مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السياسية
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 01-06-2006, 08:05 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي في إشكاليات النخب و الطلائع

في إشكاليات النخب و الطلائع ..

تهيم عقول أبناء الأمة في واقعها ، و يجتهد كل فرد ضمن مجموعة ما أو كفرد وحيد سولت له نفسه أنه هو الوحيد الذي يعنى بما يدور حوله .. وتكثر الأفكار المطروحة ، وتكثر نقائضها .. ويزيد الهيام و الأسى في نفس أبناء الأمة ، هل وصلنا الى طريق مسدود أم أن هذا قدرنا منذ القدم ..

يكون هناك في أمكنة كثيرة ، حيث يتعايش أصناف كثر من الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية و المعرفية ، أناس لا يتورعون عن جلد ذات الأمة ، فيسفهون أي تاريخ لها يحمل نقاطا مضيئة ، فيردونه إما للصدفة و إما لهزل الأمم التي كانت تعيش في تلك الأيام ، ومنهم من يردون النقاط المضيئة لشعوب اعتنقت الإسلام و دخلت فيه ، فغطت بما تملك من خبرات حضارية ، جانب الظلام الذي عاشت به أمتنا .. فكسبت أمتنا مجدها من أفعال غيرها من الأمم .

ومنهم من يعيد الازدهار و التطور الذي أضاء للأمة طريقها ،الى الإسلام الذي فجر طاقات الإبداع لمن دخل فيه .. وعندما ابتعد الحكام عن الإسلام ، فلتت قبضتهم عن القدرة على إدارة دولتهم ، فتفككت و انتشر الفساد والشرذمة ، وسبقتها باقي الأمم ، حتى تعمق الشعور في انعدام الوزن لدى أبناءها و حكامها ، على حد سواء فاستسلمت لمشيئة الأجنبي .. وحاولت أن تبقي على مسافة منه تبرر فيها دونية الأمة وعدم جدارتها بالنهوض .

وحتى نناقش تلك المشكلة ، والتي يبدو أنها هي أس معظم المشاكل الفرعية الأخرى ، فعلينا أن نقف عند ثلاث مصطلحات وردت في هذه المقدمة ، وهي : الأمة و الطليعة و النخبة .. وهي مصطلحات بالرغم من أنها أصبحت من المصطلحات الممجوجة و المبتذلة إلا أنها ، لا زالت تتخذ موضع صلب الخطاب السياسي والثقافي لدى الجميع ..

الأمة :

يبدو أن مصطلح أمة قد نال في لغتنا العربية ، نصيبا لم يناله مثل هذا المصطلح لدى الكثير من اللغات العالمية .. فهي إن لم تشرح ويتم تبيانها ، تقفز للخيال فكرة أناس يعيشون في مكان ما ويتكلمون بلغة واحدة أو يفهموا لغة ما يتكلم به الجميع ، ويحلمون بمستقبل متشابه ، ويتذكرون تراثا واحدا يحتكمون إليه في التعبير عن القيم الجمالية و الأخلاقية والحضارية ..

ونحن إذ حاولنا تطويع أنفسنا على القبول بهذا التعريف ، فإننا سنضع أنفسنا فيمن يتكلم عن القومية ، وهنا سنفتح أبوابا من عدم القبول ، لمن ينكر وجود تلك القومية أو حتى فكرتها ، ضمن منظور نخب التفكير اليساري ( الشيوعي) ، ولن نسلم من مناوشة من يدعون الى توسيع فكرة الأمة ، لتصبح أمة إسلامية ، تشمل من يعيش في شبه جزيرة الهند وشبه جزيرة العرب وحتى تطال كل من يعتنق الإسلام في تركيا والسنغال و موزامبيق ..

ونحن لم نطرح هذا الموضوع إلا كمحاولة ، للخلاص من تلك الإشكالية العامة والتي تفلسف رؤية المنادين بالاكتفاء بما نحن عليه من حالة الشرذمة والقطرية ، طالما لم تحسم مسألة فهم الأمة .

لقد ورد لفظ أمة في القرآن الكريم ، في عدة أماكن ، لو تمعنا بها لاهتدينا لمفهوم الأمة لغويا ( على الأقل ) ..
1 ـ { ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين} النحل 120
2 ـ{ ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون} الأنبياء 92
3 ـ {ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امراتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير} القصص 23
4 ـ { وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون} الزخرف 23
5 ـ {فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} النساء 41
6 ـ {وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون} الأنعام 36

7 ـ {ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون} الأعراف 159
8ـ {وقطعناهم اثنتي عشرة اسباطا امما واوحينا الى موسى اذ استسقاه قومه ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وانزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا انفسهم يظلمون} الأعراف 160

نكتفي بهذا القدر من الآيات الكثيرة التي تذكر لفظ أمة .. ونلاحظ في الآية رقم (8) من الآيات أعلاه .. أن السبط أصبحت أمة ، ونلاحظ في الآية (7) أن من القوم برزت أمة يهدون بالحق .. ونحن نعرف لغويا أن الأمة أوسع من القوم .

وفي الآية رقم ( 1) .. كان إبراهيم ( أمة ) .. وهو فرد ! .. أما في الآية رقم (3) .. ولما ورد ماء مدين وجد عليه ( أمة ) .. أما في الآية (6) وما من دابة الخ الآية .. فتساوت الدواب مع البشر في مسألة الأمة ..

لنترك هذا الجانب قليلا ، ونعود لجذر (أمَ) وهو قاد و إمام المسجد أو القوم هو من يقودهم ، و أمه فلانة .. أي التي بدأت به الحياة وولدته .. إذن ، فخط السير أو البداية ، الذي يبتدئ عنده مجموعة ، هو ما يميزهم عن غيرهم ..

لقد اعتبر ابراهيم ( أمة ) لأن من تبعه الى يوم الدين ، فهو من أمته ، ومجموعات النمل أو النحل التي تختط خطا في حياتها هي أمة .

نحن عندما نسمع أحدا يقول أن هناك أمة إسلامية ، فهو محق ، عندما يتعلق الأمر بالانصياع لتعاليم الدين الإسلامي .. وقد تجد مجموعة في الصين من المسلمين لا يساوون واحد بالمائة من مجموع الصين ، فهم من الأمة الإسلامية عندما يتعلق الأمر بدينهم ، وهم من الأمة الصينية ، عندما يتعلق الأمر بهويتهم القومية ، أو الوطنية ..

وعندما يقول أحدهم أنه من أبناء الأمة العربية ، تتطاير اعتراضات هنا وهناك من جهات مختلفة ، في حين و إن كانت اعتراضات من يعترض لها وجاهتها فإن كلامه أيضا له وجاهته .. فالأرمني الذي يسكن بين العرب هو أرمني من ناحية القومية ، وهو عربي من حيث الفضاء الذهني الوطني والتراثي .. تماما كما يكون اليوناني أو الكوري الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ، فهو يوناني وكوري ، وهو أمريكي .. و ( أمريكو فسبوشي) الذي نسبت إليه اسم قارتين وهو شخص ( فرد ) .. لا أظن أن نستكثر على الأمة العربية ، أن تحمل هذا الاسم و دورها فاق كثيرا دور أمريكو فسبوشي ..

يتبع
__________________
ابن حوران
  #2  
قديم 03-06-2006, 03:20 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مصطلح الأمة بين التفاخر الفضفاض والواقعية المفقودة

قد يحدث أن يعلو صياح أحد أبناء حي ما في بلدة ما ، مهددا ومنذرا ومعربدا ، ظنا منه أنه بين عصبيته و أهله ، فيستمد قوته منها و يتعالى صوته ، حتى يبرز إليه من يتحداه ، وقد يكون أقوى منه أو معه من يعينه ، فيوسعه ضربا ويطرحه أرضا ، فيكتشف صاحب الصوت العالي أنه خذل ، ولم ينصره أحد ، فيكظم غيضه ، ولكنه يبقي على جذور مبررات صوته العالي ، وقد يستخدمها في مناسبة أخرى ، ظنا منه أنه قد عالج سبب الخذلان الأول ..

كما أن للبيضة حدود ولقطعة الأرض المملوكة من قبل مالك حدود ، فإن للجماعة حدود ، وبما أن الأمة هي جماعة بمفهومها العام فإن لها حدود ، وحدودها تتشكل بالقدر الذي يلتزم أفرادها بالإيمان المحوري الذي تشكلت منه جماعتهم ( أمتهم ) .. وبقي أفراد تلك الجماعة على جاهزية كاملة في الدفاع عن مفهوم تماسك جماعتهم و تحويل ( الإيمان ) الى إجراء دائم ..

إن الجماعة التي تصلي صلاة الجماعة وراء إمام ، تلتزم بالإشارات الصادرة منه ، وتكتسب صفة الجماعة ، طالما أنها التزمت بقيادة الإمام لها ، وتأخذ صفة جماعة حتى لو كان المصلين ثلاثة .. وهذا ينسحب على فصيل عسكري أو وفد تفاوضي أو كتيبة أو فيلق أو جيش أو أمة أو أممية ( إسلامية ) أو (شيوعية ) .. فطالما أن هناك إمام واحد ( قائد ) .. فمن يتبعه هو أمة ..

لكن إذا استخدم مصطلح أمة ، ولم يكن سلوك الأفراد ، الذين يفترض أن يكونوا بإمرته ، بما يقول أو يصدر عنه من أوامر .. فإن استخدام المصطلح هنا لا يعدو ظاهرة التفاخر والتباهي ، ومحاولة للتذاوت الوجداني لا أكثر .. وقد يكتسب نقطة واحدة لصالحه في هذا المجال ، بأنه يصلح أن يكون فضاءا يضخ به النشاط الذهني ليحوله من حالة المفاخرة الى حالة العملياتية ، التي يستحق عندها أن يكون فيها مصطلح الأمة معبرا عن حالة جماعة حقيقية طبيعية ، تتحرك بتناغم مع ما يقول أفرادها في مجال التباهي ..

عندما كان القائد (الفتى ) محمد قاسم الثقفي ، يخوض حربه في هضاب الصين ، كان هو وعسكره و جنده يستندون الى مفهوم الأمة بشكليها المتطابقين التفاخري و الحقيقي (العملياتي ) .. وعندها كان مفهوم الأمة الإسلامية ، يستحق النظرة إليه كمصطلح معبر عن الحالة التي ينشدها الكثيرون هذه الأيام في صورة الأمة ..

ولكن عندما تداخلت الأوامر، لتجد في مساحة معينة تنسب كلها للمسلمين ، ولكن قادتها متنافرون كما في عهد تزامن دولة بني عباس و الدولة الأغلبية والدولة اليعفرية و الدولة الفاطمية والدولة الأندلسية وغيرها من الدول الكثيرة التي تعايشت في زمان واحد .. فإن مفهوم الأمة الإسلامية ، ليس له أي معنى إجرائي ، والكلام به أشبه بمن يصف البشر الذين يحملون زمرة دم (A) .. فقد تجد منهم بالمكسيك والهند وروسيا ، ولكنهم لا يشكلون جماعة لها أي قيمة عملياتية ..

وهذا الكلام وإن كان يعني بأتباع ديانة معينة ، ونحن لم ندخل في الطوائف والمذاهب و التي تتصاعد الخلافات فيها لدرجة قد تتساوى مع الحالة العدائية التي تكون بين أتباع الديانات الأخرى ، وأمثلة الصراع بين أتباع الطائفة الأرثوذكسية و البروتستانت ، أو الشيعة و السنة ، وغيرها من الصراعات الطائفية المعروفة على مر الزمان ..

أما الجماعات الأممية السياسية ، التي تم إيجادها على هامش مفاهيم الحداثة التي حاذت الثورة الصناعية في أوروبا ، فإن الخلاف فيما بينهم قد تخطى حجم الخلاف فيما بين أبناء الديانات و الطوائف .. ونتذكر الخلاف الصيني السوفييتي والخلاف السوفييتي واليوغسلافي و من قبله خلاف تروتسكي مع رفاقه .. ونتذكر كيفية إلغاء فكرة ديكتاتورية البروليتاريا في كل من إسبانيا و إيطاليا وغيرها .. وهي خلافات ، تشير الى تنصل جماعات من تبعية الالتزام بفقه نظري لقيادات ، تم التشكيك في استحقاقها للقيادة على من تخلى عن التبعية .

إذن ألا يحق لنا أن نسأل عن جدوى صيحات القومية و صيحات الأممية و صيحات الدعوة لنشوء أو استعادة تكوين أمة الإسلام .. وان كنا نستهجن مثل تلك الصيحات ، فهل هذه دعوة للركون للحالة القطرية ، والتي هي الأخرى أصبح وضعها غير مأمون البقاء ، فالشرذمة والتفكك يهددها من كل صوب ؟

يتبع
__________________
ابن حوران
  #3  
قديم 05-06-2006, 12:49 PM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
إفتراضي

بارك الله فيك وكثر من أمثالك أخي إبن حوران... فانت مكسب للمنتدى بحق

متابعين بقية موضوعك ... لاعدمناك
__________________
  #4  
قديم 06-06-2006, 02:41 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أشكرك أخي غيث على الاهتمام والكلام الطيب

لك احترامي و تقديري
__________________
ابن حوران
  #5  
قديم 06-06-2006, 02:42 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الصراع والتصالح سمتان تتعايشان مع كل الأمم

منذ عهد آدم عليه السلام ، والتنافر يعيش داخل النفس البشرية ، وهي سمة ضرورية لديمومة الحياة ، بعد أن كانت إرادة الله في دفع الناس بعضهم لبعض ، وذلك من أجل أن يؤجر الملتزم و يعاقب المسيء .. والتنافر يؤدي الى جدلية وتطوير وابتكار لكل ما يضمن درء الأخطار و استمرار الحياة ..

في الأسرة الواحدة ، تجد أن الزوج والزوجة حتى لو كانا بلا أطفال ، يعيشان في مساحة يختلط بها الرغبة في بقاء العلاقة و رغبة في إنهاء تلك العلاقة ، حب و كره ، صفاء و كدر .. وقد تستمر الحياة و التعايش بين الزوجين حتى موتهما و بهاتين الثنائيتين .. و إذا ما رزقوا بأبناء ، سيحدث بين الأبناء حالات متشابهة من الثنائيات المتنافرة .. وإذا خرجنا الى الحي و البلدة والأقطار و الأمم فإننا سنجد تلك الثنائيات متلازمة .. وتستمر الحياة .

في موضوع التنافر داخل الأسرة ، تتكتم الأسرة عن تبيان حالات التنافر فيما بين أفرادها ، وتظهر جانب المودة و الصفاء ، وهي نظرة لا تخلو من مصلحة ، حيث لا تفرح الأسر في أن يتداول الآخرون أخبارها السيئة ، فهذا سيؤثر على علاقات الأسرة المستقبلية ، ويجعلها غير مرغوبة في إقامة علاقات طبيعية مع غيرها من الأسر ..من الإقبال على خطبة بناتها أو قبولهم عندما يخطبون لأبنائهم الذكور .. و كذلك لعلاقات كثيرة لسنا في صددها ..

عند العشائر ، تحدث خلافات كبيرة بين أبناء العشيرة ، ولكن القائمون على العشيرة يحرصون كل الحرص على عدم تبيان تلك الخلافات ليبقى جانب العشيرة في هيبته ، سواء كان في غزوها كما في الماضي السحيق ، أو في اتفاقها على موقف انتخابي في العصر الراهن ..

عندما تتكرر هفوات فضح خلافات الأسرة أو العشيرة ، فإن خطابها الخارجي سيصبح باهتا و ضعيف التأثير ، وستقع في المخاطر التي حرصت على عدم الوقوع بها من خلال التستر على جزئياتها الداخلية ..

في الأمم ، تتشابه الحالات الإثنية فيها ، فتجد أن في سويسرا و إيران و بلجيكا و جنوب إفريقيا ، خليط ضخم من الإثنيات القومية ، يفوق ما لدى الأمة العربية ، وفي بلاد كالولايات المتحدة الأمريكية ، فإن هناك عاملا إضافيا ليس في صالح الأمريكان كأمة موزائيكية ، ومع ذلك فان تلك الأمم لا تعاني من وقع سيء لمصطلح أمة كما نعاني منه نحن العرب ..

إن القوة و حرص قياداتها على التكلم باسمها و هي قوية ، يغطي على كل عيوبها التفصيلية الداخلية .. في حين أن الأمة التي تعاني الوهن و الضعف ، ستلعن و تشتم عندما تذكر باسمها من قبل أعدائها ، ومن قبل أبنائها أيضا .. فكم نصادف في صالونات الحلاقة ، شبابا يلعنون انتمائهم للعرب ، وكم نصادف أناسا عندما يذكرون ظاهرة فاسدة أو غير أخلاقية ، فإنهم يتبعون سخريتهم بكلمة ( عرب ! ) ..

إن اهتزاز صورة العرب كأمة ، نابع من تقطيع تسلسل تاريخها زمنيا ، وتسلسل بقاع أقطارها جغرافيا ، فهي في ذاكرة أبنائها تمتد من الصين الى الأندلس .. جغرافيا ، ولكنها تعيش واقع قطريتها ( البحرين ، جيبوتي ، لبنان ، الأردن ، تونس ، الكويت ) .. الخ .. وتجد في دساتير بعض تلك الدول ، أن الدولة جزء من الأمة العربية ، وبنفس الوقت تسمي برلمانها بمجلس الأمة !

و إذا عدنا للتاريخ فيهجم من يكره على الأمة اسمها ، عندما يذكر له دولة ابن طولون و الأخشيدي و الزنكي و المماليك ، والعثمانيين ، و الإليخانيين ، وغيرهم من الدول الكثيرة التي لا تمت للعروبة بصلة .. ستجد أن من يدعوا للحكم الإسلامي تبريرا سريعا ، مستفيدين من نص قرآني ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات 13 .. أو حديث ( الناس سواسية كأسنان المشط .. لا فرق بين عربي و عجمي إلا بالتقوى ) ..

في حين يتندر اليساريون بكل ذلك ، ويقولون إن دورة السيطرة ، لا علاقة لها بالدين ، فقد ساد الرومان و الإغريق ، كما ساد المغول ويسود الآن الإمبرياليون الأمريكان ..

إن تقطع أوصال المحورين السيني و الصادي للأمة العربية ، و إصرار أبنائها على التمسك بهما لتبيان إحداثياتهم للتركيز على الهوية ، أصبح عبئا إضافيا لم تمر به أمة على وجه الأرض ..

فإن كنا ، هنا ، نشير إلى محاولة رسم ساحة وميدان تكوين الخطاب السياسي المستقبلي ، في التأشير على المعنيين بهذا الخطاب ، فإن الحديث لن يكتمل إلا إذا تناولنا المصطلحين الآخرين ( النخب و الطلائع )

يتبع
__________________
ابن حوران
  #6  
قديم 08-06-2006, 02:57 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

النخب و الطلائع :

النخب هم الأفراد الذين يبدعون و يتفوقون في بعض المجالات ، ولكنهم غالبا ما يكونوا فرادى ، لا تربطهم روابط مع جماعات معينة ( اصطناعية ) و بعد أن يذيع صيتهم أو يثبتوا قدراتهم المتفوقة ، قد يستدعوا للمشاركة في الحكم ، أو تتقرب منهم بعض الحركات السياسية و المدنية للدخول فيها ..

والطلائع ، هي مجموعات تصدرت حركة جماعات ، أنشئت حول محور فكري ، فانبثقت تبشر بهذا الفكر بين منظمات المجتمع المدني ، أو في صفوف الشعب أو التنظيمات العسكرية ، فالسابقون من تلك الحركات ، يسمون طلائع ..

في كل مجال هناك نخب ، فتختار الجهات الرياضية منتخبا يمثل البلاد ، من رياضيين مبدعين محترفين .. وتشكل جماعات الفن والآداب والفكر والعلوم نخبا مهمة في كل بلد من بلاد العالم .. و عندما يكثر هؤلاء على مر التاريخ ، يزينوا رصيد بلدانهم بنجوم سطعت ، ويسهموا في حبك النسيج الفكري للمجتمع والتمهيد للبناء فوقه ، و لا تستنكف الدولة عن الاعتراف بأثرهم و إبراز أدوارهم ، حتى لو سبقوا عهد تلك الدولة ، أو لم يكونوا على اتفاق كامل مع ما تلتزمه الدولة من خط فكري .. كما الحال في كتاب روسيا و موسيقييها قبل الاتحاد السوفييتي ، وكما يحدث في بلادنا العربية ، ( احمد شوقي ونزار قباني وبدر شاكر السياب و سليمان العيسى ) وغيرهم ..

عندما تجنح النخب الى الكلام في السياسة ، فإن من يمتدحها و يبرز دورها ، هم من آمنوا بمقولاتها السياسية ، في حين تلاحق و تنسج حولها الأقاويل لترميها بأسوأ الأوصاف ، إذا لم يكن كلام تلك النخب ، لا يرضي من هم في الحكم أو من يعارضوا تلك النخب .. فلذلك إن جر تلك النخب أو انجرارها للكلام في السياسة ، أو العمل ضمن أجهزة الدولة ، سيحرم المجتمعات التي تعيش فيها من معين دائم لرفد المخزون الفكري للمجتمع ..

لذلك نجد كلاما خالدا لابن المقفع ، وابن خلدون وابن رشد و فيكو و ديكارت ، ونجد لغطا كبيرا حول الجواهري و مظفر النواب و شاذل طاقة ، وقبلهم ماركس وإنجلز .. وان كانت طول المدة ستعيد إنصاف من تم القدح به في زمن حياته .

في وضع الطلائع ، يكون الضوء المسلط على رمز الحركة التي تنبثق منها الطلائع ، يغطي على باقي الأفراد ، وهذا يتم في الحركات السياسية الكبرى ، حيث تنسب كل المقولات السياسية لقلة قليلة من الطلائع ، و أحيانا تختصر في شخصية واحدة ، كما حدث عند الصينيين ( ماو سيتونغ و شوان لاي ) والفيتناميين ( هوشي منة و جياب ) والكوريين ( كيم إيل سونغ) و السوفييت بمجموعة محدودة (لينين ، ستالين ، خورتشوف ، بريجينيف ، جروميكو ، بودغورني ، جورباتشوف ).. رغم وجود الآلاف من تلك الطلائع التي أسهمت مساهمات كبرى في مشاغلة العالم بأسره .. وهذا ينسحب على حركات التحرر العربي في مختلف أطيافها ..

هل هموم النخب و الطلائع تمثل هموم المجتمع ؟

تدخل أحيانا (كنقابي) ، انتخابات عامة لنقابتك ، فتجد أن القائمين على تنظيم الانتخابات هم بالعشرات أو بضع مئات في أحسن الأحوال ، في حين يكون من يحق لهم التصويت ، عشرات الألوف من النقابيين المنضويين تحت اسم تلك النقابة ، ومنهم لا يعلم فقه تلك الانتخابات ، ومنهم لا يعلم الفرق بين النقابة والنادي ، ومنهم من يجر جرا للانتخابات ، أو يحمل على نفقة غيره ، ومنهم من تسدد عنه الاشتراكات ، نظير الإدلاء بصوته لمن يسددها !

ومع ذلك فإن العشرات التي تنظم الانتخابات ، والتي غالبا ما تنقسم الى قسمين أو ثلاثة في أحسن الأحوال ، تزعم أنها تتكلم باسم عشرات الألوف من النقابيين ، الذين بقوا منضويين تحت لواء النقابة ، للتكيف مع قوانين دولتهم التي لا تعطيهم إجازة مزاولة المهنة إن لم يكونوا قد سووا أوضاعهم المالية مع نقاباتهم !

وعندما يغمز أحد الكتاب بهشاشة هذا الحشد و عدم قوته ، ويستكثر على من يتكلم باسمه ، هذا السلوك ، فإن من يقومون بتنظيم الانتخابات ، سيردون ذلك الغمز ، بغمز في جانب الدولة ، حيث يقولون : وهل الحشود المرغمة على التصفيق للدولة ، كلها مؤمنة بفقه الدولة و سياستها ؟

والأدهى أنك ستبحث عن الآخر ، الذي يبقي جانب التوتر في أداء تلك النقابات لتتلمس ، جدارة تلك النخب أو طلائعها ، فيحتار دليلك ، حيث ستلقى أن الأطباء أو المهندسين أو الممرضين أو الجيولوجيين أو الصحفيين ، قد يكون كل من نزل في قوائم المرشحين ، هم من موظفي الدولة ، وأحيانا قد يكون النقيب هو الرجل الثاني في الوزارة !

أين الآخر في الخطاب ، وأين قوة حالة إحداث التوتر ؟ .. سيجيبك من آمن بهذا النهج : بأنه ليس المطلوب أن يكون هناك آخر ، بل يكفي أن يتم تنظيم المهنة ، وعدم إتاحة المجال للمخادعين أن يتسللوا إليها و إيذاء المجتمع !

فنقابة الحلاقين ، ليس بها آخر ، حتى الزبون فإنه سيقيم أمام الحلاق بضع دقائق ، كما يقيم في المطعم أو الفرن ، وقد لا يعود ، ولكن النقابة هي لضبط أبناء المهنة ، وليس تحشيد من ينتمي لها من أجل إحداث معركة !

ستجد هؤلاء النخب ، تحتل في عينة من الوقت ، مقاعد برلمانية ، وستجدها تكتب على صفحات الجرائد ، وتخرج على شاشات التلفزيون ، وتتكلم معطية لنفسها وزنا ، مشكوك فيه بكل تأكيد .. فقد احترفت فكرة البقاء كنخب ، تسلط عليها الأضواء ، وتبقى في حالة إشباع ( لتوكيد الذات ) لديها .. وتحترف بنفس الوقت فكرة إحباط وصول نخب جديدة لاحتلال مكانها ..

لقد استلهمت النخب العربية ، خبرات الحكومات العربية ، و احترفت التعايش مع تلك الحكومات ، فأصبحت كأنها خط دفاع ثاني عن تلك الحكومات ، و إن اختلفت معها بين حين و آخر على مسألة هامشية ، لا تعيش في ذاكرة المواطن ، حتى أن ذلك المواطن قد غسل يديه من فكرة جدوى تلك النخب ، كما غسل يديه سابقا من فكرة جدوى الإصلاح الحكومي عند الحكومات العربية .. فباتت الحكومات العربية والنخب العربية إطارين لصورة لا تنتمي لتلك الإطارين !

يتبع
__________________
ابن حوران
  #7  
قديم 11-06-2006, 12:54 PM
Orkida Orkida غير متصل
رنـا
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 4,254
إفتراضي

موضوع رائع فعلا أخي الغالي ابن حوران،
وفقك الله وبارك فيك، وأنا متابعة لموضوعك القيم بكل حماسة حتى أني أحتفظ به.
دمت بألف خير وخير أيها الغالي وبارك الله فيك ولاحرمنا منك أبدا...
أختك بالله أوركيدا
  #8  
قديم 11-06-2006, 04:12 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أشكرك جزيل الشكر أيتها الفاضلة .. وبارك الله بك
__________________
ابن حوران
  #9  
قديم 11-06-2006, 04:13 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

النخب العربية .. أسماك أحواض زينة

عندما كانت النخب في الماضي تصعد من أسفل طبقات الشعب مع النسغ الذي يصعد حاملا آلامه و آماله ، ويمد أوراق شجرة الشعب بما تحتاج من خصوبة الأرض ، فتطبخ مع شمس البلاد و تعيد ما تصنع الى جذور شجرتها . عند ذلك فقط كانت أشجارنا ظلالها وارفة ، و ثمارها يانعة ، ومن يستظل بها ويحتمي يأمن من كل شر ..

وعندما أصبحت نخب اليوم ، نتاج للفساد و اختلال توزيع الثروات ، فأصبح من يقدر أن يبعث ابنه للخارج نتيجة لقربه من نظام حكم ، أو نتيجة لثروة طارئة ، فإن النخب العائدة ، تحترف العلم احتراف كالقتل ، أو اللعب ، فلا تعود نخبا تفيد شعبها و أمتها ، بل نخب تقع جغرافيا وسط الشعب ، ولكنها خارجه .

تماما كما هو الدجاج مصنف مع الطيور ، ولكنه لا يطير ، يحصر نظره بين قدميه ليبحث عن حبة قمح ، أو حشرة ، ويخمد عندما يركض وراءه من يخيفه ، بعكس الصقر يمتد نظره الثاقب الى الأفق ، يطير حرا ، ويغير حرا .. فلذلك يعلو ثمنه رغم أنه لا يؤكل ، و يتباهى من يستطيع امتلاكه و ترويضه ..

تنال تلك النخب شهاداتها العليا ، و في أبواب تبقى عناوينها مجهولة ، حتى لمن نال بها الشهادة .. فالمعلومة كالعضلة إن لم تتحرك تضمر .. وقد توقفت حركة تلك الأبواب في البحوث ، عندما نال أصحابها الشهادات ، فقد كانت الشهادة ، غاية بحد ذاتها ، أو وسيلة لغاية أكثر حقارة .. فكم من بحث بقي على رفوف الجامعات ، أو نشر بلغة أجنبية ، ولم تستفد منه أمتنا ؟

إن النخب التي بليت بها الأمة ، وسجل أصحابها أرقاما إضافية في عدد حملة الشهادات ، لا أظن أن فائدتهم تزيد عن فائدة وجود عبوات من دم في بنك الدم ، ولكن عندما تحتاج اليها ، ستكون زمرتها و مواصفاتها لا تتطابق مع زمرة دم الأمة .. أو كمخزن لقطع غيار للسيارات ممتلئ بكل الأصناف إلا صنف سيارة الأمة ..

نعم إن العمل بلا علم أعمى ، و أن العلم بلا عمل فراغ ( كفراغ الطبل ) .. وإن كان صوته عالي .. لكن عندما تتناغم حركات العلم مع حركات تطور المجتمع مع إرادته التي تتولد وفق حركات ما حوله .. عند ذلك فقط تكون النخب قد بعثت دورها من جديد ، و أصبح انتمائها لتربتها و أمتها يعطيها شهادات إضافية ، أكثر وفرة بالمجد و أكثر فائدة خالدة ..

وبعكسه فإن النخب ستبقى محبوسة في انتماءاتها اللامنتمية ، تظن أنها نتاج حضارة عالمية ، و أصحاب الحضارة لا يقرون بفعلها لا في ساحات جامعاتهم التي تخرجوا منها ، و المجتمع المحلي ينظر الى تلك النخب كنظرته لأسماك أحواض الزينة ..
__________________
ابن حوران
  #10  
قديم 19-06-2006, 02:22 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الطلائع تتخصص في إعاقة بعضها البعض :

تستبشر الجماعات المحبوسة في أساها و بؤسها ، خيرا ، عندما يأتيها خبر بأن طلائع فك أسرها ، و إطلاق طاقاتها ، قد تقدمت نحوها ، فتتحرك الآمال بالنفوس ، و يصبح الحراك في الجماعات يتناغم مع حراك القادم الجديد .. لكن قد يطول الانتظار للقادم ، وقد يكون ظل القادم إذا ما وصل أثقل من ظل البؤس السائد .. فتصبح الجماعات تترحم على بؤسها القديم من ويل بؤسها الجديد . وهذا ما يفسر دفع الشوق عند أبناء الأمة الى أعماق تاريخها ، حيث تبنى صور زاهية جميلة .. وقد لا تكون كذلك ، لكن الابتعاد عنها ، هو مرتع مريح من هول ما تعيشه تلك الجماعات .

