عجيبة هذه الدنيا
والأعجب منها هو أننا نتغافل أحيانا عن التمتع باللون الأبيض
فننصرف إلى غيره لنتغني به وبجماله
فهذا يقول : أجمل الألوان الأحمر لأنه لون كذا وكذا
وهذا يعجبه اللون الأسود لأن فيه هذه الخاصية أو تلك
وذاك يحب الموف ، وتلك يعجبها الأصفر
ولكن هناك فئة قليلة جدا تعشق اللون الأبيض
لأنه اللون الوحيد الذي لا لون له " في نظري "
فهو الأساس الذي تحاول كل الألوان أن تخفيه
فإن دخل على أحدها غيّر لونه ، وجعله أقل " قتامة " وأخف " ثقلا "
فإن تنفس الصبح كان اللون أبيض
وإن اشرقت الشمس كان نورها أبيض
وإن وصفنا إنسان بالنقاء والطهارة قلنا عنه أنه " أبيض "
في الحج لون الرداء والإزار " أبيض "
مصابيح الإضاءة أغلبها " أبيض "
والعجيب أننا عندما نموت تكون أكفاننا ذات لون" أبيض "
ومن هنا أنطلق إلى أمر آخر أبعد من اللون ذاته
وأشد عمقا من البياض ذاته
ألا وهو نقاء السريرة ، وسلامة السجية
فكم من أناس عرفناهم أثناء مسيرتنا في هذه الحياة
فكانوا كما اللون الأبيض في أعماقهم
كانوا أشد بياضا من اللون الأبيض في مظهرهم
كأنهم كانوا " بياض في بياض "
أولئك هم من عنيتهم منذ البداية
تحدثهم فتجد في حديثهم بياض يكاد يطغى على الكلمات
تستمع لهم فتجد بين كلماتهم لونا أبيضا يكاد يطغى على ما تسمع
تراهم فلا تجد فيهم إلا بياض في حركاتهم وسكناتهم
إن غضبوا فهم أشد بياضا من البياض
وإن فرحوا زادهم البياض بياضا
ومهما كانت أحوالهم أو حالهم فهم على السجية لا اختلاف ولا خلاف
بياض هنا ، وبياض هناك
حتى وإن بدو لنا على خلاف ذلك
ويبقى السؤال
تلك عينة وجدتها في حياتي ، فهل تجدونها في حياتكم ؟؟؟
تحياتي