عرض مشاركة مفردة
  #106  
قديم 28-12-2004, 04:12 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

والتوكل على الله -جل وعلا- ظاهر من هذه الوصية ؛ حيث قال : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك ) ثم قال : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك ... ) إلى آخر الجملتين ، وهذا فيه إعظام التوكل على الله -جل وعلا- .
والتوكل على الله -سبحانه وتعالى- من أعظم المقامات ؛ مقامات الإيمان ، بل هو مقام الأنبياء والمرسلين في تحقيق عبوديتهم العظيمة للرب -جل وعلا- .
والتوكل على الله معناه : أن يفعل السبب الذي أُمر به ، ثم يفوض أمره إلى الله -جل وعلا- في الانتفاع بالأسباب ، وإذا كان ما لديه من الأمر لا يملك أن يفعل له سببا فإنه يفوض أمره إلى الله -جل وعلا- كما قال سبحانه في ذكر مؤمن آل فرعون ) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ {44} سورة غافر ، وهذا التفويض إلى الله -جل وعلا- عمل القلب خاصة ، يعني: أن يلتجئ بقلبه ، وأن يعتمد بقلبه على الله -جل وعلا- في تحصيل مراده ، أو دفع الشر الذي يخشاه ، والعباد إذا تعامل معهم فإنما يتعامل معهم على أنهم أسباب ، والسبب قد ينفع ، وقد لا ينفع ، فإذا تعلق القلب بالخلق أوتي من هذه الجهة ، ولم يكن كاملا في توكله .
فتعلق القلب بالخلق مذموم ، والذي ينبغي : أن يتوكل على الله ، وأن يعلق قلبه بالله -جل وعلا- ، وألا يتعلق بالخلق ، حتى ولو كانوا أسبابا ، فينظر إليهم على أنهم أسباب ، والنافع والذي يجعل السبب سببا ، وينفع به هو الله -جل وعلا- .
إذا قام هذا في القلب فإن العبد يكون مع ربه -جل وعلا- ، ويعلم أنه لن يكون له إلا ما قدره الله -جل وعلا- له ، ولن يمضي عليه إلا ما كتبه الله -جل وعلا- عليه .
قال -عليه الصلاة والسلام- ( رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ) يعني: أن الأمر مضى وانتهى ، وهذا لا يدل ، كما ذكرته لكم فيما سبق ، لا يدل على أن الأمر على الإجبار ، بل إن القدر ماض ، والعبد يمضي فيما قدره الله -جل وعلا- ؛ لأجل التوكل عليه ، وحسن الظن به ، وتفويض الأمر إليه ، وهو إخلاء القلب من رؤية الخلق .
قال : وفي رواية غير الترمذي : ( احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ) .
قوله : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) تعرُّف العبد إلى ربه هو : علمه بما يستحقه -جل وعلا- ، ( تعرف إلى الله في الرخاء ) يعني: : تعلم ما يستحقه -جل وعلا- عليك ، ما يستحقه -جل وعلا- منك ؛ توحيده في ربوبيته ، وإلهيته ، وفي أسمائه وصفاته ، ما يستحقه -جل وعلا- من طاعته في أوامره ، وطاعته فيما نهى عنه باجتناب المنهيات ، وما يستحقه -جل وعلا- من إقبال القلب عليه ، وإنابة القلب إليه ، والتوكل عليه ، والرغب فيما عنده ، وإخلاء القلب من الأغيار ، يعني: من غيره -جل وعلا- ، واتباع ما يحب ويرضى من أعمال القلوب .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }