عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 30-03-2006, 11:10 PM
فلوجة العز فلوجة العز غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 415
إرسال رسالة عبر MSN إلى فلوجة العز
إفتراضي

وبينما كان جعفر يبحر في محيط الافكار المتضاربة , إذ تلقى هاتفا عاجلا من زوجته ,
أم جهاد : جعفر عد إلى الأردن فورا , جهاد مريضة و لقد نقلناها إلى المستشفى ...
جعفر : ماذا ؟ ماذا حل بها ؟ قولي هيا ...
أم جهاد : لقد ارتفعت حرارتها و تشجنت , و الأطباء يقولون أنها تعاني من إلتهاب السحايا , و هي في غرفة العناية المركزة ...تعال في أسرع وقت ممكن.
لم ينتظر جعفر الصباح , بل استقل سيارة أجرة تنقله من بغداد إلى عمان , و في اليوم التالي كان جعفر في عمان , بعد أن اعتذر لمدير الشركة عن إكمال المهمة ,
ذهب فورا إلى المستشفى ليجد جهادا في العناية المركزة موصولة بجهاز التنفس الإصطناعي , تألم كثيرا , و لم يستطع فعل شيئ سوى الدعاء لها ,
بعد أسبوع من مصارعة المرض , توفيت" جهاد جعفر" , و انهار الأب الحزين ,
" يا ابنتي جهاد , لقد سميتك جهادا حتى لا أنسى حب الجهاد , فلم رحلتي ؟
لم متي يا جهاد ؟
لقد عدت من العراق من أجلك , و تركن معشوقتي الجهاد من أجلكي ,
فلم زهدتي بي ؟و تركتيني وحيدا ...
لاحول ولاقوة إلا بالله
لاحول ولا قوة إلا بالله ..."
ثم عانق جسدها الصغير , و بقي يقبله , و هو لا يدري , هل يبكيها أم يبكي معشوقته "الجهاد " التي تركها في بغداد .
مرت أكثر من 5 سنوات على الحادثة , ولمع نجم جعفر في شركته حتى أصبح نائب المدير ,
رزقه الله طفلين , سمى الأول : مثنى و الثاني : خالدا ...
بدت الحياة جميلة , مستقرة , وعناصر السعادة مكتملة , إلا أن جعفر لم ينس تماما معشوقته " الجهاد"
لكنه أصبح يخجل من ذكرها أمام الناس , لكي لا يتهمونه (باللاواقعية و التهور )..
لكنه بقي يذكرها , بل ويحبها ...
كان يشعر أن سعادته هذه ليست إلا سرابا يحسبه الظمآن ماءا ,
كان يتجرؤ كثيرا على من حوله و يتهمهم بحب الدنيا , و الإنجراف وراء لذاتها , و الإنبطاح تحت أقدام الطواغيت , وأن الحل لا يكمن إلا بالجهاد في سبيل الله ... لكن دون أن يجرؤ أن يقول لأحد :
أريد الذهاب إلى الجهاد...أو " خذوني للجهاد "..
كان جعفر يتابع الأوضاع السياسية عن كثب , و يكثر من الدعاء للمجاهدين , لكن مرور الأيام أبعده قليلا عن الإلتزام بواجباته نحو ربه , فما عاد يلتزم بالصلاة في المسجد ,
لم يكن ينتبه كثيرا لتربية أطفاله تربية جهادية ,
وكأنه دخل في مرحلة فتور ...
بدأت الأوضاع في السودان بالإنهيار , إنقلاب فاشل على حكومة عمر البشير يؤدي إلى انهيار النظام السوداني , و نصارى السودان تكالبوا على مسلميه بدعم كبير من دول الجوار ,
بدأت صور المذابح التي يقوم بها الصليبيون تعرض في الفضائيات , و أهل السودان يصرخون :
أغيثونا
أعينونا
تأثر جعفر كثيرا بما يشاهد , و تبرع مرة بمبلغ 200 دينار لمجاهدي السودان , ودبت الحركة من جديد في معشوقة جعفر النائمة "الجهاد"
" كنت أعلم أنها لم تمت , كنت أعلم أن معشوقتي ستناديني يوما "
لكن جعفر اليوم ليس كما كان طالبا , و ليس كما كان قبل 5 سنوات ,
اليوم هو نائب لمدير شركة مهمة تعمل في مجال التبريد ,
لقد كان شيطانه أجرأ على تثبيطه هذه المرة :
" يا جعفر , أنت صاحب مال , جاهد بمالك , هل تريد أن تترك منصبك و راتبك و تذهب ؟ و من قال لك أنك ستموت شهيدا ؟ قد تعود معاقا ؟ قد تعود لتلقى في السجون ..
من سيسدد أقساط منزلك ؟ من سيرعى مثنى و خالد و أمهما ؟ "
لقد كان طنين الشيطان يؤذي جعفر , و يشوش عليه أفكاره ,
حاول جعفر أن يجمع قواه :
" لقد كنت على وشك الإلتحاق بالمجاهدين يوم مرضت جهاد , و قد عدت بسببها , فماذا استفادت من عودتي ؟
سأذهب إلى السودان للجهاد في سبيل الله
و لن التفت ورائي "
قرر جعفر سحب مبلغ كبير من رصيده , للإلتحاق بركب المجاهدين و لنجدت إخوته ,
قدم طلب إجازته السنوية إلى شركته ,
و اخبر أهله أنه ذاهب لعقد عمل مهم في إحدى البلدان العربية ,
توجه نحو مكتب سياحة وسفر ليحجز تذكرة سفر إلى السودان المستباحة,
كانت خطواته تمضي على إستحياء , و انفاسه مشحونة بالقلق , دخل إلى المكتب :
جعفر : هل يمكن لي أن أحجز تذكرة إلى السودان ؟
عامل المكتب : السودان ؟ في هذا الوقت ؟
جعفر: في الحقيقة , نعم , هل هذا ممكن ؟
عامل المكتب : أخي , لقد منعت السلطات الأردنية سفر المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين و الخامسة و الأربعين إلى السودان إلا بإذن من المخابرات العامة , وهذا نص التعميم .. فهلا احضرت لنا مثل هذه الموافقة ؟ حتى لا تحرجنا أو نحرجك ..
جعفر: لماذا هذا الإجراء ؟
__________________
الرد مع إقتباس