عرض مشاركة مفردة
  #73  
قديم 23-12-2005, 09:16 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

صحوة إسلامية :

كثير ما يحب بعض الكتاب ان يطلقوا على ، سعة الأشكال المطالبة بعودة الدين الى الصدارة ، والى أن يأخذ دوره الأول في إدارة شؤون الدولة ، بالصحوة الاسلامية ، و في اعتقادي انهم أحبوا استخدام هذا المصطلح ، لأنه يشير الى حالة انتباه ، يعتقدها البعض انها جاءت بعد غفلة ونوم طويلين .. وهم يستعينوا بهذا التشبيه بما حدث لأهل الكهف !

ان مصطلح كهذا ( صحوة) قد لا يصلح في هذا المقام ، لأن الصحوة التي تلي النوم مباشرة ، تتبع بحركة طبيعية اعتيادية ، تتماشى مع مدة النوم الطبيعية ، لعدة ساعات ، وهي بالتالي لن تقوم بتغيير رأسي ونوعي للعمل الذي سبق النوم اليومي الاعتيادي .

واذا أصر الذين يستخدمون هذا المصطلح للتشبيه بما حدث لأهل الكهف ، نوم طويل ، فانه سيكون من الخطأ ، اتباعه بمصطلح السلفية ، والذي يعني فيما يعني تنقية ، السلوك الديني من البدع ، والعودة للتمسك بما سار عليه السلف الصالح في مرحلة ازدهار الدولة الإسلامية الأولى ، والتي تصل الى الثلث الأول من العهد العباسي .

لكننا رأينا كيف أن أهل الكهف ، الذين انقطعوا عن الحياة الاعتيادية ، زهاء ثلاثمائة عام ، كيف حاروا في تدبير أمرهم ، وكيف كانوا مميزين او استثنائيين عن بقية الناس الذين ، سرعان ما اكتشفوا أمرهم . وهذا ما يدعو للتأمل في حالة الاستعاضة تلك ، التي نحن بصددها .

هذا اذا سلمنا بأن حالة الانقطاع عن الدين قد طالت مدة مساوية ، لما حدث لأهل الكهف .. ولكن في الحقيقة ، لم يلحظ أي متفحص لمسار تاريخ الأمة الاسلامية ، وليست العربية فقط ، بمثل هذا الانقطاع ، واذا استثنينا ما حدث لأهل الأندلس ، من حملات إبادة وتنصير إجباري ، فان عهد الأمة بدينها قد بقي ثابتا ، بل ويتصلب كلما استفز من قوة خارجة ، فلم يستطع السوفييت إخفاء أثر المسلمين في جمهوريات تتارستان وبشكيريا و داغستان و أنجوش والشيشان ، كما لم تستطيع قوى لادينية أخرى إخفاء أثر الدين في كل من مقدونيا وألبانيا والبوسنة والهرسك الخ .

أما في العهود القديمة ، فان غزاة كالتتار (المغول) سرعان ما اعتنقوا الديانة الاسلامية ، وهكذا فعل غيرهم وكاد أن يفعله نابليون بونابرت .

إذن فالتواصل الديني ، ليس هو ما فقدناه ، بل فقدنا القدرة على اكتشاف منهج في إدارة دولتنا . وان قال أحدهم ان الاسلام دين ودولة ، فنقول نعم انه دين ودولة ، لكننا في معظم نقاشاتنا الاسلامية والدينية ، لم ننصف الدولة بوجهة نظر واضحة المعالم تؤسس لحالة إجرائية ، بل امتلأ الخطاب بالمواعظ والتحذيرات و تذكر ما نود تذكره عن أسلافنا ، ورمي ما قد يكون فيه مثيرات الانتباه التي تدلنا على صنع حالة توافق بين الدين والدولة .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس