التكامل السوري اللبناني
الحوار بين دمشق وبيروت لا يزال ممكنا، والتفاهم كذلك. صحيح أن هناك من لا يزال يربط مسار العلاقات، بمسار التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن المطلوب والمؤمل هو تصحيح جذري للعلاقات السورية اللبنانية بدءا بالاعتراف السوري النهائي باستقلال لبنان ومرورا بترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي بين البلدين.
وفي هذا الإطار جاء تصريح الموفد السوداني الذي يقوم بوساطة بين لبنان وسوريا أن الرئيس السوري بشار الأسد مستعد لاستقبال رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة، مشددا علي أن الرئيس الأسد حريص علي علاقات طبيعية ومتميزة بين سوريا ولبنان وعلي الحاجة إلي التهدئة بين البلدين، ومؤكدا استعداد سوريا الكامل لتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
إن الإعلان المشترك الذي وقع عليه 274 مثقفا وناشطا وسياسيا سوريا ولبنانيا الرافض لأي محاولة لفرض العقوبات الاقتصادية وسواها علي الشعب السوري وتمسكهم الحازم بالحيلولة دون أن يكون لبنان أو سورية مقرا أو ممرا للتآمر علي البلد الجار والشقيق أو علي أي بلد عربي آخر، هو عين الصواب، فلا يختلف اثنان علي أن العلاقات السورية اللبنانية هي علاقات مميزة ليس في بعدها التاريخي فحسب، بل وفي واقعها الحالي، والأسباب في تميز هذه العلاقات، خلافا للمعطيات الجغرافية البشرية والتاريخية المتشابهة، تستند إلي الاحتياجات الاقتصادية والمصالح المشتركة للبلدين، فضلا عن المعطيات السياسية الخاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي الذي ما زالت سوريا ولبنان تمثلان قاعدة المواجهة السياسية فيه.
في النهاية لا بد من الاتفاق علي أن احترام وتمتين سيادة واستقلال كل من سوريا ولبنان في إطار علاقات ممأسسة وشفافة تخدم مصالح الشعبين هي الأسلوب الأمثل لتعزيز مواجهتهما المشتركة للعدوانية الإسرائيلية ومحاولات الهيمنة الأمريكية، وهو ما أكد عليه إعلان المثقفين. إن تعميق التكامل السوري اللبناني يجب أن يوضع من أجل تحقيق المصالح المتبادلة بين البلدين، ولذلك لابد من التعامل في إطار خدمة الشعبين.