مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 05-06-2006, 03:24 PM
ولد ابو متعب ولد ابو متعب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 198
Arrow الشرذمة الليبرالية من التخبط والتناقض إلى العمالة لأمريكا

شهدت الساحة الفكرية في المملكة العربية السعودية على مدى شهر كامل سجالا حاميا حول جملة من المواضيع الجدلية المتعلقة باصطلاحات الإصلاح السياسي..وكان موضوع (الدولة المدنية) الذي فجر شرارات السجال في أول وهلة هو المرآة التي انعكست عليها- بوضوح- خبايا الصراع الفكري (السياسي) بين التيارات الإصلاحية في المملكة.

لم يكن الخلاف الذي تناولته الصحف حول (مصطلح الدولة المدنية) إلا منطلقا شكل فرصة مناسبة لكشف عمق الفجوة الآخذة في التباعد يوما بعد يوم بين الفكر الليبرالي (النخبوي الفتي نسبيا) وبين الاتجاه الإسلامي بكل أشكاله (الرافع لشعار الوسطية) والسائد في عموم المملكة.

ويظهر ذلك جليا في المواضيع التي تفرعت عن موضوع الدولة المدنية على مستوى عشرات المقالات الساخنة وحوارات وتحقيقات صحفية وتقارير وردود فعل وسجالات، شارك فيها صحافيون وعلماء وقضاة ومستشارون من مختلف التيارات وحتى من الشيعة وجملة من المفكرين والكتاب والسياسيين، بمختلف أطيافهم الفكرية والسياسية من خارج السعودية أمثال الدكتور محمد عابد الجابري والدكتور محمد عمارة وغيرهم، ولا يزال الجدل حول العديد من القضايا المتعلقة بالموضوع قائما على أشده إلى يومنا هذا.

منشأ النزاع كان حول مقال كتبه الدكتور سعد البريك في عموده الأسبوعي "قال أوسطهم" في ملحق الرسالة الذي ينشر مع جريدة المدينة كل جمعة، كان عنوان المقال (الدولة المدنية)، ومضمونه يتركز حول ماهية هذا المصطلح، ومدى تضمنه —في أصل تعريفه- لمعاني تناقض المضمون العقدي والتشريعي للدولة الإسلامية، وبناء على ذلك خلص المقال إلى دعوة من ينادون بالدولة المدنية —هذه الأيام- إلى تحرير هذا المصطلح من مضامينه المناقضة للثوابت، وأشار إلى أن توظيف هذا المصطلح في هذا الوقت بالذات لا يخلو من بعد استراتيجي مرتبط في العمق بمشاريع أمريكا والاستعمار في المنطقة.

هذا المقال أغضب صغار الليبراليين قبل كبارهم في المملكة، فتوالت الردود في صفحات مستقلة كاملة على جريدة الوطن وغيرها، كلها تقرر أن الدولة المدنية مشروع نهضوي يمثل جوهر الإسلام وروحه وفي الوقت نفسه تلمع صورة الغرب كنموذج للدولة المدنية.

ومع احتدام السجال أخذ الجدل منحى أعمق بين التيار الليبرالي والتيار الإسلامي (الوسطي) حول قضايا الحريات في المملكة وهيمنة التيار الديني والحاجة إلى مؤسسات المجتمع المدني وقضايا المرأة، بل وتعدى الأمر ذلك إلى النزاع حول التفسير التاريخي لنشأة المملكة، حتى اعتبر أحدهم أن التيار الليبرالي كان الأسبق في المملكة من غيره.

ومن خلال قراءتي لهذا المشهد الجدلي في الساحة الفكرية والسياسية السعودية، أجد أنه يعكس في العمق جانيا من الصراع الغربي الإسلامي، كما يشكل إفرازا لتنامي المد الأمريكي في المنطقة في إطار مشروعه الإستراتيجي المعلن (الشرق الوسط الكبير)!! وما الجدل المحتدم حول مصطلح الدولة المدنية وتفريعاتها إلا واحدا من تجليات ذلك الصراع. وهذا لا يبدو واضحا، لكن نظرة متفحصة في الموضوع من زاويته التاريخية والمعطيات الواقعية اليوم سياسيا وإستراتيجيا، ترينا بوضوح أن المشهد فعلا يمثل الصراع بشكل أو بآخر.

فمن الناحية التاريخية إذا رجعنا إلى أصل اصطلاحها الغربي، نجد أن للدولة المدنية مفهوما فلسفيا- سياسيا مناقضا للدولة الدينية (الثيوقراطية)، والتي يتأرجح مفهومها (نظريا) بين حكم رجال الدين وتحكيم الدين نفسه في السياسة بغض النظر عن طبيعة من يحكم به، ويتمثل مفهومها عمليا بتنحية الدين عن السياسية مطلقا، باعتبار الدين هو مجموعة قوانين إلهية مميزة للدولة الدينية. كما نجد أن لمفهوم الدولة المدنية والمجتمع المدني والعقد الاجتماعي بعدا فلسفيا خضع للتطور تدريجيا منذ ما قبل القرن الثامن عشر في فلسفة أرسطو وفي المدارس الفلسفية، وأصبح موضوعا جدليا في علم الاجتماع تبنته حركات الإصلاح في الغرب على مدى قرنين من الزمن، فكانت الدولة المدنية بمبدئها الرافض لتدخل الدين في السياسة دولة علمانية، تشكل إطارا للانعتاق من ديكتاتورية الكنيسة، وفي الوقت نفسه تشكل قالبا سياسيا قابلا لاستيعاب أي نظرية سياسية تواقة للتغيير من أجل التنمية والحرية.

وإذا رجعنا إلى التاريخ الحديث، نجد أن الجدل احتدم في مصر —مثلا- ولا يزال إلى اليوم حول مفهوم الدولة المدنية ومضمونها قبل أكثر من خمس عشرة سنة، وكان على رأس دعاتها رموز التطرف الليبرالي والعلماني فرج فودة وفؤاد زكريا وغيرهم، يقابلهم في الجهة الأخرى علماء الأزهر والتيار الإسلامي في مصر، وهو ما يعني أن مفهومها يتجاوز براءة اصطلاحها الذي يتبادر إلى الذهن في أول وهلة، وأنها تمثل عبر التاريخ سواء في الشرق أو الغرب عند دعاتها، إطارا سياسيا للعلمانية قابلا لتوظيف أي اتجاه فلسفي إيديولوجي في الحياة بشرط تنحية الدين عن السياسية.

وإذن ما دام لمفهوم الدولة المدنية جذورا غربية تصل إلى حد تغييب ثوابت الشريعة الإسلامية من جانب التشريع واستبدالها بالنظم الغربية، فما الذي يقصده الليبراليون بإحياء الدعوة إلى الدولة المدنية في هذا الوقت بالذات؟

أما من الناحية الواقعية، فإن قراءة إستراتيجية في التحولات السياسية التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر في العالم العربي، توضح مدى الترابط الوثيق بين أجندة المشروع الأمريكي في المنطقة وبين أجندة الليبراليين العرب، وهذه حقيقة لا أعتقد أن المثقف البسيط يحتاج معها إلى تحليل. ويكفي هنا أن نشير إلى أن أمريكا والغرب يعتبرون العراق أنموذجا حيا للدولة المدنية الحديثة بدستورها (الديمقراطي الليبرالي) المتنكر للشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع، كما يعتبر العراق بدستوره الحالي أنموذجا للتغيير السياسي في المنطقة...

وإذا عدنا إلى الوراء، نجد أن من بين أهم المؤتمرات التي شكلت أحد محاور الدستور العراقي الأربعة والمعلن عنها في بيان لجنة دعم الديمقراطية بلندن كان مؤتمر الدولة المدنية، والتي اعتبرها المؤتمر نقيضة للدولة الدينية التي تستمد دستورها من الشريعة، ولتأكيد ذلك طار الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى الفاتكان مباشرة بعد نجاح التصويت لصالح الدستور العراقي، ليعلن بعبارة صريحة للغرب أن العراق دولة مدنية، وأن لا مكان للشريعة الإسلامية في الدستور العراقي الحالي!

وعلى المستوى الداخلي، يشهد مجلس الشورى السعودي نشاطا كبيرا لدراسة موضوع "مؤسسات المجتمع المدني" المطروح حاليا للنقاش ..ومشروع جدلي كهذا له ارتباط كبير بمفهوم الدولة المدنية.

المشهد الجدلي حول مفهوم الدولة المدنية وقضاياها، والذي أثير مؤخرا في المملكة، لا يمكن فهمه إلا إذا وضع في إطاره التاريخي والإستراتيجي والواقعي الصحيح، وفي الإطارين يكتسي لونا آخر تبدو فيه صورة المشهد جلية واضحة للعيان.

فموضوع الدولة المدنية ما هو إلا مثال، وفي جدليته يفرض سؤال نفسه: ما الذي يدفع أصحاب الطرح الليبرالي للتذبذب في الإعلان عن برامجهم بوضوح في المملكة على وجه خاص وبلغة فصيحة محررة؟ لماذا يجعلون للمفاهيم الغربية تعريفات جديدة ذات محتوى مغاير لأصلها، حتى إن كاتبا في جريدة الوطن يدعى قينان الغامدي عمد إلى نفي قطعي للتاريخ، فاعتبر الدولة المدنية هي التي تحكمها الشريعة الإسلامية، وأن لا أحد في القديم والحديث في العالم قال بأن الدولة المدنية نقيض للدولة الدينية، متجاوزا السياق التاريخي والفلسفي والتعريف الغربي والليبرالي العربي لها! والجواب أن التيار الإسلامي السلفي والصحوي بكل أطيافه الرسمية وغير الرسمية، يعكس في الجملة الأغلبية المطلقة في المملكة (بكل ما تعنيه كلمة المطلقة من معنى)، وزد عليه بعض الرموز القليلة من التيار الموسوم (بالليبرإسلامي)، وهذه حقيقة يسلم بها أصحاب المشروع الليبرالي، بل ويعتبرونها حجر عثرة في مشاريعهم، وهذه الأغلبية أشار إليها بوضوح وزير الخارجية سعود الفيصل في زيارته الأخيرة قبل أيام لأمريكا في معرض كلامه عن حماس...

ومع هذا الوضع، يجد الليبرالي نفسه في غربة واستضعاف يكتفي معهما بالتلميح بدل التصريح، وبتطويع المشاريع ومصطلحاتها للدين مهما كانت في أصلها مخالفة له...وهو ما يعني أن وصف الليبراليين في المملكة بالتيار هو من قبيل المجاز لا الحقيقة، والمصطلح الأفصح عن حقيقة الوجود الليبرالي السعودي هو (النخبة) لا التيار..فهو إطار نخبوي مفتقر إلى قاعدة جماهيرية تمثله على المستوى الشعبي. كما أنه مشلول نسبيا (عن الحركة) إلا على المستوى الإعلامي بشكل موسع والأكاديمي بشكل محدود!

لكن القراءة التاريخية لحركات التغيير والإصلاح والثورة، تفيد أن النخبوية كإطار للوجود لا يعني دائما الانحصار، فالموقع يلعب دورا كبيرا في خلق أبعاد جديدة للتغيير حتى لو كانت البداية نخبوية..ما يعني أن مدى تغلغل النخب الليبرالية في مراكز صنع القرار، هو ما قد يعطي للمعادلة صيغة أخرى.

والمتتبع لوضع التيار الليبرالي في المملكة خاصة، يجد أن التخبط أصبح سمة لهذا النهج إلى حد يمكن وصفه بالظاهرة ..فالتيار برغم سطوته على نصيب الأسد في الإمبراطورية الإعلامية السعودية، إلا أنه يعيش حالة انحصار واضح لا يستطيع معها الإعلان عن ذاته الليبرالية، فضلا عن أن يستطيع الإعلان عن مضمونه، وهذا ما يجعله مستمسكا بأي شعرة فقهية في أي مذهب فقهي لإضفاء الشرعية الدينية على أجندته في مجتمع لا يصغي لمن يعرف بتمرده على الدين.

ومن صور التخبط مثلا، مقال أعرب فيه الدكتور حمزة المزيني عن استغرابه ممن يدعون أن في المملكة العربية السعودية ليبراليين أو علمانيين..والاستغراب من ادعاء وجود الليبراليين في المملكة يطرحه كثير من الإصلاحيين الموسومين بالليبرالية لدى المراقبين، هذا مع أنك تجد منهم من يجعل الليبرالية هي الأسبق في الساحة الفكرية السعودية من الناحية التاريخية ... بل كتب أحدهم مقالا —قبل شهر- يقرر فيه أن نصف المجتمع السعودي ليبرالي..

والحقيقة أن الانحصار الذي تعيشه نخب الليبراليين له علاقة أيضا بالخوف من المتابعات القانونية، فمن الناحية النظرية لا تسمح النظم بمختلف أشكالها بمخالفة الثوابت الدينية، وللقضاء في ذلك أحكام رادعة ترتعد منها أقلام الليبراليين، كما أن الاستطالة في أعراض العلماء والدعاة والناس عموما لا تبرره دعوى حرية التعبير، فبالأمس حكمت لجنة خاصة بغرامة مالية على الدكتور حمزة المزيني بسبب دعوى رفعها الشيخ البراك عليه بهذا الخصوص، ومع استئناف الحكم يواجه المزيني عقوبة (مائتي جلدة كاملة) محتملة ..ومثل هذا المشهد يجعل المداد الليبرالي يجف إذا تبادر للذهن الكلام عن الثوابت.

تخبط الليبراليين هذا سواء في التعريف بالذات (الليبرالية) أو المضمون (الليبرالي)، يماثله تخبط واضح في توظيف مصطلحات المشاريع السياسية الغربية (مصطلحات العولمة) في المنطقة وإصباغها أحيانا بصبغة شرعية، على خلاف ما نشأت عليه، كالتخبط في مفهوم الدولة المدنية، وإبقائها أحيانا أخرى على غموضها وعمومها لتأخذ مجالا جدليا في العقول يرسو على تعريفها مع الزمن، وهذا بالضبط ما أثار حفيظة التيار الإسلامي ممثلا بالعلماء والدعاة والنشطاء الإسلاميين المنعوتين (ليبرالييا) بالتيار الصحوي.

الدولة المدنية كمصطلح يعكس معنى التحضر والتطور في الدولة الإسلامية بثوابتها، ليس هو ما يتحفظ عليه التيار الإسلامي في المملكة، ولا مشاحة لديه في توظيف مصطلح بذاك المعنى، لكن القضية لا تقف عند حدود الخلاف على الاسم والرسم، بل تعكس صراعا فكريا حول المرجعية في الإصلاح، وحول التبعية والولاء، وهو ما جعل الجدل يحتدم حول الحاجة إلى تحرير المشاريع والمصطلحات من غموضها وغموض مرجعيتها
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م