أسرة تدمرها المخدرات
أسرة تدمرها المخدرات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وبعد:-
فيا أيها القارئ الكريم :
إنني أضع بين يديك مأساة لأسرة قد دمرتها المخدرات ، تلك الآفة التي ضيعت كثيرا من الناس حتى أصبح أحدهم ليميز بين أمه وزوجته والعياذ بلله ، وهذه القصة التي سوف نقرأها معك ليست من نسج الخيال بل هي قصة حقيقية قد وقعت في إحدى الدول الإسلامية ، قد أخذتها من كتاب للشيح احمد بن عبد العزيز الحصين وفقه الله ، يقول الشيخ :
جاءني وهو حزين وعيناه مملوءتان بالدموع . فقلت قص عليّ ماذا أصابك يا أخي العزيز عسى أن نجد لك حلاً، فقال يا شيخ أحمد قصتي إذا سرتها لن يصدقني أحد بل سيقولون أنها من نسج الخيال او نسج الأفلام السنيمائية، قلت له ليس كل الناس لهم عقل واحد بل العقول تتفاوت أني لمن المصدقين لقصتك .
قـال : كنت أعيش مع أبي وأمي وأختين صغيرتين لم تتجاوز أعمارهن سبع سنوات وأخي الشقيق لم يتجاوز العاشرة من عمره . وقد كنا توأمين وكذلك الصغيرتان توأمتين، وكنا في سعادة وهناء ترفرف علينا المحبة والرحمة والابتسامة، وأبي كان موظفا في إحدى الدوائر الرسمية براتب جيد، وإذا قبض راتبه ذهبنا إلى الأسواق لنشتري ما طاب لنا ولذ، أما أمي فهي امرأة ذات أدب وأخلاق لا يوجد لها وصف، وكنت وأخي من أوائل الطلاب في المدرسة، وكانت سعادتي كبيرة حين نجتمع على مائدة الطعام أو نذهب إلى المنتزهات، كانت السعادة أمامنا خلفنا نعيش بلا مشاكل او ما ينقص علينا حياتنا، ولكن هذه السعادة مرة عليّ وكأنها كابوس مخيف حل بهذه الأسرة الصغيرة وقلبتها رأسا على عقب، إلى شيّ لا يصدقه العقل والوجدان ماذا حدث ؟
أبي انقلب إلى رجل مخيف ووحش كاسر لا يعرف الرحمة ولا الشفقة.هذا الأب الذي كان دائما مبتسما رحما انقلب فجأة إلى رجل قاس لا يعرف إلا الضرب والصراخ، وكانت أمي أول الضحايا نالت الكثير من الضرب والسب واللعان، وكانت صابرة محتسبة ترجو من الله أن يرجع إلى صوابه ، ولكنه ازداد في شره وأسلوبه الوحشي .
ما الذي غير والدي ي وما هو السر في تغيره المفاجئ يا ترى !!؟
علمنا أن هذا التغير ناتج عن رفقاء السوء الذين قادوا والدي إلى طريق الهاوية والسقوط بعج أن أعطوا له حبة تسمى في عرفهم ( حبة الحب والخيال ) وهي حبة الأجرام والدمار والخراب …إنها حبة المخدرات…وتطور الأمر حتى بدا ولدي يأخذ حقن الهيروين والمورفين، وبهذا الإجرام ضيع والدي حياته وفصل من الوظيفة وتراكمت الديون علينا فباعت أمي المسكينة كل ما تملك من مجوهراتها ، ولكن أبي ازداد سيراً في هذا الطريق ونبت جسده من هذا السم الهالك.
وفي يوم دخل علينا والدي وهو في حالة سكر شديد وهياج منقطع النظير وهو يصرخ أعطوني مالا، أعطوني مالا ، فقالت أمي لا يوجد عندنا مال والبيت كما ترى خاو على عروشه وأنت تريد السم الشيطاني لتهلك بدنك هذا حرام ،هذا حرام يا رجل اتق الله في دينك اتق الله فينا ، يقول والدي بأعلى صوته أنا لا اعرف بيتي ولا أولادي أريد مالا، أريد مالا ، واشتد النقاش والصراخ فاستل والدي مديه ( سكينا ) وطعن بها أمي المسكينة الطيبة ن ياله من مشهد مر علينا وكأننا في حلم . سقطت أمي مضرجة بدمائها تتخبط من اثر الطعنة .
أي جريمة اقترفتها أمي ، أي ذنب جنت . أحيل والدي إلى السجن المؤبد وأحيلت الشقيقتان الصغيرتان إلى دار الأيتام في مدينة بعيدة عن مدينتنا ، وكان نصيبي أنا وأخي دار أيتام كذلك في مدينة أخرى .
ومرت السنون والأعوام وكبرنا وكبرت القصة في قلوبنا وخرجت من دار الأيتام مع أخي ونحن في عنفوان السباب ، ولم نسمع عن الشقيقتين الصغيرتين أين هما او أين نجدهما ؟
وفي يوم من الأيام ساقتني قدماي إلى طريق الشيطان فتعرفت على امرأة سيئة السمعة وتطورت علاقتنا حتى عرفتني على فتاة صغيرة جملية ، ولكنها من بنات الهوى . كانت حزينة لا تعرف الابتسامة وكأنها مكرهة على هذا الفعل ، وكنت أريد معرفة خبايا قلبها ، قلت لها : إنك حزينة ويبدو أن لك قصة أريد أن اعرفها.
أخذت تتنفس بكل ما تستطيع من قوة والدموع تتساقط من عينيها . قالت كنت صغيرة أنا وأختي مع أخوين شقيقين ووالدي وكنا في سعادة وحياة آمنة مستقرة ، ولكن أبي مارس طريق الشيطان وانغمس في المخدرات التي قادته إلى تدمير بيته بعد أن قتل أمي بالسكين ، فصرخ الشاب …ماذا تقولين ،ماذا تقولين أنت هناء قالت نعم ولكن كيف عرفت اسمي ؟ قال : أنت أختي أنا أخوك سمير.
مشهد مؤثر، ولكن أين يلتقي الأخ بأخته في دار الدعارة ويمارس معها الفاحشة فذلك من العجب العجاب انتهت القصة.
إنها حقا مأساة قد حلت بهذه الأسرة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فالحذر الحذر أيها القاري من هذه السموم التي فتكت بالمجتمعات نسال الله العافية .
وهذا نداء أوجهه من صميم قلبي إلى جميع أولياء الأمور بالمحافظة على أولادهم وحفظهم ورعايتهم من هذه السموم المدمرة وان يحافظوا عليهم من أصدقاء السوء الذين يحاولون دائما أن يدسوا السم بالعسل ، واذكرهم بقول النبي ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
وفي الختام اسأل الله عز وجل أن يطهر بلادنا وجميع بلاد المسلمين من هذا المرض الفتاك ومن هذا السلاح الخطير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|