الناقض الرابع: موالاةُ الكفار ومحبتُهم ونصرتُهم على المسلمين:
فقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك تولي طواغيت هذه الحكومة للكفار ومحبتهم وأخوتهم فهم يصرحون بذلك ليل نهار، ويجهرون به في إعلامهم وبياناتهم وخطاباتهم ويؤكدون عليه لمناسبة ولغير مناسبة، فهم يسمون دول الكفر بالدول الصديقة، ولا يتحرجون من إعلان عمق العلاقات الودية بينهم ويؤكدون أنها من الرسوخ بمكانٍ لا يستطيع أحدٌ أن يزحزحه أو يؤثر فيه، وهذا أمرٌ يعايشه الناس كلّ يومٍ فإعلامُهم لا يكاد يَنْفَكُّ عن ترديد هذه المعاني ونشرها بين الناس ومن أمثلة ذلك رسالة خائن الحرمين التي يهنئء بها الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) بفوزه في الانتخابات التي بها تستمر رئاسته للدولة المحاربة للإسلام، في الوقت الذي كانت فيه الحرب بين المسلمين الشيشان وبين الروس على أشدّها فتأمل هذه الرسالة وما فيها من الوضوح والصراحة في موادة الكافرين:
[فخامة الرئيس فلادييمير بوتين
تلقينا نبأ فوزكم في الانتخابات برئاسة جمهورية روسيا الاتحادية، ونحن إذ نهنئكم على ثقة شعب روسيا بشخصكم وبقيادتكم لنرجو لكم ولشعبكم الصديق مزيدَ التقدم والازدهار وإننا لنأمل أن تكون قيادتكم عاملاً لاستقرار الأمن والسلام الدوليين كما نتطلع في الوقت ذاته إلى تطور ونمو العلاقات بين بلدينا وشعبينا.
راجين لفخامتكم التوفيق والسداد][1]
ومظاهرةُ هؤلاء الطواغيت من حكام الدولة السعودية للكفار على المسلمين مما لا يخفى إلا على الحمقى والبله فقد كانت الطائرات الصليبية الأمريكية تنطلق من قواعدهم في جزيرة العرب لتضرب المسلمين في أفغانستان والعراق بأنواع الأسلحة والصواريخ والقنابل المدمرة لتقتل وتجرح وتهدم وتفتك وتعذب، وقد كان أهل التوحيد يتُـَّهمون بأنهم يختلقون هذا الأمر ويفترونه على دولة التوحيد - زعموا - فأنطق الله ألسنة هؤلاء الطواغيت بما يقطع الطريق على المعتذرين لهم من المنافقين وعلماء السوء فأصدرت سفارتهم في دولة الصليبيين أمريكا بيان جاء فيه
(ومنذ 11 سبتمبر، اتخذت حكومة المملكة العربية السعودية عدة إجراءات لمحاربة الإرهاب العالمي. وفيما يلي أمثلة مادية على هذه الإجراءات مأخوذة من تصريحات للقادة السعوديين، ومسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومقالات صحفية وإصدارات إعلامية رسمية، تؤكد جميعها على الجهود في الحرب على الإرهاب التي بذلتها حكومة المملكة العربية السعودية. ويشمل التقرير الملخص ما يلي:
التعاون الدولي.
1 - الاعتقال والتحقيق مع المشتبه بهم.
2 - إجراءات تم اتخاذها بخصوص الجمعيات الخيرية.
3 - تجميد الممتلكات للمشتبه بارتباطهم بالإرهاب.
4 - إجراءات قانونية وتنظيمية لمكافحة الإرهاب.
5 - مبادرات أخرى مرتبطة بمكافحة الإرهاب.)
وورد في مذكرة النصيحة قول كاتبيها [2]:
(إن المتأمل في علاقاتنا الخارجية يلاحظ ما يأتي:
1) تقديم الدعم المادي والمعنوي للدول التي تحارب الدعاة وتمنع نشر الدعوة إلى الله على بصيرة مثل سوريا والسلطة الجديدة في الجزائر، أو لجهاتٍ أخرى لا تربطها مصالح ظاهرة بالمملكة.
2) الحرص على ألا تتعارض سياسة المملكة مع مصالح الأنظمة الغربية التي تقود العداء للإسلام، ويتضح ذلك في مجاراة الولايات المتحدة الأمريكية في غالب المواقف والعلاقات والقرارات مثل الاندفاع نحو عملية السلام مع اليهود).
وبمثل هذا ثبت وقوع الحكومة السعودية في هذا الذنب الذي يخرج به العبد من الإسلام
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة /51] وقال سبحانه: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة المجادلة /22] وقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [سورة الأنفال/ 73]
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية: «فإنّ من تولاّهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملّتهم، فإنّه لا يتولّى متولٍ أحداً إلاّ وهو به وبدينه وما هو عليه راضٍ، وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمُه حكمَه» [3]
قال ابن حزمٍ رحمه الله[4]:
”صح أن قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) إنما هو على ظاهره بأنه كافرٌ من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين“.
قال ابن كثير رحمه الله[5]:
”ومعنى قوله تعالى (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنةٌ في الناس؛ وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين فيقع بين الناس فسادٌ منتشرٌ“.
وذكر الشيخ المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله نواقض الإسلام فقال[6]:
(اعلم أنّ من أعظم نواقض الإسلام عشرة:...
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة المائدة /51]
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله[7]:
”فذكر تعالى أن موالاة الكفار منافيةٌ للإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه، ثم أخبر أن سببَ ذلك كونُ كثيرٍ منهم فاسقين، ولم يفرّق بين من خاف الدائرة ومن لم يخف، وهكذا حال كثيرٍ من هؤلاء المرتدين قبل ردتهم كثير منهم فاسقون، فجّر ذلك إلى موالاة الكفار والردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك“.
وقال الشيخ أحمد شاكر: «ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض: أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين, من الإنجليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم, بأي نوع من أنواع التعاون, أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلاً عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين, إنه إن فعل شيئاً من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة, أو تطهر بوضوءٍ أو غسلٍ أو تيممٍ فطهوره باطل, أو صام فرضاً أو نفلاً فصومه باطل, أو حجّ فحجّه باطلٌ, أو أدى زكاةً مفروضةً, أو أخرج صدقةً تطوعاً فزكاته باطلةٌ مردودةٌ عليه, أو تعبد لربه بأي عبادةٍ فعبادته باطلةٌ مردودةٌ عليه، ليس له في شيءٍ من ذلك أجرٌ بل عليه فيه الإثم والوزر.
ألا فليعلم كل مسلم:
أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء حبط عمله, من كل عبادةٍ تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الرِدِّة التي رضي لنفسه, ومعاذ الله أن يرضى بها مسلمٌ حقيق بهذا الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله؛ ذلك بأن الإيمانَ شرطٌ في صحة كل عبادة وفي قبولها, كما هو بديهي معلومٌ من الدين بالضرورة، لا يخالف فيه أحدٌ من المسلمين»[8].
وقال الشيخ عبد الله بن حميد[9]:
”فيجب ويتعين على كل مسلمٍ ناصحٍ لنفسه أن يعرف ما قرره العلماء رحمهم الله، من الفرق بين التولي والموالاة:
قالوا رحمهم الله: الموالاة مثل لين الكلام، وإظهار شيء من البشاشة، أو لياثة الدواة، وما أشبه ذلك من الأمور اليسيرة، مع إظهار البراءة منهم ومن دينهم، وعلمهم بذلك منه، فهذا مرتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وهو على خطر.
وأما التولي: فهو إكرامهم، والثناء عليهم، والنصرة لهم والمعاونة على المسلمين، والمعاشرة، وعدم البراءة منهم ظاهراً، فهذا ردة من فاعله، يجب أن تجرى عليه أحكام المرتدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة المقتدى بهم“.
=======================
[1] [جريدة الرياض العدد 11601 – السنة السادسة والثلاثون – الأربعاء 23 ذو الحجة 1420 هـ -29 مارس 2000م]
[2] العلاقات الخارجية - واقع العلاقات الخارجية.
[3] التفسير 6/277
[4] المحلى: 11/ 138
[5] التفسير 2/ 331
[6] الرسائل الشخصية:91
[7] الدرر 8/129
[8] عمدة التفسير
[9] الدرر 15/479
|