مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 26-06-2007, 06:35 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي قراءة في عملية "السهم الخارق" في ديالي . د/اكرم حجازي

منذ فجر الثلاثاء (19 / 6 / 2007) شرعت القوات الأمريكية بشن حملة عسكرية على ولاية ديالى في محاولة منها للقضاء على نفوذ دولة العراق الإسلامية فيها وطردها منها نهائيا. ويجمع المراقبون والمحللون الاستراتيجيون على أن الحملة هي الأوسع منذ غزو العراق في آذار / مارس 2003 وليس فقط منذ عملية الفلوجة سنة 2004. ورغم ضخامة الحملة بما تحمله من أهداف غير مسبوقة إلا أن الملفت للانتباه هو التجاهل الإعلامي الكبير لما يجري من معارك بين الجانبين حتى القوات الأمريكية اعترفت بشدتها وذهلت لنتائجها الأولية على قدر ما منيت به من خسائر وهي تخوض قتالا بالغ الشراسة. لكن الأهم من هذا التجاهل، ومع بعض التحييد المؤقت للأهداف المعلنة، ربما يكمن في البحث مبدئيا عن المبررات التي دفعت بالأمريكيين إلى شن حملة عسكرية على هذا المستوى من الاتساع. ما هي الخلفيات السياسية والأمنية للحملة؟ ومن هي القوى المهاجمة والمدافعة عن ديالى؟ وما هي الوقائع؟ تلك هي محاور هذه المقالة الأشبه بالتفرير الميداني.
أولا: التصريحات الأمريكية وبيانات الحملة
منذ تعيين روبرت غيتس وزيرا للدفاع خلفا لدونالد رامسفيلد كان متوقعا دخول مراكز القوى في الولايات المتحدة في مناقشات حامية الوطيس على خلفية البقاء في العراق أو الانسحاب منه. وفي الجدل الذي احتدم في الكونغرس الأمريكي حول رغبة الديمقراطيين بضرورة وضع جدول زمني للانسحاب من العراق مقابل تمويل جزئي للحرب بدا الموقف الأمريكي متخبطا إلى حد مثير للسخرية، وبالرغم من موافقة الكونغرس على إقرار تمويل القوات الأمريكية الذي وقعه فيما بعد الرئيس الأمريكي إلا أن رئيسة المجلس نانسي بيلوسي أعربت عن غضبها وهي تتهم البيت الأبيض، تحت ضغط الفيتو، باعتماد سياسة المواجهة مع الكونغرس بدلا من التعاون. ومع ذلك يتفق المراقبون على أن التوجهات السائدة تقضي بسحب نصف القوات الأمريكية من العراق خلال العام المقبل وبالتحديد مع حلول فصل الربيع إذا ما سارت الأمور بحسب المأمول!
وفي نقاش يوم الثلاثاء، أول أيام الحملة على ديالى، أدلى السيناتورهنري ريد زعيم الأغلبية في مجلس النواب بتصريحات هجومية قال فيها: "أعتقد أنّ وزيرة الخارجية ووزير الدفاع ... يعرفان أنّ هذه الحرب خاسرة ..." وهو ما لم يوافق عليه وزير الدفاع الذي علق عليها بمؤتمر صحفي مشيرا أن: "التزاماتنا في العراق طويلة المدى، إلا أنها ليست التزاماً ببقاء شبابنا من الرجال والنساء في شوارع بغداد دونما نهاية"! ومع تصريحات ريد هذه بدا الأمر مزعجا لآخرين وهم يقرون بالهزيمة ولكنهم لا يرغبون في دفع استحقاقاتها بحجة أن الوقت غير ملائم، وهو ما عبر عنه السناتور جو ليبرمان في انتقاده لتصريحات ريد، ذلك أنه: "ليس الوقت المناسب لاستنتاج أننا خسرنا الحرب في العراق أو أنّ استراتيجيتنا الجديدة فشلت".
ولعل أطرف ما في الحملة العسكرية على ديالى والتي أسميت بـ "السهم الخارق" هو ما قاله الجيش الأمريكي، في بيان له، من أن السلفية الجهادية في المنطقة هي الهدف المقصود في حملة الإبادة في إشارة خفية إلى أن الجماعات الأخرى إن وجدت فمن المرجح أنها غير مستهدفة. وأضاف البيان: "أن هذه العملية ستكون بمثابة الضربة القاضية ضد تنظيم القاعدة وأنها تختلف عن العمليات السابقة" وأن "الغرض النهائي هو القضاء على نفوذ القاعدة في هذه المحافظة"، وبحسب التصريحات الرديفة للبيان فقد: "كانت شبكة القاعدة والجماعات المتمردة تتحرك عبر أنحاء العراق في السابق، حيث كنا نتصدى لأفرادها في مكان ما فينتقلون إلى مكان آخر، لكن لن يبقى هناك أي ملاذ آمن للقاعدة أو قياداتها في هذه المحافظة، وإذا انتقلوا من هنا فسنتعقبهم ونلاحقهم ونقضي عليهم". وأضاف الجنرال الأمريكي مايك بدناريك "أنه لم يتم تحديد جدول زمني لهذه العملية في ديالى وأن الوضع الميداني سيحدد مدتها"!
هذه التصريحات إما أنها هوليودية بامتياز وإما أنها واقعية أو على درجة عالية جدا من التضليل والخداع بحيث لا يدري الخصم ما إذا كانت الولايات المتحدة قد هزمت أم لا؟ وأنها فعلا عازمة على الانسحاب؟ ولا نستطيع فعلا أن نجزم فيما إذا كانت من هذا النوع أو ذاك، لكن تصريحات قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس حول حاجة قواته إلى عقد من الزمان "لتأمين العراق والقضاء على المسلحين" تبدد أي احتمال بانسحاب قريب للقوات الأمريكية، والأصح القول بتوقع انسحاب جزئي أو ما يمكن تسميته بمصطلحات عسكرية بإعادة الانتشار للقوات الذي قد يتضمن تخفيضا للقوات، وفي هذا السياق كان لافتا للانتباه إعلان وزير الدفاع عن ثقته بتقديرات ضباطه في العراق، ولافتا أكثر ما جاء في رد الدولة وكتائب ثورة العشرين على تصريحات بتريوس، فالأولى اعتبرته مأزوما نفسيا وأن ديالا ستكون شرارة الفتح المبين للأمة فيما بشرته الثانية باستعدادها لمقاتلته ثلاثين عاما أخرى. أما كاتب المقالة فلم يعد يدري بالضبط ما هي حالة بتريوس بعد هذه التوصيفات والبشائر.
ثانيا: فشل الفتنة وخطة أمن بغداد
تلا إعدام الرئيس العراقي السابق تدشين حملة إعلامية شرسة تعرضت لها الجماعات الجهادية ما لبثت أن توجت بفتنة طاحنة أدت في بعض الأحايين إلى صدامات دامية، غير أن فشل الفتنة وأدواتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها دفع الولايات المتحدة، على ما يبدو، إلى أخذ زمام المبادرة من جديد ومواجهة السلفية الجهادية بنفسها خاصة وأن روبرت غيتس سبق له وأعلن عن خيبة أمله من أداء حكومة نوري المالكي وفشلها فيما يسميه خطة أمن بغداد مما اضطر الأمريكيين إلى العمل على أكثر من جبهة ووفق استراتيجيات بعضها جديد وبعضها الآخر مكرور، ولا شك أن مظاهر الفشل الأمريكي في العراق بادية على أكثر من صعيد على الأقل حتى الآن:
· مظهر تغير الاستراتيجيات الأمريكية
فمن جهته ذكر بيان الجيش الأمريكي"أن قرابة 10 آلاف عنصر من قواته والجيش العراقي بدؤوا عملية عسكرية واسعة ضد الجماعات الإرهابية التكفيرية في محافظة ديالى شمال شرقي العاصمة بغداد، منذ فجر الثلاثاء". ومن الواضح أن المقصود هي دولة العراق الإسلامية وجماعات السلفية الجهادية قاطبة في المنطقة. وتذكر صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن العمليات العسكرية الجارية "تشير إلى حدوث تغير في استراتيجية إدارة الحرب في العراق ... وأن هذا التحرك،وعلى حد قول قادة أمريكان في العمليات، يهدف أولا إلى القضاء على تدفق القنابل والمفخخات إلى بغداد انطلاقا من محافظة ديالى"، هذه التصريحات أكدتها صحيفة الهيرالدتريبيون الأمريكية صبيحة الثلاثاء واصفة الهجوم بأنه "غير عادي في اتساعه وأهدافه، ويمثل استراتيجية أكثر حزما في مهاجمة معاقل عدة في وقت متزامن".فبعد أن كانت أكثر المواجهات تقع في بغداد وضواحيها بهدف تطبيق تأمينها نراها تنتقل الآن إلى ديالى حيث معقل القاعدة بعد الأنبار، وفي هذا السياق تقول الصحيفة: "إن القادة العسكريين الأمريكان يرفضون فكرة أن التركيز على ما وراء بغداد يمثل زحفا للمهام العسكرية. إلا أن كبار الجنرالات تحدثوا عن أهمية تامين"حزام بغداد" على مدى شهور"، مما يعني أن الاستراتيجيات القديمة فشلت وأن القوات الأمريكية مقدمة فعلا على التوسع في عملياتها ولمدة غير منظورة. ولكن كيف يمكن القول بنجاح الاستراتيجيات الجدية وحملة بغداد الضارية على الجماعات الجهادية تدخل شهرها الثالث دون أن تحقق أية نتائج تذكر؟
· مظهر مواجهة عموم أهل السنة
ومن جهة أخرى فإن مواجهة عموم أهل السنة ليس إلا مؤشرا على عودة السياسة الأمريكية القديمة بتفعيل الصدام السني الشيعي وإثارة الفتن عبر بوابة تفجير المراقد والمساجد والحسينيات. ولعل جميع القوى الجهادية بما فيها هيئة علماء المسلمين وبلسان حارث الضاري قد اتهمت حكومة المالكي والقوات الأمريكية بوقوفهما وراء التفجيرات الأخيرة التي ضربت مآذن مرقدي الإمامين الهادي والعسكري وما تبعهما من تفجيرات ونسف لمساجد سنية في مناطق عدة من العراق بما فيها البصرة. ولا يحتاج الأمر إلى تحقيقات من أي نوع لكشف حقيقة السياسة الأمريكية وعملائها في تفعيل هذه الفتنة من جديد لاسيما وأن المرقدين على وجه التحديد محصنان أمنيا فضلا عن اختراقهما نهارا جهارا وسحب بعض الحراس من جوانبهما قبل يوم من التفجيرات.
· فشل اختراق الحواضن الاجتماعية للمجاهدين
أظهر التماسك الاجتماعي السني في العراق أنه رقم صعب لا يمكن تجاوزه في حسم الكثير من الفتن والتصدي لدعاتها ومروجيها. ففي أعقاب تفجير الفلوجة وأحداث العامرية بين الجيش الإسلامي ودولة العراق الإسلامية تدخلت قوى اجتماعية نافذة من بينها شيوخ عشائر وفقهاء وعلماء ومجاهدين وحتى جماعات جهادية لوأد الفتنة بعد أن تبين لها بالقطع الجهات الساعية لها وبراءة القاعدة مما يلصق بها من اتهامات، وتشير بعض المصادر أن هذه القوى هددت برفع الغطاء الشرعي والاجتماعي والكشف عما أسمته برموز الفتنة ودعاتها إن لم ترتدع عن توجهاتها الضارة في المشروع الجهادي وفي أمن الناس وعصمة دماء المسلمين. بل أن إحدى الشبكات الجهادية فاض بها الكيل وأقدمت على توقيف معرّف إحدى القوى الجهادية بطريقة أقرب ما تكون إلى طردها نهائيا من رحاب السلفية الجهادية.
· تفكك مجلس عشائر الأنبار وانهيار التجربة
لعل أبرز حدث على الساحة الاجتماعية في الأسابيع الأخيرة تجلت في انهيار ما يسمى بتجربة مجالس الإنقاذ العشائري. فالأمريكيون يعلمون أن هذه المجالس قد تنقلب عليهم بين لحظة وأخرى كونها لا ترتبط بهم على أسس الموالاة بقدر ما تبحث عن الشهرة والمال والمكاسب الشخصية، وهو ما كان قد أشار إليه الشيخ عبدالله سليمان العمري حكيم كتائب ثورة العشرين الذي أكد أن هذه العشائر تحالفت مع حكومة المالكي والأمريكيين بدافع من الامتيازات أو المصالح الخاصة. وفعليا عملت هذه العشائر بزعامة عبد السستار أبو ريشة كمنتفعين يتقاضون رواتب مماثلة لتلك التي يتلقاها مرتزقة الجيش الأمريكي بواقع 900 - 3000$ للفرد.
غير أن بعض العشائر التي حُشرت رغم أنفها في المجلس المسمى لاحقا بصحوة الأنبار انتفضت على الدور الخياني الذي تلعبه بقيادة أبو ريشة والذي يعترف الأمريكيون أنفسهم أنه بنى ثروة من السطو المسلح على شاحنات النفط وأعمال البلطجة والقتل الذي تمارسه مجموعاته في مناطق عدة من الأنبار وبغداد. وصرح عديد المشايخ أن عملهم في المجلس هو عمالة وخيانة لله ولرسوله وللجهاد والمجاهدين. ومع ذلك وكوسيلة للربح والاستثمار في القتل والخيانة حاول بعض المشايخ، ممن لديهم ذات المواصفات التي يتمتع بها أبو ريشة، تقليد التجربة في صلاح الدين وتكريت وكركوك وديالى إلا أنهم ووجهوا من العشائر هناك بالطرد تارة والقتل تارة أخرى والتبرؤ منهم تارة ثالثة، وقبل بضعة أيام سرت شائعات قوية تتحدث عن فرار أبو ريشة إلى جهة مجهولة بعد أن جمع ثروة تقدر بـ 75 مليون دولار بعضها رواتب لعصابته لم يدفعها لهم منذ شهرين.
هذه النهايات المحتومة لأمثال هؤلاء الخونة شدت من أزر العشائر وتصميمها على التبرؤ من مجالس العمالة واستغلت الفرصة لتجديد تمسكها بثوابت العقيدة والعرف العشائري الذي يأبى السقوط في أوحال الخيانة والغدر وتدنيس الشرف والكرامة بوصفها قيم تعتز بها العشائر العربية الأصيلة. كما أن هذه النهايات وسقوط محاولات زرعها في مناطق أخرى يثبت بالقطع ما ذهب إليه حكيم الكتائب وبيانات دولة العراق الإسلامية مرارا وتكرارا من أن الجسم العشائري في العراق سليم وأصيل وعصي على أن يقبل الدنية في دينه أو كرامته.
هكذا إذن بدت الفتنة أو محاولات زرعها أقرب إلى الفشل حيث المناخ السائد لم يعد يساعدها على النمو ولم يعد قادرا على تقبلها، فهدأت جذوتها من جهة وانزوى عتاتها من جهة أخرى دون أن يعني ذلك نهايتها ولكن لتنحصر في فئات بات سهلا على الجماعات الجهادية تحديدها بالاسم والتهديد بفضحها كما فعلت كتائب العشرين في بيانها الأخير.
[ .
  #2  
قديم 26-06-2007, 06:39 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

ثالثا: القوى المهاجمة والقوى المدافعة عن ديالى
لاحظ المراقبون لوقائع الحرب الطاحنة في ديالى حربا إعلامية موازية لمجريات العمليات الحربية تستهدف بعض الجماعات الجهادية على وجه التحديد، الأمر الذي أظهر الحرب بروايتين مختلفتين بحيث بدت الرواية الأمريكية أضعف من أن تصمد في مواجهة بيانات الجماعات الجهادية وهي تكذب وتفند ما ذهبت إليه البيانات الأمريكية. والأطرف من هذا أن الرواية الأمريكية أحرجت عملاءها وأصدقاءها لتأتي بيانات المجاهدين وتضع النقاط على الحروف. ولمعرفة تفاصيل ما وصفته الجماعات الجهادية بمحاولات زرع الفتنة بين المجاهدين لنتساءل ببساطة: من هي القوى الموجودة في المنطقة؟ ومن هي القوى المعادية؟ ولماذا استهدفت؟ لنبدأ بعجالة بتوصيف القوى المهاجمة، فبحسب بيان الجيش الأمريكي فإن "حوالي عشرة آلاف جندي عراقي وأميركي مجهزين بكامل المعدات بالإضافة إلى مروحيات وطائرات حربية وعربات سترايكر ودبابات برادلي تشارك في الهجوم الذي لا يزال في مراحله الأولى"، وتقول مصادر عراقية أن عددا مماثلا من القوات العراقية الحكومية تشارك في الهجوم بمساندة من بعض العشائر. وبالتدقيق في البيانات الصادرة فقد تحدث أحدها عن مشاركة لمن أسمتهم الدولة بأذناب الأمريكيين من"الصفويين والمنافقين والمرتدين". في إشارة تؤكد مشاركة قوى عراقية أخرى مثل قوات بدر ومجموعات الحزب الإسلامي الذين يعملون كمترجمين وأدلاء في الهجوم وبعض أفخاذ العشائر الحليفة.
أما القوى المدافعة عن المنطقة فينتمون إما إلى دولة العراق الإسلامية التي تسيطر بصورة شبه كاملة على ولاية ديالى وإما إلى جيش أنصار السنة عبر إحدى سراياها المتواجدة في المنطقة وبعض المجاميع السلفية الصغيرة. فهل ثمة جماعات أخرى في المنطقة لم تشترك في صد الهجوم الأمريكي؟ في الحقيقة ثمة لبس في المسألة لن تحله إلا البيانات الرسمية الصادرة عن الجماعات الجهادية.
فقد نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية في 20 / 6 / 2007 على موقعها الإلكتروني خبرا مفاده أن كتائب ثورة العشرين تشارك في قتال القاعدة في ديالى، وهو ما صرح به الجنرال الأمريكي بدناريك مضيفا أن قواته "تقدم فقط الدعم في النقل والعتاد". وبطبيعة الحال فإن المقصود من الخبر هو التأكيد على أن المشكلة مع من وصفهم بيان الجيش بـ "التكفيريين"، وبالتالي فإن كتائب العشرين يمكن توريطها بمثل هذا القتال على خلفية النزاع الذي وقع بينها ودولة العراق في منطقة أبي غريب إبان انشقاق الكتائب. غير أن بيان الكتائب كان حاسما وواضحا ويتمتع بمسؤولية عالية في التعامل مع الأحداث في تضمنه:
· تحديدا لموقف الكتائب من الأحداث الجارية باعتبارها " عدوان على أهلنا في محافظة ديالى".
· واعتبار ما نشرته الصحيفة وإحدى "الفضائيات المأجورة" مؤامرة للـ "إيقاع بين الفصائل الجهادية".
· وتأكيدا على أن الكتائب "ليس لنا تواجد في محافظة ديالى في الوقت الحاضر نهائيا".
· وتصريحا بوجود فئة "من أصحاب النفوس المريضة" معروفين للكتائب بحكم علاقات سابقة و "يخشون من إعلان تعاونهم مع المحتل وحكومته لتحقيق مشاريع مشبوهة".
· وتهديدا بفضح هذه الفئة إذا ما استمرت وتمادت باستغلال اسم الكتائب لتمرير عمالتها.
ومن المعروف، بحسب بيان النشأة، أن حماس العراق تتواجد في عدة قواطع ومحافظات حيث تتواجد دولة العراق الإسلامية، فهي كائنة في قاطع ديالى الأكبر بين قواطع عمليات الجماعة خاصة وهو يضم 15 كتيبة مقارنة بأربع كتائب بقاطع بغداد و14 كتيبة بقاطع الرمادي وستة كتائب بقاطع صلاح الدين وثلاثة كتائب في القاطع الشمالي، ومن الطبيعي أن يتساءل المراقب إزاء هذا التواجد الكثيف! فيما إذا كانت حماس العراق معنية بالهجوم الأمريكي على ديالى أم لا؟ وما هو حقيقة هذا التواجد وأهدافه؟ خاصة وأن اتهامات ليست بالقليلة وجهت إليها بالتنسيق مع القوات الأمريكية في عملياتها ضد دولة العراق الإسلامية سواء في الفلوجة أو في الأنبار أو في ديالى؟
ربما تكون الجماعة قد خشيت من زج اسمها في أتون الشبهات، ولعلها شعرت، كما الكتائب، بوجود أطراف تتغطى بها، فسارعت هي الأخرى إلى إصدار بيان مماثل استعملت فيه عبارات مشابهة لما ورد في بيان الكتائب، وقالت فيه: "على ما يبدو أنه آخر ما بجعبة الاحتلال وأذنابه – كلام عن مشاركة بعض فصائل الجهاد والمقاومة في عمليات مشتركة مع القوات المحتلة في محافظة ديالى ومن قبلها في محافظة الأنبار، ولكنه لم يجد له صدى إلا عند مرضى النفوس"، وأضاف البيان: "إننا في قاطع محافظة ديالى وكما هو الحال في كل قواطع عمليات كتائب الفتح الإسلامي ... نعلن الآتي: إن هذا الكلام يدل على فشل المحتلين وأذنابهم في تسويق مشروعهم السياسي وخطتهم الأمنية فعادوا إلى طريقتهم المثلى من الكيد والكذب والحيل الرخيصة باستغلال مواقف بعض الأشخاص الذين لا يمتون للمقاومة بصلة وتسويقها على أنها مواقف للمقاومة، ليجعلوها – بزعمهم - شريكاً لهم في أفعالهم الدنيئة لتمريرها على الناس ولكي يقنعوا شعبهم أن لهم أنصار بين فصائل المقاومة والجهاد وليوقعوا الخلاف والفرقة بين المجاهدين ولكن خسئوا وخابوا".
من المؤكد أن هذه اللغة تبعث على الاطمئنان عند المجاهدين وأنصارهم ولكنها لا توقف التساؤلات المطروحة، فإذا كانت كتائب العشرين معذورة في عدم تواجدها الراهن في المنطقة وهو ما جاهرت به دون أن يعيبها أو يمس من مكانتها لدى المجاهدين وأنصار الجهاد؛ فإن ما يعيب حماس العراق أنها متواجدة بكثافة، فلماذا لا تشارك في المعارك الدائرة؟ ولماذا تخلو بيانات الجيش الأمريكي من استهدافها؟ عدت مرة ثانية وثالثة إلى موقع الجماعة بحثا عن بيانات بهذا الخصوص فلم أوفق، وكذا فعلت فيما يتعلق بحالة الجيش الإسلامي الذي لم يعلن حتى هذه اللحظة عن أي موقف له مما يجري ولا عن أي تواجد له في ديالى، وفتشت بموقع شبكة البراق الجديدة عن بيانات له بخصوص الهجوم على ديالى فلم أجد شيء يذكر، وإذا كان صدر شيء من هذا القبيل ولم أدركه فهو بالتأكيد قصور مني، ودون ذلك فالإجابة عند أصحابها.
أما عشائر الأنبار وصلاح الدين فتبشر بعض الأنباء الواردة من المنطقتين أن العشائر انتصرت بالفعل للمجاهدين وعبرت عن دعمها لهم في اجتماع طارئ جرى يوم السبت وشارك فيه الشيخ أبو زياد الحسنالذي وعد بنصرة "أهلنا في ديالى، ودعا إلى تناسي الخلافات والتصدي لكل من ارتد عن الإجماع وخان أمته وأهله وشارك مع الأمريكان". واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة مهمتها التنسيق بين العشائر وفصائل المجاهدين لقطع طرق الإمدادات عن الأمريكيين وحكومة المالكي.
رابعا: وقائع الهجوم على ديالى
من واقع الحال في العراق فالهجوم الأمريكي هو هجوم شامل في عدة مناطق وليس في ديالى وحدها، فالحملة على بغداد والتي أسميت بـ "النسر المغوار" دخلت شهرها الثالث، ولكن في هذه المقالة يجري التركيز على ديالى باعتبارها معقل شديد البأس للسلفية الجهادية عامة ولدولة العراق الإسلامية خاصة، ومنها تنطلق معظم الهجمات على القوات الأمريكية والقوات العراقية الحكومية في بغداد وغيرها كما تعترف بذلك المصادر الأمريكية. وعلى هذا الأساس يتجه الهجوم الأمريكي كما يقول بيان القوات الأمريكية إلى "القضاء على تنظيم القاعدة" في المحافظة لتأمين بغداد والحزام المحيط بها ولمنع انتقالها إلى مكان آخر. فهل يمكن تبين حقيقة ما يجري في ديالى بناء على بيانات الطرفين؟
فيما يتعلق ببيانات الأمريكيين وتصريحات العسكريين منهم فهي مزدحمة بالتوجيه الإعلامي بحيث يصعب تبين دقتها خاصة وأن الكثير من خسائرها لا يعلن عنه إلا بما تفرضه بيانات الطرف الآخر من تعقيب عليها بالنفي أو الاعتراف بصحة مضمونها خاصة إن تمتعت بشهادة شهود العيان أو فضحتها أفلام مصورة يصعب دحضها أو تجاهلها. كما أن الطرف المدافع عن المنطقة يعلم أنه محاصر إعلاميا ولا يعول كثيرا على توجيه الرأي العام وبالتالي فما من جدوى في المبالغة في البيانات بقدر ما تبدو هذه الأخيرة متحدية في بعض محتوياتها للخصم بأن يثبت ما يدعيه بالصور كما جاء في أحد بيانات دولة العراق الإسلامية. بل أن دقة التحري الإعلامي عند مراسلي الدولة تبدو عملية شاقة وهي تمر بسلسلة من مراحل الاتصال والتواصل فيما بين المندوبين الإعلاميين المنتشرين في عدة قواطع ومسؤوليها العسكريين وسط مخاطر شديدة أسفرت عن استشهاد الكثير منهم وهم يؤدون عملهم الإعلامي حتى يوصلوا رسالة إعلامية تعكس مصداقيتهم وتمني النفس بنصرتهم.

  #3  
قديم 26-06-2007, 06:39 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

على كل حال فحرب من هذا النوع هي بالتأكيد حرب كرّ وفرّ ليس الاحتفاظ في المناطق فيها أمر ثابت، وعليه فمن الطبيعي أن نسمع تصريحات كالتي أدلى بها الجنرال راي أوديرنو، الرجل الثاني في القيادة الأمريكية العسكرية في العراق، وهو يقول بأن: "80 بالمئة من كبار قيادات القاعدة بمدينة بعقوبة قد فروا، وأن 80 بالمئة من القيادات الأدنى مازالت هناك". وغني عن القول أن مثل هذه التصريحات التي تنطوي على غمز يرجى منه تحقيق أثر نفسي على العناصر المقاتلة؛ تؤكد من جهة أخرى على اعتراف صريح بخوض حرب عصابات، خاصة وأن الجنرال نفسه يستبعد استسلام المقاتلين في بعقوبة وهو الذي تشير توقعاته بأن المعركة ستطول حتى لو اعتمد الأمريكيون على تعدد محاور الهجوم كما فعلوا في خطتهم اقتحام الجانب الغربي من بعقوبة. وزيادة على ذلك فقد كان مراسل محطة البي بي سي أفصح في التعليق على مثل هذه التصريحات معتبرا إياها مفاجئة بالنظر إلى أن الهدف هو القضاء على تنظيم القاعدة، فإذا بالقادة الأمريكيين يتحدثون عن كر وفر. وهي مفاجأة لم ينفها عسكريون أرفع درجة من أمثال الجنرال مايك بدناريك الذي أقر بصريح العبارة أنهم يواجهون قتالا شرسا في بعقوبة، وأن "مسلحي القاعدة الذين يقدر عددهم بالمئات يقاتلون بشراسة ضد الآلاف من القوات الأمريكية، وهم مستعدون للموت في القتال"، فكيف يمكن، مثلا، الثقة ببيانات الجيش وهو يتحدث عن مقتل العشرات واعتقال آخرين؟
وبحسب البيانات العسكرية فالاعتماد الرئيسي في صد الهجوم الأمريكي يستند إلى ثلاثة دعائم كما توحي به بيانات الدولة: (1) الدفع بكتائب الاستشهاديين لاعتراض القوات المهاجمة وقطع خطوط سيرها وإمداداتها وإيقاع الخسائر بقوافلها وهو ما حصل في أكثر من موقع حتى في بغداد، و(2) استخدام القناصين والقنابل الحرارية داخل الأحياء السكنية للتربص بالجنود والقوات التي تدخل المناطق السكنية، و(3) الاعتماد بالدرجة الأساس على المفخخات والأشراك الخداعية والألغام المنتشرة في الأحياء والمباني المهجورة والشوارع والأزقة والخنادق الملغمة.
هذا الوضع من القتال اعترف به الجنرال الأمريكي بدناريك حين قال أن: "القتال يدور من منزل إلى منزل ومن مبنى إلى مبنى ومن شارع إلى شارع ومن بالوعة إلى بالوعة" مما دفع القوات الأمريكية إلى شن غارات جوية على الأحياء السكنية والمساجد تسببت بمقتل عدد كبير من المدنيين في محاولة منهم لتعطيل الألغام. ومع أنهم تحدثوا عن اختراق لأحياء الكاطون والمفرق والمعلمين إلا أن الحديث يجري حقيقة عن إنزال جوي لم تلبث فيه القوات الأمريكية أن انسحبت على الفور، بل أن بيانات الدولة حتى اللحظة تؤكد على ثبات دفاعاتها ونسف مقر القوات الأمريكية في بعقوبة.
أما على صعيد الخسائر الأمريكية فقد تكبدت هذه القوات خسائر في الجنود طالت عشرات الجنود وليس 14 جنديا في مواضع مختلفة من العراق كما اعترفت البيانات الرسمية فضلا عن كاسحة ألغام وعشرات الآليات وتدمير عدد من الطائرات أو إصابتها في هجوم منفصل بصواريخ جراد وقذائف الهاون شنه مقاتلوها يوم الجمعة (22 / 6 / 2007) على قاعدة بلد الجوية وتأخر الإعلان عنه إلى حين نجاح المجموعة المهاجمة بالانسحاب من موقع العملية بحسب ما أفاد به بيان رسمي، ومن جهتها أيضا كذبت دولة العراق الإسلامية ما سبق وبثته القوات الأمريكية عن مقتل العشرات (30) من عناصر القاعدة ولكنها اعترفت باستشهاد ثمانية مقاتلين من المجاهدين متحدية القوات الأمريكية أن تثبت عكس ذلك.
وعلى الجانب الأمريكي فالتصريحات تشير إلى مقتل نحو 55 – 80 مجاهدا وإلقاء القبض على عشرات منهم وهو ما لم يثبت حتى كتابة هذا التقرير، والحقيقة أن البيانات الصادرة عن القوات الحكومية هي التي تتحدث عن أسرى في صفوف القاعدة في حين تحدثت بيانات الأمريكيين عما أسمته بـ "مشتبه" بانتمائهم للقاعدة. والمرجح أن أحدا لا يمكنه الجزم بنسبة أي عملية اعتقال لأي من أفراد الدولة، فأجواء المواجهة بين المجاهدين والأمريكيين تكشف عن حالة مستحكمة من الغضب لدى الجنود والقادة الميدانيين الذين يشعرون أن المواجهة مع القاعدة غير عادلة خاصة وأنهم يقاتلون ما يشبه الأشباح، وهو ما عبر عنه أحد الجنود الأمريكيين.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م