عرض مشاركة مفردة
  #107  
قديم 28-12-2004, 04:13 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

( تعرف إلى الله في الرخاء ) يعني: : إذا كنت في رخاء من أمرك ، بحيث قد يأتي لبعض النفوس أنها غير محتاجة لأحد ، هنا ( تعرف إلى الله في الرخاء ) واطلب ما عنده ، وتعلم ما يستحقه -جل وعلا- ، واتبع ذلك بالامتثال ، فإن هذا من أفضل الأعمال الصالحة ، بل هو لب الدين وعماده ، العلم بما يستحقه -جل وعلا- ، ثم العمل بذلك ، إذا حصل منك التعرف إلى الله ، والتعرف على الله -جل وعلا- عرفك الله في الشدة ، قال : ( يعرفك في الشدة ) وكلمة : "يعرفك" هذه جاءت على جهة الفعل ، ومعلوم في باب الصفات أن باب الأفعال أوسع من باب الأسماء ، وباب الإخبار أوسع من باب الصفات .
فهذا إذن لا يقتضي أن يكون من صفاته -جل وعلا- المعرفة ، فإنه لا يوصف الله -جل وعلا- بأنه ذو معرفة ، بل يقيد هذا على جهة المقابلة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هنا : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) فيجوز أن تستعمل لفظ "يعرف" على الفعلية ، وفي مقابلةِ لفظِ يعرف آخر ، كما في نظائره كقوله -عليه الصلاة والسلام- : ( إن الله لا يمل حتى تملوا ) وكما في قول الله -جل وعلا- : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {30} سورة الأنفال ، وفي قوله : وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ {14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15}سورة البقرة ، وأشباه ذلك من الألفاظ التي جاءت بصيغة الفعل ، ومجيئها بلفظ الفعل لا يدل على إطلاقها صفة ؛ لأنها جاءت على لفظ المقابلة .
ومجيء بعض الصفات ، يعني: على جهة الأفعال بالمقابلة هذا يدل على الكمال ، ومعلوم أن المعرفة غير العلم ، العلم كمال ، وأما المعرفة فإنها قد تشوبها شائبة النقص؛ لأن لفظ المعرفة ، وصفة المعرفة هذه قد يسبقها جهل ، يعني: عرف الشيء يعني: : تعرف إليه بصفاته ، وهذا يقتضي أنه كان -ربما- جاهلا به غير عالم به .
أما العلم فهو صفة لا تقتضي ، ولا يلزم منها سبق عدم علم ، أو سبق جهل ، وأشباه ذلك ، ولهذا كان من أسماء الله الحسنى : "العليم" ، ولم يكن من أسمائه -جل وعلا- العارف ، وأشباه ذلك.
إذا تقرر هذا فلفظ المعرفة جاء في القرآن على جهة الذم قال -جل وعلا-: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ {83} سورة النحل ، وقال -جل وعلا- : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {20}سورة الأنعام ، والآية الأخرى -أيضا- في الأنعام ، والآية الأخرى -أيضا- في البقرة في هذا .
فلفظ المعرفة جاء على جهة الذم في غالب ما جاء في الكتاب والسنة ، وقد يكون يأتي على معنى العلم ، كما في هذا الحديث .
فإذن قوله : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) من جهة الصفات هذا بحثه ما معناه معرفة الله للعبد في الشدة ، قال العلماء : هذه معناها المعية ، ومعرفة الله -جل وعلا- للعبد في الشدة يعني: : أن يكون معه بمعية النصر والتأييد والتوفيق : وأشباه ذلك .
قال : ( واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ) وهذا في القدر ومن قرأ بحثه ، قال : ( واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا ) هذا فيه الأمر بالصبر ، وأن مع الكرب يأتي الفرج ، وأن مع العسر يأتي اليسر ، كما قال -جل وعلا- : فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {6}سورة الشرح .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }