ابو الفداء ودلال وجندل والسلفي والمؤدب .. أول الغيث قطرة

[أشعري]

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

السلام على من اتبع الهدى،

ملاحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــظة: قد يكون المقال فيه بعض الطول ولكنه خلاصة مهمة من وجهة نظري، فاصبر عزيزي القارئ على إتمام هذا المقال، وشكراً.

بعد المطالعة والمتابعة لما يكتب في الخيمة هذه الأيام تبين أن مجموعة من الوهابية قد شمروا عن سواعدهم لنشر عقيدتهم وفكرهم، ونخص بالذكر منهم "أبو دلال" و"أبو الفداء" و"أبو جندل" ويوجد واحد رابع وظيفته التعقيب على مقالاتهم بشتم مخالفيهم يسمي نفسه "المؤدب".

بالطبع لم ولن يمر مخططهم هذا بدون وقوف فتية آمنوا بربهم لهم بالمرصاد، وقد رشح من النقاش الدائر بين الوهابية الثلاثة وتابعهم وبين الفتية الذين آمنوا بربهم أمور لا بد من تبيانها:

1- لم يسلم واحد من الوهابية الثلاثة (أبو دلال والفداء وجندل وتابعهم المؤدب) من رمي مخالفيهم بالشتيمة والتنابز بالألقاب والاستهزاء، ولن يستطيعوا إنكار ذلك لأن شتائمهم ظاهرة غير خافية ولا داعي لنقلها مرة أخرى، وقد يفهم البعض من قولنا عنهم "وهابية" أننا نشتمهم أو ننابزهم، لا، ولكن هذا اسمهم وبه يعرفون لانتسابهم للمدعو محمد بن عبد الوهاب، ولتمييزهم عن الفرق الأخرى.

2- إن الفتية الذين آمنوا بربهم ردوا على هؤلاء الوهابية بنقل أقوال العلماء المفسرة والمبينة والموضحة للآيات والأحاديث (محل النقاش)، ولم يتكلموا من عند أنفسهم بل آثروا متابعة أعلام علماء المسلمين المقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم، عندها لجأ الوهابية الثلاثة وتابعهم إلى القول: "نقول لكم قال الله وقال الرسول وتقول لنا قال فلان وفلان"، وهم يشيرون بهذا أن كلام العلماء الذي يستشهد به الفتية الذين آمنوا بربهم مخالف لقول الله ورسوله وهذا فيه اتهام خطير لمئات علماء المسلمين بأنهم يخالفوا قول الله ورسوله، وقد بينا أن العلماء يفسرون قول الله ورسوله، والذي يطعن بهؤلاء العلماء ويتهمهم بما يتفوه به هؤلاء الوهابية الثلاثة وتابعهم يطعن في نفسه لأن الذي ينطح الجبل يؤذي نفسه وليس الجبل.

3- عندما فتح الوهابية الثلاثة موضوع علو الله ورضوا دينا لهم عقيدة المشبهة الذي يقولون علو الله علو بالمكان والجهة على العرش فوق السماء السابعة، عندها رد عليهم الفتية الذين آمنوا بربهم أن عقيدة المسلمين هي تنزيه الله عن العلو المكاني والجهة مع الاعتراف بالعلو المعنوي واستشهدوا بأقوال أعلام العلماء الذين سنذكر بعضهم في نهاية هذه المقالة، فرد الوهابية بشن حملة واضحة الأهداف على الأشاعرة وهم غالب علماء الأمة، ونذكرهم أن كثيرا من التفاسير والشروحات وأمهات الكتب التي بين أيديهم هي لأشاعرة لا يستغني عنها طالب علم.

4- حشد الوهابية الثلاثة (أبو الفداء وأبو دلال وأبو جندل) الآيات والأحاديث ظنا منهم أن تفسيرها يوافق عقيدة التشبيه التي ارتضوها دينا، وحملوا هذه الآيات على غير ما حملها العلماء، وأدى بهم هذا إلى ضرب الآيات والأحاديث بعضها ببعض، ولو قبلوا تفسير المفسرين المعتبرين لخرجوا من هذا المأزق.

