مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #31  
قديم 22-09-2005, 03:49 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

عقـــــاب على الحــــق !


في حوالي التاسعة خرجنا من المنزل .. الأم حانقةٌ جداً .. لا تكلمني .. لا تنظر إليّ ..
لقد لاقت من النساء التوبيخ والتعنيف على تكذيبي لبدعتهم ..
أتى ابنها الأصغر ليستقلنا إلى المنزل .. الحمد لله ..
دخلتُ مباشرةً إلى المطبخ ..
أما الأم فقد قبعتْ بانتظار زوجي في الصالة .. هل ستخبره ؟!
بالتأكيد .. إنها تكاد أن تنفجر ..
ولكني لم أخطئ .. ليس من العيب قول الحق !!!

سمعتُ صوت الزوج وقد بدأ بالعلوّ ..
اختلستُ النظر إليه فوجدتُ أمه تصرخ وتشكو مني ثم .. بكت !
أرعَدَ صوتُ الزوج بالانفعال وهو يدخل إلى المطبخ ..!
- أين أنتِ ؟ أين أنت ؟!
صرختُ بخوفٍ وأوقعتُ كأس الماء في الأرض فتحطم ..
أمسك بشعري بقوة ولكمني لكمةً ثم أتبعها بلطمة ..
وهو يصرخ :
- أيتها الضالة .. إلى متى ؟!
لماذا تعيثين بيننا بالفساد ؟!
لماذا تحرجين أمي وتحرجيننا أمام الناس ؟
تباً لكِ .. لماذا تفعلين ذلك ؟! لن ينفعك الكفرة !
أغربي عن وجهي .. أغربي ..

بدأ الانهيار على تصرفاتي .. صحتُ من أعماق قلبي ..
تلوّيت من شدة الألم :
- أرجوك .. كفى .. أرجوك .. إنك تؤلمني ..
آه .. اتركني .. أتوسل إليك .. ارحمني ..
وقفلْتُ عائدةً إلى حجرتي .. كي ألوذ بها من غضبهم ..
فاستوقفني عند باب المطبخ صارخاً :
- قفي أيتها المتمردة .. قفي .. لا تتحركي ..
وقفتُ مفتوحة الفم والدماء تسيلُ على وجهي ..
وصدرتْ عني أصواتُ أنينٍ وعويلٍ خافتة .. ضعيفة ..
وأنا أتراجع بفزعٍ وخوفٍ من أنْ يزداد ضربه ..
كانتْ علامات القسوة والسخط والتحدي واضحةً عليه :
- اذهبي الآن واعتذري للجميع على ما سببته لهم من مضايقاتٍ و إحراجات ..
هيا .. والويل لكِ إن وُجهتْ لي شكوى بسببك .. الويل لك ..

ركضتُ إلى والدته ووقعتُ أرضا لتعثري بالسجادة .. نهضتُ ..
اختلطتْ أدمعي مع دمي مسحتها بيدي ..
استعدتُ أنفاسي الممزقة وأنا أقول :
- أعتذر لكم جميعا .. أعتذر .. أعتذر .. أرجوكم ..
أريد الذهاب إلى أبي وأمي .. أريد الذهاب ..
خالتي .. أرجوكِ .. أقنعيه بذلك ..
أنا لا أصلح للعيش هنا .. أرجوكِ .. خذوا كل ما تريدون ..
لا أستطيع الاستمرار .. فقط اتركوني أرحل ..
ثم توجهتُ إليه باكية :
- أرجوك .. ارحمني .. لا أستطيع العيش هنا .. أتوسل إليك ..

ترددتْ أنفاسه بصوت مسموع ..
ونظر إليّ بعينين ناريتين وقال :
- لن تذهبي .. لن تذهبي .. ستبقين معي إلى آخر حياتي ..
هل تفهمين .. لن أدعك تذهبين ...
أحسستُ بخيبة أملٍ شديدة .. فتح باب المنزل ..
وأغلقه بقوة .. تحطمتْ مشاعري .. توجهتُ نحو غرفتي ..
مؤنستي .. الصدر الحنون ..
جفت الدماء التي كانت تسيل على وجهي ..
غسلتُ ما علق به من الدم والدمع ..
توضأتُ .. توجهتُ إلى الله .. بأن الظلم قد بلغ حدا عظيما ..
فلا مجال ..
اللهم قد تسلط عليّ من لا يخافك فيّ ولا يرحمني ..
وأنا أدعو الله من أعماقي دعوة مظلوم .. حتى جن الليل ..
فتوسدتُ سجادتي ونمت مكاني .. نوما عميقا .. عميقا ..



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #32  
قديم 23-09-2005, 08:44 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

السفـــــر المفاجـــــئ لزيــــــارة القبـــــور!!


مرّت ثلاث ساعات على نومي في الأرض .. تحركتُ قليلاً .. آلمتني أضلعي ..
تنفّستُ الصعداء بعد أن صافح وجهي نسيم الليل المنعش النديّ ..
وصافحتني معه الكثير من الأفكار ..
نظرتُ إلى ساعة يدي بصعوبة .. بسبب الظلام .. إنها الثالثة ليلاً ..
ولكن .. ما مصدر هذا الهواء المنعش ؟
التفتُّ إلى النافذة ..
وإذا بالزوج قد فتحها على مصراعيها وأخرج رأسه ونصف جسده منها !!
يتأمل .. يتنشقُ الهواء الندي .. اعتدلتُ جالسة ..
شعرتُ بألم في وجهي وكتفيّ .. تذكرتُ ما حدث بسرعة ..
لم ينتبهْ ليقظتي ..

انتقلتْ نظراتي إلى حقيبة سفرٍ كبيرةٍ وُضِعتْ على الأريكة !!
هل هذه الحقيبة لي ؟
أوه كم أتمنى ذلك .. لم أتحدث ..
أغلقَ النافذة والتفتَ نحوي ..
ثم ابتعد بنظره ولم يتحدثْ هو أيضاً ..
شعرتُ به يأخذ نفساً عميقاً ..
توقفتْ أنفاسي وأنا أسأله بصوتٍ خافتٍ خائف :
- هل أنت .. جائع ؟! هل .. أحضر لك طعاماً ؟
نظر إليّ مطوّلاً .. وكأنما يُنقِّب في وجهي عن مكانٍ لم تَطَلْه ضرباته ..
فلم يجد !!

أخفض نظره إلى الحقيبة .. ولم يتحدث ..
قام ووضعها على طرف السرير وفتحها ..
إنها لا تزال جديدة .. أشعل الضوء ..
قلتُ بحذر ..
- أما .. أما زلتَ غاضباً ؟!
أيضاً لم يتحدث .. فتح خزانة الملابس ووقف أمامها طويلاً ..
فقلتُ بهدوء :
- أنا آسفة .. ولكن الأمر كان لا يحتمل أن تضربني ضرباً مُبرحاً ..
لقد آلمتني كثيراً ..
كنتُ أرتعدُ عندما تراجع إلى الخلف ونظر إلى غمام وجهي الممتقع الجريح وقد سترته الظلال ..
سكتُّ .. لا فائدة..

قال بدون أن ينظر إليّ :
- هل آلمتك ؟ كان ضرباً عنيفاً ..
ولكن أرجو ألا تثيري حفيظتي مرةً أخرى حتى لا أكرره فيما بعد !!
تشنج وجهي استعداداً للبكاء ..
ولكني لم أفعل .. قلتُ بكبرياء :
- شكراً لك ... وأتوقع منك المزيد .. هل أنت جائع ؟!
- لا أريد طعاماً .. أريد منك أن تجهّزي ملابسي وتضعيها في الحقيبة .. سأسافر ..
- ماذا ؟! ستسافر ؟! وأنا !! ماذا سأفعل ؟!

جلس على الأريكة ببطء وقال ببساطة :
- أنتِ ؟ ستبقين هنا لحين عودتي بالطبع !
لن أتأخر .. بضعة أيام فقط وأعود .. قاطعته برجاء ..
اصطحبني معك .. أريد رؤية أهلي .. أرجوك .. لا أريد البقاء هنا .. وحدي ..
قال وهو يضع ساقه على الأخرى ..
- هل جُننتِ ؟! أنا ذاهب بك إلى أهلك ؟!
قلت لكِ مراراً لن ترحلي من بيتي أبداً .. ستبقين معي إلى الأبد ..
ثم .. من قال أني ذاهبٌ إلى أهلك ؟!
أنا ذاهبٌ إلى مكانٍ آخر ..
ترددتُ برهةً ..

ثم قلتُ بمكر وأنا أشعر بألم في عضلاتِ وجهي المكلوم :
- حسناً .. ما رأيك في أن أذهب لزيارة أهلي خلال الأيام التي ستسافر فيها ..
ثم .. أعود .. ما رأيك؟!
أنا مشتاقةٌ إليهم كثيراً ..
هاه ما رأيك أرجوك وعندما ....
ابتسم لهذه الفكرة .. ثم قال :
- لا .. لا .. لا .. لا تفكّري في هذا الأمر مطلقاً ..
لن تذهبي .. لأنك لن تعودي إليّ .. أليس كذلك !!
إني أفهم ما ترمين إليه .. ولكن لن يحدث هذا أبداً أبداً أبداً ..
انعقد لساني .. لا فائدة .. إنه داهية ..

أجبتُ بهدوء واتزان مصطنعين :
- حسناً .. لك ذلك .. لن أسافر .. سأبقى هنا .. في انتظارك !!!!
ولكن إلى أين ستسافر ؟
وقف .. وذهب لينظر إلى نفسه في المرآة ثم قال:
- سأذهب لزيارة قبور الأولياء الصالحين وسأصطحب أمي معي ..
لقد أخذتُ معي شاةً حتى أذبحها بجوار القبر ..
وسنقيم عنده يوماً أو بعض يوم ..
وبعد ذلك سأنقل بعض اللحم إلى الأصدقاء والأقارب ..
وإليك بالطبع .. هدية .. فهل تذهبين معنا ؟!!

صرختُ بسرعة :
- لا .. لا ..
ثم أطبقْتُ شفتيّ !! إن شعر بأني لا أريد الذهاب فسيُرغمني ..
نظر إليّ بتوجّس .. فأسرعتُ باصطناع ابتسامةٍ باهتة وحاولتُ تغيير الموضوع ..
فقال :
- ولِمَ لا ؟! لِمَ لا تريدين الذهاب ؟!!
وجدتُ صعوبةً في الردّ من شدة الارتباك الذي سيطر عليّ ..
قلتُ وأنا أجلس وأبتسم :
- لا مانع لديّ من السفر مُطلقاً .. سأذهب ..
ولكن .. الطريقُ شاقةٌ .. وأنا لا أحتملها ..
وبالذات عندما يكون السفر بالسيارة .. لأنه ... لأنه ..

قاطعني بهدوء :
- لا لا لا ... يجب أن تذهبي معنا .. يجب أن تتعلمي ..
كيف غابت عنّي تلك الفكرة .. هذه الحقيبة تكفي لشخصين ..
قلتُ بلهفة :
- حسناً حسناً .. لا بأس .. ولكن ستكون رحلتكم مُتعبة ..
لأنني .. لأنني سأجعلكم تبطئون في السير ..
فكلما قلتُ لك .. لا أحتمل السفر براً .. ثم ..
رفع يده وقال :
- أوه .. لا لا .. إذاً لنترك سفرك معي لوقتٍ آخر ..
نحن عجلون هذه المرة .. فقط جهّزي ملابسي أنا ..

رفعتُ نظري إلى السماء .. تنفستُ الصعداء ..
الحمد لله .. أبديتُ اهتماماً بالغاً بسفره دون أن أعارضه ..
قلتُ باهتمام وأنا أرتِّب الحقيبة :
- وما القصد من هذه الرحلة ؟
أجاب بحماس كبير :
- ليس لها قصدٌ سوى التقرب إلى الله بزيارة قبور الصالحين والدعاء عندها والتبرّك بها والتوسل إلى الله بهم ..
إنّ من عاداتنا الذهاب إلى هذه القبور إذا أصيب أحدنا بجنون أو مرض شديد .. أو ..
كتمتُ أنفاسي فجأة .. وغمرتني موجة ضيقٍ مما أسمع ولكني صبرتُ ..
أن أسمع أهون من أن أفعل ..

سألتُه وأنا أغلق حقيبته بعد أن انتهيتُ منها :
- وهل يبرأ المريض من مرضه أو المجنون من جنونه بسبب هذه الزيارة ؟!!!
- أجل .. أجل .. يبرأون .. ويهتدون .. ويتماثلون للشفاء ..
سوف أدعو لكِ معي . . وأرجو أن يهديك الله !!!
تسمّرتُ في مكاني .. اللهم لا تُجبْ دعوته ..
قطعتُ حديثه فجأة وقلت باستغراب :
- وهل ستذهب أمك معك أيضاً ؟ أعني .. هل .. هل ستزور القبور؟!!
لم يكن يتوقع مثل هذا السؤال .. فقال بصوتٍ حاد :
- نعم ستذهب معي .. وستزور قبور الأولياء وتتبرّك بها .. فهل هناك ما تعارضينه ؟

أطرقتُ بعينيّ أرضاً .. وأخذتُ أعبث بالسجادة بأصابعي ..
ثم قلت :
- لا .. ولكن .. لا يجوز للنساء زيارة القبور .. فقد نهى عنها النبي صلى ......
قاطعني بصوتٍ كالفحيح وقد تألقتْ عيناه بوهجٍ مخيف :
- لا شأن لك مُطلقاً .. يبدو أن تأديب اليوم لمْ يُجْدِ معك ..
فهل أحاول تطبيقه مرةً أخرى ؟!!!
نهضتُ من مكاني مُرتبكة ..
ابتعدتُ عنه سريعاً ولم أعلم ما الذي أستطيع أن أفعله ..
فضّلتُ تركه وشأنه !

طُرِقَ الباب طرقاً خفيفاً .. توجهتُ لفتحه ..
فإذا بوالدته قد استعدّتْ للذهاب ..
- تفضّلي يا خالتي ..
- أين زوجك ؟ آه ابني .. هيا أنا جاهزة .. فلنذهب الآن ..
نظر إلى ساعته .. وابتسم لوالدته ..
حمل حقيبته واتجه نحو الباب .. خرجتْ أمه قبله ..
عاد بعد ثوانٍ وقال:
- لقد أنقذتكِ أمي من قبضتي فاحمدي الله ..
اقتربتُ من الباب .. وأغلقتُه بهدوء .. نظرتُ إلى المرآة بحزن ..
كان الضوء يُظهر الهالات السوداء والشاحبة التي أحاطت بعينيّ !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #33  
قديم 23-09-2005, 08:51 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

رنيــــــــن الهاتـــــــف


بعد ساعتين هبطتُ إلى الأسفل .. نظرْتُ إلى النافذة ..
كان المطر يسقط بغزارة ..
صنعتُ كوباً من الشاي الساخن ..
جلستُ بقربِ النافذة المُغلقَة في الطابق السفلي .. وحدي ..
انظر إلى المطر بذهنٍ شارد وأمامي كوب الشاي ..
وفي حِجْري صحنٌ صغيرٌ به قطعةٌ من كعكة جوز الهند ..
لقد اقترب موعد الآذان .. آذان الفجر ..

رَنَّ جرس الهاتف في الحجرة الثانية فما كان منّي إلا أن انتفضْتُ في مكاني .. تواصل رنينه ..
نظرتُ إلى الساعة .. إنها الرابعة والربع فجراً ..
قمتُ بارتجاف وأضأت النور بأصابع مُرتعشة ..
أين أخت زوجي ؟ لا بد أنها نائمة .. امتنعتُ عن الإجابة على الهاتف ..
أصرّ على الرنين .. فأهملته ..
بقي نصف ساعة على الأذان ..
صعدتُ السّلّم حتى وصلتُ إلى منتصفه .. وفجأة ..

طُرِقَ البابُ الخارجي للمنزل !!! أخذ قلبي ينبض بسرعة..
وأنفاسي تتسارع .. استدرْتُ على عقبيّ ..
ظهرتْ علاماتُ الخوف على وجهي .. عُدتُ أدراجي بهدوء أتلمس من الطارق !!
في هذا الوقت !! اقتربتُ من عين الباب الصغيرة ..
وإذا به أحد أقاربه !!!!!
دققتُ النظر فرأيتُه يسترقُ النظر إلى المنازل الأخرى المجاورة لئلا يراه أحدهم وهو يريد الدخول إليّ !!!!

قلتُ له بحزم من خلف الباب المُوصَد :
- نعم !! ماذا تريد ؟! ومَنْ تريد ؟!!
قال بلهفة وبصوتٍ يختلفُ عن الصوتِ الذي عهدتُه له :
- افتحي الباب .. بسرعة .. هيا افتحي الباب ..!!!
تراجعتُ خطوةً إلى الوراء !!
واشتدّتْ نبرةُ صوتي :
- ماذا تريد ؟ زوجي غير موجود الآن !! عُدْ في وقتٍ لاحق حين يعود !!
حاول أن يحافظ على هدوئه قائلاً:
- أعرف ذلك ! لذا أنا موجودٌ الآن ! أعلم أنه قد رحل منذ ساعتين ..
ولكن لِمْ تجيبي على الهاتف !! هيا افتحي الباب ..
لم يَعُدْ هناك مُتّسَعٌ من الوقت !!!!!!

صُدمْتُ ! صُعقْتُ !!! خِفْتُ أن أسيء الظن ولكن .. لا ..
لسان حاله ينطق عنه ذاك الوغد الخائن !!!!
شعرتُ بالكراهية العميقة نحوه ..
ونحو زوجي الذي جعلني عُرْضة لكل ما يصيبني !!
أوقعتُ كوب الشاي فتحطّم ! صرخت بأعلى صوتي وأنا أشعر بالغثيان :
- قلتُ لك زوجي غير موجود .. أغرب عن هذا المكان ..
اذهب الآن وفوراً .. لن أفتح لك الباب .. هيا اذهب .. اذهب ..
سمعتُه يوجّه الشتائم من فرط الخيبة !!!
ويحدّق بالباب ويحرّك مقبضه بكل قوته وكأنما سيكسره !!

صرخْتُ وأخذتُ أجري وأنا أقطع الممر الطويل !
كالمُصابة بالجنون !
توجهتُ نحو السلالم لا ألتفتُ خلفي خشية أن يكسر الباب فيدخل ..
طرقتُ حجرة أخت الزوج بعنف استيقظتْ مفجوعة مأخوذة !!
رأتني أغلق بابها بالمفتاح مرتين ..
أضع كل ما استطعْتُ حمله خلف الباب !!
ارتميتُ بين ذراعيها أنتحب ..
نهضتْ فتلقتني وأجلستني على السرير بجانبها وهي تقول مذعورة :
- ما بك ؟! ماذا حدث ؟! هل أنتِ بخير؟ هل أنتِ على ما يُرام ؟!

رفعتُ وجهي المبلل بالدموع وتمتمتُ قائلة :
- لا شيء .. لا شيء .. لا شيء !!
لن يصدقوني !! سيعبثون بعواطفي !!
فاضتْ عينايَ بالمزيد من الدمع ..
والمزيد من الحرقة .. فدعوتُ عليهم في ثنايا الليل ..
بألا يُسامَحَ هذا الزوج على ما أرادني إليه من شرور ..
وألا يُسامَحَ من يساعده في إيذائي ..
فكم ألمحتُ له ما أعاني من مضايقات أقاربه كلما التقيتُ بهم ..
فاتهمني بسوء النيّة !!!
وأنني أنا التي أغريهم بي عندما أتخفّى عنهم ..
يا إلهي ما أشدّ ظلمه لي !!!!! هذه هي النتيجة !!!!!
لم أعد آمن على نفسي منهم ! لم أعد أثق به أو بهم !

يا رب أنت ولييّ وناصري فانصرني عليهم بما ظلموني وبالغوا في إيلامي !!
ثم رفعتُ من سجودي .. وسلّمتُ .. واحتضنتُ يدي أحاول تهدئة نفسي .. بنفسي !!!
فكُلُّ عصبٍ في جسدي كان يدعوني لترك المكان !!!
مرّ النهار الجديد بسرعة ... تلتْه الأيام الباقية ..
وكلما جنَّ ليلٌ أو طُرِقَ البابُ شعرتُ بدنوّ أجلي ..
وخوفي على نفسي .. وعاد الخوفُ من الزوج يرافقني ..
سيعود .. سيعود .. وستعود معه كل الآلام وسيحطم كل الآمال !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #34  
قديم 26-09-2005, 07:43 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

العـــــودة من الروحــــــــانية !


اقتربتْ عودته .. هذا اليوم الثامن لغيابه ..
اشتقت لأهلي كثيراً .. أريد محادثتهم ..
ولكن !! لقد منعني من ذلك ..
وأمرني بعدم محاولة مهاتفتهم .. ليكن !
لن أحادثهم .. لقد وعدته !! مع أنه لا يستحق الوفاء ..
ولكن لن أغضب الله من أجله ..
لن أفعل .. مع أن الشوق يحرقني إليهم ..
صليتُ المغرب .. خرجتُ من حجرتي وأغلقتُ الباب بهدوء ..
ما هذا السأم ؟! أشعر به عميقاً في حناياي !!

سمعتُ أصواتاً في الطابق السفلي .. ارتعشت ! مَنْ هذا أيضاً ؟!
هل هو أحد أقاربه ؟! أين أختبئ ؟!
نظرتُ بحذرٍ وخوفٍ من أعلى السلّم لأتعرف على القادم ! أوه لا !!!
إنها والدة زوجي !! إذاً فقد عاد !! ارتجفتْ !
تجمدتْ أطرافي ! وتشوّش ذهني ! هل أعود إلى حجرتي ؟!
لم أتمكن من ذلك فقد لمحتني والدته عند السلّم وكذا أخته !
تصنعتُ المرح .. هبطتُ مُسرعة !
عانقتُ والدته وحمدتُ الله على عودتها سالمة ..
تحركتْ نظراتي تبحث عنه!! أين هو ؟

قالت أمه وهي تجلس :
- زوجك قادم .. إنه في الخارج ! سيأتي بالأمتعة من السيارة !
نظرتُ إلى ساعتي وابتسمتُ في محاولة لإخفاء خوفي واضطرابي ..
وفجأة .. سمعتُ صوتاً خلفي استدرتُ بوجل ..
ورأيتُه يُغلق الباب بعنف !! شعرتُ وكأن صوت إغلاق الباب يَصُمّ أذنيّ ..
ويتردّد صداهُ في عقلي ..
ليعيدني إلى الحاضر ويسدل ستائره على الراحة والحرّية ..
في الأيام الماضية !!
انتبهتُ إلى صوت أخته تقول :
- ما بالكِ ؟ هل أنتِ معنا ؟!!
- آسفة .. كنتُ .. كنتُ أفكر في .. هل قُلتِ شيئاً ؟!

تداركتُ الأمر سريعاً وقلتُ له :
- حمداً لله على سلامتكم .. كيف كانت الرحلة ..؟!
رمى بنفسه على الكرسيّ قائلاً بفرحٍ غامر :
- موفقة جداً جداً جداً .. أشعر بروحانية عالية وإيمانٍ متزايد منذُ أن ذهبت إلى ذلك المكان !!
بلعتُ ريقي بصعوبة وقلت:
- الحمد لله .. ثم جلستُ معهم .. نتبادل أطراف الحديث ..
وأجبرتُ نفسي على سماع تلك الرحلة الإيمانية !!!!!
نظرتْ أخته إليه وكانت تقاسيم وجهها تعبر عن السرور قائلة :
- أخي .. أين وضعتم أماناتكم وحاجياتكم أثناء الرحلة ؟

أغمض عينيه بسرور بالغ .. وابتسم ابتسامةً لم أرها من قبل :
- لقد وضعناها على قبور الصالحين ..
لأنهم يقومون بحراستها فلا تُسرق ولا تؤخذ ..
وكذلك من أجل الحفاظ عليها وإنزال البركة بها .
تمالكتُ نفسي وشعرتُ بالذهول من قوله .. يا إلهي !!
هل يعتقدون أنّ الموتى يقومون بحراسة ما يُوضع على قبورهم؟
إنه كفرٌ بواحٌ .. ماذا يقول ذلك المتطاول ؟
أجابته أخته وما زالت تحت تأثير سحر كلماته :
- هنيئاً لكم .. هنيئاً لكم .. يا ليتني كنتُ معكم !
- آهٍ يا ابنتي .. إنها أيامٌ جميلةٌ لا تُنسى ..
لقد طفنا حول القبر ثلاثَ مراتٍ بالسيارة حتى لا يلحق بنا أذى أو ضرر خلال رحلتنا ..
والحمد لله كان لنا ما أردنا ..

فتحتُ عينيّ تعجباً ! توقفتُ عن التنفس .. فقاطعتُها بدون شعور:
- تطوفون حول القبر ؟ حول القبر يا خالتي ؟
وهل هناك كعبةٌ أخرى في تلك البلاد للطواف ؟
إذا كان الطواف حول قبر نبي من الأنبياء لا يجوز شرعاً فما بالكِ بقبر أحد العامة؟!!!
خيّم صمتٌ قاتل .. تنملتْ أطرافي وأنا أنتظر جواباً لما يدور بداخلي .. كانت نظرات الزوج المرعبة هي الإجابة الشافية ! أزاح بنظره عني .. وتظاهر باهتمامه بإكمال الحديث ..
تغيرتْ ملامحه وهو يقول :
- لقد شهدْنا وفاة أحد الصالحين هناك ..
كان منظراً مؤثراً لا يزال عالقاً بذهني حتى الآن ..

تكدّر وجه والدته وهي تضيف :
- نعم .. عندما حُملتْ جنازتُه للدفن وبعد أن قُرأت عليها قصيدة البُردة _ للبوصيري _
وتُلي عليها القرآن ورُدّدتْ الأناشيد ..
جاء الإمام ودعا على الحجر الذي يُجعل وسادةً للميت ..
قلتُ بتهذيبٍ مغلفٍ في محاولة مني للفهم :
- وهل .. وهل هذا جائز ؟
لم يُجبْ أحدٌ منهم سؤالي للمرة الثانية !!
فأيقنتُ بأنها إحدى البدع التي استحدثوها .. ماذا يفعل هؤلاء ؟
ثم تذكرتُ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ )
ابتسم أخوه الأصغر في محاولةٍ لتهدئة وتخفيف التوتر وأضاف :
- أخي .. بِمَ يدعو الإمام على ذلك الحجر قبل وضع رأس الميت عليه ؟

ردّ عليه بكلمات تحمل الكثير من الحنوّ والعاطفة :
- يقرأ في دعائه أنك يا فلان تأتيك هذه الأسئلة ويذكرها ..
ويقول إذا سُئلتَ فأجبْ عنها بهذه الإجابات ولا تعجزْ فتكنْ من الهالكين ..
وإذا أجبتَ ضمنتُ لك الجنة ووُفّقتَ إلى الصواب ...
دققتُ سريعاً في وجهه .. إنه جاد !! ما هذا الهراء ؟
سألته بهدوء مصطنع :
- وهل ينفع الدعاء ذلك الميت ؟
أعني ... هل يجيب حقاً عن تلك الأسئلة كما أمره بذلك الإمام ؟!!!!
اعتدل في جلسته وكأنه قد قرأ أفكاري ثم أجاب بثقةٍ مفرطة :
- بالطبع تنفعه !! و إلا كيف يضمن له الإمام الدخول إلى الجنة إذاً ؟!
إنه عالَمٌ يصعب عليكِ فهمه .. لأن تفكيركِ جامد !!!

أمسكتُ بالكأسِ بأصبع مُرتعشةٍ .... وهتفتُ :
- لكن الغيبَ لا يعلمه غير الله سبحانه وتعالى .....
ولا يمكن لأحدٍ أن يضمن مصير أحدٍ كائناً من كان ...
حتى وإنْ كان عابداً أو زاهداً !! أليس كذلك ؟!!!
حدّقَ بي ثم بدأ بتوجيه الشتائم :
- إنكِ تحملين عقليةً متحجرةً محدودة ! فكيف لكِ أَنْ تفهمي تلك الأمور ؟!
من الأفضل لكِ أن تتوقفي عن الجدال ! وإلا فالعلاج الناجح سيبدأ الآن !!!
كانت الكأس قد شارفت على نهايتها ..
فاجترعتُ ما تبقى منه ثم وضعتُها بصمتٍ ...
بينما قال لوالدته وإخوته باختصار :
- لقد تبرعْتُ بالمال الذي جمعتُه منكم لصالح إقامة مسجدٍ على قبر أحد أولياء الله الصالحين هناك .. فأرجو أن يتقبّل الله منا جميعاً ...

اجتاحتني رعدةٌ مُفاجئةٌ فنطقتُ بعد أن ابتلعتُ ريقي بصعوبة :
- إقامة مسجد على ضريح ؟ أنتَ تبرعت بالمال من أجل ذلك ؟
كيف فعلت ؟ ولماذا ؟ ..
قال بنفاد صبرٍ وحيرة :
- وماذا في الأمر ؟ لماذا تعارضين كل شيء ؟!
ألا تعجبكِ أمور الخير أيضاً ؟!
كفّي عن ذلك !! هذا يكفي ! هل تسمعين ؟!!
تركزتْ أنظارهم عليّ ! كيف لهم أن يفهموا ؟ كيف أقنعهم ؟
التفتُّ إليهم بتركيز ... ثم قلت بوجل :
- صدقوني ... الصلاة لا تجوز في هذه المساجد ...
ولا يجوز بناؤها فكيف بالصلاة فيها ؟
إنها من عادات اليهود والنصارى ! افهموني أرجوكم ..

زمجرتْ أمه وقالت ساخطة :
- يبدو أننا قد ترفقنا بكِ كثيراً ! ولكن أنْ تسخري منّا فلا !
أنتِ ذاتُ عقليةٍ معقدة ! ولن أسمح لكِ بالمزيد ..
أردفتُ بسرعة :
- آسفة ... آسفة .. لم أقصد ذلك !
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ..
بل يجب نبش قبور مَنْ دُفن فيها ونقلها إلى مقبرة عامة !! ..... و.....
رفع حاجبيه استغراباً وقاطعني :
- ألا تعلمين أننا قبّلنا القبور والحجارة الموضوعة عليها تعظيماً وتكريماً للأموات ؟
وطلبنا المدد والعون منهم؟ وتوسلنا بهم وبجاههم لتتركي ما أنتِ فيه من ضلال ؟
ولكن يبدو أنكِ هالكةٌ لا محالة !!

عبثاً حاولتُ أنْ أثنيهُ عن آرائه !
ولكني وقفتُ أجمع الكؤوس وأقول ببساطة حتى لا أثير غضبهم :
- لا أعتقد أن طلب العون والمدد من غير الله يُجدي !
ولا أن تقبيل القبور والحجارة سوى خضوع وذل لغير الله تعالى !
ولا أن تعظيم الجمادات والأموات مشروعاً فيقبله عاقل لبيب !!!
استرقتُ النظر إليهم .. إنهم واجمون ..
وكأنّ على رؤوسهم الطير .. توجهتُ نحو باب الحجرة ففتحته ...
وخرجت وأنا أردّد في قرارة نفسي قوله تعالى :
( ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير .
إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير )

أعددتُ طعام العشاء ... مازالوا ثائرين على معارضتي أنْ كيف أتطاول على معتقداتهم الشريفة !!
ابتسمتُ للجميع وكأنّ شيئاً لم يكن ... ثم دعوتُهم لتناول العشاء ...
أمرني بالجلوس فجلست ..
فتح حقيبته وأخرج منها بعضاً من الحجارة والتراب وناولني إياها ..
رفعتُ نظري إليه ببطء وقلتُ بتعجب :
- وما هذا ؟
ركّز نظره عليّ ثم قال بتحدٍ وعناد :
- هذا نصيبك مما حملتُه معي من تلك القبور للتبركِ بها ..
فحافظي عليها واعتني بها ... و سأتابع ذلك بنفسي ...
بادرتُ بالاحتجاج ..
فرفع يده ليلزمني الصمت بعد أن نظر إليّ بتلك النظرات المتوهجة التي قاربت على إحراقي ..
فامتنعتُ عن الحديث وتنهّدت بألمٍ وأطرقتُ برأسي إلى الأرض قسراً...

قالت أخته ببهجة وهي تحتضن يدي والدتها :
- أمي .. ما رأيك في الذهاب مرة أخرى ؟!
ولكن لن تذهبوا من دوني .. آه .. كم أشتاق لذلك ..
بادلتها الأم بابتسامة أعمق وهي تضمها وتقول باهتمام :
- أوه بالطبع يا ابنتي سنذهب في أقرب فرصة ..
وسترافقنا زوجة أخيك بلا شك !! و إلا فلا !!!
شعرتُ بجسدي كله يرتجف فقلتُ منتبهة :
- ماذا ؟ نعم نعم .. سنرى إن شاء الله .. لكل حادث حديث ...
قالت أخته تخاطبه بفرح :
- إلى أين ستكون رحلتنا القادمة يا أخي ؟ هيا أخبرني .. إلى أين ..

هزّ كتفيه وقال بحرارة :
- المرة المقبلة سنترافق بنية السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ...
ثم حدّق ناحيتي .. لم أتفوّه بأي تعليق ...
وعلت جبيني تقطيبةٌ خفيفة ..
فواصل كلامه:
- للتبرك به وسؤاله وقضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا .. و ..
هداية ضالنا !!!!
فلمعتْ عيناه فجأة وكأنه يهدد ! تراجعتْ ..
خفضتُ عينيّ لأحملق في يديّ ..
حاولتُ جاهدةً أن أبتسم وأستعيد ثباتي ..

فقلتُ بصعوبة بالغة:
- أنت تقصد أن نذهب إلى هناك بنية الصلاة فيه فقط !
أليس كذلك ؟! لأن ..
قاطعني بعنف :
- لا يا عزيزتي .. بل بنية شد الرحال وزيارة القبور !!!
هل لديك اعتراض أيضا ؟!!!
بدأ عقلي وكأنه سنفجر فقلتٌُ بصعوبة وكأني أنتزع الكلمات من بئر سحيق :
- ولكن .. ولكن .. لا تجوز زيارة القبور بشد الرحال إليها .. بل هي ...
تبادل الجميع النظرات الحاقدة ..
واشتدت نبرة صوته وهو يقف ويزيح كرسيه إلى الوراء قائلا :
- أتمنى أن لا نخطئ في اختيار الكلمات الآن ...
وإلا فإنك تعلمين ما الذي سيحدث !! لا أريد نقاشا !
أجبته وعيناي تشعان ألما :
- حسنا سأفعل .. أهدأ أرجوك ..
أدركتُ بأنه لن يغير رأيه ولا نيته كذلك !!
فهو يعني ما قاله بأنه ليس هناك من موضوع ليُناقَش !!!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #35  
قديم 30-09-2005, 07:55 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

حمــــــــرة الغـضـــــــب


دخلتُ حجرتي .. أغلقتُ الباب بهدوء ..
بدأت بترتيب خزانتي .. وفيما أنا أفعل ..
إذْ بالزوج يفتح الباب بكل قوّته ويبحث عني بعينين قاتلتين وصدرٍ متأجج !!
وما إن عثر عليّ حتى شعرتُ بأن وجهه يتفجّر حمرةً من شدة الغضب !!
ما الذي حدث يا ترى ؟!!!
سألني وهو يقبض يديه بكل قوته كعادته عند الغضب :
- هل أتى أحدٌ ما إلى المنزل في حين غيابي ؟!!
قلتُ بهدوء وقد عرفتُ المغزى من سؤاله :
- نعم .. جاء قريبك فلان بعد ذهابكم بوقتٍ قصير .. لماذا ؟!

زفر بقوةٍ وهو ما يزال واقفاً :
- وهل فتحتِ الباب له وأدخلتِه وأكرمته ؟
عقدتْ المفاجأة لساني عن الكلام !
فظللْتُ صامتةً أحدّق فيه .. فكرّر سؤاله ثانية ً:
- هل فتحت الباب أم لا ؟ تكلمي !
حاولتُ الحفاظ على ثبات صوتي فأجبتُه بإجهاد :
- كلا بالطبع !! كيف يجرؤ على الدخول إلينا في غيابك ؟!!
لقد اعتذرتُ له عن إدخاله ..
وعللتُ له ذلك بعدم وجودك .. وأنه بإمكانه المجيء عند عودتك .. ولكن لماذا الــ ....

طار صوابه عندما أيقن منعي من إدخال قريبه !
فقال بصوتٍ عالٍ وأسلوب جارح :
- لماذا لم تفتحي الباب له وتجالسيه وتشربي المرطبات معه وتحادثيه ؟!
إن المنزل منزلي وليس منزلك !!!
هل فَقَدَ صوابه ؟ ألهذا الحدّ يريد مني أن أفعل ؟
ظننتُه سيبتهج !! سيفرح !!!
نظرتُ إليه طويلاً بحزنٍ عميقٍ وصدمةٍ بالغة !
عصفتْ بي رغبةٌ في تحطيم كل شيء !!
هل يجهل حقاً عواقب ذلك؟ أم أنه يتجاهلها ؟!!
ألا يميّز الحق من الباطل؟
ألا يفرق بين الأمور الجادة والهازلة ؟!!!

قلتُ بأسف :
- هل أنت جادٌ حقاً فيما تقول؟ لا لا .. بالتأكيد أنت تمزح ..
ثم استجمعتُ شتات ذهني لأطرح عليه إجابة شافية على سؤاله :
- لستُ أنا من تفعل ذلك !!!
لن يدخل رجلٌ غريب إلى هذا المنزل في عدم وجودك !!
مهما كانت قرابته لك !!
لن يدخل !! ثم عبّرتْ دموعي تعبيراً أصدق عن جام غضبي وأنا أهتف :
- إدخال الرجال الأجانب عند النساء في عدم وجود المحارم .. حرام .. !!
وأنا لن أقبل بذلك أبداً حتى وإنْ غضبْتَ لن أقبل أبداً أبداً ...
هل تسمعني ؟!!

استشاط غاضبا ًوقال هائجا:
بل ستفعلين!! لست أنت التي ستقلبين حياتنا رأساً على عقب وتفسدين بيننا!!
الجميع يشكو من أفكارك المعقدة ونيتك السيئة!!
ولكني أنا من سيقلب حياتك وسترين!!
وقفت بسرعة وأنا أمسح دموعي الحزنى :
لا أعدك بذلك مطلقاً! مهما كلفني ذلك من استهانة وتعذيب وتنكيل!
وسأقولها أمامك وأمام الجميع .. وإن أردتم قتلي ففعلوا ..
ولكني لن أسمح والله لرجل غريب بالدخول في غيبتك !!

اجتاحته رعدةٌ مفاجئة .. فأراد كسر شوكتي وإرغامي على ما يريد :
- لكِ ذلك !! ولكني أقسم بالنبيّ الكريم أن أضعك بين خيارين مؤلمين لك وسترضخين لأمري !!
شعرتُ بحرارة الغرفة في هذه اللحظة على الرغم من فتح النوافذ فيها والستائر !
ترقبتُ بوجلٍ طرحه للخيارات ! ماذا عساه أن يقول ؟!!!
عقد ذراعيه واتكأ على الجدار قائلاً :
- إما أن تفتحي الباب في عدم وجودي لكل أقاربي مَنْ عرفتي منهم ومَنْ لم تعرفي ..
وتجالسيهم وتسامريهم وتكرميهم .. ولا تردّي أحداً منهم .......
ثم .. سكت ..
فشعرتُ بغصَّةٍ مؤلمة في حلقي وأنا انتظر قراره في الخيار الآخر !

فأكمل حديثه وهو ينظر إلى السقف باستخفاف ونفاد صبر :
- أو أمنع عنكِ زيارة أهلك .. فأمنع دخولهم إلى هذا المنزل إلى الأبد !!
فأي الخيارين تفضّلين ؟!
سادت لحظة صمتٍ مؤرقة .. مُعذّبة !! هرب صوتي منّي ..
لقد سألني ويجب أن أجيب عليه !
ابتسمتُ ابتسامةً مجردةً من الحياة ..
وقلتُ بحزنٍ قبل أن أفقد جرأتي :
- حسناً .. لا عودة في قراري ولا تراجع !!!
ومع صعوبة الخيارين إلا أنني أرفض الخيار الأول وأقبل بعمل الثاني !!
وليسامحني الله !!

ضاقتْ عيناه وكأنه لم يصدق ما سمع :
- أتعنين بذلك عدم إدخال أقاربي في منزلي عند غيابي ؟!
مقابل عدم السماح لأهلك بالدخول إليك وزيارتك ؟!
عانيتُ كثيراً في اختيار كلماتي ..
ثم قلتُ وأنا أتنهّد وأتظاهر بالهدوء والبساطة :
- ماذا أفعل ؟! سأطيع أمرك في الاختيار !
ويجب عليّ من اليوم فصاعداً أن أتعلم معايشة هذا الواقع الجديد !!!

هبّ في وجهي قائلاً :
- تباً لكِ أيتها الوهابية !! كلكم مُعقّدون ..
ويبقى رأيي الذي يُطبّق على الجميع .. هل تسمعين ؟!
لزمتُ الصمت ..
فأغمضتُ عينيّ وأنا أراه يشمخ بأنفه ورأسه عالياً ثم يتابع :
- انتهى الأمر ! .. بعد يومين سنلبّي دعوة العشاء عند قريبي الذي هاتفني قبل قليل ..
والويل لكِ إن عارضتي أمري لكِ بالذهاب !! أتسمعين ؟!
أومأتُ برأسي وقلتُ في محاولةٍ لتهدئته :
- أرجوك اهدأ .. لا تغضب ! سأذهب أينما تريد ! اهدأ !!

أدار ظهره بسرعة وبدأ بفتح الباب فسألته وأنا أتبعه :
- إلى أين ؟ لا يجدر بك الذهاب وأنتَ في هذه الحال ! إلى أين ؟!
قال بنبرةٍ حادة:
- إلى الجحيم !!!!
عندما أصبحتُ وحدي استندتُ بظهري على الباب مُندهشة متسائلة !!
ما الخطأ الذي قلته ؟!
هل أخطأتُ حقاً ؟! اللهم ما فعلتُ ذلك إلا طمعاً في رضاك عني !
فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ..
داهمني إحباطٌ مُفاجئ بتذكر الذهاب إلى منزل ذلك الوغد !!
استلقيتُ على فراشي وقتاً طويلاً أحدّق في سقف الحجرة .. مازلتُ في دوّامة !!
اللهم فرّج علي همومي وأحزاني !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #36  
قديم 02-10-2005, 03:31 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

الـــــــدواء الفعّــــــال !


طُرِقَ الباب.. تصنعتُ النوم فلم أجب .. تواصل الطرق !
لا أريد الصدام معه أو إغضابه أكثر من ذلك ..
لا قوة لي في المزيد من الجدل والنقاش !!
أدار مقبض الباب ففتحه .. توقعتُه هو ..
ولكني أخطأتُ في توقعي .. إنها والدته !!!
اعتدلتُ جالسةً .. أضأتُ المصباح الخافت .. أجلستُها .. ابتسمتُ لها ..

إنها تحمل شيئاً ما في يدها !! ماذا أيضاً ؟!!
سألتني بتشكك :
- ألم تنامي بعد ؟ ما الذي يؤرقك ؟
يكاد الفجر أن ينسج خيوط ضوئه لينير أرجاء الكون !
استغربتُ اهتمامها بأرقي وقلة نومي ! ثم من حديثها العذب !
فقلتُ ببراءة :
- لا شيء البتة يا خالتي ! هرب النوم عن أجفاني فقط لا غير !
ولكني سأحاول النوم علّي أفلح !!

قالت في محاولةٍ جادة للتأثير عليّ :
- لديّ دواءٌ لك ! ما رأيك بأن تجربيه ؟ إنه جدُّ مؤثر وفعّال !
كانت تبدو وديعة مما جعل تعجبي منها يتلاشى بسرعة .. فقلت :
- حقاً ؟! وما دواؤك ؟!
رفعتْ يديها أمام عينيّ .. وقدّمتْ لي قماشاً ملفوفاً بحجم يصغر حجم البيضة قليلاً ..
محشوّاً في داخله بشيء يميل إلى الصلابة نوعاً ما !
تسمّرتْ نظراتي في هذه القطعة .. تحوّلتْ أنفاسي إلى تنهيدة طويلة !
ثم انتقلتْ عيناي بتلقائية إلى عينيها الغائرتين ..
ثم إلى ذقنها الذي امتلأ بشتى رسوم الوشم !!..
فتحتُ فاهي لأسألها عن الدواء الذي وصفته لي !

فتداركتْ استغرابي وقالت تصطنع البساطة :
- هل تعلمين أن هذه التميمة بحوزتي منذ ما يربو على العشرين عاماً ؟
اتسعتْ حدقتاي وأنا أهتف :
- تميمة ؟!!! هل هذا هو الدواء ؟!
أجابت بحماسٍ :
- نعم .. نعم تستطيعين تعليقها على نحرك أو عضدك ..
أو وضعها بين ثيابك أو في فراشك ..
و أعدكِ بأن أعمل لكِ واحدةً تخصك وحدك وباسمك !
- لي أنا ؟ وباسمي ؟!

اعتدلتْ في جلستها ثم قالت :
- نعم نعم .. إنها تدفع الضر والحسد والعَين والسحر وتجلب لك النفع وتشفي من الأمراض ..
كما أنها تساعد على النجاح وتردّ كيد الأعداء ..
عُدتُ إلى الواقع .. مازلتُ تحت تأثير كلامها الغريب !
فسألتها :
- وهل تفعل التميمة كل هذا يا خالتي ؟!!
أوه لا أصدق !! إذن فهي مفيدةٌ جداً !!!
أجابت بسرعة :
- بالطبع بالطبع مفيدةٌ جداً ..
ألا ترين جميع أبنائي وبناتي يعلقونها على أعضادهم !! وعلى نحورهم !
إنها هي التي تحميهم وتذود عنهم .. نحن لا نتركها أبداً !!

ابتسمتُ باهتمام :
- أخبريني يا خالتي عن محتوى هذه التميمة حتى يكون لها كل هذا المفعول !!!
ضحكتْ بملء فمها وقالت وهي تضرب كفاً بكف :
- سؤالك أعجبني .. يا عزيزتي .. تُكتب فيه أدعية نبوية شريفة مع شيء من القرآن الكريم ...
قاطعتها باستغراب :
- أدعية نبوية وقرآن كريم ؟!! أليس في ذلك امتهانٌ لها ؟
فالمرء يحملها - على حدّ قولك - في كل مكان !!
إذاً ستكون معه أيضاً حين قضاء حاجته واسنتجائه .. و ...

بلعتْ ريقها بصعوبة و تابعتْ في تجاهل لسؤالي :
- أيضاً يُكتب فيها توسّل بالأولياء والصالحين ..
كما تحتوي أيضاً على أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ..
وتُرسم فيها بعض النجوم وبها كلامٌ بغير لغة العرب ..
توقفتْ أنفاسي وجفّ حلقي .. بدا عقلي وكأنّه سيتّقد ..
رمقتها بنظرة فاحصة ثم قلت :
- هل ما تقولينه صحيح يا خالتي ؟! وهل تريدين مني بعد كل ما ذكرت أن آخذها ؟
أو حتى أعتقد في نفعها ؟!!!!!

تلاشتْ ابتسامتها و انعقد حاجباها ...
- ماذا تقصدين ؟! إنها آمن وسيلة لحياةٍ سعيدة وأفضل علاج للقلق والهم ..
ضعيها تحت وسادتك وسترين ...
إنها ... دخل الزوج في هذه الأثناء بخطواتٍ وئيدةٍ وكأنه كان يستمع إلى حديثنا !
ووضع يده على كتف والدته يطمئنها .. ونظراته تعصف بي ..
- ستأخذها يا أمي فلا تُبالي ..
وستضعها تحت وسادتها أو في أي مكانٍ تريدين !
وإنْ لم تفعل فسأعرف أنا كيف أجعلها تفعل .. لا تقلقي يا أمي !!!

نهضتْ واقفةً وقد عادت ملامح السعادة إلى وجهها :
- حسناً .. أتمنى لكِ نوماً هنيئاً برفقتها .. حافظي عليها جيداً ..
إنها سبب حفظنا جميعاً .. تصبحون على خير ..
ثم .. وضعتْها في يدي وضغطتْ بها باهتمام في كفي .. ثم .. خرجت !!!!
تقدّم الزوج إليّ بتحدٍ ومدّ يدهُ ليأخذها وأنا مشدوهة .. فناولته إياها ! مشى متعمداً بكل امتهان وزهوّ ووضعها تحت وسادتي ..
ثم .. ثم رفع سبابته متوعداً :
- إياكِ ثم إياكِ أن تخرجيها من تحت الوسادة !!
علّها تنفعُ في دفع الحسد والعين التي بيننا !!!!!
ثم ألقى بجسده على الفراش .. ونام ..

وقفتُ أتهادى من فرط الحسرة !! أيّ عينٍ وأيّ حسد ؟ إنه واهم !!
يُعلّل الأمر بهما وما هو إلا خلافٌ عقائديّ دينيّ قوي فحسب !!!
أطفأتُ الضوء .. دسستُ يدي تحت الوسادة ..
أمسكتُ بها بعنف .. كم أخافها !!
سأخرجها دون علمه .. وأضعها في أي مكان حتى الصباح ..
وما كدتُ أفعل حتى ارتفع صوته يخترق الفضاء :
- أعيديها إلى مكانها .. وكُفِّي عناداً ..
وإلا أرغمتك على تعليقها على نحرك !!!!
شهقتُ من الخوف .. لم أتحدث .. وضعتُها في مكانها ..
فاضتْ عيناي بالدمع الغزير ..
حتى اغرورقت وسادتي وأنا أكتم الأنين ..

مضتْ ساعة !! إنه لا يتحرك ! لزمتُ الهدوء .. سمعتُ أنفاسه تنتظم ..
إنه دليل قويّ على نومه ..
أخرجتها برعب .. وضعتُها في أحد الأدراج بجانبي ..
ثم افترّتْ شفتاي عن ابتسامة وارتياح ..
فغرقتُ في نومٍ عميق بعيداً عن الخزعبلات ..
وقبل استيقاظه أعدتها تحت وسادتي ..... و ..... نهضت !!!




وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #37  
قديم 03-10-2005, 12:36 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

صــــراع الحـــــــــق والباطــــــــل



في أحد الأيام جاء أخوه الذي يدرس في المرحلة الإعدادية وعلامات الحيرة والشك تبدو على محياه !!
لفتني منظره وارتباكه ..
كانت الأم تجلس بجانب جهاز التسجيل تستمع إلى أحد أولياء الصوفية وقد خفضت الصوت ..
بينما جلس الزوج وأخته يُطالعان بعض الصحف والمجلات ..
أما أنا فأخذتُ أسرّح شعر الطفلة الصغرى وأداعبها ..
ألقى الصبيّ بحقيبته على الأرض بصورةٍ أثارتْ دهشتنا جميعاً !!!

فبادرتْ الأم بسؤاله :
- ما بك يا بني؟ لِمَ أنت مستاء ؟! هل حدث لك مكروه ؟
تأفف الصبيُّ وألقى بجسده على الأريكة ..
بينما ترك الزوج الصحيفة ونظر إلى أخيه باستغراب فسأله :
- ماذا حدث ؟! ما بك ؟!! هل تشاجرت مع أحد رفاقك ؟!
تركزتْ أنظارنا عليه ..
فقال أخيراً بنفاد صبر وحيرة :
- أشعر بأني أعيش في تناقض تامٍ مع نفسي ..
وفي صراعٍ دائمٍ معكم ومع دراستي للمواد الدينية !!!!
هناك اختلاف كُلّي بين كل منكما !! أنا في حيرة !! ماذا أفعل ؟!
لم أعد أستطع الاستيعاب !!!

نهض الزوج بسرعة وجلس بجانب أخيه واحتضنه بقوة ثم قال :
- وما الذي جعلك في حيرة من أمرك يا صغيري ؟ أخبرني ..
هزّ كتفيه ... ثم قال بشرود :
- هل والد الرسول صلى الله عليه وسلم مات كافراً ؟ وهل هو في النار ؟!
ثار الزوج وزمجرت الأم وصُعقتْ الأخت !! ما هذه الأسئلة ؟!!!
أجاب الزوج غاضباً :
- ماذا تقول ؟!! تباً لهؤلاء الكفرة الوهّابيين !! هؤلاء الضالين !
قاموا بتكفير والد الرسول أيضاً ؟! عليهم اللعنة !!!
أردفت الأم بسرعة :
- قاتلهم الله ! .. إنهم لا يحبون الرسول الكريم فيتقوّلون عليه الأقاويل !
كل هذا هراء وأباطيل يا بني فلا تصدقهم لا تصدقهم ... تباً لهم !!

قال الصبيُّ ببراءة :
- ولكنّ المعلم حدثنا عن ذلك بقوله : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : أين أبي ؟ قال له :
" في النار " فلمّا ولّى الرجل قال له صلى الله عليه وسلم :
" يا هذا أقبل أبي وأبوك في النار " ..
فما مدى صحة هذا الحديث إذاً ؟!!
وقفت الأم بتثاقل تحمل جسدها الثقيل وهي تحتضن ولدها :
- كل هذا هراء يا بنيّ فلا تصدق ! إنما مات مؤمناً !
ولكنّ هؤلاء الكفّار الوهّابيين يشوّهون دائماً صورة النبي صلى الله عليه وسلم في أعين الناس !!
فعلينا الحذر منهم دائماً ومحاربتهم بل ومقاطعتهم !!!
وفجأة ! تذكروا وجودي بينهم فحدّقوا فيّ بنظراتهم الحاقدة .. وكادوا يلتهمونني !!!

فسألني الصبيّ رأيي فيما قيل فوقفتُ أبتلعُ ريقي وشعرتُ بنظرات الزوج المتوعّدة فاستحثني الصبيّ على الإجابة ..
لا بد إذاً أن أقول الحقيقة .. لن أكذب !!
فقلتُ وأنا أسترجعُ أنفاسي :
- لا .. لا أعلم .. ولكن .. ولكن أعتقد أعتقد أن هذا الحديث ...
صحيح رواه مسلم !!! .... و .....
أمسك الزوج حينها بتلابيبي وألقى بي على الأريكة وهو يزمجر :
- صمتاً .. صمتاً .. لا تُفسدي أفكار الصبيّ !!
إنك تكذبين ! لا أريد سماع ذلك مرة أخرى !
إنك تتبعين ذلك الوهابيّ الكافر .. سيرديكِ في جهنم أنتِ وزمرته !!

تدارك الصبيُّ الموقف فسأل الزوج تغييراً للموضوع:
- لماذا يقول المعلّم أن الرسول بشرٌ خُلِق من طين ؟!!
ألم يُخلق من نور وجه الله ؟!
لقد قلتَ لي يا أخي إنه خُلِق من نور الله وأن هذا الحديث صحيح !!!
ولكن المعلم يؤكّد أن هذا الحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولا أصل له في كتب الحديث المعتبرة !!!
آه ما أسعدني !! لقد أشفى هذا الصبيُّ غليلي !
انبسطتْ ملامح وجهي بعد العاصفة الهوجاء !!

ولكن الزوج زجر أخاه بعنفٍ :
- لا تستمع لكلامهم ! فأحاديثهم هي المكذوبة .. ومذهبهم هو الزائف ! وحياتهم حياة كفر وضلال وفسق !!
وثِقْ دائماً بصحة ما تتعلمه منّا نحن ، لا تكن كسواك !!
فنظر إليّ حاقداً غاضباً .. وأخذ الصبيّ معه إلى الحجرة التالية !!!
تبعته أمه وأخته بسرعة ..
يريدون إغراق هذا البريء فيما هم فيه غارقون !! وثملون !!

وقفتُ .. ذهبتُ إلى الحديقة و عينايّ تشّعان حبوراً وسروراً ...
لا بُدّ للحقّ يوماً أن ينجلي ولو على يد هذا الصبيّ الصغير !! عُدْتُ إلى الصالة وقد عادوا إليها قبلي !
الكل قد لفّه الصمت والوجوم .. وهم يفكّرون في الحقائق القوية القادمة إليهم من .. الوهّابيين !!!




وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
  #38  
قديم 04-10-2005, 05:16 AM
العنود النبطيه العنود النبطيه غير متصل
سجينة في معتقل الذكريات
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,996
إفتراضي

__________________



ودي امــــــــوت اليوم واعيش باكـر
واشوف منهو بعــد موتــــي فقدنــي
ومنهـــو حملني لين ذيـــك المقابـــر
واشكــر كــل من كرمنـــي ودفــنــــي
شخـــص تعنالـي مــع انـــه مسـافـــر
شخصـن قريب للأٍســـــــــف ماذكرني
ومنهـــو يرتــب غرفتــــي والدفاتـــر
وان شاف صورة لي صاح وحضني

http://nabateah.blogspot.com/
الرد مع إقتباس
  #39  
قديم 04-10-2005, 06:22 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

إقتباس:
الرسالة الأصلية كتبت بواسطة العنود النبطيه

( )...!!
الرد مع إقتباس
  #40  
قديم 04-10-2005, 06:35 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

قــــــــرار التحـــــــدي


وفي المساء .. أغلقتُ حجرتي وهبطتُ إلى الأسفل ..
بعد أن انتهى الزوج من ارتداء ثيابه استعداداً للذهاب إلى وليمة قريبه الخائن !
وقد جزمتُ في قرارة نفسي أن أرفض طلب الدخول إلى الرجال الذين سيجتمعون اليوم وكل يوم مع النساء .. ولو كلّفني ذلك حياتي !!
فليقتلني إن شاء !! فليصلبني إن أراد !! لا رجعة في قراري !!
قُدّم الطعام في ذلك المجلس الذي خلا من اللباقة والأدب و الاحترام !!
وعلّلتُ عدم دخولي إليهم منذ البداية بأني مُنشغلةٌ مع النسوة في إعداد هذا الطعام !! ..

ثم اجتمعتْ النساء بالرجال فسمعْتُ بعضاً من الأحاديث الجوفاء المتبادلة !!
وترددتْ في مسامعي صدى الضحكات الخرقاء المتعالية !!
وبعضاً من الطرائف النوادر السخيفة !!
أما أنا !! فقد قبعتُ كطائرٍ أسيرٍ في إحدى الغرف أنتظر مصيري المجهول خلال الثواني الباقيات !!!
ابتهلتُ إلى الله أن يكون خير معين لي على قراري ..
و والله ما عشتُ قطُّ موقفاً أقسى ولا أعنف من موقف تلك الليلة التي خفتُ فيها وروّعْتُ منه .. و.... منهم !!!!!
فجأةً .. سمعتُ أصوات الجميع مع تباينها تسأل عني وتنادي ...!

لفّني الصمتُ و اكتنفتني الرهبة وأطبقا على قلبي !!!
فشعروا جميعاً بأنني أمتنع عنهم ..
فتبادلوا النظرات الغضبى .. ثم .. ركّزوا تلك السهام الحانقة على الزوج ينتظرون منه تفسيًراً لما يجري !!
سرعان ما جاءتْ أمّه إليّ تركض وتطلب مني الانضمام إليهم .. فاعتذرتُ لها بأنني متوعّكة ..
ثم بأنني لم أعد أستطيع المجيء إليهم .. وتمنيتُ لها ولهم طعاماً هنيئاً !
وأني سألحق بالنسوة بعد ذهاب الرجال !

عبثاً حاولتْ تثنيني عن قراري ! فتغيّرتْ تعبيرات وجهها عندما قالت :
- إن زوجك غاضب وأعصابه هائجة وكأنها بين أصابع الشيطان يعبث بها !!
وأخشى أن يخطئ معك أمام الجميع !! استعيذي بالله من الشيطان وشاركينا المجلس والطعام ..
رفضتُ بأدب .. ورجوتها ألا ترغمني على ذلك فأنا ما خُلقْتُ لهذا أبداً !! .. ثم ..
ذهبتْ تضربُ كفاً بكف وتطلب الرقية من أوليائها الأموات !!!
بينما دخلتْ أختُه تقنعني بالدخول .. وأن التوتر يسود المكان !!!
والجميع بانتظاري .. فيجب ألاّ أفتعل مشكلة !!
أجابتها دمعاتي الحزينة وقلبي الذي كاد يتفطر خوفاً منهم ..
- لا أستطيع .. لا أستطيع الدخول على هؤلاء الرجال أبدا !
أنا أخاف من الله ! أخجل من الأمور التي تحدث بينكم فدعوني أرجوكم ..
أتوسل إليكم لا تجبروني على الذنب والمعصية !
اتركوني سوف يطعمني الله ويسقيني برضاه ورحمته ..
أنا لم أخلق لأخلع حيائي وخجلي بهذه الصورة البشعةٍ ..!

يا رب أين الزوج الملتزم ؟! الذي طالما حلمتُ به !
الذي طالما حلمتُ بأن يُعايش واقعي ؟!
أين مؤدي الصلاة في المساجد ؟
أين الرجل الغيور الذي يغضب ويثور عندما يُعتدى على حدِّ من حدود الله ؟
أين الرجل الذي يرحمني ويقدرني؟
يرحم امرأة ضعيفةً جُلّ طلبها منه أن يحفظها ويصونها عن أعين الرجال ؟
أين الرجل الذي يدفع حياته ثمنا للحفاظ على محارمه والخوف عليهم ؟!
أين وأين ؟!
رباه لقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبتْ !!
وعندما طال انتظارهم غير المتوقع لي ..
غضبوا فقلبوا أواني الطعام رأسا على عقب ولم يتذوقوا منه لقمة واحدة!

كل هذا وأنا أتهاوى كما ريشةٍ ضعيفة رقيقةٍ تعبثُ بها العواصف الهوجاء ، وكما طفلٍ غريقٍ تتقاذفه الأمواج
في كل صوب واتجاه !! وحدي !! ..
لحظاتٌ مرتْ عليّ وأنا أسمع صراخهم وغيظهم وقد ملأ الأرض !
أيقنتُ خلالها أن كل فرد منهم قد حمل ساطورا وسكينا وهب لتشريحي وإذاقتي ألوان التنكيل والعذاب !!
بالطبع .. فأنا أخالفهم ملة ومذهبا !
يا وليتي ماذا هم بي فاعلون ؟! رباه لا ملجأ لي منهم إلا إليك !
اللهم لا تكلني إلى نفسي أو إليهم طرفة عين !
اللهم فكل هذا من أجل رضاك ومغفرتك !
اللهم قد ضاقت الدنيا بما اتسعتْ وشملتْ .. فاجعل لي من ضيقي فرجا ومن همي وبلائي مخرجا !!!!
رباه رباه رباه .. الويل كل الويل لي !
سوف يتفننون في إيذائي .. فأنا وحدي وهم كُثر !!

ثم .. هاج المُضيف الوغد بصوتٍ عالٍ بأنواع الغضب :
- دعوها .. إنهم قومٌ يتطهرون !!!
اتركوها تشبع من الطعام بمفردها !! نحن لا نرغب في الطعام ..
نخشى أن تكون بنا نجاسةٌ أو قذارةٌ فنفسده ..
فلا تستطيع هي أن تأكل الطعام !!!
قام الرجال جميعا من على المائدة وكأن غضب الدنيا يعبثُ بهم مني !!!!
قرابة ثلاثة وعشر رجلا وامرأة !!
فخيم سكون مُعذب قاتل على جميع أرجاء المنزل !!!

خاطبتُ نفسي بما تبقتْ لي من أنفاس:
- هل أخطأتُ ؟ هل أبادر بالاعتذار ؟! هل عملتُ منكرا عظيما ؟! هل ارتكبتُ كبيرة لا تُغتفر؟!!
مَنْ الذي يحق له العُتبى والغضب ؟! بل والتحطيم والتدمير ؟!!
ما للموازين مٌضطربة؟! أين الخطأ وأين الصواب ؟!
يا رب .. أنت تعلم أني أكابد من أجل إراحة ضميري ووازعي الدينيّ ..
أما هم فإنهم يكابدون من أجل نزواتهم ووازعهم الشيطاني !!!
ربما أخطأت ! لم أعد أعرف ! ماذا أفعل ؟ هل .. هل أهرب ؟!
لقد فعلوا بي ما فعلوا ولم أرضخْ ولكن الله يشهد أنه لم تتبقّ لي ذرةٌ من مقاومة ! فهذه الأخيرة من نوعها !
فلا يمكن أن أصمد أكثر من ذلك !!

نعم .. أشعر بحناياي تضطرب .. وجوانحي تتأرجح .. و..
سمعتُ صوت والدة الزوج .. وزوجة المُضيف الوغد تنادياني بصوتٍ وديع !!
ولكنه مملوء بشتى صنوف الغيظ الممزوج بالرغبة القاتلة في السحق!!
وبابتسامة كاذبةٍ من كلٍ منهما قالتا:
- تفضلي.. تناولي .. الطعام . بالهناء ... والعافية ..
نظرتُ إلى الطعام المقلوب رأساً على عقب !! سرى الشلل البطيء في قدميّ ..
جلستُ ونظراتي المرتعبة وقلبي الذي ران عليه الانفطار ينتظران حكماً أكيداً بالإعدام!! ..
فتبادلتْ المرأتان النظرة ذاتها وعلَّقتْ المضيفة :
- ما السبب في اعتقادك يا أم .......... في غضب الرجال بهذه الصورة الوحشية ؟!
آه .. كم أحقد على صاحب السبب !!
كنا جميعاً ننعم بالسعادة والبهجة ولم تحدث بيننا مُشاحنات أو خلافات
إلا منذ فترة وجيزة !!
فما السبب يا ترى ؟! أهي عينٌ أصابتنا ؟ أم تُراها فتنٌ وقلاقلُ زُرعتْ بيننا !!
مَنْ هو الذي قلب حياتنا وعبث بها ؟ مَنْ صاحب العقل المتحجر الذي لا يلين ؟!!

أجابت الأم بغيظٍ مكظوم :
- نعم نعم ... الحق كلّ الحق معك .. كنّا في سعادة غامرة ..
لا أعرف مَنْ صاحب هذه الفتن والمشاكل ..
وليس لنا إلا أن ندعو عليه ليل نهار حتى يدفع ثمن ما نحن عليه !!
قاتله الله !!
إنهم يقصدونني بلا شك !! أنا المعنيّة بكل ما تقولان !!
لزمتُ الصمت .. ربي .. ديني .. أهلي ..
كرامتي وكبريائي المنزوفتان المُراقتان !! وقاري وحشمتي عفافي !!
صرخ الزوج بي أمام الجميع بعدما اجتمعوا معه لتفكيك ثقتي بما أعتقد :
- هيا انهضي .. سنذهب إلى المنزل الآن ونتفاهم هناك ..
الويل لكِ .. لقد تخطيتِ كل الحواجز القيود !!!

نظرتُ إلى القوم بتمهل وكأني أودعهم !!
فرأيتُ الشماتة والتشفّي تتراقص بفرحٍ على تعبيرات وجوههم !!!
أدركتُ بفرح أنه لا مجال إطلاقاً للاتفاق بيننا ..
وعزمتُ في قرارة نفسي على الرحيل الأبدي !!!
لكل إنسان طاقة ! وقد كُلفتُ معهم ما لا طاقة لي به !!
لم أعد أطيقُ صبراً !
تعبتُ وأنا أناضل .. هذا ليس ما أدين به !!
وقف الجميع في وجهي .. وأنا كالطائر الجريح كسير الجناح ..
أقاتل وحدي ضد جوارح قوية مُتعاضدة !!



وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م