مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 08-09-2002, 06:38 PM
rahma rahma غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 24
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى rahma
إفتراضي شيء في الدماغ..(قصة قصيرة)

منذ أن ظهر الكائن الغريب في منطقة الجبل الغربي حتى أقفرت قراه وخلت من ساكنيها.. وهرب من هرب ناحية المدن المكتظة مسبقا.. وعجز علماء البلد والبلاد المجاورة عن إيجاد تفسير مقنع بل وحتى محتمل لما حدث صبيحة يوم الثلاثاء ذلك اليوم الخريفي البائس.. لم يستطع أيٌّ كان مركزه العلمي وحتى العسكري استساغة الأمر.. إذ تعـدت الحالة أن تكون مجرد استثناء أو مرض عارض غريب.. وتعدت أن تبقى طي التكتم بين جدارات المخابر، وأروقة مركز الأمن القومي، بدأ الناس يتهامسون ويتناقلون كيف أن هذا الشيء الغريب يدخل في عقل الضحية يستولي عليه فيأتمر بأوامره وينفذ ما يطلبه منه حتى وإن كان في ذلك موت الضحية وكان رعب الناس ناجما عن غموض ما يحدث وأن المصاب لا يمكن معرفته.. قد يكون أبوك أو أمك أو أحد إخوتك ولكن لا يمكن معرفته إن هذا الكائن الغريب يتغلغل داخل الضحية كالهواء دون أن يشير إلى نفسه أو يدع أثرا يدل عليه بل يبدو الأمر طبيعيا حتى يخرج منه إلى ضحية أخرى وصار الكل يخاف الكل والكل يهرب من الكل ولم يعد أحد يثق حتى في ظله.. مرت أيــام والبروفيسور نادر كبير علماء البلاد يقلقه الوضع لقد طلب منه مؤخرا قائد المركز القومي للأمن أن يجد حلا عاجلا قال له :
- رئيس الدولة شخصيا قلق بشأن الوضع في الجبل.. يطلب حلا عاجلا.. أتفهمني يا بروفيسور إنني في موقف حرج.
لم يكن نادر في حالة تسمح له بالرد وحتى إن رد فما عساه يقول إنه من النوع الذي يعمل في صمت.. أسرّ البروفيسور بعد العودة إلى المختبر لمعاونه أمجد :
- إن لم نجد مخرجا سيتدمر كل شيء.. ولن يكون في وسعنا ساعتها القيام بأي مجهود.. بعد الذي حدث يوم الثلاثاء الأخير تبين لنا أن بوسعه أن يضرب عدة ضحايا في وقت واحد.. يؤسفني أن أتذكر ما حدث عشرات الضحايا في ليلة واحدة حتى إذا ما انتشرت أولى أشعة الشمس أفقنا على العشرات من الأجساد المتفسخة.. يا له من منظر.
أسرّ هذا الكلام أمام حالة أخرى في بيت العزل الصحي.. مصاب جديد يرقد في السرير المقابل لهما.. تقيّح على مستوى كامل البدن وسيلان من محجري العينين والأذنين والأنف وتيبّسٌ في الشفتين مع زرقة شديدة.. واصل البروفيسور قائلا :
- ليس إيمانا مني بالأرواح الشريرة وتلبُّسها للإنسان.. إنما أجدني عاجزا أمام مثل هذه الحالات.. ليس لها تفسير علمي لحد الساعة غير تلبس الأرواح الشريرة أو كائنات قادمة من الفضاء الخارجي وحتى هذه الكائنات مادية لها أثر.. لكن ما يقلقني هو عدم العثور على أي مؤشر مهما كان ضئيلا على صدق ما نقول..
- صدقت.. إن ما حدث صبيحة الثلاثاء نسف كل جهودنا لقد اتضح الآن أن بوسع المجهول أن يحصد الأرواح بالعشرات.. بمجرد لمسة سحرية منه آه لو نكشف سرها.. بمجرد لمسة يتغير حال المصاب في بضع ساعات حتى يتفسخ جسده كلية ثم يموت.. مثل جمل أجرب يَنفق ولا يستطيع أحد الإقتراب منه إلا بالواقيات.. لكن– أكمل أمجد حديثه – ليس بوسعنا أن نُربّع أيدينا ونتفرج.. علينا أن نقتحم الجبل ..
- هذا ما أفكر به غير أننـا في هذه الحالة كالمغامر الذي يقتحم سبات الغابات الإستوائية وما أعظمهـا للبحث عن فيـروس وسط ملاييـر الفيروسات، البحث عن فيروس لا علم لنا عن طبيعته أو كيانه وخصائصه.. بل لا علم لنـا حتى عن أثره.. كارثة؛ إنه لا يترك حتى أثرا في ضحاياه – ثم صمت برهة قبل أن يواصل – أجد في كلامك بعض الصواب.. علينا أن نتحرك .. فعلا يجب أن نقتحم الجبل فربما نجد هناك تفسيرا لما يحدث ..
لم يكد يتوقف المطر في اليوم الذي قصدا فيه الجبل رفقة فريق كامل التجهيز حتى عاود من جديد كان انهماره هذه المرة أشد وطأة وأكثر غزارة.. ليت نادر يعود باكرا هذا ما دار في خلد أمجد وهو مع مجموعة من الجنود للحماية عند السفح بعدما تخلف عنهم ..
بعد عودة الجميع إلى القاعدة قرر البروفيسور نادر أن يقوم بعزل مجموعة الجبل قبل أن يفكر أحدهم في الدخول إلى المدينة وإن اقتضى الأمر قتل المتسللين؛ التضحية بالجزء لحماية الكل قرار أقنع القيادة والطاقم الطبي ؛ فكانت محاصرة الجبل بقوات الصاعقة المعروفة بشدتها وقساوتها.. لا تسمح إلا للبروفيسور بالمرور وسط حماية صحية وأمنية شديدة.. إلى أن مرت بعض السنين عاشتها المنطقة على الأعصاب.. خرج بعدها ذات صباح نادر من مختبره متجها ناحية مركز الأمن القومي.. كان يبدو على محياه الإستبشار قال البارحة لمعاونه أمجد قبل أن يغمض عينيه ساعة يستريح فيها :
- لقد وجدت السر.. إنه كائن غريب قدم صدفة من المجرة القطبية بنتاغونا الواقعة مباشرة خلف مجرتنا جزر الوقواق .. أتذكر يا أمجد ذلك النيزك الذي سقط يوم الخامس من أكتوبر قبل عشر سنوات وأحدث دمارا هائلا وحرائق في أدغال الجبل .. ذلك النيزك هو الذي حمل معه الكائن الغريب.. عندما ارتطم بالجبل خرج منه وبدأ يصطاد ضحاياه في صمت مرير.. ولحسن الحظ حاصرنا الجبل عند بداية الأمر فهو لا يمكنه دخول المدينة إلا عن طريق ضحاياه ولم يستطع الضحايا لحد الساعة اختراق الحصار فبدأ يتكاثر.. وكلما تكاثر تزايد الضحايا.. مهمته تبدو بسيطة للغاية إنه كالفيروس في المواصفات يتغلغل في الجسم ولا يقصد غير الفص الصنوبري الموجود في مؤخرة الدماغ كي يحافظ على توازن الإنسان وبعبارة أخرى المسؤول عن برمجته وسلامته.. يستولي عليه فيفقد المصاب توازنه ويبدأ بتدمير كل ما يقع تحت يده قبل أن يدمر نفسه وبعدها يخرج هذا الكائن منه إلى ضحية أخرى وهو يتكاثر باستمرار ما لم نضع حدا له.. وهذا الحد وجدته.. الحل هو الآخر بسيط للغاية..
لم يدَع أمجد يعلق على كلامه بل رفع يده وفيها حقنة ثم واصل قائلا :
- هذه الكبسولة نحقن بها المصاب؛ تتغلغل هي الأخرى في جسمه؛ تقصد موضع الكائن الغريب فهي مستخلصة من إنزيمات طاردة حساسة لآثاره تتعقبه أينما كان.. ثم تقوم بتدميره دون أن تضر بسلامة المصاب.. في بضع ساعات يعود بناء الفص الصنوبري كما كان عليه سابقا.. ولن يبقى عندئذ أي أثر لهذا الكائن النيزكي الشرير..
- رائع.. رائع – ردد أمجد دون شعور منه ثم طفا على صفحة وجهه وشاح من الغم لم يستطع إخفاءه فقال – أرجو فقط ألا يكون قد فاتنا الأوان.. ربما هذا الكائن قد غير خصائصه اليوم.. ربما تكون نتائجك متأخرة عن موعدها .
- حقيقة ينتابني هذا الهاجس ؛ لكنني جربتها في سرية تامة واسمح لي إذ لم أطلعك على التجارب .. كما تعلم أصبح كل ما في الجوار مخيفا إلى الحد الذي يدفعني إلى الحذر؛ بقي أمر واحد ؛ وصيتي إليك أن تواصل جهدي .. أنت شاب ومؤهل لذا سأضع بين يديك كل نتائجي .. واصل المسيرة .. فلا أحد يعلم ما يخفيه القدر ..
ولم ينتظر البروفيسور من أمجد تعليقا فقد غرق في نوم عميق .
في أربعة أيام تمكن البروفيسور والفريق المعاون له من حقن كافة أهالي منطقة الجبل المحاصرة.. وفي اليوم الأخير قرر قائد المركز القومي للأمن إنزال المحقونين إلى السفح وإبقاءهم تحت المراقبة الطبية قبل التحقق من شفائهم فتتم عملية إرجاعهم إلى المدينة في سلام.. ونزل فريق الأطباء المختصين المعاونين ولم يبق هناك غير البروفيسور؛ آثر أن يقوم بجولة سريعة قبل النزول لقد صرف حتى أمجد ولم تُجْد محاولات هذا الأخير نفعا كي يبقى معه؛ يعلم أن البروفيسور عنيد ويحبذ العزلة لذا أطلق العنان لساقيه والتحق بالرفاق.. بينما راح البروفيسور يتعمق أدغال الجبل ربما يجد ما يفيده في بعض البحوث التي يجريها دون أن ينتبه إلى الثقب الصغير الذي أحدثته شوكة صبار في لباسه الواقي قرب كتفه الأيمن .. ومرّ من الوقت ساعتان قبل أن يطل على المجموعة التي ظلت في انتظاره.. حتى خشيت أن يصيبه مكروه.. واستبشروا خيرا وقال القائد العام :
- أخيرا طوينا هذا الملف.. سيعود السلم والأمان إلى هذه الربوع ويعود الأهالي من جديد ولن يخشى بعضهم بعضا.. سيعود الربيع من جديد..
- يا له من كابوس – ردد أمجد –
لم ينتبها أن البروفيسور ظل صامتا صمتا غريبا .. ظنا أنه مستغرق كعادته يطارد أفكارا شاردة.. لذا لم يكترثا للأمر واتجه الجميع ناحية المدينة.. بعد ساعة من السير في دروب الجبل الوعرة ؛ كانت قدما البروفيسور تطرق الإسفلت البارد وبعينيه اللتين سادهما بريق غريب راح يتأمل واجهات الشارع العريض المزدان بالأعلام والشارات.. كتب على بعضها " أهلا بزمن السلم والأمان " وردد في قرارة نفسه مع ابتسامة شاحبة :
- أخيرا أنا في المدينة.. لن يقهرني أحد من هذه الفئران البليدة.. أنا الأقوى..
كانت صفحة بطنه قد بدأت تتقيح..

10 سبتمبر 1999 .
__________________
رقراق السراب

آخر تعديل بواسطة rahma ، 08-09-2002 الساعة 06:46 PM.
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م