>>>>حكومة ( عرب ستان ) <<<<

[يتيم الشعر]

التحرك الاهوازي في منتصف شهر ابريل الماضي هو نبش المجامر التي علاها الرماد منذ ازمنة طويلة، الاهواز هي اكبر الامارات الخليجية العربية مساحة، كانت ضمن نطاق وادي الرافدين في عهود العيلاميين والاشوريين والفتح الاسلامي وايام الدولتين الاموية والعباسية وقامت على ارضها امارات ومشيخات عربية مستقلة وهذا الاقليم الواسع يسكنه عرب من معظم القبائل العربية التي هاجرت من شبه جزيرة العرب قبل الاسلام وبعده...
وعندما استقلت الدول العربية بعد الحرب العالمية الاولى وخرجت من نطاق الدولة العثمانية طالب الشعب الاهوازي بالحصول على استقلاله، وكانت ايران تحت السيطرة الانجليزية والعراق تحت الحكم العثماني فاتفق الطرفان المستعمران على تغيير خريطة الدولتين فانتزعتا الاهواز من العراق ليندرج في الخريطة الايرانية، وبالمقابل ضمت أربيل والسليمانية الى الخريطة العراقية... وكانت امنيات الشعب الاهوازي ان تكون له امارة مستقلة كباقي امارات الخليج. ولقد واجه هذا الشعب اضطهادا من الحكومات الايرانية كما واجه التفرقة من العراق، ايران تستصغرهم كعرب والعراق على مستوى العامة ينظرون اليهم كعجم والخصم الاخر الذي واجه الشعب هو الجهل مع الفقر، فلم تمد العراق لهم يد العناية الصحية ولا العلمية ولم تقم مدرسة واحدة لانقاذهم من الامية...
الشعب في عربستان يتكون من مجموعة كبيرة من القبائل العربية... وعددهم الان ستة ملايين، هم من حنظله من قبائل تميم العريقة التي سكنت الاهواز او الاحواز كما كانت التسمية العربية، قبل الفتح الاسلامي لبلاد فارس...
وهم من اسد وكانت لهم امارة الحويزة وبنو كعب وهم قبيلة كبيرة ذات عدة فروع ابرزها البوناصر والبوكاسب والدريس والفصار وحزبه ومجدم والمحيسن وبنو طرف وهم من طي وبنو سعيد وبنو خالد وهم افخاذ وعشائر تفرعت من القبائل العربية كربيعة وكنانة والاوس والخزرج.
ولفظ العربستان اطلق الفرس على هذا الاقليم، واطلق الاتراك اسم عربستان على سوريا ولاسيما القسم الشمالي منها، واطلق العرب اسم «الاحواز» على هذا الاقليم والاحواز جمع حوز والتصغير حويزة وهذا اللفظ دال على التمليك.
ذكر المؤرخ البرتغالي بيدرو تاسكيرا الذي زار منطقة شط العرب سنة 1604 بان جميع من في المنطقة الواقعة الى شرق شط العرب كانت تؤلف امارة عربية يحكمها مبارك بن عبدالمطلب وكانت هذه الامارة مستقلة عن الفرس والاتراك الذين يحكمون العراق..
اما الرحالة الانجليزي استوكلر فقد ذكر ما كان لدى بني كعب من قوة عسكرية أُعدت لصد هجمات الدول الطامعة في امارتهم وشاهد المدافع المنصوبة في ميدان الفلاّحية وعدد الجيش العربي الكعبي كان قد بلغ تعداده خمسة عشر ألفاً من المشاة وسبعة آلاف فارس...
وأيد المؤرخ الفارسي كسروي ما ذهب اليه الرحالة الانجليزي بقوله إن ذلك الاستعداد العسكري كان معدا لتدمير القوة القاجارية عند ظهور اية بوادر ايرانية للسيطرة على الاهواز...
وكانت الاهواز مستقلة عن الدولة الفارسية الى ما قبل معاهدة «ارض روم» التي عقدت بين تركيا وانجلترا في العشرينات وعندما عقدت معاهدة الحدود بين ايران والدولة العثمانية في 1821م اثر الحرب بين مراد الرابع والشاه الصفوي اعطت هذه المعاهدة الاقليم الى السلطات الفارسية مع ترك منطقة شط العرب ضمن العراق.
وفي ايام امارة المحمرة رفض الشيخ جابر والشيخ خزعل من بعده قبول العروض الاقتصادية البريطانية المتعلقة بفتح نهر «كارون» قارون للملاحة البريطانية وكان الامراء العرب يرمون من وراء ذلك الاحتفاظ باستقلالهم الذاتي عن الحكومة الفارسية.
واحاطت الحكومة البريطانية الشيخ خزعل علما بانها على استعداد لمساعدته اذا ما حاولت الحكومة الفارسية بسط سيطرتها المباشرة على بلاده. وفي 1902م بعث اللورد هاردنيك وزير الخارجية البريطانية برسالة مطولة للشيخ خزعل تعهد له بالحماية واعترف به حاكماً على امارته العربية...
ورفض الشيخ خزعل الطلبات العديدة التي تقدمت بها الشركات الامريكية والانجليزية والفرنسية لاجل مد خط سكك حديدية عبر الاهواز بين طهران وهمدان وتبريز الى شط العرب... وبعد الاتفاق الروسي الانجليزي على تقسيم فارس ظل الشيخ خزعل مستقلا عن الادارة الفارسية حتى ما بعد الحرب العالمية الاولى.
واستمرت اللقاءات بين ايران وتركيا لسنوات عديدة وكانت هذه اللقاءات تعقد في مدينة تركية هي «أرض روم» وعرفت المعاهدات باسم هذه المدينة، وعقد المؤتمر الاول في سنة 1844م واستمر في السنوات التالية الى مؤتمر «ارض روم» في مارس ..1847
ومن بنود هذه المعاهدات:
- تتنازل الحكومة الايرانية عن كل ما لها من ادعاءات في مدينتي السليمانية واربيل...
- تعترف الحكومة العثمانية بصورة رسمية بسيادة الحكومة الايرانية التامة على مدينة المحمرة ومينائها وجزيرة خضر والمرسى والاراضي الواقعة على الضفة الشرقية من شط العرب التي هي تحت تصرف عشائر عربية.
وبعد توقيع معاهدة ارض روم الثانية عام 1847 ازداد التدخل الايراني في شؤون الاقليم، وثارت القبائل العربية، فاعلن الشيخ «عداد بن فارس» رئيس قبيلة آل كثير استقلاله، وكذلك فعل الشيخ مهاوي الطرفي رئيس قبيلة طرف، وثارت قبيلة الباوية بقيادة شيخهم طلال وتولى رئاسة الباوية الشيخ جابر الذي تزوج نوره ابنة شيخ الباوية السابق طلال فانجب منها الشيخ خزعل اقوى حكام امارة كعب العربية.

*نقلا عن جريدة "الوطن" الكويتية