5- عندما رد الفتية الذين آمنوا بربهم على الوهابية الثلاثة بنقل التفاسير الصحيحة لهذه الآيات والأحاديث معتمدين على أقوال المفسرين المعتبرين من أهل السنة والجماعة رد الوهابية بإحالة القارئ لبعض الكتب نذكر منها كتاب "العلو" للذهبي الذي يحتوي على أحاديث وآثار ضعيفة وموضوعة كثيرة وخاصة النقول عن الأئمة الأربعة، والصحيح من الأحاديث الواردة في هذا الكتاب قد بّين علماء المسلمين معانيها على خلاف ما فهمه الوهابية من التشبيه والتجسيم، ثم تمسكوا بأقوال رجل يدعى عثمان بن سعيد الدارمي وقد ذكروا بالغالب نسبته (الدارمي) مموهين بينه وبين الإمام الدارمي صاحب السنن وهو غير هذا الرجل، ولتحسين صورة عثمان الدارمي هذا وصفوه بصفات العلماء رغم أنه يقول بكتبه أن الذي على ظهر الجبل أقرب إلى الله ممن هو في جوف الوادي، وغير ذلك من الأقوال التي تفرد بها، وقد تركه أصحاب الكتب الستة ولم يرووا له. فهؤلاء الوهابية يعظمون رجالهم كثيراً كما فعلوا مع أبي إسماعيل الهروي فوصفوه بشيخ الإسلام وهو كان يعتبر نفسه صوفياً ولا يخفى عداء الوهابية الواضح والصريح لمطلق الصوفية من غير تمييز بين الغث والسمين، مع هذا فهم يغضون الطرف عن ذلك، مع الملاحظة أنني لم أقرأ لهؤلاء الثلاثة الوهابية ذكرهم لأبي إسماعيل الهروي ولكن كثير من الوهابية يذكرونه ويمدحونه ويثنون على كتبه.

6- تمسك هؤلاء الوهابية (أبو الفداء وأبو دلال وابو جندل وتابعهم المؤدب) بابن تيمية وشيّخوه للإسلام (وهذا اتفاق بين جميع الوهابية) رغم أن هذا الرجل له أكثر من ستين مسألة خرق بها الإجماع، ويوجد أكثر من ستين عالما رد عليه منذ ظهوره إلى يومنا هذا، فصحيفة هذا الرجل مليئة بما ينفر ويفض الناس من حوله، وسنبين حاله لاحقاً، فتمسكهم بابن تيمية دون غيره من مئات العلماء الذين سبقوه وعاصروه وأتوا بعده شىء غريب، وتزداد الغرابة إذا علمت أنه ليس من عصر السلف إذ كانت وفاته سنة 728هـ وهؤلاء الوهابية يتمسكون (ظاهرياً لا فعلياً) بالسلف وأقوالهم ويسمون أنفسهم "سلفيون".

7- أصر الوهابية الثلاثة وتابعهم على تحريم المولد واعتباره بدعة حراماً رغم الحشد الكبير من الأدلة التي نقلها الفتية الذين آمنوا بربهم من أقوال العلماء وتفسيراتهم للأحاديث المتعلقة بهذا الباب، وحينما سئلوا عن الإتيان بواحد من العلماء حرّم المولد غير أتباع ابن عبد الوهاب لم يجيبوا وآثروا التهرب، فهم يقولون بحرمته مخالفين جموع المسلمين ويريدون أن يلزموا غيرهم برأيهم، ولو كان ما ذهبوا إليه هو الحق لما غاب عن علماء المسلمين منذ القرن السابع إلى وقتنا الحالي، وهم (أي الوهابية الثلاثة وتابعهم) يرون أن المسلمين قاطبة يحتفلون بالمولد إلا هم ("هم" هنا تشمل هؤلاء الثلاثة وغيرهم من الوهابية) ويريدون إلزام ملايين المسلمين برأيهم.

8- نعود لموضوع العلو الحسي المكاني الذي أصر عليه هؤلاء الثلاثة الوهابية وتابعهم، فهم يرفضون التأويل التفصيلي مطلقاً ويرمون من يؤول بأنه جهمي تبعاً للجهم بن صفوان المعطل الذي نفى الصفات، مع أن النقول عن العلماء في التأويل التفصيلي كثيرة يصعب حصرها من لدن الصحابة مروراً بعصر السلف إلى يومنا هذا، ولكنهم أبوا الأخذ بأقوال المؤولين من السلف والخلف وكان عمدة ردودهم قولهم: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله، وهي منهم كلمة حق أريد بها باطل، لأن العلماء المؤولون على رأسهم ترجمان القرءان "ابن عباس" وقتادة ومجاهد وابن حنبل (الذي يموهون بالانتساب إليه) والشافعي ومالك.

9- لو نظرنا إلى من يستشهد الوهابية الثلاثة بهم نجدهم يخالفون المنهج الوهابي بمسائل كثيرة يعتبر المخالف فيها عند الوهابية ضال مبتدع، ولن تجد واحداً يوافقهم في جميع أصول مذهبهم التي يضللون من يخالفها، مثل مسألة تحريمهم للمولد النبوي، ومسائل وتفصيلات البدع، ومسائل التوسل، ومسألة تحريمهم لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومسائل العقيدة كقولهم بالعلو الحسي والمكاني، ومسألة نفيهم التأويل في آيات وأحاديث الصفات مطلقاً، ولو دققت في دروسهم وخطبهم (والمقصود هنا ليس هؤلاء الوهابية الثلاثة وتابعهم بل مجموع الوهابية) تجدها لا تخلو من ذكر ابن تيمية أو تلميذه ابن القيم الجوزية أو محمد بن عبد الوهاب، فهم قد بنوا مذهبهم على فكر هؤلاء الثلاثة معرضين وضاربين عرض الحائط بفكر آلاف علماء المسلمين، وأكرر لو أنك نظرت إلى من يستشهدون به غير ابن تيمية وتلميذه وابن عبد الوهاب تجده يخالفهم في مسائل تعتبر من أصولهم، ولو سألناهم هل تجدون من يوافق جميع أصول مذهبكم (التي تضللون من يخالفها) من العلماء؟ فلن يجدوا، مع العلم أن هذه الأصول هي التي يعتبرونها أصول دين الإسلام، فكيف تكون أصول الدين والموافق لهم فيها فقط ثلاثة من مجموع علماء الأمة، والعلماء بيننا وبينهم ليثبتوا خلاف ما نقول، ولكن هيهـــــــــــــات.

------------------------------------------------------------------------------------------

لتلخيص النقاط التسع التي ذكرناها آنفا نقول:
هؤلاء الثلاثة الوهابية (أبو دلال وأبو الفداء وأبو جندل وتابعهم المؤدب):
- أكثروا من الشتيمة والتنابز والسباب وجعلوها ديدنهم.
- الطعن المبطن بمئات علماء المسلمين.
- الطعن المكشوف بالأشاعرة وهم غالب علماء الأمة أصحاب المكتبة الإسلامية التي لا يستغني عنها طالب علم.
- ضربوا الآيات والأحاديث بعضها ببعض وأنفوا عن قبول تفسير العلماء المعتبرين لها.
- تمسكهم ببعض الكتب التي تقطر الأحاديث والآثار الواهية الأسانيد منها للتدليل على عقيدة التشبيه.
- تمسكهم بأقوال ابن تيمية الذي سنبين حاله المعروف عند أهل العلم.
- خالفوا علماء المسلمين بتحريم المولد ولم يأتوا بعالم واحد وافقهم على ذلك غير متبوعهم محمد بن عبد الوهاب.
- رموا من يؤول تفصيلاً بالتجهم رغم أن منهم ابن عباس وقتادة وأحمد بن حنبل والشافعي ومالك.
- لا يوجد من يوافقهم بأصول مذهبهم من العلماء، وليس لهم مستند غير ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب.

------------------------------------------------------------------------------------------

خلاصة القول: نظراً لتمادي هؤلاء الثلاثة وتابعهم وقد صاروا أربعة بانضمام "أبو معاذ السلفي" لهم فلا يسعنا السكوت على ما يبثوه من أفكار مخالفة لإجماع المسلمين، وسنشرع بإذن الله بعرض مقالات مراجعهم الدينية التي يخالفون فيها جموع المسلمين وذلك لتنبيه المسلمين من هذه الفرقة التي لا ترى مسلماً إلا من انضوى تحت جناحها، وسنعرض صور من تاريخهم الذي عانى المسلمون من ويلاته، والله الموفق.

والله من وراء القصد.