لن نحاكم طلائع الماضي البعيد ، فهم أجدادنا ، فإن أصابوا ـ وما أكثر المرات التي أصابوا بها ـ فقد أورثونا مجدا و علما ، لا زلنا نحن إليه ، و إن أخطئوا فإننا ورثنا أخطائهم ، لا لنجعلها نقيصة عندهم ، فإن كان من سيدفع ثمن تلك الأخطاء ، فهم ( نحن ) .. و علينا التهوين من تلك الأخطاء ، والاستفادة من الكيفية التي تجعلنا لا نكرر الوقوع بها ..

أما محاكمتنا (لأحد) إن جاز تسميتها بذلك ، فهي محاكمة لطلائعنا الراهنة ، ليس بقصد الإساءة و الإقصاء لها ، بل بقصد صناعة مقتربات ، للتنسيق بين مسيرة تلك الطلائع (متحاذية) .. ولكن ما الذي سنحاكمه بتلك الطلائع ، هل نحاكم طبيعة خطابها ، أم نحاكم سلوك كل منها تجاه غيرها من الطلائع الأخرى .. سيقول قائل : أوليس السلوك الذي تمارسه أي طليعة ، يلتصق التصاقا عضويا بطبيعة الخطاب و شكله ؟

تتناحر الطلائع و تعيق بعضها البعض ، وتستنكف عن حوار بعضها البعض في أوقات يكون الحوار متيسرا و قابلا للحدوث .. وتضطر لمثل هذا الحوار عندما تتناقص قوتها ، ويبرز لها عامل يجبرها على الحوار ، لينتزع من كل طرف من أطراف الحوار (المفترض) ، مكاسب تزيد عن مكسب كل طرف ، بل تزيد عن مكاسب الأطراف مجتمعة .. تماما كمن يعطي لمحامي حصة أكثر من حصته(هو) في حق اختلف عليه ، ويأس من تحصيله ..

لقد بنت الطلائع في منطقتنا خطابها ، على مقارعة فريق محلي ، و نسجت تفاصيله الأدبية ، وفق حركة ذلك الفريق ، وكانت تزين خطابها بركائز ذهنية تتصل بعمق الموروث الحضاري لجمهور المخاطبين .

فكانت معظم الخطابات تكتب أو تعد على ضوء نشاط طليعة أخرى ، فالآخر بخطاب أي طليعة هو طليعة أخرى ، وتكتب البيانات و أدبيات أي طليعة ، على إثر تحرك أو صدور خطاب من تلك الطليعة ، فكانت خطابات الطلائع عبارة عن مساجلات فيما بينها ، ملها الجمهور ، الذي كان ينتظر توجها نحو المستقبل وفق خطاب يتلاءم مع مخزونه التراثي و إمكانية تحقيقه وفق قدرات المجتمع و تكيفها مع الظروف السياسية المحيطة ..

لقد كانت خطابات الطلائع ، بيانات أدبية ، ذات صبغة وجدانية ، تعتمد إثارة الهمم الطيبة ، وتهاجم غيرها من الطلائع . لقد كانت خالية من الصبغة السياسية المعاصرة المحترفة ، مما جعل انجذاب الجمهور نحوها ، انجذابا لحظيا ، لا يتمسك بها أو الدفاع عن تلك الطلائع إلا إذا كانت قد وصلت للحكم ، أو أنها كانت تعبر في عينة من الوقت عن إرهاصات المواطن ، فيتعاطف معها لحظيا ووقتيا ..

إن احتراف الطلائع وتمكنها من نبش خصائص بعضها البعض ، هي النتيجة الأكثر وضوحا والأكثر أثرا .. والتي نفرت الجمهور من التقرب لمؤازرة أي طليعة ، كما قدمت خدمة ذهبية للأنظمة الحاكمة ، لجعلها تبدو أنها أفضل حال من أي طليعة ، سيما وأن الخطاب السياسي الذي يكشف مساوئ تلك الأنظمة لا يصل بشكل واسع لجمهور أي قطر عربي ، بالقدر التي تصل به الخطابات التي تذكر مساوئ أي طليعة ..
__________________
ابن حوران
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م