عرض مشاركة مفردة
  #64  
قديم 21-08-2003, 09:07 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ومن البدع : ما يعتمده بعض الجهال في شهر صفر من أنه لا يسافر فيه ، فيتشاءمون به ، وهذا جهل وضلال ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة متفق على صحته ، وزاد مسلم : ولا نوء ولا غول لأن اعتقاد العدوى والطيرة والتعلق بالأنواء ، أو الغول ، كل هذه من أمور الجاهلية التي تقدح في الدين .

ومن زعم أن هناك عدوى فهذا باطل ، ولكن الله جعل المخالطة لبعض المرضى قد تكون سببا لوجود المرض في الصحيح ، ولكن لا تعدي بطبعها ، ولما سمع بعض العرب قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا عدوى قال يا رسول الله الإبل تكون في الرمال كأنها الظباء فإذا دخلها الأجرب أجربها قال صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول أي : من الذي أنزل الجرب في الأول .

فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى إذا شاء أجربها بسبب هذا الجرب ، وإن شاء لم يجربها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يوردن ممرض على مصح يعني : لا توردوا الإبل المريضة على

الصحيحة ، بل تكون هذه على حدة وهذه على حدة ، وذلك من باب اتقاء الشر والبعد عن أسبابه ، وإلا فالأمور بيد الله ، لا يعدي شيء بطبعه إنما هو بيد الله : قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

فالخلطة من أسباب وجود المرض فلا تنبغي الخلطة ، فالأجرب لا يخالط الصحيح ، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر ، لكن ليس المعنى : أنه إذا خالط فإنه سيعدي ، لا ، قد يعدي وقد لا يعدي ، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول

ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم : فر من المجذوم فرارك من الأسد والمقصود : أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة - وهي : روح الميت ، يقولون : إنها تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها - وهذا باطل لا أصل له ، وروح الميت مرتهنة بعمله إما في الجنة أو النار .

والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية ، حيث كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئا لا يناسبهم مثل الغراب ، أو الحمار الأسود ، أو مقطوع الذنب ، أو ما أشبه ذلك ، فيتشاءمون به ، هذا من جهلهم وضلالهم ، قال الله جل وعلا في الرد عليهم : فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ

فالله بيده الضر والنفع ، وبيده العطاء والمنع ، والطيرة لا أصل لها ، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له ، بل هو شيء باطل ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : لا طيرة ولذا يجب على المسلم إذا رأى ما يتشاءم به : ألا يرجع عن حاجته ، فلو خرج ليسافر ، وصادفه حمار غير مناسب أو رجل غير مناسب أو ما أشبه ذلك ، فلا يرجع ، بل يمضي في حاجته ويتوكل على الله ، فإن رجع فهذه هي الطيرة ، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر ، بل هي من الشرك الأصغر . وهكذا سائر البدع ، كلها من القوادح في العقيدة ، لكنها دون الكفر ، إن لم يصاحبها كفر .

فهذه البدع مثل : بدعة الموالد ، والبناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع ، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب ، هذه بدعة ليس لها أصل ، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالا يتقرب بها ، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة ، فهذا لا

أصل له ، والأحاديث فيه غير صحيحة ، بل هو من البدع .

والجامع في هذا : أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وقال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وكان يقول في خطبة الجمعة : وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ويحذر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنة صلى الله عليه وسلم .

فالواجب على أهل الإسلام أن يلزموا الإسلام ويستقيموا عليه ، وفي هذا كفايتهم وكمالهم ، فليسوا بحاجة إلى بدع ، يقول الله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا

فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وفضله ، فليس الناس بحاجة إلى بدع يأتون بها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ فليس الناس بحاجة إلى بدع زيد وعمرو ، بل يجب التمسك بما شرعه الله ، والسير على منهج الله ، والوقوف عند حدوده ، وترك ما أحدثه الناس ، كما قال الله سبحانه وتعالى ذما للبدع وأهلها : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ

وفق الله الجميع لما فيه الخير ، وأصلح أحوال المسلمين ، ووفقهم للفقه في دينه ، وجنبهم أسباب الزيغ والضلال والانحراف ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }