غرباء يتدخلون بشؤون بلادنا بعد أن فشلوا ويأسوا من التغير في بلدانهم ....

[قلم المنتدي]

غرباء يتدخلون بشؤون بلادنا بعد أن فشلوا ويأسوا من التغير في بلدانهم ....

يتضح للـُمتابع أن الانترنت وفرت وسيله للنقاش و الحوار و التنفيس لم تكن موجودة في الماضي، فساهمت الانترنت بتصحيح بعض المفاهيم و أصبحت و سيله لا يستغني عنها الكثير لإبداء الآراء الشخصية في مجالات كثيرة، ثقافيه و سياسية .... و....و.....

فالمواطن العربي يجد في الانترنت ضالته ليطرح ما لدية من هموم و مشاكل تصادفه في حياته اليومية محاولاً بطريقة أو بأخرى أيجاد حلول أو على الأقل إيجاد المتنفس الذي يساعده على فهم المشكلة أو الاستفادة من تجارب الغير، وهذا شيء جميل و ُيحسب كأحد أجابيات الانترنت.

و لكن يتضح أن بعض المنتديات أصبحت وسيله لتصفية حسابات قديمه بين أطراف عديدة في العالم العربي فمنها الحزبي، و القومي ، و العبثي ، و الشيوعي ، و الإسلامي المتطرف المُخترق ، و العلماني المُتأمرك، و إصلاحي ُمتمرد . فتحولت المنتديات عن هدفها الأساسي و هو توفير الوسيلة للنقاش و الحوار إلى ميدان للصراعات الفكرية و الطائفية و العرقية.

فتجد تقاطع مصالح بعض تلك الأطراف يجعلها تتحد في مواجه طرف أخر لتحقيق هدف واهية و مريضة لا قيمة لها و لا تحمل أي ايجابيات تحسب لها. فتلك الصراعات تهدم أكثر من أنها تبني و في النهاية يُصبح المواطن العربي العادي هو الضحية لتلك الصراعات، فلابد أن تجرفه أحد تلك التيارات التي أصبحت ُتعاني من ترسبات سنوات طويلة من الأفكار العقيمة المُسيسه.

رغم اختلاف توجهات تلك التيارات الظاهرية إلا أنها تشترك في العديد من الأهداف، فمحور الصراع بين تلك التيارات هو السلطة و النفوذ و الحصول على أكبر قدر من الشعبية بأي وسيلة ممكنه بالإضافة إلى الصراع على الثروات الطبيعية، و الغاية تبرر الوسيلة كما يقولون ويرددون.

مضت عقود على تلك الصراعات و ما زالت الصراعات قائمه في منتديات الانترنت و خارجها وكانت نتائج تلك الصراعات هي الدمار لبعض البلدان أو اهتزاز اقتصادها بالإضافة إلى النتائج الوخيمة التي انعكست على المواطن العربي بكل ما يتعلق بحياته اليومية. فساهمت تلك الاضطرابات بقصد أو بغير قصد باستمرار كماشة المستعمر الذي وجد مجتمعات هشة في تركيباتها الداخلية.

بُددت ثروات طائلة ، مادية ، وفكرية لتحقيق أفكار كان يحلم بها رموز تلك التيارات، وما زال مسلسل الاستنزاف مستمراً، فباستمراره سوف تستمر جميع الدول العربية داخل إطار أو مرحلة التنمية و الاستهلاك إلى الأبد. فالحروب و الصراعات و المشاكل الفكرية لا يمكن أن توفر للمواطن العربي البيئية السليمة لأن يعيش حياة كريمه خالية من صراعات لا ذنب له فيها. فلا يمكن أن نخرج من هذه الدوامة بدون أن ننسى ترسبات الماضي التي ما زالت الكثير من المجتمعات تعاني منها.

فكل تيار كان يبحث عن المفتح السحري لكسب أصوات الجماهير و تصفيقهم وتأيدهم و الذي سيضمن لذلك التيار التغلغل داخل المجتمعات و كسب شعبية لتعطيهم بعض الشرعية.

لكن رموز تلك التيارات احتاروا بالطريقة التي سيحصلون بها على المفتاح السحري، فلجئوا إلى أساليب بعضها قديمة و مكشوفة و الأخر جديد صدقة البعض.

فسمعنا عن الجن الذي يحارب مع حزب البعث في العراق و سمعنا عن قاتل أخيه في بلاد الحرمين الذي مات ُمبتسماً فحت روائح المسك من جثته و سمعنا عن بحث أخذ الطابع العلمي ليـُقنعنا بأن دابة الأرض على وشك الخروج للتخويف والترهيب و ليمرر ما ُيراد لنا أن نفهم. و سمعنا عن ُمفسر الأحلام الذي كان ملخص كلامه وأهدافه و تفسيراته تساند حزب البعث الذي جنا على الشعبة بالدخول في سلسلة من الحروب أنهكت اقتصاده و استنزفت ثرواته و الذي لم يتردد بتوجيه قوته العسكرية في وجه جيرانه . و سمعنا عن صدام الذي أصبح فجأة مجاهداً بعد أن وقع الفأس بالرأس. و سمعنا عن خرافات ظهور المهدي وأحداث الحرم و التي سخرها جهيمان للسيطرة على بعض العقول. ثم سمعنا عن قصص الطعن في بعض العلماء و الحكام و محاولات إسقاط شرعيهم و القصص الخرافية المٌختلقة. وكذلك سمعنا من مريض في لندن يروج للطائفية و العرقية و القبلية ليُعيد صراع القبائل محاولاً أن يخلق فجوة بين صفوف مجتمع تعاهد على وحدة الدين والأرض كل ذلك باسم الإصلاح و باسم الدين. والقائمة طويلة جداً و يصعب حصرها في هذه السطور.

الشاهد من ذلك أن الخرافات و استغلال الدين لتحقيق أهداف قومية أو بعثية أو استعمارية أصبحت واضحة جداً من خلال أفكار تلك التيارات و صراعاتها فهي تشترك في كونها تسعى للسلطة و النفوذ و الأطماع في الثروات تلك الدول و محاربة كل من يقف في طريقها مهما كان الثمن. ومع مرور السنوات تنكشف أهداف بعض التيارات و تتضح أهدافها فتلجا إلى تغير ُمسمياتها وبعض مبادئها و لا كنها لا يمكن أن ُتغير أهدافها التي نشأت من اجلها مهما طال الزمن. فالشباب الـُمنجرف خلف هذه التيارات هم الأداة و الضحية في نفس الوقت، لكن تبقى رموز تلك التيارات لا تتأثر بما يُصيب الشباب و المجتمعات من مصائب. والغريب أن هؤلاء الغرباء المجندين الدخيلين علينا يتدخلون بشئون بلادنا بعد أن عجزوا عن العيش في بلدانهم و بعد أن فشلوا في تحقيق مأربهم و أهدافهم في بلدانهم. ومن السهل جداً التمييز بين أصحاب الرأي و الذين ينطلقون من أفكارهم الشخصية والذين يبدون أرائهم كمواطنين و بين أعضاء تلك التيارات التي ٌتعادي كل ما يتعلق بمسمى المملكة العربية السعودية.



محمد المحمد