمعرفتك بالقواعد إلى آخره)
كيف ستتمتع بالموسيقى الغربية و أنت تحس أنها مجرد أصوات اعتباطية لا رابط يجمعها؟
الاستمتاع بالموسيقى شرطه الأول إدراك "المنظومة الممكنة" للأنغام ثم التذوق للجمال و هو الزيادة على الإدراك. فأنت لا تعرف جمال المرأة إن كنت لا تعرف كيف تكون النساء عموما كشرط أول!
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 16-10-2001, 05:52 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

أخي محمد،
أرى أنك عرفت التذوق والفهم في تحليلك كالتالي:

التذوق نوعان:
1. التذوق بمعنى الاستمتاع بالمنظومة بحيث يتولد لدى المستمع القدرة على إدراك مواطن الجمال تلقائيا.
2. التذوق بمعنى إدراك العلاقة -لا شعوريا- بين المنظومة وبين مجموعة المنظومات المحتملة، باستمتاع أو بغير استمتاع.

الفهم: يختص بالقدرة على ترميز النظومة بحيث يمكن اشتقاق أشباهها منها، أو استثناء غيرها مما ليس مثلها.

وهو تعريف جميل لم أكن لأصل إليه بنفسي ، ولكنني أراه مناسبا، ولدي بعض الاستفسارات.

أين يقع الإبداع من كل هذا؟
فالمبدع لا بد أن يكون لديه التذوق بمعنييه، أي أن يكون قادرا -سماعيا في حالة الشعر- على معرفة مواطن الجمال أولا وتذوقها، وعلى معرفة طيف المنظومات الممكنة، أيضا سماعيا، وفي نفس الوقت، فإن عليه أن يكون قادرا على إدراك (فهم) نظام الشعر بحيث يستطيع أن ينسج على نفس المنوال دون أي تكلف، سواء كان الفهم ناتجا عن فهم لنظام الترميز، أو كان فهما سماعيا.

والسؤال الآن: هل يعني هذا أن احتمال التطور في طيف المنظومات الممكنة غير وارد؟
ألا يمكن لنا كعرب أن نطور منظومة جديدة لم نكن نستمتع بها من قبل، أم أننا محصورون بمجموعة معينة لا يمكن لنا أن نتعداها؟

أعتقد أن الجواب لا شك أن التطور وارد.

السؤال الثاني: إذا كان التطور جائزا، فهل على المنظومات الحسية المحدثة أن تبدأ نشازا، إلى أن تعتاد عليها الأذن فتصبح متذوقة (بفتح الواو)؟ أم أن إحداث لون جديد من المنظومات الحسية قد يكون بشكل تتذوقه الحواس العربية دون سابق مثيل ودون حاجة إلى مراس؟

مجرد أسئلة، أرجو أن نتناقش فيها.

أخوكم عمر مطر
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 17-10-2001, 08:06 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

أخي المحترم
أود أولاً أن أهنئك بالفعل على قراءتك الدقيقة التي لا تترك شاردة ولا واردة من المقروء وهذه بحد ذاتها خصلة قيمة.
وبعد هذا أهنئك على القدرة على مناقشة المفاهيم الدقيقة وإنتاجها أيضاً مما يجعلني أطرح السؤال ولا تؤاخذني على قلة معرفتي بك وهذا مألوف عندنا مع الأسف حيث تتوزع الساحة الثقافية إلى شلل لا تتعاطى الشأن الثقافي إلا مع بعضها: هل لديك أنت نفسك كتابات في هذه المواضيع.إن كان الجواب نعم فسأكون لك من الشاكرين إذا أطلعتني عليها.
وأنت تطرح سؤالين وجيهين يحتاجان إلى مناقشات طويلة عسى أن يوفقني الله إلى المساهمة بها في الوقت القريب.
ولكنني الآن أقول فيما يتعلق بالسؤال الأول:
التغير في المنظومات المتذوقة والمفهومة –كلا الصفتين اسم مفعول- أمر مشاهد وإن كنت أقارن دوماً باللغة فلأعد إلى اللغة أيضاً لأقول إن اللغة دائمة التغير ولكنها كقاعدة عامة لا تتغير اعتباطياً ولا تنتقل فتصبح لغة أخرى موجودة فالعربية ما دام العرب موجودين تتغير كعربية ولا تصبح إنجليزية فهي تحافظ على قواعدها النحوية والصرفية والصوتية العامة وتتغير في عناصر محددة.
وكذلك مثلاً الموسيقى وحين تتغير الموسيقى العربية فما نشاهده الآن أن إيقاعات غنية تختفي في أغاني الشباب-ليس كل الشباب هكذا بل أعني السطحيين منهم-لصالح عدد قليل من الإيقاعات السريعة وثمة تغيير في الآلات الموسيقية واختفاء للمقامات الموسيقية التي لا تناسب الآلات الغربية.
وثمة تغيير مرغوب به في نظري هو ذاك الذي يغني الموسيقى ولا يفقرها.
ولك يا سيدي الفاضل أن تعمم على الشعر.
ولي إن شاء الله عودة إلى هذا الموضوع مع التحية والتقدير
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 17-10-2001, 12:04 PM
عمر مطر عمر مطر غير متصل
خرج ولم يعد
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2000
المشاركات: 2,620
Post

