*** ومن منكرات الأفراح : استخدام المغنين والمغنيات : وهذا الأمر ظاهر البطلان ، وواضح التحريم والنكران ، فكيف يليق بالمسلم الذي عرف حدود الله تعالى أن ينتهكها من أجل ليلة لا يدري أيعيشها أم يموت فيها ؟ إن الإسلام حرم الغناء الفاحش تحريماً مؤبداً ، وإذا اقترن الغناء بآلات اللهو والموسيقى فهو محرم أشد الحرام ، ولقد جاء التحريم في كتاب الله العزيز في عدة مواضع منه ، فمن أدلة تحريم الغناء ، قوله تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين } ، ولهو الحديث هو الغناء كما فسره ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال : والله الذي لا إله إلا هو إنه الغناء ، رددها ثلاثاً ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في الغناء وأشباهه . وقال تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ، قال مجاهد : بصوتك : أي الغناء والمزامير ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر ( كناية عن الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ( آلات اللهو والطرب والغناء ) " [ أخرجه البخاري معلقاً ووصله غيره ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في أمتي قذف ، ومسخ ، وخسف " قيل يا رسول الله : ومتى يكون ذلك ؟ قال : " إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ، وشربت الخمر " [ أخرجه الترمذي وغيره وهو حديث صحيح لغيره ] ، وسئل الإمام مالك رحمه الله عن الغناء فقال : " إنما يفعله عندنا الفساق " فالمغني فاسق ، ومستمع الغناء فاسق ، ومن أدخل المغنين في بيته أو شاركوه في فرحه فهو فاسق مردود الشهادة ، سفيه ينبغي أن يُحجر عليه ، لفقده العقل والحكمة ، والأهلية في التصرف ، قال الشافعي رحمه الله : " إن الرجل إذا جمع الناس لسماع غناء الجارية فهو سفيه مردود الشهادة " ، فأي عقل بعد هذا النقل ، يرضى صاحبه أن يبدأ حياته الزوجية بمثل هذا المنكرات العظيمة ، والأدواء الخطيرة ، ولكنه الهوى والشهوات واتباع التقاليد والعادات المحرمة والممنوعة ، وتزيين الشيطان للباطل على أنه الحق ، وتلبيسه على سفهاء الأحلام ، وجهلاء الأفهام ، فانتبهوا رعاكم الله فالأمر خطير ، والخطب جسيم ، وعذاب الله أليم ، فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه .
أمة الإسلام : المشروع للنساء في ليالي الأفراح ، ضرب الدف المحاط بالجلد من جهة واحدة ، بكلام تقي نقي ، لا فاحشة فيه ولا رذيلة ، وبدون إظهار لأصوات النساء عبر المكبرات أو غيرها ، فصوت المرأة عورة ، والعجب كل العجب لمن يدفع
مبالغ مالية للطبالات والمغنيات ، لا لشيء يعود عليه بالنفع يوم القيامة ، بل يكون معه عرضة للسؤال والعقاب ، فيالها من مصيبة حطت على بلاد المسلمين ، ويا أسفا على أنصاف الرجال ، إن هذه الأموال التي تنفق على الفاسقات والساقطات ، لهو أحق بها من يتضور جوعاً ، ويهلك عطشاً من إخوانكم المسلمين ، الذين لا يجدون ما يسترون به عوراتهم ، ولا ما يسدون به جوعاهم ، ولا ما يطعمونه أطفالهم ، فقد فتكت بهم الأمراض ، وأهلكتهم الأسقام ، ومع ذلك فهناك فئة من المسلمين يبذرون أموالهم ، وينفقونها في سبيل الشيطان ، فيما يغضب الرحمن ، لتكون عليهم حسرة وندامة يوم القيامة .
*** ومن منكرات الأفراح : الاستعانة بالكذابين من الشعراء ، الذين قال الله فيهم : " والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون " ، قال الحسن البصري : قد والله رأينا أوديتهم التي يخوضون فيها : مرة في شتيمة فلان ، ومرة في مديحة فلان ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً " [ متفق عليه ] ، إن استخدام الشعراء في الأفراح لا يزيدها إلا جراحاً ، لما يسببه شعرهم من إثارة العداوة بين المسلمين ، وتضييع أوقاتهم بما لا فائدة منه ، ولما في شعرهم من رجوع لمعتقدات الجاهلية الجهلاء ، والأثرة العمياء ، من تفاخر بالأحساب ، وطعن في الأنساب ، وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ " [ أخرجه مسلم ] ، فالشعراء فيهم كذب ودجل ، يمدحون قوماً بباطل ، ويذمون قوماً بباطل ، من أجل ابتزاز الأموال ، وتضييع الأوقات ، وكل ذلك من الباطل ، وخلط الحقائق ، وانتهاك الحرمات ، ولقد ذم الله صنفاً من الشعراء ، ومدح الصنف الآخر وهم الذين يبتغون من شعرهم وجه الله تعالى ، دفاعاً عن الإسلام وحثاً على مكارم الأخلاق ، ولو نظرنا إلى الشعر الذي يقال في حفلات الزواج والذي تضيع من أجله الأوقات ، فإنه يندرج تحت الصنف الأول المذموم ، الذي ذمه الله سبحانه وتعالى ، وأعظم من ذلك ما يفعله الكثير من المسلمين اليوم من العرضات وما يتخللها من تصفيق ورقص وهز بالأرجل والرؤوس والأكتاف ، والتي قال فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وأما سماع المكاء والتصدية- وهو التصفيق بالأيدي ، والمكاء مثل الصفير ونحوه ، فهذا سماع المشركين الذي ذكره الله في قوله تعالى : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } انتهى ، وإذا اقترن الشعر بدف أو مزمار أو طبل ، كان أشد حرمة ، وأعظم خطراً ، وأشد ضرراً ، ولا غرابة أن يبدأ فشل الزواج بتلك الليلة المظلمة ، والتي بدأت بمنكر ومعصية ، فما بني على باطل فهو باطل ، والباطل لا يستمر
|