أختي الحبيبة .. لا تكوني امّعة !!

[دموع التوبة ..]

بسم الله الرحمن الرحيم
أرجوكِ .. لا تكوني امعة !!

أختي الحبيبة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية من عند الله مباركة طيبة والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أتوجّه إليك بهذه الكلمات .. إليك يا من وجدت فيك الحكمة والنباهة والالتزام .. أخط اليكِ هذه الكلمات بمدادِ صدقٍ ورأفة واشفاق أن تقعي بما وقع به غيركِ ممّن هنّ مثلك على طريق الخير والدعوة فكادت أن تهلك لولا أن تداركتها رحمة من ربها .. فتنبّهَت ولو بعد حين .. فارتدَعَت واستغفَرَت ولجَأَت الى البرّ الحكيم فأراها الحق فتبصّرَت وانتبهَت وعدّلَت مسيرها .. والحمد لله رب العالمين ..

أخيتي ..
كثيرات ممّن سلكن درب الايمان، وفي لحظات تخبّط مع النفس وعدم استقرار .. أو ربما حاجة للعلم والتعلم يلتجئن الى دعاة كبار أو مشايخ وعلماء .. وهذا أمر جيد إن عرفنا من ننتقي منهم وإلى أي مدى يمكننا اللجوء اليهم وعند أي حد يجب الوقوف والتروي .. ومن ثم الابتعاد ..
ما كنت لأخوض في هذا الموضوع لولا ما أذهلني من رؤيتي لبعض الأخوات وقد أصبحن امعات لدعاة ارتضين أن يكونوا لهنّ من ورثة الأنبياء فسلكن معهم هذا الدرب وهن يعتقدن – بحسن نية – أنهنّ على الدرب القويم.
ولا شك أن الأخوات يستفِدن من تعاليم هؤلاء الدعاة .. ولكن هذا لا يمنع أنهنّ في خطر طالما تعدّت هذه العلاقة أُطُر التعلّم .. فقد يكونوا يتعاملون معهنّ في أمور الدعوة – بعيداً عن حلقات العلم – فيصبحوا نماذج وقدوة للأخوات .. اللواتي بدورِهِنّ ولشدة تعلقهنّ بهم واعتقادهنّ انهم معصومين وأنهم لا يكذبون يسِرن وراءهم ويصبحن يفكّرن مثلهم ويغرِفن بما يؤمن به هؤلاء الدعاة دون شعور منهنّ حتى .. فهنّ – وبحسن نية وعرفاناً منهنّ بالجميل وانبهاراً بما لديهم – يثقنَ بهم ثقة عمياء .. فلا يعتقدن أن هؤلاء لربما كانوا يُظهِرون التقى والورع والعلم لغايات في نفوسهم ..
وقد يستغل هؤلاء الدعاة هذا التعلق – لله – ويسيِّروا بعض الأخوات كما يريدون ويزيِّنوا لهنّ أموراً ويُظهروا عورات مستورة ويُبرِزوا مساوئ ويُعظِّموها حتى يحققوا مرادهم الذي يمكن أن يكون ساميا كنجاح دعوة أو شخصياً كتكثير سواد .. ولكن في كلتي الحالتين الوسيلة دنيئة والغاية في الاسلام لا تبرِّر الوسيلة أبداً . وقد يذهب بعض تلميذاتهم لما ذهبوا اليه ويخضعوا لأفكارهم لشدة تأثّرهنّ بهم .. فيصبحنَ نماذج من هؤلاء الدعاة ونسخ متطابقة منهم وما يحدث ذلك الا بسبب الثقة التي أعطتها الأخوات لهؤلاء الدعاة نتيجةً لما يتمتعوا به من علم غزير وقلم منير وقدرة لا مثيل لها على التأثير بذكاء قد يصل الى حد الدهاء أحياناً .
ناهيك عن بعض الدعاة الذين يستغلون الأخوات ويُقِمن معهنّ علاقات شخصية ويوعدهنّ بالزواج ويتمادون معهنّ ويعلم الله انهم لكاذبون !

فيا اختي الحبيبة .. اياكِ أن تكوني امعة تقولين كما يقول من تثقين به وتكوني قد غُرِّر بكِ فانسقتِ من حيث لا تدري وراء ظنون هذا الداعي أو ذاك .. واعلمي أن الدعاة أنفسهم معرّضون للمعاصي واللمم دوناً عن الكبائر. فلا تضعين أحداً ضمن أطُر الترفع عن الذنوب لأنهم من جنس بني آدم وكل ابن آدم خطّاء . اياكِ أن تقولي شخصيتي قوية ولا أسمح لأحد أن يستغلها .. اعلمي يرحمكِ الله أن أقوى الشخصيات ممّن سيَّجنَ حول قلوبهنّ أسواراً عالية استطاع بعض هؤلاء الدعاة أن يخرِقنها بذكاء نادر واخترقوا كل الحواجز وأصبحنَ من يدّعين قوة الشخصية ألاعيباً بين أيديهم – ظناً منهنّ أن هؤلاء لا يخطئوا وأنهم لما يتمتّعوا به من علم ودعوة قادرون على رؤية الأمور بطريقة صحيحة .. ولكن حين اكتشفنَ أنهم يسعون لمصالح دنيويّة ويتخبطون بآفات عظيمة كالكِبِر وسوء الظنّ والترفع على الخَلق وتزيين الأمور والتأثير السلبي على الآخرين .. وبصَرنَ بما لم يبصر غيرهنَّ بأدلة وثوابت، عندها كانت الطامّة الكبرى .. وكُنَّ يرفضن من يواجههنّ بالواقع الظاهر لعيان من هم خارج دائرة تأثير هؤلاء الدعاة من أنهنّ " أمعات " ! ولكن حين بعُدن عن مصدر سيطرة هؤلاء الرجال المدّعين بالتقى وتحرّرن من القيود التي أدمت المعصم والقلب عرفن الحقيقة المرّة .. وتأكّدن بما لا يترك مجالاً للشك أنه غُرِّر بهنّ وأنهنّ استُغلِلن أسوأ استغلال لمآرب شخصيّة بإسم الدعوة المباركة .. فندمنَ أشد الندم على ماضٍ فات ولم يستطعن العودة إلى أنفسهنّ الا برحمة من الملك الكريم ..
فنصيحتي لكِ ان لا تغُرَّنّك الكلمات البرّاقة مهما كان القلم يسيل شهداً .. واياك أن تسمعي لكل ما يُلقى أمامك حتى لو كان بأدلة .. فلطالما استعمل الناس الأدلة التي يستقونها من الوقائع ويفسِّرونها كما يريدون .. وتذكري قول الحق جلَّ وعَلا : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " .. وكثيرون هم من ينقلون الأخبار الزائفة أو المبتورة خدمة لمصالحهم حين يشعرون أن وضعهم في خطر ولكي يحققوا ما يريدون بأية وسيلة .. فإن أرادوا أن يستجلبوا قلوباً أو يبعِدوا أناساً عن آخرين أو عن هيئات أو غيرها تراهم يتهافتون إلى سرد أخبار يفبركونها فبركة بخبث منقطع النظير .. وقد تكون بعض هذه الأخبار صحيحة ولكنها مبتورة حتى يخدعوا بها من حولهم ويظهروا هم بمظهر الضعيف المسكين فيرق القلب على حالهم وينساب وراء ما يريدون نسأل الله السلامة ..

فيا أختي الحبيبة .. إياك ثم إياك أن تكوني امعة .. اياك ان تسمحي لأي احد أن يؤثِّر عليك .. واياكِ أن تعتقدي بعصمة أي كان مهما وجدتِ منه قدرة على الدعوة والعلم ومهما كان مقامه .. خذي منه ما تستفيدين منه ولا تُقيمي أي علاقة شخصيّة معه ..

كوني متنبهة دائماً .. خذي ما ينفعك .. اغرفي من معين العلم بعيداً عن الأمور الشخصية .. إن لزمك فتوى فاسألي من لا يعرفك شخصياً .. فقليل ممّن يدخلون في امور شخصيّة ولا تنشأ بينهم روابط ربما تصل الى ما لا يُرضي الله تعالى إن طالت فترة الاحتكاك المباشر .. فلا تحومي حول الحمى خشية الوقوع فيها واتقِ الله في نفسك ونفسه .. تعاملي مع الجميع بحسن ظن .. وإياك ان تثقي ثقة عمياء بأيٍّ كان !

أختي الحبيبة .. قد كانت نجوى بيني وبينك .. من بعد خبرة خبرتها وأعيَتْني .. نصيحة أحببت اسداءها إليك فتقبّليها مني عن طيب نفس .. فوالله إني لأشفق عليك أن تقعي بما وقعَت به غيرك من الطاهرات .. وإنها لنصيحة لو تعلمين عظيمة .. لمن كان له قلب .. أو ألقى السمع وهو شهيد ..

اللهم فاشهد أني قد بلّغت ..

أرجو نشر الموضوع لأهميته ..

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على حبيبي رسول الله معلّم الناس الخير وهاديهم الى سواء السبيل بإذنه .

دموع .. للتوبة ..

وعلى أخواتٍ غريقات .. أملنا بالله تعالى أن يعَين ويرتقين على سنّة الله ورسوله .. وليس على أهداب من لا يهوى الا نفسه ! ولو ادّعى !

[بيلسان]

ملاك

[الوافـــــي]

جزاك الله خيرا على هذا الطرح المتميز



تحياتي