لا أمير ينبح ولا أميرة تموء..!

[السنونو المهاجر]

اكثفاء لشر الفئران التي كثرت في دارنا اقتنت جدتي قطة صغيرة لا تزيد حجم الفأرة الهرمة بكثير. وكنت اخطئ مرارا وتكرارا فاصل رأس القطة عن جسدها ظنا مني أنها قارض. ولئلا يتكرر الخطأ ويتكرر العقاب أرتأت –رحمها الله- أن تقتن جروا يؤنس وحدة القطة ويحرس دارنا من اللصوص وينبئ عن قدوم عسس الليل...
اقتنت جدتي إلى جانب القطة الشقراء التي اعتادت مناداتها بالأمورة (ربما تقصد تغيرا لأميرة) جرو كلب مبقع اسمته بالأمير. شب الأمير وترعرع بحضن الأميرة ورعايتها وتحت رحمة مخالبها الحادة. تعايش الخصمان الأبديان بوئام منذ نشأتهما في ذات الخم. ولا أدري فيما إن كانت الحركات الرياضية التي يقومان بها عبارة عن مطاردة وصراع أم مداعبة وملاطفة.. في الواقع قلت حركة الفئران داخل منزلنا وحظر تجولها.
مهما يكن من أمر قوي عود الأمير واستكلب بينما صارت الأميرة الصغيرة هرة تتلمظ كلما شاهدت هررة الحي السائبة أو سمعت مواءها. لم يلحظ أحد أن الأمير صار يخلط بين العواء والمواء فما بالك بالنباح...! أما الأميرة فلا تحسن اصطياد الفئران. كحال الغراب الذي قلد مشية اليمام فما أحسنها ونسي مشيته.
تكاثر الفأر بلا حياء أمام أعين الأميرة التي تشخر بحضن الأمير قرب الموقد وقرض أكياس القمح وبال في الطحين، وذات مرة عدنا سوية من الحقل فتبين أن لصوصا سرقوا عكازة جدي وبرذعة الحمار على مرأى ومسمع الأمير الرابض قرب المدفأة يستمتع بفرقعة الخشب المحترق وتطاير الشرر.
اشتاطت جدتي غضبا وأسفا، ولم تمسس الأمير بسوء ولا أنبت الأميرة بكلمة، بل اكتفت بقولها لي:
يا بني.. لتعلمن أن الأمير الذي لا ينبح لا يطرد لصا، والأميرة المتخمة لا تعجن طحينا.