مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 10-10-2001, 01:38 PM
SAID622 SAID622 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 54
Post السادة والثيران

السادة والثيران
د.باسم خفاجي* www.khafagi.com

كان للرومان رياضة بشعة، وهي أنهم كانوا يأخذون الأقوياء من عامة الشعب، ويضعونهم في حلبة المصارعة لكي يصارعوا الحيوانات المفترسة والثيران.. من أجل أن يستمتع السادة الرومان برؤية الأقوياء وهم يحاولون جهدهم للتغلب على الحيوانات المفترسة والبقاء على قيد الحياة. وكان السادة يجتمعون بأعداد غفيرة للمشاهدة والاستمتاع بصراع الأقوياء مع الحيوانات .. فإن فاز الأقوياء وتغلبوا على الثيران .. كوفئوا بالحياة إلى يوم آخر لمصارعة حيوان أشد افتراساً أو لمصارعة إنسان آخر أشد دموية. وفي كل الأحوال كان السادة يستمتعون بمشاهدة الإنسان الذي يجاهد لينقذ نفسه، أو بمشاهدة الحيوان الذي ينجح في افتراس الأقوياء ويحظى أيضاً بالحياة إلى يوم آخر .. وإلى صراع جديد.

كان هذا حال الرومان .. وسقطت إمبراطوريتهم .. لأنها لم تقدر قيمة عطاء الإنسان .. ولأنها أيضاً تحولت إلى قطيع كبير ممن يسمون "السادة" الذين كان همهم الأكبر البقاء على قيد الحياة والاستمتاع بصورة أو بأخرى بمشاهدة صراع الإنسان مع من يريد افتراسه والنيل منه.. كان المهم للسادة في كل الأحوال أن يتوافر الرصيد الكافي من الأقوياء .. ومن الحيوانات أيضا .. والأهم أن يبقى السادة دائما في مقاعد المشاهدين.

وسقطت إمبراطورية الرومان .. ولكن بقيت الرغبة السادية لبعض "السادة" في الاستمتاع بمعاناة البشر دون أن يحركوا ساكناً .. وانتقلت تلك الصفة المقيتة من شعب لآخر .. ومن أبناء حضارة إلى أبناء حضارة أخرى ... ولكنني لم أتوقع يوماً أن تصلنا نحن .. (خير الأمم) .. (ومهد الحضارات) .. (وأفضل المجتمعات) هذه الصفة المقيتة .. أن نبحث عن الأقوياء في مجتمعاتنا .. ونلقي بهم إلى وحوش الدنيا .. ثم نجلس على حافات الأرصفة لنقيم المعاناة .. وننتقد الأداء .. ونراهن على النصر أو البقاء .. ونحزن –أحيانا- على فقدان الأبطال .. ولكننا في كل الأحيان نبقى في مقاعد المشاهدين .. ونحافظ على مواقعنا على أرصفة الطرقات ..

لننظر إلى ما يحدث اليوم في أفغانستان وفلسطين .. وفي العراق .. وفي باقي عالمنا المسكين .. ألسنا اليوم "سادة" نحفز الجميع للقتال .. وندعو إلى استمرار الانتفاضة .. وثبات الطالبان .. وجهاد الشيشان بشرط ألا تؤثر هذه القضايا على مصائرنا نحن .. على مستقبل أحلامنا المادية .. على أولادنا نحن .. نعم نحن نأسى ونحزن لفقدان "محمد الدرة" وكل درة .. بشرط ألا نكون نحن آباء هذه الدرر. من منا اليوم يحلم أن يكون ابنه من شهداء الأقصى .. ويصبح هو أبو الشهيد أو أم الشهيد ..

إننا ندعو الطالبان للصمود وننادي شعب العراق إلى التحمل .. وندعو أبناء فلسطين إلى الثبات .. ونحلم أن يبقى الأقصى ملكنا .. وأن تعود بغداد إلى عالمنا .. ولكن بشرط ألا نصاب نحن بأذى ..

إذا تبرعنا بالمال .. تأكدنا أنه للإغاثة فقط .. وليس لتقوية أطفال الانتفاضة على مقاومة عدوهم .. فنحن لا ندعم الإرهاب .. هكذا طلبوا منا .. وهكذا أصبحنا نصدق .. بل وندعو.

إذا شاركنا أو وقفنا في مظاهرة .. لابد أن نتأكد أنها في عطلة نهاية الأسبوع حتى لا نترك أعمالنا .. وتأكدنا أن رؤساءنا لن يعرفوا بأننا ندعم فلسطين .. أو لن يمانعوا في ذلك .. أو لن يكترثوا ... إذا تحدثنا عن القضية مع غيرنا .. أصبحنا نختار من المصطلحات ما يناسب العدو .. لا ما يعبر عن قضايانا .. وغلفنا ذلك بأغطية "الحكمة" و"الذكاء" و"الدعوة بالتي هي أحسن" ...

فاليوم نفرق بين اليهودي وبين الإسرائيلي .. وكأن أحدهم يكن لنا خيراً.. ونتحدث عن أبناء العم .. وبئست القرابة .. ولكن الاحتياط واجب .. ونتجنب الحديث عن "أسامة" وعن كل أسامة فلسنا من دعاة الإرهاب أو المقاومة... المهم أحبتي .. أن نبقى سادة .. وأن نبقى في مقاعد المشاهدين .. وأن نحفز الأقوياء للمزيد من القتال والمزيد من الصراع .. ليصبح لحياتنا الفكرية والعاطفية والسياسية معنى.

أعلم أن كلماتي قاسية .. وللبعض غير عادلة .. ولكنني أتحدث عن 1100 مليون إنسان .. أين هم؟ أو دعني أختصرها إلى 290 مليون .. أين هم؟ تعلموا من السادة الحكام أن يشجبوا .. وأن يحزنوا .. وأن يطالبوا البيت الأبيض بالتحرك .. ولكن لا يتحركون .. يطالبوا الشرعية الدولية باتخاذ موقف .. ولكنهم لا يتخذون .. يطالبون العلماء والقادة بالعطاء .. ولكنهم لا يفعلون .. والحجة الجاهزة دوماً أن الأنظمة لن تتركنا نفعل غير ذلك.

ولهؤلاء أقول .. إن أنظمة العالم اليوم لا تسمح لأي جيش أن يقتل الأبرياء من الأطفال .. ولكنهم يفعلون .. أنظمة العالم اليوم لا تسمح باصطياد المخالفين في الطرقات وقتلهم دون محاكمة .. ولكنهم يفعلون .. الأمم المتحدة تنادي بحقوق الإنسان .. ولكنها تنتهك في كل يوم .. ولا يتحركون.. نحن اليوم أيها السادة في عالم لا يعرف إلا منطق القوة .. ولا يستجيب إلا إلى الأقوياء .. ولا يحترم إلا أصحاب المبادئ الذين يقاتلون من أجلها ولا يكتفون بالحديث عنها.

لقد تعودنا أن نترك الأقوياء في صفوفنا يعانون .. انظروا إلى جمعياتنا .. ومؤسساتنا الاجتماعية والفكرية والدينية والإعلامية.. كلها تعاني من نقص المال .. وكلنا نطالبها بالعطاء والتضحية والبذل .. نتركها في كل لحظة تقاوم وتقاتل على كل جبهة .. ونحن فقط بين متأمل ومشاهد ومنتقد وحاسد.. وكلنا –مع ذلك- نطالبهم بالعطاء.

المشكلة ليست فقط في دعم أبناء أفغانستان أو فلسطين .. أو الوقوف بجانب مؤسسات الخير ... المشكلة أن ينتشر بيننا مرض "المشاهدين" هذا المرض الذي أهلك الأمم التي سبقتنا .. والذي ينتشر في أبناء أمتنا في كل يوم .. ليس من العدل ألا نداوي أنفسنا من هذا المرض اللعين .. وليس من العدل أيضاً أن نطالب الآخرين –ممن نحب ونقدر- بمقاومة الهلاك كل يوم دون أن نمد لهم يد العون لكي ننعم نحن بالحياة.. فبئست حياة "السادة" لمن يحملون قلوب العبيد.


* رئيس مجلس إدارة المجموعة الإعلامية الدولية - واشنطن الولايات المتحدة* www.khafagi.com
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م