لا يا سيدي، فأنا شاعر وحسبي، ولكنني أجد مادتك قيمة، ويشدني إليها أسلوبك في الطرح.

وقد كان بيني وبين الأخ المبرح نقاش حول موضوعيك عبر الهاتف، فلعله يشاركنا هنا إن وجد الوقت لذلك.

وهذا عنواني أخي الكريم إن أحببت أن تراسلني، أو أن تطلعني على بعض دراساتك في المسألة.

omarma6ar@hotmail.com

في انتظار تفصيلك على ما أثير في الرد السابق.

وأعتقد أن أستاذنا، خبير العروض، الأستاذ خشان خشان قد يجد له فسحة لربط هذه المادة مع دراساته في العروض.
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 17-10-2001, 07:44 PM
mubarrah mubarrah غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 81
Post

أنا لا أدعي فهماً للموسيقى الكلاسيكية ، ولا أهز رأسي طرباً لها كأخينافي موضوع هل تفهم في الموسيقى الكلاسيكية ، لكنني بالتأكيد أتذوقها ، أرتاح لسماعها ، وأشعر أنها تسير بي في ظلال الطبيعة متصاعدة هابطة. وكذلك أتذوق الموسيقى الصينية ، أشعر فيها بحزن شرقي ، وإن كنت ألمس ما تقوله من أنها نسيج آخر مما لا يمكن في الموسيقى العربية ً- تبعاً لاصطلاحك فيها-.
عندما أطلع إلى نتاجات فنية ، سواء كانت موسيقى ، شعرا ،ً رسماً، من ثقافات أخرى ، أبقى ابناً لثقافتي وحضارتي الغنية ، أعتز بها ، وأشعر بأن الفن تراث إنساني ، تسهم فيه الشعوب بحظوظ مختلفة ، وأباهي أن لحضارتي الإسلامية القدح المعلى في مختلف الميادين.
تبرز المشكلة عندما ينبهر المرء بثقافة أخرى ، ويشعر بالتصاغر أمامها ، فيأخذ بالتقليدالممجوج ، أو يحاول أن يلبس حضارته ثوباً آخر لا يناسبها ، فيأتي النتاج مشوهاً ، لا هو يرقى إلى الثقافة المقلدة - بفتح اللام - ، ولا هو يُبقى على مواطن الجمال في حضارته ، بل ربما يأتي على ثوابتها.
تعرضت الحضارة الإسلامية لانتكاسات ، بقيت آثارها إلى اليوم ، لأسباب كهذه ، فانبهار المسلمين بالفلسفة اليونانية أدخل مسائل فلسفية على العقيدة الإسلامية ، حولت نقاءها إلى جدل عقيم ، في ما يعرف بعلم الكلام ، وما أدل اسم هذا العلم عليه! بل أدت إلى انحرافات عقدية عند فلاسفة كبار كابن سينا والفارابي ، في محاولتهم أن يلبسوا الإسلام فلسفة أفلاطون.
وفي الأدب العربي عرفنا صورة أخرى في العصر الحديث ، تجلت في بعض شعر الحداثة وما بعد الحداثة ، فأنت تقرأ تهويمات لا معنى لها ، ولا تستطيع فهم نص أدبي لبعض الشعراء كأدونيس وغيره دون أن تحفظ أسماء كل آلهة اليونان ، وأبطال الأساطير التي هي قصص شعوب حاولت بها تفسير الحياة ، فغرقت في لجج التيه.
هذا من جهة ، من جهة أخرى فإن المبدع المتمكن من ثقافته وحضارته ، عندما يقرأ الثقافات الأخرى ، فإن ذلك يزيده ثراء ، وكما أشرت سابقاً باعتبار الفن تراثاً إنسانياً ، يدرك تميز ثقافته أولاً ، ثم ما يجعل الثقافة الأخرى متميزة فيأخذ منها ما يتناسب ونظمه ، وينشئ ألواناً جديدة ، هي في الحقيقة ما يجعل الحضارة كائناً متجدداً ، يستحق البقاء.
في مجال الفلسفة التي مثلت لها سابقاً يبرز فلاسفة مسلمون كالغزالي ، وابن تيمية ، وهؤلاء عرفوا جوانب القوة في الفلسفة اليونانية ، وتهافتها كما يقول الغزالي في مناح أخرى ، وأخرجوا ما يمكن أن يطلق عليه الفلسفة الإسلامية ، التي تنبع من ثوابت العقيدة ، وتخاطب العقل بالمنطق اليوناني البارع.
وفي الأدب يبرز لنا تجربتان ، أثرتا الأدب العربي أيما إثراء هما الأدب الأندلسي وأدب المهجر ، وبالتأكيد لم تخل الحداثة من محاسن ، تبرز في قراءاتنا لشعراء كالسياب ومظفر النواب ، ففي مثل هذه الحالات ظهرت صور جديدة من الأوزان وموسيقى النص ، وكذلك الصور الفنية والأدبية ، التي أصبحت الآن إرثاً عربياً ، يضاف إلى تراث هذه الأمة المجيد.
أشكر لك إثراءك الساحة بمشاركتيك المتميزتين ، وأشكر لأخي عمر تلخيصه الدقيق ، وقراءته العميقة لهما، وإلى مزيد من الحوار الغني الممتع.
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 18-10-2001, 05:02 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

الأخ الكريم عمر
يبدو لي أن المنظومات الحديثة لا تبدأ نشازاً ففي مثال الموسيقى الغربية الصاخبة التي تحبها أقلية من الشباب عندنا يبدأ الأمر كالموضة بالتقليد الأعمى دون تذوق لا سلبي ولا إيجابي حتى نتكلم عن "نشاز" وبالنسبة للمتذوقين للموسيقى العربية فهم لن يقبلوا هذا النوع من الموسيقى بحال. ولو نظرت إلى انتقال الشعراء من العمودي إلى التفعيلة لوجدت مراحل وسطى بين هذين الشكلين ولوجدت لهذا أن التفعيلة ليست تماماً "نشازاً".
وسأرسل بإذن الله على عنوانك عنواناً في الإنترنيت تجد فيه كتابات أخرى لي.
الأخ الكريم المبرح
ثمة باحث عربي فلسطيني اسمه حبيب توما نشر بالألمانية كتاباً اسمه"موسيقى العرب" وفيه تجربة أجراها على عرب وغربيين تتعلق بالانطباع الانفعالي الذي أحسوه بعد سماع مقطوعة من الصبا.
وهذا المقام بالذات لا يكاد يختلف عربيان في أنه حزين وهو بالذات له هذا الطابع ولا أعرف مقاماً آخر "مختصاً" بالحزن غيره إلا ربما مقام اللامي وهو مستعمل خصوصاً في العراق.
في التجربة قال العرب أنه حزين وأما الأوروبيون فكان لهم تعبيرات مختلفة لا إجماع فيها على شيء وأعتقد أن موقفهم كان توهمياً بحتاً وأظن موقفك من الموسيقى الصينية هو هكذا ولا شك أن الصيني هو المؤهل حقاً لمعرفة البيئة الانفعالية للموسيقى ولتذوقها ولفهمها.
وأنا أيضاً يا سيدي العزيز لا مانع عندي في سماع الموسيقى الكلاسيكية ومقدمة السمفونية الخامسة المشهورة لبتهوفن أحفظها ولو شئت أن أعزفها على العود لعزفتها-ولا تظنني عازفاً محترفاً فأنا أدندن سماعياً على العود.
ولكنني مع ذلك بعيد جداً عن تذوق هذه الموسيقى التذوق الذي وصفته في المقال وعن فهمها.
ولنأخذ مثلاً من موسيقى صعبة عربية هي موسيقى الأدوار والموشحات: هذه موسيقى صعبة تستعمل إيقاعات غير بسيطة ولها استعمال حاذق للمقامات واللحن الذي تستعمله لا يتألف من جمل بسيطة سهلة الإعادة بحيث أن حفظ دور أو موشح واحد يستلزم ما يستلزمه ربما حفظ عشرين أغنية خفيفة من الأعاني الدارجة أو أكثر ولا شك أن هذا النوع من الموسيقى ممل بالنسبة للسامع العادي ولكنني أزعم أن السامع العربي يستطيع على كل حال بالتدريب والدراسة-أي بالفهم-أن يصل إلى تذوقها هذا إن كان لديه أصلاً ميل إلى الموسيقى والسبب هو أن القاعدة العامة للموسيقى ألحاناً وإيقاعاً موجودة في الأغاني البسيطة التي يعرفها هذا الإنسان. أما الأوروبي فليست لديه منذ البداية هذه المعرفة.
بالمناسبة وكما تعلم الموسيقى الأوروبية ليست غريبة كلياً على العرب لأنها تستعمل مقامين-الكبير والصغير وهما مقامان موجودان في الموسيقى العربية-العجم والنهوند والسلم المؤلف من اثني عشر نصفاً موجود عندنا وإن كنا نحن نفصله أكثر فنجعله أربعة وعشرين ربعاً.
الموسيقى الصينية هي أبعد عن العربية بكثير وأعتقد أن النظام الموسيقي عندهم مختلف. على أن المرء قد يستمع إليه ويتخيل انطباعاً كتخيلات الأوروبيين عن الصبا التي لو قرأتها لعجبت وأنكرت وقلت:هل الحديث عن الصبا؟
وأخيراً أستغرب ملاحظاتك على الفلسفة الإسلامية التي تدلني على أنك على ما يبدو لا تستلطف هذه الفلسفة لاستيرادها أفكاراً يونانية وأنت الذي تدعو إلى الأخذ من الحضارات الأخرى!
ويونانية الفلسفة كما يقول بعض الباحثين الجدد هي يونانية اللغة لا القومية فقد كان أغلب الفلاسفة غير يونانيين وأعيدك إلى كتاب قيم لجورج طرابيشي في نقد الجابري اسمه نقد نقد العقل العربي وخصوصاً الجزء الأول – نظرية العقل
وأشكركما على الحوار الغني الممتع وأحييكما

[ 18-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: محمد ب ]
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 20-10-2001, 03:17 PM
الصمصام الصمصام غير متصل
ذهـَــبَ مـَــعَ الرِيحْ
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 1,410
Post

.أخى الكريم محمد:
نستطيع أن نقول وبناء على ما سبق طرحه أن للألفة
دور مهم فى تذوق الموسيقى بشكل عام بغض النظر
عن معرفة المتذوق للقواعد الموسيقية فالألفة والتعود
يجعلان الفرد يتذوق تذوقا استمتاعيا لون معين من ألوان
الموسيقى حتى وان كانت لا تتضمن الكثير من الجمال
ومثال ذلك الألوان الموسيقية المحلية لمناطق جغرافية
محدودة نجد أن أهالى هذه المناطق يتذوقون موسيقاهم
ويستمتعون بها استمتاعا عجيبا ومن يكون من خارج هذه
البيئة لا يتفاعل مع هذا اللون بل وربما يستغرب
إستمتاعهم وتذوقهم له لأن أذنه لم تتعود هذا اللحن.
وإذا خرج الفرد من بيئته وتوسعت مداركه الموسيقية
وكان يملك أذنا موسيقية مرهفة تتذوق الجمال الموسيقي
ومع ذلك نجد تأثير موسيقى بيئته المحلية لا يفارقه
حتى وان كانت لاترقى إلى ألوان الموسيقى الأخرى.
فما تفسير ذلك غير الألفة والتعود.
وأنا أعلم أخى الكريم محمد أنك تتحدث عن الموسيقى
الشرقية والغربية ولكن ألا يمكن قياس ذلك أيضا على
ألوان الموسيقى المحلية؟وأيضا على ألوان من الموسيقى
الغربية الغير كلاسيكية؟
نقطة أخرىالموسيقى الغربية الهادئة(السلو)أجد لها تأثيرا
على نفسي وأتفاعل معها تفاعلا حقيقيا غير مصطنع مع
أنى لست مستمعا للموسيقى الغربية.فما سبب ذلك؟
.
وبالنسبة لسؤال أستاذنا عمر عن التجديد وهل يجب أن
يكون نشازا فى أول الأمر حتى نتعود عليه فأنا أوافقك
أخى محمد على ما قلته لكن أحببت أن أضيف (من باب التوسع)
أن أي تجديد يجب أن لا يخرج عن الإطار العام والملامح
المميزة للشكل المراد تطويره سواء كان هذا التطوير
للموسيقى أو الشعر أو أي شيء آخر بمعنى أن لا يفقدنا
التطوير الهوية الأساسية لما نريد تطويره فالنشاز لا
يمكن تقبله حتى وإن فرض علينا ولا يمكن أن نألفه حتى
وإن عودونا على سماعه لأننا نعلم أنه جسم غريب يجب
التخلص منه ومثال ذلك كما طرح الأخ محمد شعر التفعيلة
فهو لا يخرج عن إطار الشعر العمودى بخلاف الشعر الحر
الذىة لا يحمل أي خصائص الشعر.
فشعر التفعيلة يحمل الجينات الوراثية للشعر العمودى
وهو قد ولد من رحم هذا الشعر ألا ترون أنا أحيانا
ننظر لشخص ما فنقول أنه من آل فلان ويكون فعلا كذلك
ويسألك شخص كيف عرفت مع أنه لا يشبههم فى الصفات
الشكلية بشكل دقيق فتقول لا أعرف لكن أرى الدم واحد.
ثم بعد التحقيق والتدقيق ممكن أن تقول أنه يشبههم ف
كذا وكذا،وهذا ينطبق على التطوير فالشيء المطور يجب
أن يعرف مباشرة من اللمحة الأولى أنه ينسب للشيء المطور
ثم بعد الدراسة يمكن إستخراج أوجه الشبه بينهما..
.
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ


( الصـمــــــصـام )
الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 20-10-2001, 03:22 PM
الصمصام الصمصام غير متصل
ذهـَــبَ مـَــعَ الرِيحْ
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 1,410
Post

.

[ 20-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: الصمصام ]
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ


( الصـمــــــصـام )
الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 20-10-2001, 03:26 PM
الصمصام الصمصام غير متصل
ذهـَــبَ مـَــعَ الرِيحْ
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2001
المشاركات: 1,410
Post

.

[ 20-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: الصمصام ]
__________________
-----------------------------
الأصدقاء أوطانٌ صغيرة
-----------------------------
إن عـُـلـّب المـجـدُ في صفـراءَ قـد بليتْ
غــــداً ســـنلبسـهُ ثـوباً مـن الذهـــــــــبِ
إنّـي لأنـظـر للأيـّام أرقـــــــــــــــــــبـهــــا
فألمحُ اليســْــر يأتي من لظى الكــــــرَبِ


( الصـمــــــصـام )
الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 21-10-2001, 06:27 AM
محمد ب محمد ب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
المشاركات: 1,169
Post

شكراً أخي الصمصام على الرد القيم والقراءة المتفحصة
الشعر السوبرحديث الذي اختل نظام المعنى فيه وليس الوزن فقط هو في رأيي النشاز الحقيقي وكما رايت أنت ليس النشازالتفعيلة واوافقك على رأيك تماماً.
بعض أنواع الموسيقى المنتج في الغرب ينسجم مع الأذن العربية إذا كان اللحن فيها واضحا-ليس كل الغناء الغربي هكذا -وفي هذه الحالة فإن الجمل الموسيقية تذكر المستمعالعربي بنظام يعرفه هما العجم والنهوند-الكبير والصغير.
لعلك تذكر لحن موتزارت لفيروز-يا أنا يا أنا..
ولكن هذه الموسيقى حين تسير في دروب أخرى تخرج من النطاق العربي .
بالمناسبة عندنا ليس من المألوف استقلال الموسيقى عن الكلام ومن المألوف عندنا استعمال الصوت البشري ذاته كأداة موسيقية ولا أرى ذلك عيباً لمجرد أنهم في الغرب يفصلون الموسيقى عن الكلام وبالعكس أرى ذلك شيئاً له علاقة بفلسفة هذه الحضارة والذي يرون ذلك عيباً كفؤاد زكريا يعبرون عن عقدة النقص لا أكثر.
مع أطيب التحية

[ 21-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: محمد ب ]

[ 21-10-2001: المشاركة عدلت بواسطة: محمد ب ]
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م