مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 27-03-2001, 05:22 PM
الشاذلي الشاذلي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 146
Post الامام الاعظم ابو حنيفة النعمان

الإمام أبو حنيفة النعمان رضي اللّه عنه
لمحة عن حياته (80 - 150 هـ).
نسبه: هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الفارسي، عرف بالإمام الأعظم.
كان جده من أهل كابل قد أسر عند فتح بلاده ثم مُنّ عليه. وأبو حنيفة - وإن كان مولى - لم يجر عليه الرق ولا على أبيه، بل كان حر النفس أصيلاً، ولم يكن نسبه الفارسي غاضاً من قدره في عصر يقدم شرف التقوى على شرف النسب. وكان العلم في عصره أكثره في الموالي، فكانوا الوسط العلمي للدولة الإسلامية بعد الصحابة ردحاً طويلاً من الزمن، فصدقت فيه نبوءة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لو كان العلم بالثريا لتناوله أناس من أبناء فارس).
مولده ونشأته:
ولد أبو حنيفة رضي اللّه عنه في الكوفة سنة ثمانين للّهجرة على رواية الأكثرين، ونشأ وتربى بها وعاش أكثر حياته فيها متعلماً ومجادلاً ومعلماً.
ولد أبوه ثابت على الإسلام ويروى أنه التقى بعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه صغيراً فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته.
نشأ أبو حنيفة رضي اللّه عنه في بيت إسلامي خالص، وقد ابتدأ حياته تاجراً ثم لفته الشعبي فقيه الأثر، لما لمح فيه من مخايل الذكاء وقوة الفكر، إلى الاختلاف إلى العلماء مع التجارة، فانصرف إلى العلم دون أن يهمل التجارة.
طلبه للعلم:
تثقف أبو حنيفة رضي اللّه عنه بالثقافة الإسلامية التي كانت في عصره، فقد حفظ القرآن على قراءة عاصم، ودرس الحديث، وعرف قدراً من النحو والأدب والشعر، كما درس علم الكلام وأصول الدين، وجادل الفرق المختلفة في مسائل الاعتقاد وما يتصل به، ثم عدل إلى الفقه واستمر عليه واستغرق كل مجهوده الفكري، وقد ذكر في اختياره للفقه قوله: "كلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة... ورأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته، وطلب الدنيا والآخرة إلا به".
وقد اتجه أبو حنيفة رضي اللّه عنه إلى دراسة الفتيا على المشايخ الكبار الذين كانوا في عصره، ولزم شيخه حماد بن أبي سليمان مذ كان في الثانية والعشرين من عمره إلى أن مات شيخه وأبو حنيفة رضي اللّه عنه في الأربعين من عمره.
ومع ملازمة أبي حنيفة رضي اللّه عنه لشيخه حماد فقد كان كثير الرحلة إلى بيت اللّه الحرام حاجاً، يلتقي في مكة والمدينة بالفقهاء والمحدثين والعلماء، يروي عنهم الأحاديث ويذاكرهم الفقه ويدارسهم ما عندهم من طرائق.
وكان يتتبع التابعين أينما وحيثما ثقفوا، وخصوصاً من اتصل منهم بصحابة امتازوا في الفقه والاجتهاد، وقد قال في ذلك: "تلقيت فقه عمر وفقه عبد اللّه بن مسعود وفقه ابن عباس عن أصحابهم".
وقد جلس الإمام أبو حنيفة في الأربعين من عمره في مجلس شيخه حماد بمسجد الكوفة، وأخذ يدارس تلاميذه ما يعرض له من فتاوى وما يبلغه من أقضية، ويقيس الأشباه بأشباهها والأمثال بأمثالها بعقل قوي مستقيم ومنطق قويم، حتى وضع تلك الطريقة الفقهية التي اشتق منها المذهب الحنفي
أخلاقه:
كان أبو حنيفة رضي اللّه عنه بالغ التدين شديد التنسك عظيم العبادة، صائماً بالنهار قائماً بالليل تالياً لكتاب اللّه، خاشعاً دائباً في طاعة اللّه، قام الليل ثلاثين سنة وكان القرآن الكريم ديدنه وأنيسه.
كان كثير البكاء يرحمه جيرانه لكثرة بكائه، كثير الحياء جم الأدب وخاصة مع شيوخه، باراً بوالديه يدعو لهما في كل صلاة ويتصدق عنهما.
كان كثير الورع يقول: "لو أن عبداً عبد اللّه تعالى حتى صار مثل هذه السارية ثم إنه لا يدري ما يدخل في بطنه حلال أو حرام ما تقبل منه". ولذا كان شديد الحرج في كل ما تخالطه شبهة الإثم، فإن ظن إثماً أو توهمه في مال خرج منه وتصدق به على الفقراء والمحتاجين، وقد تصدق ببضاعته كلها عندما باع شريكه ثوباً معيباً دون أن يظهر عيبه.
كان عظيم الأمانة في معاملاته حتى شبهه كثيرون في تجارته بأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، فكان مثلاً كاملاً للتاجر المستقيم كما هو في الذروة بين العلماء. قال فيه معاصره مليح بن وكيع: "كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان واللّه في قلبه جليلاً كبيراً عظيماً، وكان يؤثر رضا ربه على كل شيء، ولو أخذته السيوف في اللّه لاحتمل".
ومن أخلاقه السماحة والجود، فقد كانت تجارته تدر عليه الدر الوفير رغم ورعه واكتفائه من الربح بالقدر اليسير، وكان ينفق أكثره على المشايخ والمحدثين اعترافاً بفضل اللّه عليه فيهم.
قال فيه الفضيل بن عياض: "كان أبو حنيفة رجلاً فقيهاً معروفاً بالفقه، واسع المال معروفاً بالأفضال على كل من يطيف به، صبوراً على تعلم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في حلال أو حرام فكان يحسن أن يدل على الحق، رهاباً من مال السلطان".
كان رحمه اللّه واحد زمانه، لو انشقت عنه الأرض لانشقت عن جبل من الجبال في العلم والكرم والمواساة والورع والإيثار للّه تعالى.
وكان أبو حنيفة رضي اللّه عنه حريصاً على أن يكون مظهره كمخبره حسناً، فكان كثير العناية بثيابه كثير التطيب، حسن الهيئة يحث من يعرفه على العناية بملبسه وسائر مظهره مذكراً بحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)
محنته ووفاته:
عاش أبو حنيفة رضي اللّه عنه عصراً مليئاً بالمشاحنات والتيارات، فقد أدرك دولتي بني أمية والعباس، وكان موقفه واضحاً من كل ما يجري حوله، ولم يعرف عنه يوماً أنه خرج مع الخارجين أو ثار مع الثائرين... لكن لما طلب منه عمر بن هبيرة والي الأمويين على الكوفة أن يعمل معه امتنع فسجن وعذب ثم هرب ولجأ إلى مكة، واتخذها مقاماً ومستقراً له من سنة (130 - 136) للّهجرة، فعكف على الفقه والحديث يطلبهما بمكة التي ورثت علم ابن عباس رضي اللّه عنهما.
ولما استتب الأمر للعباسيين عاد إلى الكوفة وأعلن ولاءه لهم وتابع حلقات درسه في مسجد الكوفة. واستمر على ولائه للدولة العباسية، إلا أنه على ما يظهر انتقد موقف الخليفة المنصور من بعض آل البيت من أبناء علي رضي اللّه عنه، وكان حول الخليفة كثيرون يحسدون أبا حنيفة - رضي اللّه عنه - ويوغرون صدر المنصور عليه، فكان أن عرض عليه الخليفة المنصور منصب القضاء امتحاناً لإخلاصه، فاعتذر الإمام عن قبول المنصب تحرجاً من الوقوع في الإثم لأنه يرى القضاء منصباً خطيراً لا تقوى نفسه على احتماله، وتعرض لمحنة قاسية بسبب رفضه؛ إذ وجد الخليفة المنصور الفرصة مواتية للنيل منه فسجن وعذب ثم أخرج من السجن على أن يفتي فكان يُرْجِعُ المسائل ولا يفتي فيها بشيء، فسجن من جديد ثم أخرج ومنع من الفتوى والناس والخروج من المنزل، فكانت تلك حاله إلى أن توفي رحمه اللّه سنة (150) للّهجرة على أصح الأقوال. وقيل إنه مات مقتولاً بالسم في سجنه رحمه اللّه.
وكان قد أوصى أن يدفن بأرض الخيزران فحمل إليها. وقدر عدد من شيع جنازته وصلى عليها بخمسين ألفاً. وقد صلى المنصور نفسه عليها إقراراً منه بعظمة دينه وتقواه وقال: من يعذرني منك حياً وميتاً؟ رحم اللّه الإمام ورضي اللّه عنه وأرضاه.

يتبع ان شاء الله
  #2  
قديم 27-03-2001, 06:11 PM
الماتريدي الماتريدي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
المشاركات: 30
Post

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه الناس عيال على فقه أبي حنيفة)
وقال عنه يحيى بن معين أحد نقاد الرجال كان أبوحنيفة لا يدرّس إلا من حفظه)
وروى الحافظ البغدادي في كتابه تاريخ بغداد(1/123)بالإسناد الصحيح عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره وسألت الله الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى)..
والتقى الإمام الأعظم بأنس بن مالك لما دخل الكوفة،ومشايخه كثر أمثال عطاء بن أبي رباح والشَّبي ونافع مولى ابن عمر(وهو أثبت الناس بحديث ابن عمر) ومحمد بن المنكدر وابن شهاب الزهري ومحمد الباقر وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وحماد بن أبي سليمان وجميعهم من أكابر التابعين..
وروى عنه خلق كثير ، ودرس على يديه أكابر العلماء مثل محمد بن الحسن شيخ الشافعي وأبي يوسف القاضي ووكيع شيخ الشافعي وعبدالله بن المبارك وزفر بن هذيل التميمي وداود الطائي وحماد بن أبي حنيفة وغيرهم كثير.....رحم الله الإمام الأعظم أبو حنيفة رحمة واسعة.....
  #3  
قديم 27-03-2001, 06:19 PM
عمر الشادي عمر الشادي غير متصل
معارض
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2000
المشاركات: 4,476
Smile


الله الله الله الله

ما شاء الله كان

بارك الله فيكم اخوتي على العمل بما طلبناه لنستأنس بذكر سير الصالحين من علماء الانة


-------------------------------------- الشادي

  #4  
قديم 30-03-2001, 01:19 PM
الشاذلي الشاذلي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 146
Post

منزلته العلمية ومصادر علمه:
كان الإمام أبو حنيفة فقيهاً مستقلاً قد سلك في تفكيره مسلكاً استقل به وتعمق فيه. وقد بقيت أصوات الثناء تتجاوب في الأجيال تعطر سيرته، قال أحد العلماء: "أقمت على أبي حنيفة خمس سنين فما رأيت أطول منه صمتاً، فإذا سئل عن شيء من الفقه تفتح وسال كالوادي وسمعت له دوياً وجهارة بالكلام". كما وصفه معاصره الورع التقي عبد اللّه بن المبارك بأنه مخ العلم، فهو قد أصاب من العلم اللباب ووصل فيه إلى أقصى مداه، وكان يستبطن المسائل ويستكنه كنهها ويتعرف أصولها ويبني عليها. ولقد شغل عصره بفكره وعلمه ومناظراته، فهو بين المتكلمين يناقشهم ويدفع أهواء ذوي الأهواء؛ ويناقش الفرق المختلفة وله رأي في مسائل علم الكلام أثر عنه؛ بل هناك رسائل نسبت إليه، وله في الفقه والتخريج وفهم الأحاديث واستنباط علل أحكامها والبناء عليها المقام الأعلى، حتى إن بعض معاصريه قال: "إنه لم يعرف أحداً أحسن فهماً للحديث منه".
من أين جاء لأبي حنيفة رضي اللّه عنه كل هذا العلم؟ ما مصادره؟ ما مهيئاته؟ ما الذي توافر له حتى كان منه ما رواه تاريخ العالم الإسلامي؟.
لقد تهيأ لتوجيه أبي حنيفة رضي اللّه عنه توجيهاً علمياً ولنبوغه في وجهته أمور أربعة، أولها: صفاته التي جبل عليها، ثانيها: شيوخه الموجهون الذين التقى بهم وأثروا فيه، ثالثها: حياته الشخصية وتجاربه، ورابعها: العصر الذي أظله والبيئة الفكرية التي عاش فيها.
وسنخص كل واحد من هذه العناصر بكلمة:
-1 - صفاته:
اتصف أبو حنيفة رضي اللّه عنه بصفات جعلته في الذروة بين العلماء، صفات العالم الحق الثبت الثقة، البعيد المدى في تفكيره، المتطلع إلى الحقائق، الحاضر البديهة الذي تسارع إليه الأفكار.
كان رضي اللّه عنه ضابطاً لنفسه مستولياً على مشاعره، لا تعبث به الكلمات العارضة ولا تبعده عن الحق العبارات النابية، كان يقول: "اللّهم من ضاق بنا صدره فإن قلوبنا قد اتسعت له". وقد أوتي استقلالاً في تفكيره جعله لا يخضع في رأيه إلا لنص من كتاب أو سنة أو فتوى صحابي، ولم يؤثر فيه الحب والبغض.
كان عميق الفكرة بعيد الغور في المسائل، لا يكتفي بالبحث في ظواهر الأمور والنصوص ولا يقف عند ظاهر العبارة بل يسير وراء مراميها البعيدة أو القريبة، ولعل ذلك العقل الفلسفي المتعمق هو الذي دفعه لأن يتجه أول حياته إلى علم الكلام كما دفعه لدراسة الحديث دراسة متعمقة، يبحث عن علل ما اشتمل عليه من أحكام مستعيناً بإشارات الألفاظ ومرامي العبارات.
كان حاضر البديهة، لا تحتبس فكرته ولا يفحم في جدال، واسع الحيلة يعرف كيف ينفذ إلى ما يفحم به خصمه من أيسر السبل، وله في ذلك غرائب ومدهشات حتى قيل فيه: إنه لو أراد أن يثبت الحكم وعكسه لما أعجزه ذلك.
كان مخلصاً في طلب الحق مما نور قلبه وأضاء بصيرته، فكان لا يهمه إلا الحق سواء كان غالباً أو مغلوباً. وكان لإخلاصه لا يفرض في رأيه أنه الحق المطلق بل يقول: "قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا".
هذه جملة الصفات التي جعلت من أبي حنيفة رضي اللّه عنه فقيهاً انتفع بكل غذاء روحي وصل إليه.
-2 - شيوخه والموجهون الذين التقى بهم:
التقى الإمام أبو حنيفة بعدد من الذين عمروا من الصحابة، منهم أنس بن مالك وعبد اللّه ابن أبي أوفى وسهل بن سعد رضوان اللّه عليهم، ولكنه لم يرو عنهم إذ كان في سن لقائه بهم صغيراً، ولكن أجمع العلماء على أنه التقى بكبار التابعين وجالسهم ودارسهم وروى عنهم وتلقى فقههم.
وقد قال: "كنت في معدن العلم والفقه فجالست أهله ولزمت فقيهاً من فقهائهم".
وهذا يدل على أنه عاش في وسط علمي وجالس العلماء وعرف مناهج بحثهم ثم اختار من بينهم فقيهاً وجد فيه ما يرضي نزوعه العلمي وهو حماد بن أبي سليمان الذي انتهت مشيخة الفقه العراقي في عصره، فلزمه ثماني عشرة سنة. وكان حماد قد تلقى معظم فقهه على إبراهيم النخعي فقيه الرأي كما تلقى عن الشعبي فقيه الأثر، وهما اللذان انتهى إليهما فقه الصحابيين الجليلين عبد اللّه بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما، وكانا قد أقاما بالكوفة وأورثا أهلها تراثاً فقهياً عظيماً.
ومن شيوخه عطاء بن أبي رباح الذي أخذ خلاصة علم ابن عباس رضي اللّه عنهما عن مولاه عكرمة. وكان أبو حنيفة رضي اللّه عنه يلازمه ما دام مجاوراً لبيت اللّه الحرام.
ومنهم نافع مولى ابن عمر رضي اللّه عنهما وقد أخذ عنه أبو حنيفة رضي اللّه عنه علم ابن عمر وعلم عمر رضي اللّه عنهما. وهكذا اجتمع للإمام أبي حنيفة علم عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي اللّه عنهم عن طريق من تلقى عنهم من تابعيهم رضي اللّه عنهم أجمعين.
ولم يقتصر الإمام أبو حنيفة على الأخذ عن هؤلاء الفقهاء بل تجاوز ذلك إلى أئمة آل البيت فأخذ عنهم ودارسهم، منهم الإمام زيد بن علي زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وعبد اللّه بن الحسن بن الحسن.
ولم يكن اتصال أبي حنيفة، رضي اللّه عنه، العلمي مقصوراً على رجال الجماعة وأئمة آل البيت بل اتصل بمختلف الفرق وتعرف على آرائهم وأقوالهم، فكان يأخذ من كل هذه العناصر ثم يخرج منها بفكر جديد ورأي قويم لم يكن من نوعها وإن كان فيه خيرها.
وهكذا نستطيع أن نقول إنه تلقى فقه الجماعة الإسلامية بشتى منازعها وإن كان قد غلب عليه تفكير أهل الرأي بل عُدّ شيخ أهل الرأي.
-3 - دراسته الخاصة وتجاربه:
كانت حياة الإمام أبي حنيفة ودراساته وتجاربه تتجه به نحو تكوين فقيه العراق الأول.
فقد زاول التجارة وكان عليماً بأحوال البيع والعرف التجاري مما جعله يتكلم في معاملات الناس وأحكامها كلام الخبير الفاهم؛ فجعل للعرف مكاناً في تخريجه الفقهي، وأحسن التخريج بالاستحسان عندما يكون في القياس منافاة للمصلحة أو العدالة.
كما كان كثير الرحلة إلى الحج وغيره يلتقي بالعلماء يدارس ويذاكر ويناظر ويروي ويفتي. هذا إلى ما تفيده الرحلات نفسها من فتق للذهن ومعرفة بمواطن الوحي والبلاد المختلفة؛ فيحيط خبراً بمعاني الآثار ودقائق الأخبار ويحسن التفريع في المسائل الفقهية ويحكم تصورها والإلمام بأحكامها.
وقد كان أبو حنيفة رضي اللّه عنه مغرماً بالجدل والمناظرة منذ شب في طلب العلم، ومجادلته في العقائد أرهفت تفكيره وعمقت مداركه، ومناظراته في الفقه أطلعته على أحاديث وأوجه للقياس وفتاوى للصحابة لم يكن مطلعاً عليها.
وطريقة الإمام أبي حنيفة الخاصة في التدريس جعلت درسه مجالاً لتثقيف المعلم والمتعلم معاً، فقد كان يطرح الفكرة ويناقشها مع تلاميذه، كل يدلي برأيه مخالفاً أو موافقاً، وبعد تقليب النظر يدلي هو بالرأي الذي تنتجه هذه الدراسة فيقر الجميع به. وهذا جعل علمه في نمو متواصل وفكره في تقدم مستمر.
-4 - عصره:
أدرك الإمام أبو حنيفة العصر الأموي في عنفوانه وقوته ثم في تحدره وانهياره، وأدرك الدولة العباسية في نشأتها قوية ظافرة ناهضة مسيطرة.
وعاش أبو حنيفة رضي اللّه عنه في العصر الأموي اثنتين وخمسين سنة، وهي السن التي تربى فيها وبلغ أشده، ثم بلغ أوجه العلمي ونضجه الفكري الكامل. ولم يدرك من العصر العباسي إلا ثماني عشرة سنة، وكانت عاداته الفكرية ومناهجه العلمية قد استقامت، وصار ينتج الكثير ولا يأخذ إلا القليل. وعلى هذا فما أخذه الإمام أبو حنيفة من عصره كان أكثره من الأموي وأقله من العباسي، وكان العصر العباسي نمواً لما في العصر الأموي ونتائج لمقدمات بدأت قبله.
وقد أغنت الحياة السياسية الحافلة بالصراعات والاتجاهات، والحياة الاجتماعية التي ضمت عناصر مختلفة لكل منها طابع خاص رغم أنها انصهرت جميعها في بوتقة الإسلام، والمشاغل الفكرية في أمور العقيدة وما نشأ عنها من فرق ونحل، وازدهار حركة الترجمة عن الفكر اليوناني والفارسي والهندي، وتفرغ العلماء للخوض في علوم الدين الذي أثمر حركة التدوين للحديث وكثرة المناظرات والرحلات العلمية. أغنت هذه الأجواء، السياسية والاجتماعية والفكرية والعلمية، مدارك الفقهاء وساعدت في تفتق أذهان العلماء وأوجدت مناخاً ملائماً ساعد في استخراج المسائل وفي فرض الفروض والتصورات

يتبع ان شاء الله
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م