عرض مشاركة مفردة
  #25  
قديم 12-04-2006, 02:47 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي

راجعت تفسير سورة الإخلاص للشهيد سيد قطب لأحيط بصورة كاملة لما قاله ، فوجدت أن adelsalafi فى تعليقه رقم ( 15 ) قد ابتسر من التفسير أجزاء هامة ، وقراءتها تكمل الصورة التى يريد أن يشرحها الشهيد ... إما ابتسرها عن عمد أو عن عدم دقة ، وهكذا تتم عملية الإنتقاء الذى يدمغ الشهيد للطعن فيه :::

فى بداية تفسيره للسورة ذكر القاعدة التى أكملها فقال :::


"(قل هو الله أحد) .. وهو لفظ أدق من لفظ "واحد" .. لأنه يضيف إلى معنى "واحد" أن لا شئ غيره معه . وأن ليس كمثله شئ .

ومن الأجزاء الأخرى التى ابتسرها :::

"وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة الواحدة . ومن التعلق بغير هذه الحقيقة .. فعندئذ يتحرر من جميع القيود ، وينطلق من كل الأوهاق . يتحرر من الرغبة وهى أصل قيود كثيرة ، ويتحرر من الرهبة وهى أصل قيود كثيرة . وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد الله ؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله ؟ ".

ولم يكمل المشوار لأن بقية الكلام يكذبه فى تجنيه على الرجل ، ويدل على عدم فهمه لأدبيات الشهيد ، فهو أديب متمكن من فنه ، وليس العيب عيب فيه ، بل عيب فى من لا يستطيع فهم كلامه ، أكمل الشهيد فقال :::

"من هنا ينبثق منهج كامل للحياة ، قائم على ذلك التفسير وما يشيعه فى النفس من تصورات ومشاعر واتجاهات : منهج لعبادة الله وحده . الذى لا حقيقة لوجود إلا وجوده ، ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعليته ، ولا أثر لإرادة إلا إرادته .
ومنهج للإتجاه إلى الله وحده فى الرغبة والرهبة . فى السراء والضراء . فى النعماء والبأساء . وإلا فما جدوى التوجه إلى غير موجود وجودا حقيقيا ، وإلى غير فاعل فى الوجود أصلا ؟!
ومنهج التلقى عن الله وحده . تلقى العقيدة والتصور والقيم والموازين ، والشرائع والقوانين والنظم ، والآداب والتقاليد . فالتلقى لا يكون إلا عن الوجود الواحد والحقيقة المفردة فى الواقع وفى الضمير .
ومنهج للتحرك والعمل لله وحده .. ابتغاء القرب من الحقيقة ، وتطلعا إلى الخلاص من الحواجز المعوقة والشوائب المضللة . سواء فى قرارة النفس أو فيما حولها من الأشياء والنفوس . ومن بينها حاجز الذات ، وقيد الرغبة والرهبة لشئ من أشياء هذا الوجود !
ومنهج يربط - مع هذا - بين القلب البشرى وبين كل موجود برباط الحب والأنس والتعاطف والتجاوب . فليس معنى الخلاص من قيودها هو كراهيتها والنفور منها والهروب من مزاولتها .. فكلها خارجة من يد الله ، وكلها تستمد وجودها من وجوده ، وكلها تفيض عليها أنوار هذه الحقيقة . فكلها إذن حبيب ، إذ كلها هدية من الحبيب .
وهو منهج رفيع طليق .. الأرض فيه صغيرة ، والحياة الدنيا قصيرة ، ومتاع الحياة الدنيا زهيد ، والإنطلاق من هذه الحواجز والشوائب غاية وأمنية .. ولكن الإنطلاق عند الإسلام ليس معناه الإعتزال والإهمال ، ولا الكراهية ولا الهروب .. إنما معناه المحاولة المستمرة ، والكفاح الداثم لترقية البشرية كلها ، وإطلاق الحياة البشرية جميعها .. ومن ثم فهى الخلافة والقيادة بكل أعمالها ، مع التحرر والإنطلاق بكل مقوماتها . كما أسلفنا .
إن الخلاص عن طريق الصومعة سهل يسير . ولكن الإسلام لا يريده . لأن الخلافة فى الأرض والقيادة للبشر طرف من المنهج الإلهى للخلاص . إنه طريق أشق ، ولكنه هو الذى يحقق إنسانية الإنسان . أى يحقق انتصار النفخة العلوية فى كيانه .. وهذا هو الإنطلاق . إنطلاق الروح إلى مصدرها الإلهى ، وتحقيق حقيقتها العلوية ، وهى تعمل فى الميدان الذى اختاره لها خالقها الحكيم ."



أرجو أن تعيدوا قراءة هذا الكلام ، دون التأثر بقول العالم فلان والعالم فلان ، فلن يغنوا عنكم شيئا يوم القيامة ، فالشهيد سيد قطب ، لم يخرج عما ذكره فى تفسير سورة البقرة ، عن "وحدة الوجود" ، الموجود فى تعليق ( 16 ) اعلاه ، قيد أنملة . وسورة الإخلاص هى سورة التوحيد ، ومضمون تفسيره أنه لا إله مع الله ، فلا يجوز إشراك أحد من الخلق معه سواء فى عبادة ، أو تشريع ، أو رغبة ، أو رهبة ، وهذا ما يفهمه اى قارئ لتفسير السورة إذا أخذ التفسير ككل ولم يقتصر على جزء دون الباقى .