الموضوع: عرف الدمع
عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 28-12-2001, 05:10 PM
mubarrah mubarrah غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 81
إفتراضي

أثر أول: طرب ، حزن ويأس ، انبهار. ألفاظ تجري سهلة ندية ، ومعان باديات ، خلفها شفت معان ، خلفها دقت أخريات.

تمضي تقول ، تاركاً بعد مقالا ، في ظلال الانكسار ، للعقول ، كي تراه.
أثر ثان: طرب ، حزن ويأس لا يزول ، بل يزيد الحسن عيني من سناه ، فأميل جوى لا هوى.

يأتي المقطع الأول يتناول الأعراض والمرض ، حزن دائم ، يأس مقيم ، وأمنيات مستحيلة

وفي المقطع الثاني محاولة للاستجابة لهاتف الأمل ، والتغلب على اليأس الضارب في القلب ، بالهروب إلى بواعث الأمل.

ثم إدراك لأن محاولة الهروب لا تنفع ، وأن داعي الأمل لا يملك أن يمحو الألم ، فمن الذات على الذات عدى

ويأتي الختام ممضاً أليماً ، إنني أخشى على من يدعوني للأمل من نار آلامي.

الله الله ، أحسنت أخي السلاف ، وحدة موضوعية فريدة ، وصور جميلة في كل مقطع ، هي لآل في عقد القصيدة البديع.

لا أزعم أن هذه القراءة للقصيدة هي القراءة الوحيدة ، لكنها بلا شك قراءة تقرب بعضاً من معانيها ، فالظلال كثيرة ، والإيحاءات كثيرة ، مما يجعلهاتوحي لكل قارئ بمشاعر مختلفة ، وهذا من حسنها فهي أبعد ما تكون عن المباشرة ، تنبئ بالشعور ، وترسمه ، فهي رحلة في العواطف بعين شاعر مبدع.

الوزن الخارجي والتنويع الموسيقي الذي يشبه التوشيح ، لو جعل في العشق لكان أحلى أغنية ، هل أردت أن تذبح الألم بوردة؟ سؤال تبادر لذهني في أول قراءة ، لكنني ومع القراءات التالية رأيت الموسيقى تمضي مع الفكرة ، فالفكرة المركزة ملونة بالآزرق الغامق ، والمضي مع المشاعر المرسلة التي تخدم تلك الفكرة المركزة ملونة بالآزرق الفاتح ، والقوافي تتسق في الحالتين مع ما تريد أن تقول. ثم يأتي القفل قوياً مركزاً هو في كل مرة آية من الإبداع ، في كل مرة أقوى وأجمل.

فبقلبي أمنيات مستحيلة
ولذا أهرب إذ ألقاك مني
فمن الذات على الذات عدى
نار يأسي أصبحت قرب غصونك

هذه وحدها قصيدة ، إنها صور رائعة ، بألفاظ قريبة ، تجعلها من السهل الممتنع. لكن هذه الدرر أجمل حيث وضعتها من عقدها.

القوافي المختارة موفقة في الإيحاء بالمشاعر ، فمع الدمع: مسيله وما يوحيه من سيلان الدمع والحرقة مع الهاء الساكنة. ومع الوجوم: هموم. مع كتمان اليأس: التمني ، الشدة على النون والياء بعدها مثل غصة. ثم الإفصاح عن الألم بالمد على الدال: عدى ، ندى.. والتعبير عن الألم بالعين الساكنة ذات الأثر اللاذع: بلقع.. ، وأخيراً الخطاب: غصونك.. والسؤال والانفعال بالمد فاللام الساكنة.

لا يستغرب الجمال من أهله ، لكن مع قراءتي للنص أكبرت ذهناً متوقداً ، وعاطفة جياشة ، وقلت أنى يكون مثل هذا؟ أي وعي ولا وعي فاضا بهذا الجمال؟

بورك فيك ولا فض فوك.

حسام غضبان
الرد مع إقتباس