مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #21  
قديم 02-08-2006, 10:24 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

في الظروف السيئة تضيع معاني البطولة :

في كثير من الأحيان ، يطرح تجار بضاعة يسمونها بضاعة نهاية موسم (ستوكات ) ، أو تلك التي لم يعد لها بريق يشد المشترين . كما يبيع بعض المزارعين محصولهم في الأرض لأصحاب الأغنام ، كمرعى لرعي أغنامهم به . وقد يكون من بين البضائع في الحالة الأولى عينات فائقة الجودة ، ولكن قرار البيع جعل صاحب البضاعة يغض النظر عن تلك العينات الجيدة .. وفي المثال الثاني ، قد يكون في الحقل عينات متفوقة من المزروعات ، ولكن حساب الحصاد و أجور الجمع قد جعل صاحب الزرع ، يقرر بيعه ، مضحيا بالعينات المتفوقة من المزروعات ..

في الحالة العربية المتردية ، لا تخلو الساحات العربية من أفراد أو هيئات تتسم بالبطولة ، فقد يظهر علماء و فلاسفة و مقاتلين أبطال ، وقد يظهر حاكم إداري في ناحية أو قضاء أو محافظة ، يتسم بالعدل و الإخلاص والروح المعطاءة ، كما قد نجد وزيرا أو قاضيا نزيها ، يقوم بعمله على أحسن وجه ، لكن لا تلمسه الحواس ، ولا تقر بالاعتراف بوجود مثل هؤلاء الأبطال .

قد يخالفني البعض الرأي فيما أقول ، مفندا رأيه ، بأن الناس يقروا ويعترفوا بهؤلاء الأبطال و يلمسوا أثرهم في محيطهم الضيق .. و القول لمن يحمل بمثل هذه الرؤية ، أنه صادق فيما يقول .

لكن قد نجد لاعبا فذا في فريق كرة قدم ، ويلمس من يشاهد مهاراته باللعب أنه لاعب فذ ، ولكن في حالة أن يكون بقية أعضاء فريقه ، من أصحاب اللياقات المتدنية و المهارات الضعيفة ، فإن ذلك لن يغير من النتيجة شيئا .. وسيخرج الجمهور بنهاية المباراة ساخطا على الفريق الخاسر ، ومتناسيا دور ذلك اللاعب الماهر والفذ ..

كذلك الحال بوجود موظف عدل نزيه ، في دائرة تسبح بالفساد ، فإن المراجعين لن يعطوا تقييما لتلك الدائرة ، إلا بالفساد ..

إن خميرة الفضيلة ، تؤدي دورها الفعال ، عندما تعزل عن وسط ما يفسد أثرها ، فكما أن اقتراب العجين من بعض أصناف الطعام ( الشمام مثلا) يفسد ذلك العجين و يجعل الخبز الناتج ذا مذاق غير طيب . فإن أثر الفضلاء في أجواء الفساد ، لن يجعل للفضيلة دورا واضحا ..

لكن لا يفهم من ذلك بأن هناك دعوة خفية ، لترك الساحة للمفسدين ، ولو كانت الحجة التي يتسلح بها أصحاب دعوات عزل الفضلاء عن أجواء الفساد لها ما يبررها ، إذ أن حجتهم تقول : بأن الفضلاء يخففوا من رداءة مذاق الفساد ويطيلون بعمره .. إذ أن جهدهم الفاضل سيجير الى من هم في الحكم ، ويضفي عليه بعض جوانب الخير !

إن رصف جهد الخيرين أينما وجدوا ، وانتباه الكتاب و السياسيين و النقابيين لجهدهم و توظيفه في التأشير على حالات الفساد ، فإنه لن يؤشر على بطولة الخيرين والفضلاء فقط ، بل يجعل الحرب مستعرة على الفساد ، حتى يتم تصفيته بشكل نهائي ..

فكثيرا ما نرى من مقالات ووجهات نظر لمثقفين ، ترسم صورا افتراضية عن شعب بكامله ، مفترضة خلوه من أي عنصر خيِر ، وهذا العمل يسهم بشكل أو بآخر بطمس آثار حراك الخيرين في البلاد ..
__________________
ابن حوران
  #22  
قديم 11-08-2006, 05:27 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

جلد الذات .. هل يعيد العافية للذات أم يجهز عليها ؟

في الظروف الراهنة ، و كون الأمة تمر بحالة التقعر لها ، يبرز على صفحات الجرائد و المجلات و الكتب و الشبكة العنكبوتية ، كتاب احترفوا فن الصياغة و فن تركيب الصور ، وأسلوب الشد للقراء ، ووظفوا تلك الإمكانيات للهجوم على الأمة لكي يغسل أبناؤها أيديهم منها .. ولكل منهم غاية و هدف ، وهم أصناف :

1 ـ صنف لا يمت للعروبة و الإسلام بصلة ، فيجد فرصته الذهبية في الهجوم على الأمة وماضيها و حاضرها بكل ما أوتي من قوة ، دون أن يضيع فرصة ، وكأنهم كلاب سائبة وجدت في وفيات مزرعة دواجن أصيب بوباء شديد لتملأ بطونها ، قبل أن يستعدل حال المزرعة .

2 ـ صنف يساير الصنف الأول ، اعترافا بفداحة الوضع ورداءته و يقدم للصنف الأول غطاء ، ليقول المزيد ، وليمعن في هجومه .

3 ـ صنف تمترس خلف قناعاته ، بأن الذي يحل بالأمة ، هو عقاب لها لأن من يقود صفوفها الرسمية والشعبية ، لا يتبع وجهة نظره ، فهم يتحرقون على الأمة ، لكنهم فرحون في تلك المناسبة ، وكأنها فصلت لهم ليقولوا ما عندهم .

4 ـ صنف يعتقد أن ذكر مساوئ الأمة ونشر غسيلها القذر ، سيكون بمثابة مهماز يحرض به الغيارى ليأخذوا أمكنتهم في وضع الدفاع من ثم الهجوم لتصويب وضع الأمة .

إن أخطر الأصناف هما الصنف الأول والثاني ، فإن الصنف الأول يقوم بطرق خبيثة بفرز وقائع التاريخ للأمة ، ويعزل الرديء منها عن الجيد ، ويوظف أسوأ ما في الرديء في مقالاته بأسلوب ساخر لاذع ، كما يقوم من يستخدم برنامج (الإكسل ) في جهاز الحاسوب .. و يستطيع أن يخدع القراء من خلال أسلوبه الساخر بالتسليم بما جاء فيه من الهجوم على الأمة ليسهم في صناعة مزاج يشرع للإستسلام و قبول وضعنا كأمة دونية ..

لا يترك هذا الصنف فرصة ، في النيل من الأمة ، لا قبل الإسلام ولا بعده إلا ويذكر أردأها ، فإن ذكر له النعمان بن المنذر أو هاني بن مسعود ، فإنه يصفهما بأسوأ الصفات ، وإن ذكر له الحجاج أو وال خلده التاريخ من خلال صفات القسوة ، فإنه سينفذ من خلال تلك الصفة ليصنع نفقا يهاجم فيه الأمة .

ويساعد هذا الصنف من الطابور الخامس في صفوف المثقفين ، كل المتشددين العقائديين الذين كان ولا زال همهم ، أن يفكفكوا مكونات الأمة ، ويتناولوا كل فئة بأسوأ الصفات ، فيجد أفراد الصنف الأول تمهيدا قويا لهم في النفوذ الى مآربهم ..

إن مهمة الغرب الإمبريالي هي طمس فكرة العروبة ، من عقلية أبناء الأمة ، فتارة يبشرون بشرق أوسط جديد ، ليدخلوا به كل من إيران وتركيا والكيان الصهيوني ، لينسفوا بذلك فكرة العروبة ، كموئل للغة التي نزل بها القرآن ومن ثم يدخلون من خلالها على الإسلام كدين ، وقد ابتدأت محاولاتهم منذ بداية القرن العشرين عندما تم تغيير الحروف العربية في تركيا الى حروف لاتينية ، وعندما ظهرت دعوات لكتابة العربية بحروف لاتينية ، أو اعتماد اللهجات المحلية .. وكلها تصب في خدمة تجفيف جهود إبقاء اللغة العربية كمفسر للقرآن و همزة وصل مع تراث الأمتين العربية والإسلامية ..

إن مهمة الدفاع عن تلك الهجمة المبيتة ، تقتضي الوقوف في جبهة عريضة من كل أصناف المدافعين عن الأمة من إسلاميين وقوميين ويساريين .. وتبدأ في إعادة ترميم الثقة لأبناء الأمة بأمتهم .. لأن أي نجاح لهؤلاء الغامزين اللامزين بجوانب الأمة ستؤذي مشاريع هؤلاء كلهم ، ولا تؤذي مشروعا بعينه .

فالمبالغة بجلد الذات يقود الى ترسيخ فلسفة عدم القدرة عن الذود عن حياض الأمة ، وإن كان قصد البعض منه للتحريض على النهوض !
__________________
ابن حوران
  #23  
قديم 16-08-2006, 10:31 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

النخب الدينية المتطرفة الأكثر خطرا في العالم

هناك أكثر من ثلثي سكان العالم من يدينوا بأديان سماوية ، ولو تناولنا الصهيونية كنخبة متقدمة على الديانة اليهودية ، ولو تناولنا المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية كنخبة متطرفة على النصارى ، لرأينا أن معظم إن لم تكن كل مصائب العالم تأتي بفعل تلك النخب الرجعية المتخلفة ..

إن من أخطر الأمور أن تستلهم الضحايا ، أسلوب جلادها ، وهذا ما رأيناه في استلهام ضحايا النازية ( الهتلرية ) أساليب التصفيات ، وتطبيقها في كل من فلسطين والعراق و جوانتانامو ولبنان وأفغانستان ، وهذا ما صرح به المندوب الأمريكي في مجلس الأمن بالأمس عندما ، قال إن قتل وتصفية أبناء لبنان ليس هو نفسه القتل لأبناء الصهاينة ، فأطفال لبنان هم مشاريع إرهابيين ..

في بلادنا الإسلامية هناك أكثر من مليار مسلم ، يؤدي منهم أكثر من النصف فرائضه الإسلامية بانتظام وانسيابية تامة ، و الكثير من هؤلاء لا يعرف لأي طائفة يتبع إلا بالاسم ، وعند عقد القران ، يكون معظم الحضور لا يدرك معنى (زوجتك ابنتي على سنة الله ورسوله وعلى مذهب أبي حنيفة النعمان ) .. ولا يدري عن تلك الفروق بين الحنفية والشافعية والمالكية و الحنبلية والشيعية ، وإن كان يعلم أنه سني أو شيعي ، فإنه لا يؤدي فرائضه إلا كما يؤديها عموم المسلمين .. ولا يمانع الشيعي من تزويج ابنته من سني و العكس قائم .

وان احتاج المسلم أن يتنور بمزيد من التفاصيل ، فإنه يذهب الى أقرب شيخ أو رجل يشهد له من في الحي أنه ثقة ، ويستفتيه في تفصيل غاب عن ذهن ذلك المسلم ..

لكن قامت منذ عدة عقود ، جماعات ( نخب) ، كان همها التفتيش عن كل ما يعلم (يبنط ويضغط) على الخطوط التي لم تكن ترى في الماضي لتفصل بين تلك الطوائف .. وكانت تتفنن في البحث عن غرائب القصص التي توغر صدور المسلمين ضد إخوانهم ، فتنبه من كان غافلا ومتعايشا بسلام مع مواطنيه ، لتقول له : هذا عدوك .. فانتبه منه !

كما قامت جماعات ترفع شعارا ( الإسلام هو الحل ) .. وكأنها تخاطب أناسا غير مسلمين ، وأنها وحدها التي اختارها الله عن دون عباده لترفع هذا الشعار! وطبعا إن ما يجعل تلك الشعارات ذات قيمة استثنائية ، هو ما يسود من أصناف للحكم تجعل المحتقنين يتبعوا أي شعار ..

لن نحاكم هؤلاء لشعاراتهم ، فعيون المسلمين ترى و تتابع مواقفهم وخلطها بين الجيد والرديء ، وهم بذلك لا يختلفون عن المواطنين الآخرين ، سوى أنهم في إحدى مهامهم الأخرى يثيرون الفتن بحسن نية أو بدون حسن نية ..

ليتق كل منا الله في دينه و تعاليمه ، ويتوقف عن إثارة الفتن ، وإن كانت مبررات أداء هؤلاء ، آتية من ردة فعل ، على فعل رديء يقوم به من في الطائفة الأخرى ( وهي مسببات مفهومة ) .. لكن نردد قوله تعالى : (ولا تزر وازرة وزر اخرى ) ..


لقد لفت انتباهي خطابات بوش التي تؤشر على مسألة الخلاف الطائفي ، وأن السنة قد ابتهجوا لضرب الكيان الصهيوني لحزب الله ( الشيعي ) .. وأن المناشير التي كان يلقيها الكيان الصهيوني ، على لبنان تشير ( أيها الناس حملوا حزب الله الشيعي ما حل بكم ) .. هذا بالإضافة الى اغتباط الفرس ( أعدائنا في الشرق) .. الذين جيروا انتصار المقاومة لصواب وجهة نظرهم والكل يعلم كم أذاقوا أهل العراق إبان الاحتلال ( سنتهم وشيعتهم ) الويلات والقتل ..

فلننتبه و لتكن النخب الدينية رافدا واعيا للتعبئة ، من أجل خلاص الأمة من ويلاتها ..
__________________
ابن حوران
  #24  
قديم 23-08-2006, 03:57 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

النخب القومية .. جمود في الخطاب و استفزاز للمشاعر

لم تكن النزعة القومية معروفة ، قبل عدة قرون ، بل كانت الصفة (المناطقية) التي تهم سكان منطقة ، في مكان ما هي التي تحتم شكل الأداء المدني لسكان تلك المنطقة وقياداتهم ، وكانت سعة المنطقة التي تمارس سيادتها على مساحة معينة ، تزيد وتنقص وفق أثر الصراعات العصبية بين العائلات الحاكمة وازدياد قوتها أو اختفائها ، خاضعة لامتداد نفوذ غيرها .

وكانت القوة (الكاريزمية ) تستمد من تبرير ديني ، أو تفصح عن تبجح علني بقوتها .. وهذا النموذج ساد في عصر الطوائف في الأندلس ، كما ساد في عصر الأتابكة ، حيث كان كل أمير يدعي أهلية حكمه ووجوب طاعته من الجميع ، كما أن الغزاة استمرءوا تلك الخاصية ، في التماهي الديني و الطائفي ، كما حدث في الغزو المغولي ، حيث تم اعتناق الإسلام فيما بعد ، لتسهيل مهمة سيطرة الغزاة على الشعوب المحتلة أراضيها ، حيث تتفوق النزعة الدينية على غيرها في تمرير مبررات خطاب السيطرة . وقد حاول نابليون بونابرت استخدام هذا الأسلوب في غزوه لمصر ..

لقد مهد مجموعة من فلاسفة التاريخ ، مثل الإيطالي (فيكو) في تفضيل العنصر الأوروبي ، ووجوده كمركز لحركة التاريخ في العالم والنظر الى بقية أبناء العالم ، على أساس أنهم صنف أدنى و أقل أهمية من الأوروبيين ، مما دفع الى تحريض أبناء العالم في البحث عن خصائصهم التاريخية والمفاخرة بها كرد فعل ، مما فرش الطريق الأيديولوجية لتصاعد النزعة القومية ..

كما أن الصراعات التي كانت تتم بين دول و شعوب تدين بنفس الدين وأحيانا نفس الطائفة ، الى إرجاع أسباب ذلك الصراع لنوازع عرقية ( قومية) .. وهذا النموذج من الصراعات كان منتشرا في أوروبا إضافة الى مناطق واسعة من العالم ومنها منطقتنا ..

وعندما برز فلاسفة أوروبيين مهدوا لوحدة الدول الأوروبية ، معتمدين النزعة القومية (فيخته في ألمانيا ) ، الذي استخدم بسمارك أفكاره لتعبئة الألمان لقيام الوحدة ، وحدث ما حدث في وحدة الألزاس واللورين في فرنسا الخ .

ولكن الملامح التي رافقت تفسخ الدولة العثمانية ، واستقلال دول مثل بلغاريا واليونان وألبانيا و غيرها من دول أوروبا ، هي ما جعلت الفكرة القومية ملاصقة و محاذية لفكرة الاستقلال .. وهذا ما استنبطه الشباب العربي ، خصوصا أولئك الذين بعثهم محمد علي باشا لطلب العلم في فرنسا و ما تلاها من بعثات من مختلف الأقطار العربية ، إبان الاحتلال الذي تلا انسحاب الأتراك ، فتكونت نخب ذات نزوع قومي التقت مع تلك التي تكونت قبيل زوال الحكم العثماني ..

فكان خطابها الأدبي بمختلف أشكاله ، شعرا ونثرا ، يدغدغ المشاعر القومية ، فالتف حوله أبناء العرق العربي ، بمختلف دياناتهم و طوائفهم ، وابتعد عنه الإسلاميون والذين حزنوا بشدة على زوال الحكم العثماني ، كما عارضه أولئك الذين آمنوا بالمعتقدات الماركسية ، وأبناء الإثنيات العرقية الأخرى في مختلف الأقطار العربية ..

رافق تكون المشاعر القومية في بداية القرن العشرين ، حدثين سياسيين هامين ، وبالذات بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، وهما وعد بلفور ، واتفاقية سايكس ـ بيكو ، كما تم تخلي الدولة العثمانية عن تلك المناطق العربية ضمن اتفاقيات نهاية الحرب ، مما جعل الشعور بالترحم على دولة الخلافة العثمانية ينحسر ويتراجع ، لحساب المشاعر القومية .

لقد تولى قسم من النخب القومية ، مهام ضمن حكومات الانتداب الفرنسي والبريطاني ، وكانت تلك النخب أو قسم منها على صلة بقوات الانتداب قبل الحرب العالمية الأولى ، مما جعل وصفها أمام الناس ، لا يخلو من تلوث لدورها وهذا مما جعل خصومها ، يكيلون لها أسوأ الصفات ويحملونها ما يجري للأمة ، لا بل ويحملونها مسئولية انهيار الإمبراطورية العثمانية ..

إن الأجيال التي تلت ذلك الجيل الذي رافق سقوط الإمبراطورية العثمانية ، طورت في خطابها ، بما يتناسب مع ضراوة فعل الاستعمار ، فبرزت أجيال تفلسف لتوسيع دائرة العداء و المطالبة بالتحرر ، فوضعت الإمبريالية والصهيونية والرجعية ، بصف واحد ، وأخذت تصنف الناس والمثقفين وغيرهم حسب اعتقادها ، هذا رجعي وهذا عميل وهذا كذا .

لقد التقطت بعض النخب العسكرية ، تلك الإشارات و أضافتها لرصيدها (الكاريزمي) .. وكانت ما أن تنجح بانقلاب عسكري ، حتى تزيد من وتيرة الخطاب ، وتزيد من سعة أعداءها و خصومها ، حتى أصبحت تعادي مثيلاتها بالخطاب في أقطار عربية أخرى ..

تكونت في تلك الفترة ثلاث كتل لبث الخطاب القومي ، أحدهما في مصر والثانية في سوريا والثالثة في العراق ، وكانت تتبع تلك البؤر الثلاث شرائح من المثقفين العرب ، وتتعاون معها بعض أنظمة الحكم العربية في السودان واليمن والى حد ما الجزائر(فيما بعد) .. في حين انشغلت مناطق عربية في نضالها من أجل التحرر ، في مناطق الخليج العربي و إفريقيا ..

ولكن لم يحدث أن انسجمت البؤر الثلاثة (مصر وسوريا والعراق) في أدائها أو مواقفها ، بل بالعكس كانت في داخلها على خلاف مستمر ، مما أضعف الخطاب القومي بمحاوره الثلاثة المذكورة ، في حين توحدت تلك الخطابات باستعداء أطراف عربية أخرى ، مما جعل وحدة العداء بين أطياف واسعة ، عربية ودولية وهذا مهد الى حالة أشبه بالتجمد في الخطاب و توقفه عند إثارة الهمم الطيبة والصبغة الوجدانية ، وضياع هيبته في خضم السلوك السيئ الذي كان يتنافى مع روح الخطاب ..
__________________
ابن حوران
  #25  
قديم 27-08-2006, 05:39 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الصنعة الجيدة في الحبكة النظرية والشيوعية :

في مسائل الجمادات و الأرقام ، تفلح القوانين و النظريات في صياغة ما تدور فيه العمليات الحسابية و الهندسية لحل مسألة .. وقد بات ذلك تراثا عالميا لا يستطيع أحد تجاوزه ، فلا اعتراض على حصيلة ضرب عشرة في سبعة مثلا ، فلن تكون هناك مزايدات على الرقم الناتج (سبعين ) فيقول أحدهم علي بخمس وسبعين ، أو ينقص أحدهم الرقم ليصبح ستين مثلا ..

أما في المسائل الإنسانية ، فإن إخضاع حركة الناس لقوانين مادية ثابتة ، يصبح ضربا من الخيال ، إذ تكون هناك دعوة لصهر الناس و إعادة إنتاجهم كنسخ متماثلة . وهي كمن يقوم بتشخيص أمراض مراجعين لعيادة طبية ، بالجملة ، ويعطيهم كلهم نفس العلاج ..

لقد بالغت الشيوعية في تشخيص أمراض المجتمعات ، كما بالغت في وصف الحلول ، فعندما أرجعت مشاكل العالم للدين و الدولة والقومية ، وتفرعت نظرياتها لمناقشة تلك المحاور ، لتعيد صياغة الحلول بنفي منابع تلك المشاكل بتلخيص ( لا للدين .. لا للدولة .. لا للقومية ) ..

وما أن وضع لينين قدمه على درجة القطار بعد انتصار الثورة البلشفية ، حتى دار في ذهنه ، إذا تركنا البلاد بلا دولة ، فمن يضمن أن لا يأتي مجموعة من المغامرين لينقضوا على البلاد ويؤسسوا دولتهم ؟ .. فكان الجواب أن تقوم دولة قوية ، وإن كانت تراعي في اسمها المنطلقات النظرية للشيوعية ، فأضيف لها كلمة (سوفييت ) ، وهي لهجة تصالحية تدلل على حكم الشعب ضمن سوفييتات ، تتحد في النهاية بدولة قوية هي الاتحاد السوفييتي ، وهذه أول ارتكاسة مبكرة للمنطلقات النظرية ..

أما في موضوع القومية ، فقد ظهر ذلك مبكرا ، عندما اشتكت لجان الأحزاب الشيوعية من تسلط وهيمنة الروس على القوميات الأخرى ، خصوصا تلك التي في (القوقاز) .. فكتب (لينين ) مجموعة مقالات عام 1921 ، كان الطابع العام لمفرداتها الإهابة بالابتعاد عن العنعنة القومية .. لكن لم يكن للنشاط النظري أي دور في منع أبناء القوميات غير الروسية من التعاون مع الغزاة الألمان (في الحرب العالمية الثانية ) .. وهي قصة نراها تتكرر في العراق و غيره عندما يتعاون الشيوعيون من أبناء القوميات الأخرى مع المحتل ، الذي وصفوه بأسوأ الأوصاف في أدبياتهم ..

أما معاداة الدين ، فلم تستطع لا الحكومة المركزية القوية في الاتحاد السوفييتي أن تنسي الأجيال اللاحقة ، مسألة التمسك بالدين ، سواء للأقلية المسلمة ، أو للأكثرية الأرثوذكسية التي سارعت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، الى إعادة اسم (بطرس بورغ ) ليحل محل (لينينغراد ) .. وهذا رأيناه في ألبانيا حيث لم يستطع عهد (أنور خوجا .. و رامز عاليا ) من جعل الألبان يتركون دينهم .. كما لم يستطع الحكيم ( تيتو) من الحفاظ على تآخي قوميات وديانات الاتحاد اليوغسلافي .. فعاد الاقتتال الديني والعرقي للسطح بمجرد زوال المانع . وهذا ينسحب أيضا على ما حدث في فلسطين من قبل الصهاينة ، فلم يستطيعوا تنسية العرب المسلمين لدينهم .

وإذا تناولنا مواضيع فرعية أخرى ك ( ديكتاتورية البروليتاريا ) وكيف أن الأحزاب الشيوعية الأوروبية نسختها تباعا ، حتى لم يعد لها أي ذكر واضح ، في مواضعة التحليلات الماركسية عموما ..

أما الاقتصاد ، فالصين وتكييفها للماوية ( وهي شيوعية أيضا) ، واقترابها من موضوع الاقتصاد الحر ( الماركيتلي) .. مع إبقاء صيغة مركزية ، أكبر دليل على عدم التسليم بالمحاور النظرية الثابتة في الفكر الشيوعي ..

هذا إيجاز شديد لما آلت إليه التحولات في مواطن الشيوعية العالمية .. أما في بلادنا العربية ، فإنه من السهل على المطلع أن يجد عشرات الأصناف من الشيوعيين ، تحت مسميات مختلفة ، في القطر الواحد يتقاسمون مئات من المنتسبين لتلك المدرسة ، تحول نشاطهم الى ما يشبه المنتديات الثقافية المتخصصة في فهرست مشاكل ما حولهم إلا أنفسهم ..
__________________
ابن حوران
  #26  
قديم 03-09-2006, 06:27 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

نخب ليبرالية انتهازية تستغل حالة التقعر العربي :

يجلس بعض المثقفين العرب يتأملون حياتهم و حياة أوطانهم و حياة الآخرين في العالم ، ويروق لهم أن يتوقفوا عند نمط أو أنماط الحياة الغربية ( الليبرالية) فيسيل لعابهم للوصول ما وصل إليه الغرب ، ويتحول قسم كبير منهم الى مبشرين بالأفكار الليبرالية بصورة انتقائية بحتة ..

عندما انتشرت الأفكار الليبرالية قبل قرنين من الزمان ، كانت تعبر عن حالة ارتبطت بشكل أو بآخر بالثورة الصناعية واقترنت بما يسمى ب (عصر الأنوار) ، كما تعمقت فلسفتها عندما كان حضور الفكر الاشتراكي قائما ، يدعو الى المساواة بين الناس ، فكانت ردود الليبراليين هي : إطلاق الحريات العامة واعتبار الطبقية ( الغنى والفقر ) مسائل طبيعية ، لا ضير منها ، وأن الاقتصاد الحر يضمنه الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية والقضائية .

لن نناقش تلك المبادئ من حيث صدقها ، فالصور واضحة للعيان في العالم عن الحريات الكاذبة داخل تلك الدول المدعية ، ولن نناقش كيف أن تلك الدول بنت سعادتها المزعومة على حساب إفقار شعوب الأرض ونهب ثرواتهم ، باعتبار مواطني سكان العالم كائنات حية غير بشرية !

إن ما نود مناقشته هو أنه إذا كانت الليبرالية تتفق مع نمو الحياة الغربية بسياستها واقتصادها و أخلاقها التي تكونت على هامش السلوكين الاقتصادي والسياسي ، فإن المناداة بتلك الأفكار في بلداننا كما هي بلدان العالم الثالث ، سيصطدم بكينونة لا تتقبل هذا النمط من التدبير الاقتصادي والسياسي (بشكل غير مأسوف عليه ) .. كما يرفض جسم الإنسان تقبل دما ليس من زمرته .

لقد تشكلت النخب الليبرالية في المنطقة العربية ، من الجامعيين الحالمين وبالذات المهندسين و المصرفيين ، والذين استفادوا من عصر الفوضى الاقتصادية في العالم ، ومنه منطقتنا ، حتى أصبحوا يفكروا بتصليب هذا الوضع بشكل يضمن ديمومته ..

لقد تطوعت تلك النخب للقيام بمهام قذرة لم تترك ناحية إلا و ناوشتها ، مستغلة الحالة الرديئة التي تمر بها الأمة ، فتهاجم الدين بطرف خفي و تهاجم القومية والماركسية بوضوح مستسخفة أفكارها ، و تهاجم حتى نظم الحكم لتقدم نفسها كمنقذ ، يستدل عليه بالاستنتاج ، فعندما نسود صفحات الآخرين ، فلا بد أن تكون صفحاتنا بيضاء ، هذا ما تشعر به تلك النخب ..

لقد انتشرت تلك النخب وتوزعت على قنوات التلفزيون و الصحف والمجلات والكتب ، واتخذت أساليب أخرى للتواصل مع الجماهير من خلال جمعيات خيرية وهمية ، أو أندية مشكوك بارتباطها بالماسونية ، تحت أسماء مختلفة ، كما أسست تلك النخب مراكز للدراسات ، لكي تلف نفسها بهالة علمية واعية ، ومع الأسف ، فإن الجهد العام لكافة القوى الفاعلة في المجتمع لم ينتبه لتلك النخب ، بل أبقى جل نشاطه موجها لقوى هي أقرب له من تلك القوى التي تنذر بخلخلة واقع الأمة ، أو بالأحرى وظفت نفسها بالتعاون مع قوى خارجية للإجهاز على ما تبقى من هذا الواقع ، مستفيدة من غض نظر الحكومات عن نشاطها في كثير من الأحيان ، بل و قد تستحسن الحكومات العربية التواصل مع مثل تلك النخب ، طالما كان هذا التواصل يحقق رضا الغرب !
__________________
ابن حوران
  #27  
قديم 13-09-2006, 01:23 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أسماء مختلفة ونكهات متشابهة :

هل يمكن لأحدنا قراءة جريدة بالعرض ، دون الالتزام بقراءة كل عمود على حدة ؟ بالطبع لا يمكن أن يكون ذلك .. ولكن ما علاقة هذا التساؤل ووضعه موضع استهلال لتلك المقالة ؟

لقد يئس المواطنون العرب من خطاب الفئات الطليعية ، ومن خطاب النخب ، كما يئست النخب و الطلائع من قدرتها على التأثير والجذب للناس للالتفاف حولها . لم نسمع طيلة قرن من الزمان أن هناك فئة تدعو الى تفشي البطالة وقطع الكهرباء و تلويث المياه و تسليم البلاد للأعداء .. بل كانت كل الخطابات تبشر بجنائن عدن وحرية وكرامة و انتعاش اقتصادي ، ومرت العقود والسنوات والأداء هو الأداء نفسه مع تغير وجوه الحاكمين وبطاناتهم ..

هل أصبح المواطن أمام حالة شبيهة بالحالة التي ظهرت بعد استخدام الأسمدة الكيميائية ، حيث زاد الانتاج ولكن على حساب اقتراب النكهات ، ولو اختلفت ألوان الثمار .. فأصبح للخيار طعم قريب من القرنبيط و للخس طعم شبيه بطعم السلق .. حيث أن الطبيعة ابتعدت بأصولها و تدخلت التقنيات لتضفي نكهة متشابهة للثمار !

ومع ذلك أحس المواطن العربي بأن لا مفر من التعامل مع ما يقدم له من وجبات ( غذائية أو سياسية ) .. ولكنه وهو يتعامل مع تلك الوجبات ، فقد متعة التناول التي كانت عند أجداده ، رغم بساطة ما كان يقدم لهم ، فأخذ يحن مليا للماضي بكل ما كان به ..

لنعد الى قراءة الجريدة بالعرض ، والذي يرتبط بشعور الطليعي والنخبوي بأزمتهما الخانقة ، لقد أحسَا بانخفاض شأنهما ، وبداية تفسخ و تحلل أدوارهما فلجئا الى التنوع المبتذل بطرائق تفكيرهما ، ظنا منهما أنهما إذا تنازلا عن بعض ما كانا يقولانه في الأمس ، والتسامح في تقبل ما يطرح خارجهما ، سيخرجهما من أزمتهما !

إنه أسهل على من أراد البناء ، أن يبدأ البناء في أرض (صليخ ) لا بناء سابق عليها ، من أنه يرمم ( خرابة ) .. فإنه في الحالة الثانية سيكون أسيرا لنمط البناء القديم ، والذي لا يدرك كيف خطط له وأين وقفت أسسه .

لكن لا بأس بعدما تتجمع الإرادة الجماعية الكبرى ، من أن يستفاد من بعض مواد البناء القديمة ، وعلى الإرادة الجماعية أن ترفق أثناء هدم الماضي ، بانتزاع القطع النفيسة من البناء القديم .. مع التشديد على تفهم ما جرى وأخذ ما يمكن توظيفه في صيغ جديدة خالية من أخطاء الماضي ، حتى لو كانت الفائدة تأتي من مخطط البناء نفسه ، والذي نفذ بطريقة خاطئة ، فليؤخذ وينفذ بطريقة أفضل .. عندها فقط نكون قد بدأنا بتشكيل طلائع و نخب قادرة على قيادة الأمة ..

انتهى
__________________
ابن حوران
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م