قال تعالى : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" ـ البقرة:186
يسألك العباد عن رب العباد فلا تجبهم بوصف ذات أو تعداد صفات، إنه ربهم يرد عليهم بنفسه يأتيهم الجواب ممن سألوا عنه (فإني قريب) يختار هذه الصفة دون غيرها ليهدهد العقول الحائرة، ويُطمئِن القلوب الخائفة، ويستدعي النفوس الشاردة ..
هو منهم قريب يجدونه في أي وقت احتاجوا إليه، فليخلصوا قصدهم ويتجهوا لخالقهم أنى كانوا، يدعونه ويرجونه، يناجونه بأعذب الألفاظ الصادقة، يسكبون عبراتهم في رحابه، ويصبون آلامهم معها ناثرين بين يديه وحده شكاواهم ..
(فإني قريب) الموضع الوحيد الذي جاء فيه الرد على السؤال بلا واسطة، ففي غيرها من الآيات يكون الجواب: قل كذا. أما هنا فرب العباد يجيب بنفسه، ونرى الفاء الرابطة تصل الجواب بالسؤال، والتعبير (إني قريب) جاء بالجملة الاسمية الدالة على الثبات فهذا حاله دوما (القرب منا) فليكن حالنا دوما (القرب منه ودعاؤه والاستجابة له والإيمان به) ...
وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع آية أخرى من كتاب الله بإذن الله تعالى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الفريقان يأتيان زمرا، أهل النار يصلونها جماعات جماعات ويدخلونها كذلك، وأهل الجنة يتقدمون إليها جماعات ويلجونها جماعات. إلام يشير ذلك يا ترى؟
إنها إشارة إلى ضرورة التجمع والائتلاف في حياة الإنسان فهو في الدنيا يحتاج للصحبة فيتخذ له ممن حوله جماعة ترافقه أو تؤيده، وفي الآخرة سيحشر معها إن امتلأ قلبه بودها ونسج أخلاقه على منوالها فليحاذر إذن، وليختر تلك الصحبة التي تكون في الدنيا اختيارا دقيقا ممحصا لتكون رفيقته إلى الجنة، فإن أحسن الاختيار وجاهد في انتقاء الأصحاب كما ينتقي الدر باحثا عن أفضله فهو أثمن من أي دُرّ كان فوزه بالرفقة معهم إلى الجنة وإلا تكن الأخرى، فليختر من الآن، فلا دخول إلى جنة إلا زمرا.
وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع آية أخرى من كتاب الله بإذن الله تعالى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
يصف الله تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل فقال تعالى:
[الذين يقولون ربناإننا آمنا] أي بك وبكتابك وبرسولك
[فأغفر لنا ذنوبنا] أي بإماننا بك وبما شرعته لنا فأغفرلنا ذنوبنا بفضلك ورحمتك وقنا عذاب النار.
ثم قال تعالى[الصابرين] أي في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات
[والصادقين] أي فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة
[والقانتين] والقنوت هوالطاعة والخضوع.
[المنفقين]أي من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات وصلة الأرحام والقربات وسد الخّلات ومواساة ذوي الحاجات
[والمستغفرين بالأسحار] أي دل على فضيلة الإستغفار وقت الأسحار وقد قيل أن يعقوب عليه السلام لما قال لبنيه [سوف أستغفر لكم ربي] إنه أخرهم الى وقت السحر. وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة الى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول هل من سائل فأعطيه هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفرله)) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت ((من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وآخره فانتهى وتره الى السحر)). وكان عبدالله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول لمولاه نافع هل جاء السحر فإذا قال نعم أقبل على الدعاء والإستغفار حتى يصبح. وقال إبن جرير عن ابراهيم بن حاطب عن ابيه قال سمعت رجل في السحر في ناحية المسجد وهو يقول يارب أمرتني فأطعتك وهذا السحر فأغفر لي فنظرت فإذا هو إبن مسعود رضي ألله عنه. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ((كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخرالسحر سبعين مرة)).تفسيرإبن كثير.
وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع آية أخرى من كتاب الله بإذن الله تعالى .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
قال الله تعالى: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111) سورة النحل
عندما تقرأ هذه الآية وتتفكر بها دون تجاوز حتى تتكون لدينا فكرة عن وضع النفوس في الدنيا وفي الآخرة . نفوسنا في الدنيا يفصح عنها لساننا وجوارحنا ساكتة، ونفوسنا في الآخرة تفصح عنها جوارحنا وألسنتنا ساكتة نحن اليوم في الدنيا نجادل ونحاول ونستخدم الحجج والبراهين، وقد يقوي موقفنا مكانتنا الاجتماعية أو سلطتنا أو براعة ألفاظنا ........ا
يا للفتنة !
كم نحن مفتونون إن حِدنا عن الحق وإن انتصرنا لأنفسنا، غدا الحقيقة تظهر، وأعضاؤنا تنطق، فإن كنا في الدنيا من أهل الحقيقة، ولم نظلم أحداً بألسنتنا، أو باستغلال مكانتنا يتطابق قول أعضائنا يوم الدين مع قول ألسنتنا في الدنيا، وعندها نكون ممن أحسنوا لأنفسهم. وإن كان لساننا يخالف ما اقترفته جوانحنا وجوارحنا نكون قد أسأنا لأنفسنا. لا تكريم للنفس في الدنيا والآخرة أهم من اتباع الحق ومخافة الهوى والعصيان، واتهام النفس أولاً والسير بها إلى خطوات الاستقامة .