مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الإسلامي > الخيمة الإسلامية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-12-2006, 09:30 AM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
Arrow نحـــــو حــــوار بنـــــــــاء_للقرضاوى

وفي سبيل هذا الحوار تقدمت لهذا الشباب بجملة نصائح أو وصايا، رجوت ألا أبتغي بها غير وجه الله تعالى، والدين النصيحة، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، والمؤمن مرآة المؤمن، والتواصي بالحق والصبر من أسباب النجاة من خسران الدنيا والآخرة.

ولا أقصد بهذه الوصايا إلا أن أضع علامات على الطريق، تدلنا على الهدف، وتجنبنا العثار، وتحول بيننا وبين الانقطاع عن السير، أو الدوران حول أنفسنا، أو الاتجاه إلى غير الغاية.

1- احترمـــوا التخــصص:

أنصح هؤلاء الشباب أولا: أن يحترموا التخصص، فلكل علم أهله، ولكل فن رجاله، فكما لا يجوز للمهندس أن يفتي في أمور الطب، ولا للطبيب أن يفتي في شؤون القانون، بل كما لا يجوز أن لطبيب متخصص في فرع أن يقتحم حمى فرع آخر، كذلك لا يجوز أن يكون علم الشريعة كلأ مباحاً لكل من هب ودرج من الناس، بدعوى أن الإسلام ليس حكرا على فئة من الناس، وأنه لا يعرف طبقة "رجال الدين " التي عرفت في أديان أخرى.

فالواقع أن الإسلام لا يعرف طبقة رجال الدين، ولكنه يعرف علماء الدين المتخصصين، الذين أشارت إليهم الآية الكريمة (فلولا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدّين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون ) (التوبة:122 ).

وقد علمنا القرآن والسنة أن نرجع فيما لا نعلم إلى العالمين من أهل الذكر والخبرة بقوله تعالى: ((فاسألوا أهل الذِّكر إنْ كنتم لا تعلمون )) (الأنبياء:7 )

وقال تعالى: ((ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )) (النساء:83 ) وقال سبحانه: ((فاسأل به خبيراً )) (الفرقان: 59 ) ((ولا يُنبِّئك مثل خبير )) (فاطر:14 ).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب الشجة، الذي أفتاه بعض الناس بوجوب الغسل رغم جراحته، فاغتسل فمات. قال : "قتلوه قتلهم الله: هلا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال ".

وإن مما راعني أن أجد من يجترئ على الفتوى في أخطر القضايا، وإصدار الأحكام في أهم الأمور، دون أن تكون عنده مؤهلات الفتوى، وقد يخالف جمهور العلماء قديما وحديثا، وربما تطاول فخطأ الآخرين وجهّلهم، بزعم أنه ليس مقلدا،وأن من حقه أن يجتهد، وأن باب الاجتهاد مفتوح للجميع، وهذا صحيح، ولكن للاجتهاد شروطا قد لا يملك أيّ واحد منها.

لقد عاب أسلافنا من محققي العلماء على بعض أهل العلم في أزمانهم، ممن يتسارعون إلى الفتوى دون تثبت وروية كافية، وكان مما قالوه:"إن أحدهم يفتي في المسألة لو عرضت على عمر لجمع لها أهل بدر! " ومن مأثور القول: "أجرؤكم على الفتيا، أجرؤكم على النار ".

وكان الخلفاء الراشدون ـ مع ما آتاهم الله من سعة العلم ـ يجمعون علماء الصحابة وفضلاءهم عندما تعرض لهم مشكلات المسائل، يستشيرونهم، ويستنيرون برأيهم، ومن هذا اللون من الفتاوى الجماعية نشأ الإجماع في العصر الأول.

وكان بعضهم يتوقف عن الفتوى، فلا يجيب ويحيل إلى غيره، أو يقول: لا أدري. قال عتبة بن مسلم: صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا، فكان كثيرا ما يسأل، فيقول: لا أدري!

وقال ابن أبي ليلى: أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهم عن المسألة، فيردها إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول، وما منهم من أحد يحدث بحديث، أو يسأل عن شيء، إلا ود أخاه لو كفاه؟

وقال عطاء بن السائب: أدركت أقواماً إن كان أحدهم ليسأل عن شيء فيتكلم وإنه ليرعد .

وإذا انتقلنا إلى التابعين نجد سيدهم وأفقههم سعيد بن المسيب، كان لا يكاد يفتي، ولا يقول إلا قال: اللهم سلمني، وسلم مني .

وبعد التابعين نجد أن أئمة المذاهب المتبوعة لا يستنكفون من قول "لا أدري " فيما لا يحسنونه. وكان أشدهم في ذلك مالك رحمه الله، فكان يقول: "من سئل عن مسألة، فينبغي له قبل أن يجيب فيها أن يعرض نفسه على الجنة والنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب فيها ".

وقال ابن القاسم: "سمعت مالكا يقول: إني لأفكر في مسألة منذ بضع عشرة سنة، فما اتفق لي فيها رأي إلى الآن ".

وسمعه ابن مهدي يقول: "ربما وردت علي المسألة، فأسهر فيها عامة ليلي ".

قال مصعب: "وجهني أبي بمسألة -ومعي صاحبها - إلى مالك يقصها عليه، فقال: ما أحسن فيها جواباً، سلوا أهل العلم ".

قال ابن أبي حسان: "سئل مالك عن اثنتين وعشرين مسألة، فما أجاب إلا في اثنتين بعد أن أكثر من "لا حول ولا قوة إلا بالله ".

ولست أمنع الشباب المسلم أن يدرسوا ويتعلموا، فطلب العلم فريضة، وهو مطلوب من المهد إلى اللحد. ولكني أقول: إنهم مهما درسوا، فسيظلون في حاجة إلى أهل الاختصاص، فإن للعلم الشرعي أدوات لم يتوفروا على تحصيلها، وأصولا لم يتمرسوا بمعرفتها واستيعابها، وفروعاً ومكملات لا تسعفهم أوقاتهم ولا أعمالهم أن يتفرغوا لها، ولكل وجهة هو موليها، وكل ميسر لما خلق له.

كما أني لا أقر ما يصنعه بعض هؤلاء الشباب من ترك كلياتهم النظرية، كالآداب والتجارة، أو العلمية، كالطب والهندسة، للتخصص في دراسة الشريعة، بعد أن قطعوا أشواطا في تخصصاتهم، وكثيراً ما ظهر تفوقهم فيها، وجهل هؤلاء أو تجاهلوا أن طلب هذه العلوم- بل التفوق فيها - فرض كفاية على جماعة المسلمين، وأن السباق بينهم وبين مخالفيهم في هذه الميادين على أشده، وأن من خلصت نيته في طلب هذه العلوم الدنيوية والتعمق فيها، كان في عبادة وجهاد.

وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة مهن وأعمال يتكسبون منها، فترك كلّ امرئ منهم في حرفته، ولم يطلب إليهم أن يدعوها ويتفرغوا للعلم أو الدعوة، إلا من طلب لمهمة، فعليه أن يوطن نفسه على القيام بها.

وأخشى ما أخشاه أن يكون وراء هذا التحول شهوة خفية للظهور والتصدر في المجالس والحلقات، ربما لا يشعر بها صاحبها، ولكنها مستكنة في أعماقه، تحتاج إلى تدقيق وتفتيش، والنفس بالسوء أمارة، ومداخل الشيطان إليها كثيرة ودقيقة، والموفق من توفق عند مفارق الطرق، واجتهد في تحليل خواطره ودوافعه وخطواته: أهي للدنيا أم للآخرة؟ أهي لله أم للناس؟ حتى لا يخدع نفسه، وحتى يمضي على بينة من ربه وبصيرة من أمره. ((ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلىَ صِراطٍ مُسْتقِيمٍ )) (آل عمران:101 ).
  #2  
قديم 01-12-2006, 09:31 AM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

2- خذوا عن أهل الورع والاعتدال:

وإذا كان لكل علم أهله ورجاله، فنصيحتي للشباب المسلم أن يأخذوا العلم الشرعي من ثقات العلماء الذين يجمعون بين سعة العلم والورع والاعتدال.

وأساس العلم الشرعي هو: الكتاب والسنة، ولكن لا غنى لمن يريد فهمهما عن تفسير المفسرين، وشرح الشراح، وفقه الفقهاء، ممن خدموا الكتاب والسنة، وأصّلوا الأصول، وفرعوا الفروع، وخلفوا لنا تراثا عريضاً، لا يعرض عنه إلا جاهل أو مغرور.

فمن ادعى علم الكتاب والسنة، وطعن في علماء الأمة فليس بمأمون على تعاليم الدين، ومن أخذ عن العلماء وكتب المذاهب، مهملاً دلائل القرآن والحديث، فقد أهمل أصل الدين ومصدر التشريع.

وقد يوجد من علماء الدين من يتخصص في فرع من فروع الثقافة الإسلامية، لا يتصل اتصالاً مباشراً بالكتاب والسنة (كالعلم بالتاريخ أو الفلسفة أو التصوف مثلا ) فهؤلاء يستفاد منهم في مجالهم، ولكنهم ليسوا أهلا للفتوى، ولا يصلحون لتلقي العلم الشرعي عنهم.

وقد يكون بين هؤلاء من يجيد فن القول والدعوة والخطابة، والقدرة على التأثير في الجماهير وهز أوتار القلوب، ولا يعني هذا أنه من أهل التحقيق العلمي، فكثيرا ما يجمع بين الغث والسمين، وما يخلط بين الأصيل والدخيل، وما يمزج بين الحقيقة والخرافة، وكثيرا ما تشتبه عليه المسائل، فيفتي بغير علم فيضل ويضل، وكثيراً ما تختلط عليه المراتب، فيضخم الصغير، ويصغر الكبير، ويعظم الهين، ويهون العظيم، وكثيرا ما يعتقد السامعون المبهورون بحسن الأسلوب، وسحر البيان: أن مثله جدير أن يؤخذ عنه، ويتلقى منه.

ولا يخفى أن الوعظ والخطابة فن، وأن الفقه والتحقيق فن آخر، وليس كل من يحسن أحدهما يحسن الآخر.

ولا يقبل العلم من عالم، ما لم يجمع إليه العمل به، وهو ما عبرنا عنه بالورع، وأساسه خشية الله تعالى، التي هي ثمرة العلم الحقيقي ((إنما يخشى الله من عباده العلماء ))

(فاطر: 28 ).

وهذا الورع أو تلك الخشية هو ما يمنع العالم أن يقول على الله بغير علم، أو يوظف علمه في خدمة نظام أو سلطان، فيبيع دينه بدنيا غيره.

والصفة الثالثة لمن يؤخذ عنه العلم في عصرنا هي: الاعتدال الذي هو خاصة دين الإسلام، وقد ابتلينا في عصرنا بصنفين متقابلين ممن ينتسبون إلى العلم: المفرطين والمفرطين، أو الغلاة والجفاة، كما قال الحسن البصري رحمه الله: يضيع هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه.

نجد من هؤلاء من يكاد يحرم على الناس كل شيء، وفي مقابلهم من يكاد يبيح لهم كل شيء.

نجد من هؤلاء من يوجب التقليد لمذهب بعينه ويغلق باب الاجتهاد، وفي الجهة الأخرى من يطعن في المذاهب كلها، ضاربا بجهودها واجتهاداتها عرض الحائط.

نجد من هؤلاء الحرفيين المتمسكين بظواهر النصوص، دون نظر إلى المقاصد، أو رعاية للقواعد، ونجد في مواجهتهم المؤولين الذين حولوا النصوص في أيديهم إلى عجينة قابلة لما شاءوا من معانٍ ومضامين.

والصنف المطلوب المأمون: هو الصنف الوسط المعتدل بين الغلاة والمتسيبين، الذي يجمع بين عقل الفقيه وقلب التقي، ويلائم بين الواجب المطلوب، والواقع المعاش، ويميز بين ما يرتجي الخواص وما يعانيه العوام، ويعرف أن لحالة الاختيار والسعة حكمها، وللضرورات أحكامها، ولا يدفعه التيسير إلى إذابة الحواجز بين الحلال والحرام، كما لا يدفعه الاحتياط إلى التشديد والتعسير على عباد الله، ورحم الله إمام الحديث والفقه والورع، سفيان الثوري حين قال: إنما العلم الرخصة من ثقة، أما التشديد فيحسنه كل أحد!!

3- يســروا ولا تعســروا:

وأنصح هؤلاء الشباب ثالثاً : أن يتخلوا عن التشدد والغلو، ويلزموا جانب الاعتدال والتيسير، وخصوصاً مع عموم الناس الذين لا يطيقون ما يطيقه الخواص من أهل الورع والتقوى، ولا بأس بأن يأخذ المسلم في مسألة أو جملة مسائل بالأحوط والأسلم، ولكن إذا ترك دائما الأيسر، واتبع دائما الأحوط، أصبح الدين في النهاية "مجموعة أحوطيات " لا تمثل إلا الشدة والعسر، والله يريد بعباده السعة واليسر.

والناظر في نصوص القرآن والسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، يجدها تدعو إلى اليسر ورفع الحرج، والبعد عن التنطع والتعسير على عباد الله.

وحسبنا من القرآن قوله تعالى بعد آيات الصيام: (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) (البقرة:185 ).

وفي آية الطهارة: ((ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج )) (المائدة:6 ).

وعقب آيات النكاح: ((يريد الله أن يخفّف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا )) (النساء:28 ).

وفي آية القصاص وإجازة العفو والصلح فيه: (( ذلك تخفيف من ربّكم ورحمة )) (البقرة:178 ).

وحسبنا من السنة ما ذكرنا من قبل مما رواه ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم : "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين " (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم بإسناد صحيح ).

وما رواه ابن مسعود عنه أنه قال: "هلك المتنطعون، قالها ثلاثا " (رواه مسلم ) وهو يشمل التنطع في القول، أو في العمل، أو في الرأي.

وما رواه أبو هريرة قال: "بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " (رواه البخاري ).

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسر هما، ما لم يكن إثماً (متفق عليه ).

وقال لمعاذ لما أطال القراءة بالقوم، أفتان أنت يا معاذ؟! وكررها ثلاثا. ومعنى هذا أن التشديد على الناس وأخذهم بالعزيمة دائما فتنة لهم.

وإذا جاز للإنسان أن يشدد على نفسه طلباً للأكمل والأسلم، فلا يجوز أن يشدد على جمهور الناس فينفرهم من دين الله من حيث لا يشعر، ومن هنا كان النبي صلى الله عليه وسلم أطول الناس صلاة إذا صلى لنفسه، وأخفهم صلاة إذا أمَّ غيره، وقال في ذلك: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه، فليطول ما شاء " (متفق عليه ).

وعن أبي قتادة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأقوم إلى الصلاة، وأريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز (أي أخفف) في صلاتي، كراهية أن أشق على أمه " (رواه البخاري ). وقد بين مسلم في صحيحه صورة هذا التخفيف في رواية له: أنه كان يقرأ السورة القصيرة.

وعن عائشة أنها قالت : " نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال (وهو وصل يوم بآخر في الصيام) رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل. قال : إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني " (متفق عليه ).

ولئن كان التيسير مطلوباً في كل زمن، فإنه في زماننا ألزم وأكثر تطلباً، نظراً لما نراه ونلمسه من رقة الدين، وضعف اليقين، وغلبة الحياة المادية على الناس، وعموم البلوى بكثير من المنكرات حتى أصبحت كأنها القاعدة في الحياة، وما عداها هو الشاذ، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، وكل هذا يقتضي التسهيل والتيسير، ولهذا قرر الفقهاء: أن المشقة تجلب التيسير، وأن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن عموم البلوى من موجبات التخفيف
  #3  
قديم 01-12-2006, 09:32 AM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

4- ادعوا بالحكمة والحسنى:

وأنصح هؤلاء الشباب المتدينين، رابعا: أن يتبعوا المنهج الذي رسمه القرآن في الدعوة إلى سبيل الله وجدال المخالفين، وهو ما جاء في خواتيم سورة النحل خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكي نهتدي بهديه من بعده: (( ادع إلى سبيل ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجاد لهم بالّتي هي أحسن )) (النحل: 125 ).

ومن تأمل الآية الكريمة وجد أنها لا تكتفي بالأمر بالجدال بالطريقة الحسنة، بل أمرت بالتي هي أحسن، فإذا كان هناك طريقتان للحوار والمناقشة، إحداهما: حسنة، والأخرى أحسن منها، وجب على المسلم أن يجادل بالتي هي أحسن، جذباً للقلوب النافرة، وتقريبا للأنفس المتباعدة.

ومن التي هي أحسن: ذكر مواضع الاتفاق بين المتجادلين، والانطلاق منها إلى مواضع الخلاف، عسى أن يتفق عليها كما في قوله تعالى: (( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاَّ بالتي هي أحسن إلاّ الذين ظلموا منهم وقولوا: آمنَّا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون )) (العنكبوت:46 ).

أما مواضع الاختلاف، فالحكم فيها إلى الله يوم القيامة: ((وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون )) (الحج : 68-69 ).

وإذا كان هذا أسلوب جدال المسلم لغير المسلم، فكيف يكون جدال المسلم للمسلم وقد أظلتهما وحدة العقيدة والأخوة في الدين؟

إن بعض الإخوة يخلطون بين الصراحة في الحق والخشونة في الأسلوب، مع أنه لا تلازم بينهما، والداعية الحكيم هو الذي يوصل الدعوة إلى غيره بألين الطرق، وأرق العبارات، دون أدنى تفريط في المضمون.

والواقع المشاهد يعلمنا: أن الأسلوب الخشن يضيع المضمون الحسن، ولهذا ورد في الأثر: من أمر بمعروف، فليكن أمره بمعروف.

وقال الإمام الغزالي في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " من "الإحياء " لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا رفيق فيما يأمر به، رفيق فيما ينهى عنه ، حليم فيما يأمر به، حليم فيما ينهى عنه، فقيه فيما يأمر به، فقيه فيما ينهى عنه .

ومما ذكره هنا رحمه الله: أن رجلا دخل على المأمون، الخليفة العباسي، يـأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، فأغلط له القول، وقسا في التعبير، ولم يراع أن لكل مقام مقالاً يناسبه، وكان المأمون ذا فقه فقال له: يا هذا، ارفق، فإن الله بعث من هو خير منك إلى من هو شر مني، وأمره بالرفق، بعث موسى وهارون، وهما خير منك، إلى فرعون، وهو شر مني، وأوصاهما بقوله: ((اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا ليِّناً لعلّه يتذكر أو يخشى )) (طه:43 )

وبهذا حج المأمون ذلك الرجل وخصمه، فلم يجد جواباً. ومما علمه الله لموسى أن تكون دعوته لفرعون بهذه الصيغة اللينة الرقيقة: ((فقل: هل لك إلى أن تزكّى وأهديك إلى ربك فتخشى )) (النازعات: 19 ).

ومن اطلع على حوار موسى مع فرعون في القرآن الكريم، يجده قد وعى وصية الله له، ونفذها بكل دقة برغم تجبر فرعون واستعلائه، وتهجمه واتهامه وتهديده، كما يتبين ذلك من سورة الشعراء.

ومن درس سيرة رسول الله تعالى صلى الله عليه وسلم وسنته في هذا الجانب رأى في هديه: الرفق الذي يرفض العنف، والرحمة التي تنافي القسوة، واللين الذي يأبى الفظاظة: كيف لا، وقد وصفه الله بقوله: ((لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكمْ بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم )) (التوبة: 128 ).

وصور علاقته بأصحابه في قوله: ((فَبِما رحمة مِنَ الله لِنْت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك )) (آل عمران: 159 ).

ولوى بعض اليهود لسانه في تحيته صلى الله عليه وسلم قال: السام عليكم (أي: الموت ) بدل "السلام عليكم " فغضبت عائشة وردت عليه رد عنيفاً، ولم يزد عليه السلام على أن قال: وعليكم. ثم قال لعائشة: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله " (متفق عليه )، أي في أمر الدين والدنيا، قولاً أو عملاً.

وعنها أنه قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه " (رواه مسلم ).

وعنها أيضا أنه قال: "وإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه " (رواه مسلم ) بهذا التعميم الذي يشمل كل شيء.

وعن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله " (رواه مسلم ) وأي عقوبة أشد وأقسى من أن يحرم الإنسان الخير كل الخير؟!

وأحسب أن في هذا القدر من النصوص ما يكفي لإقناع أبنائنا -الذين اتخذوا التهجم والعنف سمة لهم - بالعدول عن طريقتهم الخشنة إلى طريق الحكمة والموعظة الحسنة.
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م