الأقوال التي نسبت للشيخ بن باز عن أسامة بن لادن

[فلوجة العز]

الشيخ بن باز ... هل يدخل بن لادن النار ... أم يمنعه دخول الجنة .... ؟!

الرجال يعرفون بالحق ، و ليس الحق هو الذي يعرف بالرجال ... كل يؤخذ منه و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... من وافق كلامه الحق أُخذ منه ، و من جانب كلامه الحق رد عليه ... من تحدث ببينة أخذنا كلامه ، و من تحدث بلا بينة ما أخذناه إلا أن يأتي بها ..... كل هذه شعارات من السهل أن نرددها .. لكن القليل منا من يعيها و يطبقها فعلا .. !

قام البعض بنشر كلام نسب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الشيخ المجاهد أسامة بن لادن .. و هذه بعض الوقفات مع هذا الكلام ..

و يعلم الله أنني كنت لا أريد أن أتطرق لهذا الموضوع .. و لكن حين رأيت البعض ينشر بعض الكلام المنسوب للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الشيخ المجاهد أسامة بن لادن حفظه الله من كيد أعدائه .. رأيت لزاما علي أن أكتب هذه الكلمات .. لعل الله أن يكشف بها حقا .. أو أن يزيل بها باطلا ..

و أول ما ظهر هذا الكلام المنسوب للشيخ بن باز رحمه الله .. كان منذ سنوات عديدة في جريدة ( المسلمون ) .. و تحديدا في عددها رقم 607 الصادر في 8 / 5 / 1417 ، مما جعل الكثير يشكك في مصداقية هذه الكلمات .. إذ أنه قد كان من المعلوم عن هذه الجريدة أنها تنسب إلى العلماء أحيانا أقوالا لم تصدر منهم .. و علم عنها التدليس و خاصة إذا كان في هذا الكلام تأييد للحكومة أو يوافق رغبات و أهواء الحكومة .. إذ أنها كانت ذات سمت حكومي بحت .. و الجميع يعلم ذلك .. و كان من الملاحظ عليها أنها تنسب أقوالا للشيخ بن باز رحمه الله بطريقة محرفة .. مثل أن يذكر أحد المعارضين ثم يقول أنه ( من جنس الشيطان ) .. و ما إلى ذلك من الأقوال و الألفاظ و الكلمات التي يصعب على الإنسان أن يصدق أنها تخرج من عالم ذو فضل و خلق مثل الشيخ عبد العزيز رحمه الله ، حتى و إن كان يختلف مع هذا المعارض .

و أذكر أن الشيخ سلمان العودة حفظه الله كان قد قال بعد حرب الخليج في أحد دروسه ... و بالتحديد في محاضرة ( مسئوليتنا عن انحراف الشباب ) .. في الأسئلة التي كانت تعرض في نهاية المحاضرة .. منبها أن هذه الجريدة قد نسبت إليه أقوالا محرفة لم تصدر منه .. و كانت متعلقة بحرب الخليج .. و ضرورة المشاركة في القتال دفاعا عن ( الوطن ) .. و ما إلى ذلك من الكلام الذي يحث على الوطنية .. و كما هو معلوم فالشيخ حفظه الله بريء من هذه الدعوات الجاهلية مثل الوطنية و القومية .. الداعية إلى تقديس الوطن بحيث يصير الحب فيه و البغض من أجله و القتال من أجله لا من أجل الدين .. و قد نبه على ذلك و على أن مثل هذا الكلام لا يصدر منه .. و أوضح أنه اتصل بالجريدة أكثر من مرة و طالب إدارتها بالتنويه أن هذا الكلام لم يصدر منه .. فمرت أسابيع تلو أسابيع .. و صدرت أعداد تلو أعداد .. دون أن يستجيبوا لطلب الشيخ ..

و حديثنا الآن ليس على جريدة ( المسلمون ) و ما كانت تنتهجه .. فقد توقفت عن الصدور منذ سنوات .. و لم يعد لها أثرا .. و إنما حديثنا عن هذه الأقوال التي نسبت للشيخ رحمه الله عن أسامة بن لادن .. إذا فرضنا أنها صحيحة و صدرت منه .. خاصة بعد أن وضع لها البعض رابطا من موقع الشيخ الرسمي على الإنترنت .

فراجعت كلمة الشيخ بن باز رحمه الله .. فكان هناك بعض الملاحظات ..

بدايةً ، فمن المعلوم بداهة ، أن أقوال العلماء في الحكم على الأشخاص و كونهم من أهل الحق أو الباطل لا تُقبل إلا ببينة .. و كلام الشيخ بن باز لم يحتوي على تلك البينة ..

و ترديد كلام العلماء دون الحصول على أدلتهم دليل ضعف لا دليل حجة .. إذ أن هذه مسالك العوام و الجهلة و المقلدين .. و هذا ما نراه من كل من يردد كلام الشيخ رحمه الله .. إذ أنهم ليسوا من أهل العلم و لا طلبته .. و إن سألت الواحد منهم ما دليلك .. يقول لك ( قال الشيخ ) .. و يعجز أن يقول ( قال الله .. قال الرسول ) .. و يعجز أن يأتي ببينة حق تؤيد دعواه .. أو دليل يؤيد صحة و سلامة هذه الأقوال .

و من الملاحظ من سياق كلام الشيخ رحمه الله أنه تحدث عن نشرات المعارضين .. و حذر منها و دعا إلى إتلافها .. ثم دعاهم إلى التوبة إلى الله .. ثم تم الزج بإسم الشيخ أسامة بن لادن في وسط الأسماء ! ، و كما هو معلوم للجميع أن الشيخ أسامة بن لادن لم يقوم بإصدار هذه النشرات التي حذر منها الشيخ بن باز رحمه الله .. و لم يشارك في إصدار مثل هذه النشرات أصلا !

و فيما يبدو من هذا الكلام .. أن هناك من أوحى إلى الشيخ أن أسامة بن لادن يقوم بدعوات فاسدة وضالة .. و لابد أن الحكومة كان لها يد في ذلك .. إذ عُلم عنها التشويه المستمر للشيخ أسامة بن لادن .. حتى إن الناس لم يكونوا يعلمون عنه شيئا إلا من وسائل الإعلام العربية و ما تروجه بأمر حكوماتها .. و لكن حين تحدث الشيخ أسامة بن لادن بنفسه في حواره الأخير مع قناة الجزيرة .. كشف العديد من الحقائق .. و أتيح للجمهور أن يستمعوا إلى الرجل .. ماذا يريد و كيف يفكر .. مما جعل الكثيرين يعلنون التأييد التام له بعد متابعة الحوار .. إذ شعروا أنه يعبر عن روح الملايين من أبناء المسلمين .. و يقوم بفعل ما يعجزون هم عن فعله .. حتى صار جل المسلمين الآن في جميع بلدان العالم الإسلامي يعلنون تأييدهم و تعاطفهم مع الرجل .. و هذا ما لم تكن تريده الحكومة .. !

و الملاحظة التي تليها .. أن عنوان هذا المقال الموضوع له هو ( التعاون مع ولاة الأمور و مع الهيئات و مع كل داع إلى الحق ) .. و هذا الكلام لابد أن يكون مقيدا .. إذ أن ولاة الأمور الآن رضوا بأن يتحالفوا مع الكافرين تحت راية الصليب .. و وافقوا على إعانة الكافر على قتال المسلم .. كما أنهم خرقوا حرمات الله من قبل بسماحهم للقوات الصليبية الكافرة بالتواجد على أراضي الحرمين المقدسة .. و كل هذه أمور فيها انتهاك لحرمات الله .. و منها ما هو ردة و كفر و خروج عن ملة الإسلام كفرا لا يقبل التأويل بأدلة الكتاب و السنة .. و لم يُعلم فيه نزاع بين المسلمين .. و بذلك فلا يكون لهؤلاء الولاة سمع و لا طاعة ..

و الملاحظة الأعجب .. أن اللذين يطالبون بن لادن بالتخلي عن منهجه و التوبة إلى الله لم يوضحوا ما هو المطلوب التخلي عنه .. هل يعلن رضاه عن التواجد الصليبي في أرض الجزيرة .. أم يعلن توبته عن الجهاد في سبيل الله و منابذة المشركين و الصليبيين .. أم يعلن توبته برضاه لتسليم نفسه لمحكمة كفرية تحكم بغير ما أنزل الله .. أم يعلن براءته من حكومة رضت بشريعة الله منهاجا ؟ ، إذ أن هذه هي التهم التي توجه إليه دوما ... !

و الأمر كما قلت .. هو ترديد الكلام بلا أدلة .. و لو تبصر كل فرد مريد للحق .. و أيقن أن كل شخص على وجه الأرض يؤخذ من أقواله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه و سلم و أن من سواه لا تؤخذ أقواله إلا ببينة .. و طبق ذلك علما و عملا .. لأراح نفسه من كل هذا العناء و التيه ..

و أقول ختاما .. إن من أشد ما دفعني لكتابة هذه الكلمات .. هو ما رأيته من المتعصبين لكل من الشيخ بن باز و بن لادن .. لدرجة تجعل البعض إذا أحب أحدهم يبغض الأخر .. فهؤلاء اللذين يرددون كلمة الشيخ بن باز و يصطادون بها في الماء العكر .. قد أساءوا و أجرموا في حق الشيخين .. فبعض من يقرأها تأخذه العصبية للشيخ بن باز .. فيحاول إقناع نفسه بكل السبل أن بن لادن إرهابي و ضال و ما إلى ذلك حتى و هو يرى الواقع خلاف ذلك .. و البعض الأخر الذي يقرأها ، و هو يرى في أسامة بطلا مجاهدا له باع في الجهاد في سبيل الله و مناصرة الإسلام و المسلمين بالمال و النفس .. يتوغر صدره على الشيخ بن باز رحمه الله .. و يجعل البعض يطعن فيه و ينتقص من شأنه و يطعن في مصداقيته .. فانظر لهؤلاء كيف يفتحون أبواب الفتن من حيث يشعرون أو لا يشعرون .. !

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .. بحر خضم من العلم .. إمام من أئمة أهل السنة التي يندر أن يجود بهم الزمان .. آية من آيات الله في العلم و الاجتهاد و الزهد و الورع .. جهده في العلم و الدعوة في غنى عن الإشارة و البيان .

و الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله .. رجل باع نفسه و ماله لله .. و باع روحه و اشترى بها سلعة الله الغالية .. رجل اغبرت قدماه في ساحات الجهاد منذ ريعان شبابه .. حتى صار الجهاد في سبيل الله حياته .. و وهب عمره لقتال الكفر و منابذة الكافرين .

فهل نعي تلك الحقيقة .. و نعلم حقا أن الإنسان لا بينة عليه و لا ينفعه إلا قوله و فعله .. و أن أراء الآخرين حوله لن ترفع من شأنه و لن تحط من قدره .. و أن أحدا لا يملك أن يدخل أحدا النار أو يمنعه دخول الجنة .. ؟!

وكتبه الأخ أبو عائض