عرض مشاركة مفردة
  #58  
قديم 30-11-2005, 05:12 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

التنظيم و أثره في بناء الحزب ( ظرف المعارضة )

عندما نطالع ما يكتبه علماء الاجتماع السياسي ، فان نصيب رواد الفكر العربي من تلك الكتابات التي تناقش موضوع الأحزاب ، ستكون ـ مع الأسف ـ قليلة ومبتسرة ، ومحكومة بذوق ( بلوتوقراطي) ينافق حزبا حاكما أو يهاجم حزبا لا يكن له ودا ، وذلك للهواجس الأمنية التي تحكم البلاد العربية و من يكتب بها ، من ناحية ، ومن ناحية أخرى أن من يكتبوا بهذا المجال هم أكاديميون لم يعيشوا الحياة الحزبية العربية في الغالب ، فانطبعت كتاباتهم بما يكتبه ( ماكس فيبر) و ( موريس ديفرجه) وغيرهما ..

ونجد أنفسنا بعض الأحيان أسرى لنصوص يضعها رواد علم الاجتماع السياسي العالمي ، حيث يلخص النص ما يريد قوله أحد كتابنا بعشرات الصفحات .. فعندما يذكر ( ماكس فيبر ) بأن التنظيم الحزبي هو حاصل مجموع متغيرات ثلاث : الأول ، المتغير المستقل المتمثل بالعواطف و أسلوب القيادة والمتغير التابع المتمثل بالانتاجية والفعالية والمتغير الوسيط المتمثل بالحوافز والإشباع .. نعلم عندما نربط تلك الشواخص التمييزية بما يعني الرجل .

وعندما يذكر ( موريس ديفرجة ) بأن الحزب هو مجموعة اصطناعية دائمة ، تكون ديمومتها مرهونة بتنظيم الأطراف لا تنظيم المستوى القيادي ، ليصبح تعريف الحزب وفق تلك الرؤية ، بأنه مجموعة المجموعات .. ندرك وقتها كم تلخص تلك الكلمتين ما يعني التنظيم بالنسبة للحزب ..

اذا كان مفكرو الغرب يكتبون عن الحياة الحزبية كتنظيمات كفلت حمايتها أصول اللعبة السياسية في بلادهم . إذ تتم حماية الأحزاب المعارضة التي تتناوب مع الأحزاب الحاكمة ، الحكم ، فان السلوك الذي يسلكه الحزب الحاكم تجاه من هم خارج الحكم سيكون بمثابة قانون ، سينسحب عليه عندما يستلم غيره من أحزاب المعارضة الحكم .. فيصبح السلوك له محوران محور الوظيفة ومحور الضرورة ..

أما في بلادنا العربية ، والتي تصبح تلك الكتابات لا معنى لها ، لاختلاف سلوك من في الحكم تجاه من هم في المعارضة . إذ يمارس من في الحكم إقصاء و إعاقة من هم خارج الحكم ، فتجف منابع (الدياليكتيك ) وتقل حيوية تنمية الحياة السياسية ، وتكثر منافذ الإفساد والفساد ، والتي تفرخ هي الأخرى نتوءات يبنى فوقها تشقيق وحدة المجتمع أولا ومن بعدها يصل للحزب الحاكم ..

**********

الأساس في نشأة الأحزاب في بلادنا أن تكون معارضة ، وهذا يجعل من تصنيع خطابها وأساليب تنظيمها أن تكون باستمرار متحفزة لنقد من هم في الحكم ، والتبشير بأحلام هائمة ، لم يتدرب واضعوها على ممارسة السياسة كحكام بل تدربوا على أن يكونوا محكومين معارضين .. فبمجرد وصولهم للحكم ، لن تسعفهم تجربتهم كمعارضين في إدارة الحكم ، بل يستلهموا شخصية من سبقهم بالحكم في إقصاء من يعارضهم وتدور الدائرة .. وهذا ليس ما نحن بصدده .

تتسم أشكال إدارة التنظيم بالبلاد العربية في أوقات المعارضة بما يلي :

1ـ تكون السمة العامة للتنظيم ، سمة تعبوية تبشيرية بالحزب .
2 ـ تسقط فكرة الحوافز في حالة أحزاب المعارضة ، بل إذا أردنا نحت مصطلح يناقض الحوافز وإشباع حاجات العضو الحزبي ، فاننا لن نجد أفضل من مصطلح (ضريبة الإنتماء الحزبي) والتي تصل قيمتها أحيانا حياة العضو ، أو سجنه أو إبعاده عن أشكال الحياة الطبيعية ..
3 ـ سمة المحاباة والترقق والتساهل في انضباطية الأعضاء لضمان بقاءهم ، في أجواء تخلو من الحوافز ، وتزداد بها قيمة (ضريبة الانتماء )..
4 ـ التوجس والشكوك من تسلل عناصر معادية ..
5 ـ تنوع الأعداء وكثرتهم ، فسرية التنظيم ، تفتح عليه جبهات كثيرة معظمها على هامش الإيمان الفكري ، إضافة لضراوة عداء الدولة ..
6 ـ الصدود الجماهيري في الانضمام لتلك الأحزاب ، حيث لا حوافز ولا إشباع وارتفاع عنصر المغامرة ..
7ـ ذبول حالة الروح الوثابة ، عند بعض الأعضاء ، وتسرب بعضهم من صفوف الحزب ، وشيوع حالات من الإحساس بانعدام الوزن .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس