نحن مسلمون نعم، و لكننا لسنا أعضاء في "شعب المسلمين"
إن الإنتماء لشعب في عصرنا اليوم هو إنتماء لكتلة من الأفراد و إلى وطن و إلى مجموعة من المصالح و المسلمات. غير أن المصالح الأساسية و المصيرية للشعوب لا تتفق أبدا، من أجل ذلك يحتاج كل شعب أن يكون له أرض و دولة خاصة به.
و لكن الأمر يصبح أكثر تعقيدا إذا كان الفرد ينتسب إلى تركيبة هرمية من الشعوب كإدعاء المسلم أنه ينتمي لشعب إقليمي و شعب عرقي و إلى "شعب المسلمين". فالإنسان، سواء أكان مسلما أم كافرا، يحتاج لمصالح مصيرية عليا واحدة فقط، تكون بالنسبة له المعيار الذي يتحكم في مواقفه و تفاعله مع الأحداث من حوله.
كل هذه المعطيات تدل على أن الإنتماء الهرمي لعدة شعوب، أو ما يعرف بنظرية الإنتساب إلى عدة دوائر قومية، هو إنتماء وهمي وكاذب. فإذا كان بعض الأفراد من ذوي البصيرة و العقل الراجح (إنسان قوة في الإيمان) لا يؤثر فيهم تعدد الإنتسابات، و يستطيعون أن يجعلوا المصالح و الأهداف الإلاهية هي العليا في حياتهم العملية، فإن العامة لايستطيعون ذلك، بل هم يميلون دائما لتقديس مصالح و مسلمات أصغر شعب يؤمنون بالإنتساب إليه. أما الشعوب الأكبر فإنها لاتنال ممن يعتقدون بالإنتساب إليها إلا الفتات، ولا يصلها منهم إلا الهتافات و الأشعار و الخطب الرنانة.
من أجل ذلك تفقد العامة إنتسابها العملي و الواقعي للشعوب الأكبر من غير قصد أو معرفة لأن مصالح ومسلمات تلك الشعوب لا تملك قيمة حقيقة على أرض الواقع …
إن قبول المسلمين بوجود الشعوب الإقليمية و العرقية و إنتسابهم إليها عن طواعية، يمثل مقامرة خطيرة بمصالح الإسلام و مسلماته، و مهزلة لابد من إيقافها بأسرع وقت ممكن. إن الإيمان بأن "شعب المسلمين " هو الشعب الوحيد الذي ننتسب إليه، هو السبيل الوحيد لضمان أن تكون مصالح الإسلام هي المسير حقيقي لتفكير المسلمين، كل المسلمين (ضعيفهم قبل قويهم، فاسقهم قبل صالحهم، ظالمهم قبل مظلومهم).
__________________
إن العمل الإسلامي لن يستطيع تحقيق حلمه في إستعادة مكانة الإسلام،
حتى تصبح المصالح الإسلامية و مقدساتها هي العليا عند عوام المسلمين، كما كانت من قبل.
و لن يتحقق هذا الأمر بالتوعية و الخطب الرنانة و الكتب الغزيرة
و لكنه سيتحقق عندما تنتصر عقيدة "الإنتساب إلى شعب واحد" بين المسلمين،
و تنهدم نظرية الإنتساب إلى تركيبة هرمية من الشعوب (إقليمي، عرقي، و "شعب المسلمين") عند كل مسلم
و يدرك المسلمون أنهم ليسوا أعضاء في شعوب إقليمية و لا عرقية، بل هم "مسلمون" و كفى
إن المسلمين أمة و شعب واحد و ليسوا أمة من عدة شعوب.
www.one-people.org
|