مراحب
كان أحـد المـلـوك يحب أكل السمك ، فجاءه يوما صياد ومعه سمكه كبيرة ، فأهداها للملك ووضعها بين يديه ، فأعجبته ، فأمر له بأربعة آلاف درهم
، فقالت له زوجته : بئس ما صنعت .
فقال الملك لما ؟ فقالت :: لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك ، هذا القدر
قال : قد أعطاني مثل عطية الصياد فقال:
لقد صدقت ، ولكن يقبح بالملوك ، أن يرجعوا في هباتهم ، وقد فات الأمر
فقالت له زوجته : أنا أدبر هذا الحال
فقال : وكيف ذلك ؟
فقالت : تدعو الصياد
وتقول له : هذه السمكه ذكر هي أم أنثى ؟ فإن قال ذكر ، فقل إنما طلبت أنثى ، وإن قال انثى قل إنما طلبت ذكرا.ـ
فنودي على الصياد فعاد ، وكان الصياد ذا ذكاء وفطنة
فقال له الملك : هذه السمكة ذكر أم انثى ؟
فقال الصياد : هذه خنثى ، لا ذكر ولا أنثى ؟
فضحك الملك من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم ، فمضى الصياد إلى الخازن ، وقبض منه ثمانية آلاف درهم ، وضعها في جراب كان معه ، وحملها على عنقه ، وهم بالخروج ، فوقع من الجراب درهم واحد ، فوضع الصياد الجراب عن كاهله،وانحنى على الدرهم فأخذه، والملك وزوجته ينظران اليه
فقالت زوجة الملك للملك : أرأيت خسة هذا الرجل وسفالته ، سقط منه درهم واحد ، فألقى عن كاهله ثمانية
آلاف درهم ، وانحنى على الدرهم فأخذه ، ولم يسهل عليه أن يتركه ، ليأخذه غلام من غلمان الملك ، فغضب الملك منه وقال لزوجته صدقت.ـ
ثم أمر بإعادة الصياد وقال له : ياساقط الهمة ، لست بإنسان ، وضعت هذا المال عن عنقك ، لأجل درهم واحد ، وأسفت ان تتركه في مكانه ؟
فقال الصياد : أطال الله بقاءك أيها الملك ، إنني لم أرفع هذا الدرهم لخطره عندي ، وإنما رفعته عن الأرض ، لأن على وجهه صورة الملك ، وعلى الوجه الآخر إسم الملك، فخشيت أن يأتي غيري بغير علم ، ويضع عليه قدميه ، فيكون ذلك استخفافا باسم الملك ، وأكون أنا المؤاخذ بهذا
فعجب الملك من كلامه واستحسن ما ذكره ، فأمر له بأربعة آلاف درهم.ـ
فعـاد الصياد ومعه اثنا عشر ألف درهم ، وأمر الملك مناديا ،
ينادي : لا يتدبر أحد برأي النساء ، فإنه من تدبر برأيهن ، وأتمر بأمرهن ، فسوف يخسر ثلاثة أضعاف دراهمه ..
تحياتي