السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان معجزة ... ولكن!!
في بلدة صغيرة ولد وربما قد يتساءل في داخله وما فائدة ولادتي؟ إذا كان من هو بعيد عندهم أقرب مني !!.. وإذا كانوا لا يشعروا بي ولو بلحظة .. ما هو الأمر الذي تواجد في بقية أخوتي ولم يكن موجودا لديّ؟؟.. هل أسمح بالأفكار السوداء أن تتبادر إلى ذهني وتتسلل إلى داخلي لأتوجها بعد ذلك ملكة على نفسي؟.. أم إنني أرضى بتواجدي في هكذا أسرة ولأكن لهم خادما مطيعا لا يتوانى عن خدمتهم ؛ وليتقبل منهم أيّ لفظا يطلقونه عليه إذا قصّر في ذلك؟؟.. أم أعلنها وبكل صراحة بأنني ضقت ذرعا بهم وسأمضي أفتش عمّا بقي من نفسي وروحي وأعيد تشكيلتهما بما يتناسب وإمكانياتي؟؟.. أم ....
هكذا بدأت أحدّث نفسي , وأتساءل وإياها عن مصير هكذا أشخاص , كانوا بالفعل مشروع معجزة في المستقبل وئدت على يد من كان سببا في ولادتها!!...
وأعود بذاكرتي إلى الوراء حينما كنا أطفالا نلهو ونملأ الطرقات بصراخنا وضحكنا المتواصلين , غير أن أحدنا لم يكن كذلك ؛ كان يخرج علينا كل يوم بشيء جديد نفرح ونتسلى به , كان يبدع من اللعب لعبا أروع , ويسطّر بأنامله ابتكارات جديدة تثير فضولنا (كيف تعمل؟ , من أين أتيت بها؟ , ...) , ولا أزال أذكر كيف انه فاجأنا ذات يوم بصنعه لطائرة تعمل بجهاز عن بعد , وأذكر ماهيتها ؛ لأنه فكـّر بصناعتها من خلال خردة من لعب مختلفة أعاد تصنيعها .. نعم من أعاد تصنيع لعب مختلفة!! طفل صغير يقوم بما قام به أليس مشروع معجزة يحتاج إليها وطننا العربي؟؟.. ولكن بدلا من تتلقفه الأيدي وتعتني به وتتعهده بالرعاية والاهتمام المستمرين, يتهم بأنه يضيع وقته فيما لا يعود عليه بالنفع والفائدة ,وأن ما يفكر به لن يقوده سوى إلى الفشل!!..
نعم أنت فاشل لا تهتم سوى بهذه الخردوات , هل تعتقد بأنّ ما تفعله سيجعلك في مصاف المخترعين , انظر إلى أخيك الأكبر اهتم بدروسه وها هو يواصل دراسته بتفوق وأنت لا تزال تجتمع مع بقايا لعبك لأجل ماذا ؟؟ لا شيء!! يا لها من عبارات تشجيعية تدفع المرء من قمة التفاؤل إلى قاع التشاؤم وأي تشاؤم هذا الذي حـّول من كنــّـا نعدّه في طفولتنا عالمنا الذي ننتظر منه الكثير إلى بقايا إنسان , جسد يمشي على الأرض شلــّت روحه سلب منه كل شيء في لحظة لم يكن يعي فيها شيء , أيّ مستقبل ينتظره وهو يخلـّف ورائه العشـرين ومتجهـا نحو الثلاثين ولا يحمل سوى ذكرى أيام ولـّت وأُطفأت بقسوة..
إن مجرد تفكيري فيه يشعرني بالأسى والحزن والألم , كيف أن أسرة متعلمة غرست في نفس طفلها الإحساس بعدم القدرة على الإتيان بأمور جديدة لم يسبقه إليها أخوته فما بالكم في أخرى ليست متعلمة .. انه واحد من ضمن العديد ممن قتلت مواهبهم وهي لم تشهد لحظة المخاض بعد ..
منقوووووووووووووووول