أخي العزيز
المثقف الكيس ، من أي تيار كان ، عليه أن لا يعتمد نقاط ارتكازه للاحتكام لديها في سوق حججه .. فان فعل ذلك فانه سيفقد أحد ثنائيات اسمه ، (المثقف الكيس) فاما يفقد الكياسة أو يفقد الثقافة .. وان كان لا بد له من حوار عليه أن ينزل الى ساحة محايدة ، لا التي يقف عليها هو ولا التي يقف عليها محاوره .
ان كل ما ذكرته جنابك ، هو تجسيد لصوت الاعلام المعادي للعراق ، فقد أكون قد مكثت بالعراق أكثر ما تمكث جنابك .. وحتى لا ترميني بعد ذلك بمقولة (أهل مكة أدرى بشعابها ) ..
هناك مقولة لشكسبير : ( الخيانة عمل مشروع والعمل المشروع خيانة ) .. وهي تفيد أنه اذا كان القتل يعتبر بأعراف السماء و الأرض خيانة وعملا سيئا ، فان عدم القتل عندما تكون هناك مستوجبات للقتل ، يصبح خيانة ، فعدم قتل العدو خيانة وعدم قتل المجرم خيانة و عدم قتل الجاسوس خيانة ..
هكذا تقوم الحضارات ، وهكذا هي سنة الحياة .. ان كنت لا تعلم فسأخبرك .. كانت ميزانية العراق في عام 1971 هي 243 مليون دينار عراقي ، وفي عام 1979 كانت زهاء 40 مليار دولار ، لقد كان كولبنكيان يأخذ من نفط العراق قبل التأميم ما قيمته 5% من مجموع انتاجه .. فان كانت هناك قصور و منشئات ، فهي علامات حضارية لا تسجل باسم من أمر ببناءها ، وهاهم فراعنة مصر يدخلون ما قيمته ستة مليارات من الدولارات ، على خزينة مصر سنويا وهم قد ماتوا منذ آلاف السنين ..
لقد كان أذى ودمار العراق عام 1991 يعادل مئات الأذى الذي تعرض له عام 2003 ، ولقد كنت هناك في بداية عام 1991 ونهاية 1991 .. وخلال سنة واحدة ، كان ما تخرب قد أعيد بناؤه .. ولكن ها قد مضى زهاء ثلاث سنين وان ما يحدث في العراق من نهب وتخريب وتقتيل و سرق هوية وانتشار المخدرات التي كان يعدم من تمسك معه و يعدم من يكن حاملا للأيدز .. ويعدم من يكتشف أنه جاسوس ..
ألم ترى الفضائح التي تجري في السجون على أيدي البريطانيين والأمريكان ؟ ألم ترى القتل الذي يتعرض له قادة الجيش العراقي و علماء العراق ؟ أم أنه يحلو لك أن تنسب هذا للمقاومة التي لا تطيق اسمها .. وتسمي غوغاء انتهزت فرصة خروج الجيش من الكويت لتعيث في الأرض فسادا ، تسميها انتفاضة شعبان المباركة ، كما يسمي الصهاينة عصاباتهم بجيش الدفاع ؟؟
ان لم تخرج الى منطقة حياد ، وتبقى تغمز بمصطلحات لا أتفق معك على وجاهتها ، سأضطر للتوغل في عقر دار مصطلحاتك .. وعندها سنفقد كلانا كياستنا و ربما ثقافتنا .. ولا أعتقد أنك تحرص على ذلك !
مع وافر تقديري و احترامي
__________________
ابن حوران
|